الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

الشهيد كمال جمبلاط


هكذا اغتالت استخبارات حافظ الأسد الزعيم كمال جنبلاط
تاريخ النشر ساعة النشر
موقع بلدنا
بعد 29 عاماً..معلومات مذهلة  كشفها من ذلك الملف، العميد المتقاعد في الامن الداخلي عصام ابو زكي وروى القصة الكاملة لاغتيال الشهيد كمال جنبلاط، والعميد ابو زكي كان اول من حقق في الجريمة وجمع الادلة من مسرح الجريمة وتحفظ على السيارة التي كان يستقلها الجناة ونقلها الى العدلية، وكشف لنا هوية الضابط السوري في قوات الردع العربية الذي شارك في الجريمة.. وهو ابراهيم الحويجي الذي رقي بعد الجريمة وعين مديراً عاماً للاستخبارات الجوية، تفاصيل

يعود العميد ابو زكي بالذاكرة الى ما قبل اسبوع من اغتيال الشهيد جنبلاط ويقول
- قبل اسبوع من اغتيال المرحوم الشهيد القائد كمال جنبلاط صادفته في بيروت في محلة ((السمرلند)) وكان في سيارته المرسيدس التي اغتيل فيها متوقفاً فوق حفرة من الماء، وكان كل من الشهيدين فوزي شديد وحافظ الغصيني يحاولان ادارة محرك السيارة التي كانت معطلة بسبب دخول الماء الى ((الكاربيراتور)) نزلت من سيارتي وتوجهت نحوه مستفسراً فنبهني الا ادوس في الماء، وما ان عرضت عليه خدماتي حتى شكرني لأن السيارة كانت قد دارت

** ماذا كانت رتبتك في الامن الداخلي يومذاك؟
كنت يومها نقيباً في قوى الامن مفصولاً الى المباحث العامة، وبعد هذه الواقعة واكبته بالصدفة في زيارة له الى منـزل المرحوم الشهيد حليم تقي الدين في بعقلين وذلك قبل استشهاده بثلاثة ايام فقط

** ألم تكن تواكبه أي حراسة؟
 لم يكن معه سوى المرحومين شديد والغصيني، وأذكر انني دخلت معه الى منـزل الشهيد تقي الدين وبعد تناول العصير سألته كيف يتجول وحده وليس معه احد في بيروت، فقال لي بالحرف الواحد: ((يا عصام انا معي رخصة لستة عشر عنصراً كمواكبة حصلت عليها من قوات الردع العربية ومعي سيارة ((ستايشن)) يرافقني فيها شخص اسمه محمود زين الدين وسيارة اخرى فيها ما بين ثمانية الى عشرة عناصر، الا انني كنت كلما توقفت عند حاجز لقوات الردع العربية يوقفونني ويسألونني كيف تتواجد عناصر المواكبة في سيارة اخرى وليس معي في سيارتي  ولم اكن اتفاهم مع العسكري مما كان يدفعه لأن يستدعي الضابط، فكان يحضر الضابط وهو نصف نائم، فيقول لي يا استاذ كمال يجب ان تكون العناصر معك وليس في سيارة اخرى، فكنت اسأله وأين اضعهم في سيارتي.. الى ان مللت وقررت الا اصطحب احداً معي

  كان تعجيزاً له؟
- كانت الغاية ابعاد الحماية عنه، وهذه الحادثة تذكرني بإبعاد الحماية عن الرئيس رفيق الحريري، الاسلوب نفسه، اذ ان الحماية كانت تزعج المخططين، فاختاروا الطريقة الاسهل، وكما تخلى كمال جنبلاط عن هذه العناصر واكتفى بشخصين كي لا يتم ايقافه عند كل حاجز، سحبت عناصر الحماية من الرئيس الحريري وأبقوا له القليل منها للتمكن منه

يوم الجريمة
**  كنت ممن رأوا الشهيد جنبلاط مقتولاً داخل سيارته، كيف جرت الامور؟
في يوم التاريخ المشؤوم في 16 آذار/مارس 1977 كنت متوجهاً من عملي في بيروت الى بعقلين وكنت بمفردي، وعند وصولي الى مفرق ((دير دوريت)) شاهدت سيارة بونتياك – فيرل برد، لونها اسود وأحمر، متوقفه فوق حافة الطريق ومفتوحة الابواب، تحمل لوحة عليها رقم – بغداد، وما لفتني كيف تتواجد سيارة عليها لوحة عراقية في تلك الظروف الامنية الحرجة في منطقة تتواجد فيها قوات سورية، تابعت سيري وفوجئت عند المنعطف بوجود جثتين على الارض احداها بلباس عسكري والثانية بلباس مدني، لم اعرفهما بل ربطت بينهما وبين السيارة البونتياك، وما ان اكملت انعطافي حتى فوجئت بسيارة الشهيد كمال جنبلاط وكنت اعرفها تمام المعرفة مرسيدس وتحمل الرقم (5888)، وكان يتوقف الى جانبها رئيس بلدية غريفة ابو صلاح حرب، وهو ما يزال حياً يرزق، وكان ممسكاً بباب السيارة ويضرب رأسه بها باكياً والى جانبه ضابط سابق في الجيش واسمه معين ابو شقرا، وعندما شاهدني قال ((تعال وانظر من في السيارة))، ورأيت المشهد الذي لن انساه ما حييت، كان الشهيد في داخل السيارة ينـزف الدم منه الى ربطة عنقه، وكان يميل بجسده ناحية اليسار والى جانبه كتاب ((نكون او لا نكون)) كان المشهد مرعباً وكانت قوات الامن غير متواجدة، لأن هذه المنطقة كانت تعج بقوات الردع العربية السورية، وأنا كضابط امن ومفصول الى المباحث العامة، اتخذت قراراً بالحفاظ على مسرح الجريمة، لأن مسرح الجريمة هو الدليل الوحيد الذي سيؤدي الى اكتشاف الفاعل، فليس من مجرم الا ويترك اثراً على مسرح الجريمة، فتحفظنا على القذائف الفارغة كما استدعينا احد المصورين لالتقاط بعض الصور والتي تظهر فيها جثة الشهيد

** وكيف كان رد فعل الناس المباشر؟
- كانت هناك بعض السيارات تمر فينفعل ركابها ويبدأون بالصراخ والعويل والبعض يترجل بانفعال جنوني، وبدأت عاصفة من الغضب تجتاح المكان، وتدخل احد ضباط قوات الردع ويدعى الرائد امين وكان مسؤولاً عن منطقة بعقلين، عندما سمع من احد الاشخاص وهو من آل حرفوش، يوجه الاتهام الى سوريا والى النظام السوري، وقال لي الرائد امين انه سيطلق عليه النار اذا لم يصمت، كان الجو مربكاً للغاية وكانت العناصر السورية قد اصبحت بيننا ولم يكن لدينا كما الآن، اجهزة خلوية، فاستعنا بأحد المشايخ الكبار الاجلاء ويدعى الشيخ محمد جواد رئيس الهيئة الروحية، فحضر ليساعدنا على ضبط الوضع، والذي قال لي كلمة لن انساها ((منيح اللي مش اعظم)) لم يكن بنظري ما هو اعظم وأفظع من اغتيال كمال جنبلاط، ثم اطل الشيخ محمد ابو شقرا شيخ عقل الطائفة الدرزية الذي صرخ قائلاً ((يا عصام كمال جنبلاط مقتول في السيارة وأنتم تتركوه على الطريق)).. عندها اتخذت قراراً بنقل السيارة الى المختارة
** ألم تحضر عناصر من قوى الامن

- كنت انا قوى الامن بمفردي، لم يكن احد موجوداً سواي، وكما ذكرت كنا نختلف مع الرائد امين من قوات الردع السورية وكادت ان تحصل مجزرة، وبرأيي لو حدثت في ذلك المكان لكان افضل من حصولها في المناطق المسيحية.

ويتابع ابو زكي

-قاد السيارة شاب اسمه عادل حرفوش الى المختارة، وما اود ذكره هنا انه ما ان وصلت السيارة الى المختارة حتى تعطلت.


** وأين هي السيارة الآن؟

 ما زالت في قصر المختارة، ووليد بك ما زال يحتفظ بها الى الآن، هو قال: نحن نسامح ولكن لا ننسى.

** أما زالت السيارة تحمل آثار الجريمة؟
- ما زالت كما هي

** كيف كان الوزير جنبلاط عند وصوله الى المختارة بعد علمه باغتيال والده؟
 عند وصول الوزير جنبلاط كان الوضع في حالة من الغليان وعندما تقدمت منه اخبرني ان الاخوان عند الحاجز السوري في منطقة ((الزير)) في الدامور قد انتزعوا منه مسدسه، وكانوا على علم بأن والده استشهد فطلبوا مسدسه واحتفظوا به، وكان الوزير جنبلاط يقول هذه المعلومة وهو يشير الى المعنى الذي وراء انتزاع مسدسه

** هل حافظ على رباطة جأشه؟
- كان يوجه تعليماته بانفعال شديد الى الجميع بضرورة ايقاف الاحداث الدموية التي رافقت اعلان نبأ اغتيال الشهيد جنبلاط، وكان قد وصل الى المختارة المقدم سليم درويش، وكان قائد سرية بعبدا وهو من الضباط الاكفاء وشقيق المرحوم القاضي ديب درويش، وعندما شاهده الوزير جنبلاط قال لي حافظ على المقدم درويش، وكأنه كان يخشى على كل من سيتولى التحقيق في القضية

كان يتوقع اغتياله
ويعود ابو زكي ليتحدث عن الزعيم الشهيد قائلاً

الشهيد كان زعيماً سياسياً يمثل المجلس السياسي للاحزاب والقوى الوطنية ويترأس الحزب الاشتراكي في لبنان، كان قوي الايمان راسخ العقيدة، ضليعاً، متعمقاً في الفلسفة والعلوم السياسية والاجتماعية، داعياً للسلام بين الطوائف وعلى درجة عالية من الثقافة الروحية، يعتمد على العلم في آرائه ويحكّم العقل في قناعاته وقد ترك تراثاً من المؤلفات الكثيرة في سائر المجالات الفلسفية والاجتماعية والأدبية، وعلى أثر الأحداث الدامية والأليمة والتي أصابت الوطن توقع الشهيد كمال جنبلاط اغتياله لا سيما بعد ان تعرض منـزله في بيروت إلى حادث انفجار، قبل شهرين من اغتياله. كما علم ان جهة ما قد عرضت مبلغاً من المال (100 ألف ليرة لبنانية آنذاك) على شخص لاغتياله، فقام هذا الشخص وأبلغ الشهيد جنبلاط بالواقعة، ورغم الخطر الذي كان يحيط به إلا انه بقي محافظاً على صلابته

** ألم يبلغ الجهات الأمنية اللبنانية؟
 لم يكن هناك قوى أمن، لكنه بقي كعادته مسلماً أمره لمشيئة الله، وانه لا يصيب الانسان إلا ما قدره له الله من حياة أو موت، فالإنسان برأيه يعيش بأجل ويموت بأجل ولا يخاف على نفسه إلا من نفسه. وهكذا بقي يتنقل بحرية دون ان يتخذ إجراءات أمنية زائدة

وعن المعلومات المتعلقة بالسيارة التي شاركت في حادثة الاغتيال يقول العميد أبو زكي
 يوم الحادث كانت سيارة ((البونتياك)) موجودة على مثلث بعقلين، قريبة من الحاجز السوري هناك، وكانت مهمتها مراقبة سيارة كمال جنبلاط إثر خروجها من المختارة، ولا شك انهم كانوا يعتمدون على اتصالات فيما بينهم، فما ان مرت سيارة جنبلاط من مثلث بعقلين حتى لحقت بها سيارة البونتياك، ومن خلال التحقيقات التي أجريناها تبين انه بينما كان الشهيد جنبلاط راكباً في سيارته المرسيدس إلى جانب سائقه المرحوم حافظ الغصيني، ويرافقه العريف في قوى الأمن الداخلي فوزي شديد، متجهين نزولاً من بعقلين ناحية دير دوريت باتجاه بيروت، وكانت الساعة تقارب الثانية والربع بعد الظهر، إذ بسيارة أميركية الصنع ماركة ((بونتياك)) وبداخلها أربعة أشخاص مسلحين، إثنان منهما بلباس عسكري مرقط، وبوصولهم عند منعطفات طريق دير دوريت اعترضت السيارة الأميركية سيارة المرسيدس بعد ان تجاوزتها وأقفلت عليها الطريق، ثم ترجل منها الأربعة فأرغموا سائقها على التوقف واقتادوه مع العريف إلى سيارة البونتياك، بينما صعد إلى سيارة المرسيدس، حيث كان الشهيد جنبلاط، اثنان من المسلحين، في هذا الوقت كانت هناك سيارة مدنية تمر من هناك فأمرها المسلحون بمتابعة السير، ويروي صاحب هذه السيارة في شهادته انه سمع صوت الشهيد جنبلاط وهو يسأل المسلحين ((مينكن انتو يا عمي)).

وما حدث ان أحدهما صعد وراء المقود بينما الثاني جلس في المقعد الخلفي وراء الشهيد الذي كان يجلس في المقعد الأمامي. وعلى مسافة 882 م بالتحديد من المكان الذي أوقفت فيه السيارة حصلت الجريمة
** كيف حصلت الجريمة؟
باعتقادنا ان هناك سراً لم نستطع اكتشافه، وهو، ما هو الحديث الذي جرى بين الشهيد جنبلاط والقتلة، وعندما سألهم عن هويتهم بماذا أجابوه، ولكن كما ثبت لدينا من التحقيقات، ان الشهيد جنبلاط عندما شعر انه أصبح في دائرة الخطر، وبما انه في منطقته، حاول أن يلفت إليه الانتباه، فقام بتغيير اتجاه مقود السيارة، وهذا ثابت لدينا، لأن الشخص المسلح الذي قام بقيادة سيارة الشهيد أوقف السيارة بشكل مفاجىء فاصطدمت سيارة ((البونتياك)) التي كانت تسير خلف السيارة ((المرسيدس)) بمؤخرتها من ناحية اليسار وهذا كان ثابتاً لدينا خلال التحقيق، إذ ظهرت آثار الاصطدام في مقدمة البونتياك ومؤخرة المرسيدس، وعندما تجاوزت ((البونتياك)) سيارة ((المرسيدس)) تم إطلاق النار على الشهيد جنبلاط من المسلح الذي كان يجلس خلف جنبلاط ثم ترجلوا من السيارة وتابعوا إطلاق النار عليه

وقد تبين من الكشف الطبي ان الشهيد جنبلاط أصيب برشقات متعددة، ثلاث رصاصات في ذراعه الأيمن محطمة العظم، وثلاث رصاصات في الصدر من ناحية اليمين نفذت إحداها إلى الكتف الأيسر، وعدة رصاصات في القسم العلوي من الجمجمة حطمت العظم وأتلفت المادة النخاعية وهي التي سببت الوفاة. وأذكر انني شاهدت رأس الشهيد مهشماً كلياً من الخلف ودماغه ملتصقاً في سقف السيارة. كما قام الاثنان الموجودان في سيارة البونتياك بإنزال الشهيدين الغصيني وشديد وأطلقا عليهما الرصاص، وركب الأربعة سيارة ((البونتياك)) ونزلوا باتجاه بيروت وعند وصولهم إلى منعطف ((دير دوريت)) ويبدو ان أعصابهم كانت متوترة خرجوا عن الطريق وصعدت السيارة على تلة ترابية حيث تعطلت وتوقفت عن السير، فنـزل منها المسلحون الأربعة مع أسلحتهم المكونة من رشاشات كلاشينكوف



 ** ومن رآهم؟
 أول سيارة صادفوها أوقفوها. وكانت سيارة فيات وفيها السائق وإلى جانبه شاب، فأنزلوا الشاب وطرحوه أرضاً وهددوه إذا تحرك فسيقتلوه. وصعدوا بالسيارة مع السائق وأكملوا طريقهم إلى بيروت.

** ومن هو الشاهد، وإلى أين أوصلهم؟
 أوصلهم إلى مكتب القوات السورية عند مستديرة الصالومي. أما الشاهد فهو سليم حداد كان يعمل لدى أحد أصحاب المعامل وكان في ذلك اليوم ذاهباً إلى بعقلين إلى شخص اسمه سامي راجح، وقد توفي ولديه محل أصواف وابنه يقظان راجح ما زال يمتلك هذا المحل. وكان معه في السيارة ابن صاحب المعمل، فاعترضهم المسلحون وأنزلوا ابن صاحب المعمل، وتركوا ((سليم)) يقود بهم السيارة بعد ان أمروه بأن يرجع بهم إلى بيروت

** وماذا حصل للشاب وللسائق؟
الشاب كان في الواحدة والعشرين من عمره، وكان طالباً في الجامعة اليسوعية، وقد انتشر الخبر بأن من اغتال كمال جنبلاط شخص كان يسأل عن سامي راجح، فتكاتف بعض الشباب المتحمس عليه وكادوا يفتكون به فأخذته إلى بيتي في بعقلين وبدأت باستجوابه، فقال لي انها المرة الأولى التي يزور فيها المنطقة وانه يدرس الحقوق، وابن صاحب المعمل الذي يتعامل مع سامي راجح، وعندما كان يسمع ان الأحوال الامنية هدأت، أراد زيارة المنطقة كي يتفرج عليها، وروى لي كيف فوجىء هو وسليم حداد بالمسلحين الأربعة وكيف أخرجوه من السيارة وبطحوه أرضاً، في هذا الوقت وصل المقدم سليم درويش وشارك في التحقيق، لأن بيتي كان قد تحول إلى مركز للتحقيق باعتبار انه لا يوجد مراكز أمنية في تلك الفترة، فاتصل المقدم درويش بمنـزل صاحب المعمل وبلغه ان ابنه موجود لدينا وطلب منه عندما يصل السائق األا يتركه يرحل، واتصل المقدم درويش بعميد من آل المعلولي وكان آمر فصيلة الجديدة وطلب منه الذهاب إلى منـزل أهل الشاب وإيقاف السائق والتحفظ على السيارة. وفعلاً اقتيد السائق إلى مدعي عام التمييز وكان يومها المرحوم الشيخ كميل جعجع، وبقي الشاب عندنا في البيت، ولفتنا تقاطع المعلومات الصحيحة، وكان هناك أمران مهمان لا يمكن التخلي عنهما، الشاب، وسيارة البونتياك، والنظرية الأمنية التي لقننا إياها منيف عويدات وهي ان أكثر شيء يجب الحفاظ عليه هو الجماد، لأن الجماد ينطق ويمكن أن نجعله يحكي، ونقل السيارة البونتياك لم يكن بهذه السهولة، وحماية الشاب في هذه الظروف أيضاً لم تكن عملية سهلة فهو شاهد أساسي.

** ما الذي وجدتموه داخل سيارة البونتياك؟
وجدنا فيها خنجرين مسنونين وصفيحة بنـزين وبدلة عسكرية مرقطة، وبوط (رينجر))، وقد نقلنا هذه الأغراض بصورة سرية إلى العدلية

** والشاب؟
بقي الشاب عندنا إلى ان استطعنا نقله إلى الاستاذ كميل جعجع، فألبسناه ملابس نسائية وأنزلناه إلى بيروت

** وماذا قال سليم حداد في شهادته؟
 قال في إفادته انهم أربعة مسلحين، اثنان بملابس مدنية وآخران بملابس عسكرية، وهذا ما أصبح ثابتاً، وكانوا عندما يمرون على حواجز القوات السورية يبرزون بطاقات معينة، فيضربون لهم السلام. وعند وصولهم إلى مستديرة الصالومي نزلوا إلى مكتب لقوات الردع السورية، وهناك قالوا له ((إذا حكيت ستموت)) وتركوه ينصرف، وأعتقد ان هذا التصرف فيه الكثير من الغباء. أو الثقة الزائدة بأن لا أحد سيجرؤ على كشف أمرهم

حكاية السيارة
** وما هي حكاية السيارة؟
هذه السيارة والتي هي محور التحقيق كانت مضبوطة من الجمارك اللبنانية في مرفأ بيروت بتاريخ 8/1/1977، لأنه تبين ان في مخابئها كمية من حشيشة الكيف المخدرة وكانت تحمل لوحة لبنانية مجمركة ذات الرقم 133014/ل ومسجلة باسم مالكها حسين محمد علي شمس الدين من أهالي بعلبك، وقد أوقف شمس الدين ومعه وليد محمود زرقوط، بناء لأمر من مدعي عام بيروت ديب درويش، كما تم التحفظ على سيارة البونتياك، ثم تبين ان هناك أشخاصاً استولوا على السيارة ثم أعيد إدخالها إلى لبنان عن طريق الحدود اللبنانية – السورية بموجب معاملة جمركية مؤرخة بتاريخ 10/3/1977 باسم المدعو حسين جعفر كاظم جواد وتحمل لوحة عراقية رقمها (072719) – بغداد، وهذه السيارة التي استقلها قتلة الشهيد جنبلاط شوهدت في بيروت في عدة أماكن، إذ ان المسلحين الأربعة كانوا يستقلونها في الشارع الذي يؤدي إلى مخفر حبيش بعكس السير، عندما نزل أحدهم وهو يرتدي بذلة عسكرية وصار يطلق النار في الهواء ليمر، فتدخل معاون اسمه محمد الحسن ليقول له انه في اتجاه مخالف للسير إلا انه صرخ به قائلاً ((مخابرات)) فسأله إلى أين وجهتهم، فقال له إلى البحر. فاضطر المعاون إلى ان يعيد كل السيارات ذات الاتجاه الصحيح كي تستطيع سيارة هؤلاء المسلحين الأربعة المرور، وقد سجل المعاون ما حدث في إفادة بالواقعة لانه حصل اطلاق نار

كما شوهدت السيارة ايضاً في منطقة نـزلة ابو طالب في آخر شارع الحمراء، وقد افادنا ابو طالب نفسه بأن هذه السيارة التي عممت اوصافها بعد حادث الاغتيال، شاهدها تتوقف امام فندق ((لورنـزو موزارت)) وبعد التحقيق تبين ان الاربعة كانوا من نـزلاء الفندق وقد سجل اثنان منهم اسميهما احدهما حسين جعفر كاظم جواد، والثاني ساهر محمود جبيلي

** وأين اختفى صاحب السيارة الاصلي وزميله؟
 في كتاب موجه في 11/4/1977 من آمر مكتب مكافحة المخدرات النقيب ادوار طعمة الى العقيد رئيس قسم المكافحة، انهم لم يستلموا المذكورين شمس الدين وزرقوط لذلك تعذر عليهم استجوابهما وفي كل مرة كانوا يطالبون دوائر الجمارك بهما تصرح هذه الدوائر بأن قوة الردع استلمتهما وانهم سيودعان اليهم فور استلامهما وانهم بانتظار تسلم هذين الشخصين لاكمال التحقيق واستجوابهما وقد تم اطلاع النائب العام الاستئنافي في بيروت درويش على ذلك. كما وجه رئيس قسم المكافحة عثمان عثمان كتاباً بهذه المعلومات الى مدعي عام التمييز في التاريخ نفسه

وهناك وثيقة اخرى تبين ان الملازم اول السوري احمد سكابا آمر قوة الردع العربية داخل المرفأ قد استلم الموقوفين والسيارة وهناك وثيقة اخرى جاء فيها: ((استلمت من معاون رئيس ضابطة جمارك بيروت المدعوين حسين محمد علي شمس الدين ووليد محمود زرقوط (ت) من 87 تربة حشيشة الكيف وزنها ثلاثون كيلوغرام والسيارة البونتياك رقم 133014/ل، وتحمل الوثيقة توقيع آمر قوة الردع العربية داخل مرفأ بيروت الملازم اول احمد سكابا

** هل كان من حق قوات الردع استلام الموقوفين والسيارة؟
 لا، ليس من حقهم، وهذا كان اهم اثبات في التحقيق.

تهديدات لـ قواس
** ومن تولى التحقيق؟
 باشر التحقيق الفوري مدعي عام التمييز الحالي القاضي سعيد ميرزا وكان يومها مدعياً عاماً في بعبدا، غير آبه بالمخاطر التي كانت تعصف بالمنطقة ثم صدر من المجلس العدلي استنابة للقاضي حسن قواس بالتحقيق في الجريمة وبدأ الرئيس قواس عمله، والحق يقال انه كان بطلاً وتحمل الكثير خلال التحقيق، وبالمصادفة فان والده كان قاضياً وحقق بجريمة اغتيال فؤاد جنبلاط والد كمال جنبلاط.

في البداية اجرى الرئيس قواس التحقيقات في بيتي في بعقلين، وقدمنا له كل المعلومات النابعة من التحقيق، ثم بدأت مضايقات الرئيس قواس فذات مرة وبعد ان بدأ بالتحقيقات كان في منطقة رأس بيروت حيث يقع منـزله، اوقفه اثنان من المسلحين يرتديان ملابس مرقطة عسكرية وقبعات رأس (بيريه) خضراء اللون، وصعدا الى سيارته البويك، احدهما جلس الى جانبه والآخر في المقعد الخلفي، فانطلق بهما وعندما وصل الى الاوزاعي استشعر بالخطر المحدق به فتجاوز الحاجز الترابي، واتجه الى محطة ابو حسن ناصر، وكان الجميع هناك يعرفه اضافة الى علاقة صداقة تربطه بناصر، وعندما وصل الى المحطة فتح الباب ونـزل مسرعاً فأحاطه عمال المحطة ومنعوا المسلحين من الاقتراب منه وبدأ ابو حسن ناصر يتفاوض معهما لحين تم تهريب قواس، وبعد هذه الحادثة اطلقت قذيفة (آر.بي. جي) على منـزله فأحرقته وأصيب ابنه كريم في ساقه اصابة مباشرة ما سبب له اعاقة مدى الحياة وبعدها ذهب الى اميركا ولم يرجع ثانية الى لبنان، وبعد اكثر من تهديد ذهب حسن قواس ليسكن في ((عيناب)) بحماية الوزير وليد جنبلاط، بينما توجهت عائلته الى اميركا.

** ما الذي وجدتموه داخل سيارة البونتياك؟
 وجدنا فيها خنجرين مسنونين وصفيحة بنـزين وبدلة عسكرية مرقطة، وبوط (رينجر))، وقد نقلنا هذه الأغراض بصورة سرية إلى العدلية.

** والشاب؟
 بقي الشاب عندنا إلى ان استطعنا نقله إلى الاستاذ كميل جعجع، فألبسناه ملابس نسائية وأنزلناه إلى بيروت.

** وماذا قال سليم حداد في شهادته؟
قال في إفادته انهم أربعة مسلحين، اثنان بملابس مدنية وآخران بملابس عسكرية، وهذا ما أصبح ثابتاً، وكانوا عندما يمرون على حواجز القوات السورية يبرزون بطاقات معينة، فيضربون لهم السلام. وعند وصولهم إلى مستديرة الصالومي نزلوا إلى مكتب لقوات الردع السورية، وهناك قالوا له ((إذا حكيت ستموت)) وتركوه ينصرف، وأعتقد ان هذا التصرف فيه الكثير من الغباء. أو الثقة الزائدة بأن لا أحد سيجرؤ على كشف أمرهم.


** وهل اكمل قواس التحقيق؟
 لم يكمله لان التحقيق توقف بناء على طلب من مراجع عليا.

**  من هي هذه المراجع؟
 قد يكون الرئيس الياس سركيس.

** ولماذا الرئيس سركيس يطلب ايقاف التحقيق؟

مراجع اعلى من سركيس طلبت ايقاف التحقيق، ثم عاد وليد بك واسقط حقه، ثم تقرر من بعدها اسقاط الدعاوى والملاحقات الجزائية والكف عن التعقبات واسترداد كافة المذكرات الصادرة وحفظ الرسوم والمصاريف.

** التحقيقات الاولية للسيارة ولمسرح الجريمة انت من قام بها، ألم تتعرض ايضاً لأي مضايقات؟
 طبعاً، وربما تعرضت لأكثر من مضايقات تعرضت لخطر الخطف وربما التصفية فيما بعد، ولكن اذكر انه جاءني شخص اعرفه يدعى عبدالله شيا ومعه ضابط سوري قدمه لي بأنه الرائد زيد رضوان وانه مكلف بالتحقيق في جريمة اغتيال كمال جنبلاط، وكان مع الرائد مرافقون مسلحون، فطلبت منه ان ينتظراه في الخارج، وكان برأي عبدالله شيا ان هذا الرائد معروف ويريد التحقيق، وبدأ الرائد يعدد صفات الزعيم جنبلاط وان الامة العربية والقوى الوطنية خسرت الزعيم الكبير، وانه جاءني للاستعانة بي لتـزويده بالمعلومات كي يتابع تحقيقه، فقلت له ان المعلومات لدى المحقق العدلي الرئيس حسن قواس، قال لي ان قواس كان يجري التحقيق في منـزلي، فأجبته نعم، لانه لا يوجد مركز لقوى الامن كي يجري التحقيق فيه، فكان قواس يجري تحقيقاته واستجواباته في احدى الغرف بينما انا اكون متواجداً في مكان آخر، ثم بدأ يسأل عن السيارة فقلت له انها في العدلية ثم سألني عن الشاب الذي قمت بحمايته، الى ان سألني من برأيك قتل كمال جنبلاط، فقلت له اسرئيل، فكر قليلاً ثم ضحك وقال لا، ليست اسرائيل، بل النظام العراقي وصدام حسين، ثم قام بحملة كلامية هجومية على صدام حسين وكيف كان يضع الزئبق في الحنطة ويهدي ساعات اليد الملغومة بالمتفجرات فأجبته، هذا صحيح والدليل ان السيارة كانت تحمل لوحة عراقية، فابتسم وقال، صحيح.

ومرة اخرى جاءني ضابط سوري اسمه نـزيه نمر، قُتل فيما بعد، وكان يحمل كيساً في يده وقال لي انه اتى لي بقبعة عسكرية (بيريه) وجدوها داخل السيارة ((البونتياك)) وقد كتب عليها اسم الجاني، لكنني كنت اعرف تماماً انه لم يكن يوجد أي قبعة داخل السيارة لانني كنت اول من بحث ونقب فيها قلت له دع هذه القبعة داخل الكيس وامضِ في حال سبيلك. كانت هناك محاولة تضليل والصاق التهمة بشخص معين.

اما محاولات الخطف بقصد الاغتيال فحدثت عندما اوقفني اثنان من المسلحين احدهما جلس الى جانبي والآخر خلفي مباشرة فأخذت طريقي مدعياً انني ذاهب الى صيدا لكنهما طلبا مني ان اوصلهما الى بشامون، وعندما وصلت الى حاجز خلدة، نزلت من السيارة ودخلت الى الضابط فأنقذت نفسي منهما، ومرة اخرى وضعوا متفجرة قرب منـزلي في بعقلين.


هوية أحد الجناة
** توصلتم الى معرفة هوية احد المسلحين الاربعة فمن هو؟
هو الضابط ابراهيم حويجي وكان مسؤولاً عن مكتب القوات السورية في سن الفيل، وعند مستديرة الصالومي، حيث نـزل المسلحون من سيارة الفيات بعد ارتكابهم لجريمة الاغتيال، ثم اصبح مدير عام المخابرات الجوية وهناك معلومات انه اشترك في معركة تل الزعتر، وتوجد افادات بأنه كان يقود سيارة البونتياك، وكان ((حويجي)) قد التقى في ليبـيا بالوزير وليد جنبلاط.

** لذلك قال الوزير جنبلاط انه جلس مع قتلة والده؟
ربما، وهناك معلومات ان ابراهيم حويجي كان ينام في فندق ((لورنـزو موزارت)) في الحمراء.

** كيف توصلتم الى كشفه وهو لم يسجل اسمه في الفندق؟
على الشبه، فصفاته تنطبق على احد المسلحين الاربعة وقد شوهد كثيراً في المنطقة، وقتل كمال جنبلاط بحاجة الى قرار ومن يأخذ القرار بإطلاق النار على كمال جنبلاط ليس عسكرياً بسيطاً يتلقى الاوامر بل اهم من عسكري، ولو اعدنا ترتيب الوقائع نتوصل الى انهم استولوا على السيارة من مرفأ بيروت وبعد اختفائها عادت ودخلت الى لبنان عبر الحدود اللبنانية – السورية بلوحة عراقية، أي انها اخذت من المرفأ الى سوريا ثم اعيد ادخالها الى لبنان، ونـزل ركابها المسلحون الاربعة باسماء مستعارة في فندق في الحمراء، وكان ركابها يتجولون بثياب عسكرية وتحت صفة مخابرات، هذه المعلومات هي جزء من التحقيق المتكامل والذي سيكون واضحاً يوماً ما.

والغاية من استرجاع هذه الوقائع الاليمة ليس مجرد استذكار القائد الكبير كمال جنبلاط في ذكرى استشهاده بل هي دعوى للبنانيين لاخذ العبرة من الحقيقة التي كشفت وتلك التي دفنت يوم دفن الزعيم كمال جنبلاط، ان تسليط الضوء على ما كان مخططاً له في آذار/مارس عام 1977 لا يقتصر على تغييب رمز من رموز الديموقراطية في العالم العربي بل كان المخطط يرمي ايضاً الى تفجير الفتنة بين اللبنانيين، وهنا اعود الى ما كان قاله لي الشيخ الجليل محمد جواد ((ان منيح اللي مش اعظم)) فعندما سألته فيما بعد عما كان يعنيه، نبهني الى انهم ربما كانوا يخططون لخطف كمال جنبلاط الى المناطق المسيحية وربما قاموا بقطع رأسه وتسليمه ربما جثة بدون رأس وهذا سيكون اعظم بكثير، وذكرني بما صادرته من السيارة من خنجرين مسنونين ومواد حارقة، او ربما خطفوه الى منطقة ذات كثافة سكانية مسيحية وأحرقوه، من يعلم ما هو السيناريو الذي كان محبوكاً ثم طرأ عليه التغيير، كل الاحتمالات واردة، هنا السؤال المحير لو لم يجبر الجناة على التوقف وارتكاب الجريمة الى اين كانوا يقودون كمال جنبلاط، هذا هو السر الذي دفن معه والجواب ربما كما ذكرنا قتله في منطقة مسيحية، فينفجر قتال طائفي بين المسيحيين والدروز لا ينتهي ويبدو انهم خططوا لتنفيذ جريمتهم بطريقة فظيعة تذكي نار الفتنة، بدليل وجود السكاكين والمواد الحارقة، والسر الآخر كما ذكرت ما هو الحديث الذي دار بين الزعيم وبين القتلة، وماذا قالوا له قبل صعودهم الى سيارته وكيف تركهم يصعدون بهذه السهولة.


اسئلة كثيرة لم نتوصل الى اجوبتها
اذاً كانت النية ايقاع الفتنة والامر نفسه تكرر اليوم فبعد مرور أعوام على تغييب الشهيد الكبير شهيد العروبة والوطن رفيق الحريري لانه عقبة في وجه الهيمنة والتسلط وبعد قافلة الشهداء الذين سقطوا معه او بعده، تبرز المخاوف مجدداً من اقتتال اللبنانيين فيما بينهم فتتحول الجريمة الى جريمة في كل بيت.

**  لوحظ ان الاحداث التي حصلت في الجبل يوم استشهاد الزعيم جنبلاط ترافقت مع لحظة وقوع الجريمة؟
 الاحداث الاليمة وقعت في اللحظة التي وقعت فيها جريمة الاغتيال، وكأنه كان هناك من يراقب مرور السيارة على مثلث بعقلين فأرسلت الرسالة الى انه قُتل فبدأت الاحداث الدموية في قرى المنطقة حيث كانت القوات السورية تغطي المنطقة بأسرها، وربما هذه الاحداث كانت خارجة عن ارادة الجميع، وحتى الوزير جنبلاط كان في لحظات غضب رهيبة مما يحصل، وكان يقول هذه لطخة في تاريخ الدروز، ونحن نتمنى لوليد جنبلاط العمر الطويل، وان يكون رمزاً للوحدة ولقد دفع الثمن كثيراً. وانا ادرك تماماً اننا قد ندفع الثمن بعد اعطائكم لهذه المعلومات ولكن هذا اختيارنا وعلى الانسان الذي اختار الحقيقة ان يكون على استعداد لدفع أي ثمن.

** الوزير جنبلاط على علم طبعاً بكل هذه المعلومات وقد قال اكثر من مرة انه يمتلك الملف الكامل للتحقيق؟
 نعم، كان الزعيم وليد جنبلاط على معرفة بكل تفاصيل التحقيق وعلى علم بكل الوقائع وكل الادلة، وبعد اربعين يوماً على وقوع الجريمة اتصل بي، فتوجهت اليه حيث كان في منـزله في بيروت، وقال لي سأذهب الى سوريا لأصافح اليد التي قتلت والدي، وهذا الكلام قاله لي مباشرة.

** هل اعطى كيسنجر جنبلاط معلومات جديدة حول اغتيال والده؟
تساءلت اوساط مراقبة عما اذا كان لقاء زعيم اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط بوزير الخارجية الاميركي في السبعينيات من القرن الماضي هنري كيسنجر له صلة برغبة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بمعرفة تفاصيل جديدة عن اغتيال الزعيم الوطني الكبير كمال جنبلاط، والاسباب التي دفعت الولايات المتحدة الى غض الطرف عن هذا الاغتيال، خصوصاً وان جنبلاط الاب دفع ثمن تصديه لمحاولات فرض الوصاية السورية على لبنان التي ساهمت فيها واشنطن في ذلك الوقت.

ورجحت الاوساط نفسها ان يكون اللقاء الذي عقد قبل نحو اسبوعين اضاف الى جنبلاط معلومات جديدة حول اغتيال والده.

.....................
للتعريف بكتاب العميد عصام ابوزكي


درّب الفلسطينيين في الشمال على لعبة الكاراتيه وخطب لبنانية تسكن مقابل منـزل مدير دائرة التنظيم الشعبـي في منظمة التحرير، سعيد السبع، وشارك في العديد من عمليات الاغتيال لقادة فلسطينيين في بيروت ومنهم أبو حسن سلامة وعملية فردان، وأقفل ملفه في المحكمة العسكرية بعد توقيفه وتم ترحيله من لبنان في ظروف غامضة.

الحلقة الأولى



في كتابه المميز “محطات في ذاكرة وطن” للقائد السابق في الشرطة القضائية العميد عصام ابو زكي، والذي كتب مقدمته الزعيم وليد جنبلاط، يورد الكاتب فقرة خاصة تحت عنوان “مواجهة مع جاسوس اسرائيلي خطير” ننشر هذه الفقرة ونضيف اليها ما تابعه العميد ابو زكي اجتهاداً منه ووعياً بأهمية دور هذا الجاسوس بإسمه الحقيقي “حجاي هداس” الذي تكرر ذكر اسمه في مهمات أداها خدمة للاستخبارات الاسرائيلية التي عاثت وما تزال ارعاباً وقتلاً وفتناً في بلاد العرب.

يكشف ابو زكي دور هذا الجاسوس الذي كان في لبنان عام 1973، حاملاً اسم “لوزبيرغ” الالماني، في منظمة “الكيدون” وتعني “الخنجر” او “حربة البندقية” التي هي أخطر فرق الاستخبارات الصهيونية على الاطلاق وشعارها الاهم “بالخداع وحده تصنع لنفسك حرباً”.

الاخطر فيما طرحه العميد ابو زكي، هي الاسئلة الشرعية التي يوردها في نهاية هذه الفقرة عن الجاسوس الصهيوني، وهي اسئلة يكتب انها شرعية، لأنها تتسق مع مجريات الاحداث التي عصفت بلبنان منذ ذلك التاريخ.. وفي مقدمها قتل اسرائيل للقادة الفلسطينيين الثلاثة في فردان، ثم استقالة رئيس الحكومة يومها الرئيس صائب سلام في أول خلاف جذري مع صديقه رئيس الجمهورية سليمان فرنجية.. وتمهيد الطريق واسعاً وسريعاً للحرب الاهلية التي عصفت بالوطن (1975 – 1989) وما تخللها من احتلال صهيوني ما انتهى حتى مع اخراج منظمة التحرير الفلسطينية وقواتها من لبنان عام 1982.



عودة الى “كيدون”

يكاد لا يخلو بلد عربـي من وجود نشاط لهذه الفرقة الصهيونية تحت مسميات مختلفة التي لا يزيد عدد افرادها من النساء والرجال عن 48 فرداً، والرقم هنا هو رمز تاريخي للصهاينة يشير الى قيام الكيان المغتصب لفلسطين عام 1948.

وهذه الفرقة التي لا يعلم عن افرادها احد في الموساد هي وحدة مصغرة عن وحدة أم تدعى قيسارية وهي الوحدة التي أدارت عملية الجاسوس الصهيوني في دمشق ايلي كوهين الذي كاد يصبح عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم تحت اسم كامل امين ثابت.

من شروط الانضمام لهذه الوحدة هي السحنة المشرقية اي لون البشرة وشكل الرأس والتحدث بأربع لغات على الاقل يفضل ان تكون بينها اللغة العربية باللهجات المصرية او السعودية او الخليجية بشكل عام ثم اللغة الانكليزية بلهجة اهل لندن او اللهجة الاميركية، اما التعليم فيفضل دراسات الشرق الاوسط والجغرافية والكيمياء والكهرباء والتاريخ والدين الاسلامي والتمكن من التعامل باحتراف كامل مع أنظمة الحاسب الآلي.

ومن أشد التعابير عن جدية هذه الفرقة انها يجب ان تلتقي مع رئيس وزراء اسرائيل قبل اي عملية نوعية تقوم بها في اي مكان في العالم، فيزورها هذا في مقرها وسط سرية كاملة.



من عملياتها

1- اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي بدولة الإمارات.

2- اغتيال ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في روما وائل زعيتر.

3- اغتيال ممثل فتح في قبرص حسين البشير.

4- اغتيال استاذ القانون في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ياسر القبيسي.

5- اغتيال ممثل منظمة التحرير في باريس محمود الهمشري وقد قتلته “كيدون” على زعم انه مسؤول منظمة أيلول الأسود في فرنسا، وقد حمّل الصهاينة هذه المنظمة مسؤولية خطف الفريق الرياضي الصهيوني في دورة “ميونخ” للألعاب الأولمبية عام 1972.

اغتيال العالم الكندي جيرالد بول الذي قام بتطوير البرنامج العسكري العراقي المعروف بإسم الأسلحة المدمرة.

اغتيال الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الدكتور فتحي الشقاقي في مالطا بعد عدة ساعات على خروجه من ليبيا.

أما أبرز محاولات هذه الفرقة الفاشلة فهي قتل نادل مغربي يعمل في ملهى في النروج بعد ان ظنت انها تقتل أبو حسن سلامة محملة إياه مسؤولية قيادة عملية “ميونخ” التي أشرنا إليها (ورغم هذا فقد نجحت هذه الفرقة في قتل سلامة بسيارة مفخخة في بيروت بعد 5 محاولات فاشلة).

فشل محاولة اغتيال نائب وزير الدفاع الايراني مجيد عبسفور لانقلاب الدراجة النارية التي كان يقودها اثنان من هذه الفرقة واصطدام دراجتهما بسيارة مسرعة ليقتلا على الفور.

أما أبرز عملياتها الفاشلة فهي كانت عام 1979 وهي محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في عمان بضرب رأسه بعصا تحمل في مقدمتها سماً امتزج مع دمه وأدخله في غيبوبة كادت تودي بحياته.



عودة إلى الأصل

هنا نعود إلى ذكر موضوع حديثنا وهو الجاسوس الذي اعتقله النقيب أبو زكي يومها “حجاي هداس ” لنكشف انه تولى مهمات عديدة خطيرة منها قيادة فرقة “الكيدون” نفسها بما يعني ان كل محاولات الاغتيال التي تمت والتي فشلت شارك فيها “لوزنبيرغ” أو “هداس”، وواحدة من أبرز أدواره هي رئاسته طاقم المفاوضات حول الجندي الصهيوني الأسير “جلعاد شليط” واغتياله فتحي الشقاقي أيضاً ومشاركته بطبيعة الحال في بقية عمليات الاغتيال.

في بداية شهر أيلول/سبتمبر من عام 1972 كنت في مدينة طرابلس على رأس عملي حين لفتني خبر ورد في الاخبار عن قيام مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين تنتمي إلى منظمة أيلول الاسود باحتجاز أعضاء الفريق الرياضي الاسرائيلي والبالغ عددهم أحد عشر رياضياً ومطالبة أيلول الأسود بالإفراج عن 260 فلسطينياً معتقلين في السجون الاسرائيلية، لم تكن الحكومة الإسرائيلية لتوافق على مطالب الخاطفين خاصة وان على رأس حكومتها غولدا مائير المعروفة بتطرفها فكان القرار الإسرائيلي بإرسال وحدة كومندوس لتخليص الرهائن بمثابة عملية نحر للخاطفين والمخطوفين وعلى الفور اجتمع مجلس الأمن الإسرائيلي المصغر، ليصدر قراراً بتعقب قادة أيلول الأسود في لبنان ودول العالم فيما عرف بقائمة غولدا مائير كان لهذه القائمة تداعيات كبيرة على لبنان نظراً لوجود قادة المقاومة على أراضيه حيث سنشهد أحداثاً كبيرة وعمليات اغتيالات تدور أغلبها على أرض لبنان من ضمنها عملية فردان والانزال الاسرائيلي على مخيمات الشمال وعملية طرابلس السرية التي لم تتحدث إسرائيل عنها حتى يومنا هذا.

في 10 تموز/يوليو عام 1973 كنت في إجازة شرعية في بيروت. رن هاتف منـزلي، كان الرئيس سليمان فرنجية على الخط حيث استوضحني عن عملية خطف سائح ألماني جرت في طرابلس. طلب مني فخامته إفادته بجميع الملابسات التي جرت وعن الجهة الخاطفة وكامل هوية المخطوف وأين يسكن.

بعد انتهاء المكالمة انتقلت بسرعة إلى طرابلس. بدأت بجمع المعلومات الأولية حول عملية الخطف، والتي جرت على الشكل التالي:

بوصولي إلى مكتبـي في السرايا كان الخبر قد انتشر في المدينة. استقبلت عدداً كبيراً من المواطنين والمخبرين وكانوا يملكون معلومات متضاربة.

ذهبت إلى “مقهى التوب” في شارع عزمي حيث خطف الألماني. استجليت بعض المعلومات من الرواد الذين كانوا في المقهى أثناء عملية الخطف. قال لي بعضهم ان عملية الخطف تمت عندما كان السائح الألماني داخل المقهى في الساعة الثانية إلا عشر دقائق من منتصف الليل، ونقل في سيارة مرسيدس زجاجها مموه من الخلف. نزل منها شاب يرتدي جلابية زيتية اللون ويعتمركوفية بيضاء، ثم اتجه نحو السائح الألماني شاهراً مسدسه ودافعاً به إلى داخل السيارة. وبينما كان الألماني يوضع في السيارة أطلق الخاطف ثلاث طلقات نارية في الهواء من مسدسه إرهاباً.


علمت الفرقة 18 بالعملية من أحد رواد المقهى. أقيمت الحواجز والدوريات الأمنية بحثاً عن المخطوف.

تابعت التحقيق وتوسعت فيه وقلت انه يجب عليّ أن اقوم بمداهمة وتفتيش كل الاماكن التي يتواجد فيها الأجانب الموجودون في المدينة. داهمنا العديد من المراكز والمقاهي وداهمت على رأس دورية عسكرية “فندق المنتـزه” في شارع عزمي حيث نزل معظم الاجانب. وجدت ان المخطوف سجل اسمه في الفندق في اليوم ذاته ووضع أمتعة بسيطة في غرفته (عدة حلاقة وغير ذلك) لكنه لم يعد إليه.

وعلمت من بعض الناس ان الألماني الذي يدعى اورلخ لوسبرخ، خطب جميلة معتوق التي تعرف بـ”جيجي” معتوق، استدعيت الاخيرة إلى التحقيق وسألتها عن عملية الخطف. قالت انها علمت بالخبر مني فقط.

وكان عبد العزيز محمد الهدى الملقب (الغزاوي) آخر من شاهد الألماني، وهو يغادر بيت جميلة. وقد تمكن أحمد رسلاني العامل في بلدية طرابلس من العثور على سكرتير الألماني عبد العزيز الغزاوي بعدما شاهده في صالة سينما المتروبول. فألقى القبض عليه وسلمه للتحقيق وسألته عن لوسبرخ. أنكر الغزاوي في بادىء الأمر أي علم له بعملية الخطف، لكني أدركت من إجاباته وقسمات وجهه انه يعلم بالحادث، لكنه يكذب. ركزت مساء ذلك اليوم على استجواب الأخير، بعدما علمت انه يعمل سكرتيراً عند الألماني.

أخضعته لاستجواب موسع وبعد فترة قليلة على التحقيق انهار الغزاوي واعترف ان عملية الخطف تمت بمعرفته وان الألماني انتقل إلى حقل العزيمة في سير الضنية وهو مسلح.

روى غزاوي تفاصيل علاقته به، قال انه تعرف عليه في المقهى وانه من الاثرياء ومن كبار أبطال الكاراتيه الدوليين وانه اشترك في القتال في بنغلادش وطلب منه أن يعمل سكرتيراً عنده بمرتب شهري مقداره 500 ليرة لبنانية. وذكر ان لوسبرخ كان ينفق المال بسخاء، وقد بدأ يرتاب من تصرفاته.

وقال غزاوي ان الألماني تعرف على جميلة معتوق المعروفة بـ”جيجي” بعدما عرف ان منـزلها يواجه شقة مدير عام دائرة التنظيم الشعبـي في منظمة التحرير الفلسطينية سعيد السبع “ابو باسل” وقد خطبها لكي يتمكن من السكن عندها، وانه كان يكثر من الاسئلة ويستوضحه القضايا المتعلقة بالفدائيين، وكان يسأله عن أقرب جزيرة إلى طرابلس وأسماء بقية الجزر القريبة منها.

واعترف الغزاوي بأن لوسبرخ وضع خطة لخطف القنصل الألماني في طرابلس جول مسعد، وانهما قصدا منـزل الأخير الواقع في شارع الجميزات واستخدم شخصين آخرين وجهزوا السيارة لهذا الغرض لخطفه لكنهم فشلوا لأن زوج القنصل لم تستجب لهم بفتح الباب عندما قصدهم أورلخ وعصابته كان الهدف الأساسي من خطف القنصل أو قتله إيهام الدولة اللبنانية ان الفدائيين من قاموا بهذا العمل وذلك رداً على موقف الحكومة الألمانية السلبـي من الخاطفين الفلسطينيين في ميونخ.

كما روى انه اصطحب اورلخ وخطيبته إلى القصر الجمهوري في بعبدا مرتين وحاما حول القصر ومقر الرئيس الصيفي في إهدن إضافة إلى تردده إلى محيط قصر المختارة ومحاولة التقاط الصور لمقر إقامة كمال جنبلاط برفقة خطيبته جميلة معتوق.

وفي شأن حادثة الخطف في شارع عزمي قال الغزاوي ان لوسبرخ وضع الخطة من دون أن يفهم هو ورفاقه الأسباب. وانه وعدهم بمبلغ 50 ألف ليرة بعد تنفيذ العملية وأوهمهم انه ينتظر مبلغ 50 ألف ليرة من السفارة الألمانية، وان علي أحمد ديب وهو صاحب مطعم “كويك ساندويش” في طرابلس استأجر لهم سيارة خصوصية ماركة مارسيدس 190 رقمها 157138 من مالكها زهير زكي هندي زكريا وانه نفذ عملية خطف لوسبرخ برفقة توفيق حسن الحسن وحميد بطرس فرح. وقال انهم لبسوا القمبازات وتقنعوا وأخذوا لوسبرخ من المقهى وانطلقوا به إلى المنـزل الذي استأجره في حقل العزيمة تعود ملكيته للسيد ميخائيل ابراهيم لإخفاء لوسبرخ فيه.

وتابع الغزاوي ان السيارة تعطلت بهم عند مفرق بخعون، فتركوها هناك وقصدوا المنـزل سيراً على الاقدام بين البساتين متجنبين الطريق العام. وكان لوسبرخ ممسكاً بحقيبته السوداء، وأفاد الغزاوي انه لا يعرف مكان الحقيبة أو ماذا يوجد بداخلها.

وعندما وصلا إلى المنـزل طلب منه لوسبرخ أن يعود إلى طرابلس ويتصل بخطيبته “جيجي” ويقول لها ان الرسالة وصلت من الكويت وان “جيجي” تعرف ماذا يقصد. وأضاف “قل لها هذا وهي ترافقك إلى بنك جمال في بيروت وتسحب مبلغ 50 ألف ليرة من خزنتي الخاصة لأنها تحمل المفتاح فتعطي 10 آلاف لحميد فرح و10 آلاف لحسن توفيق الحسن والبقية تأخذها لك”.

انتقلت إلى مكان الخاطف المخطوف. في الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم التالي برفقة عنصرين من الدرك من الفرقة 18 وأبى قاضي التحقيق الأول في الشمال مراد عازوري إلا أن يقدم لنا سيارته الخاصة ومرافقتنا إلى المكان. ما ان دخلنا إلى المنـزل المستأجر في حقل العزيمة، حتى تفاجأنا بوجود اثنين من حراس العميد المتقاعد الياس داوود. وقف الجاسوس وقفة “كاراتيه” فانتضيت مسدسي وقبضت عليه بعدما نزعت من يده المسدس.

فتشنا المنـزل وهو عبارة عن غرفة صغيرة فعثرنا فيها على مسدس 6 ملم ومسدس ضغط كبير من ممشطين ومسدس آخر من مسدسات الاولاد وآلة تصوير “زوم” وثياب وجلابيات كاكية وكوفيات بيضاء والحبال التي كان قد أوثق بها، ومنشورات حملت اسم منظمة “ميونخ 72”.

وضعت في يديه الاصفاد وكبلته في الحبال ووضعته في صندوق السيارة وانتقلت به إلى مكتبـي في سرايا طرابلس أوقفت عناصر أمنية على الباب لعدم دخول أي كان. لم تستغرق عملية القبض على الألماني المخطوف سوى 11 ساعة فقط.

اتصلت بفخامة رئيس الجمهورية سليمان فرنجية الذي هنأني على نجاح العملية وطلب مني إفادته بالمعلومات أولاً بأول.

شرعت في التحقيق معه رفض الكلام من خلال نظرتي إليه وتأملي الكثير به تبين لي انه لا يريد الكلام. طلبت له مترجمين باللغتين الالمانية والانكليزية فرفض الكلام وظل على هذه الحال ثلاثة أيام متتالية.

عدت إلى استجواب جميلة معتوق التي أقرت بمعرفتها بعملية خطف خطيبها وان لوسبرخ أعطاها رسالة باللغتين الألمانية والانكليزية وطلب منها حملها في اليوم الثالث لخطفه إلى أحد المسؤولين في السفارة الألمانية في بيروت. وافادت جميلة ان مضمون الرسالة يفيد ان منظمة فدائية فلسطينية خطفت لوسبرخ وهو في حالة جيدة وان المنظمة تطلب من الحكومة الألمانية فدية قدرها 15 مليون ليرة لإطلاقه وفي حال الرفض ستعمد المنظمة إلى قتله. وقد أتلفت جميلة الرسالة بعد خطف لوسبرخ.

وفي اليوم الثالث كنت أحاول أن أدفع لوسبرخ للكلام لكنه كان يرفض، فجأة دخل علينا مدعي عام الشمال القاضي هاني المولى وبرفقته العقيد جورج أسمر قائد سرية الشمال وكان الأخير منفعلاً ومستغرباً عدم توصلنا معه للكلام، كان الألماني يجلس على الكرسي ومكبلاً بالأصفاد، أمسكه أسمر برأسه وقال له بلغة انكليزية ركيكة: أنا ضابط وأنت ضابط ان لم تعترف الآن سوف أحطم رأسك.

في نهاية اليوم الثالث بدأت استعمل معه بعض الأساليب، وقد روضته ودفعته إلى الكلام. بدأ يتكلم اللغة العربية بعدما رفض الكلام مع المترجمين في السابق.

تبين لي انه يتمتع بذكاء حاد، شخصيته فذة، صلب المراس، قوي البنية، ثاقب النظرات.

بدأت التحقيق معه بسؤاله عن هويته، تقاطعت اعترافاته مع المعلومات التي تحريتها عنه حول مجيئه إلى لبنان تحت ستار التدريب على الكاراتيه. فمرة ادعى انه طبيب نفساني ومرة أخرى عرف عن نفسه انه أمير بلغاري. وانه “ملك الدم”.

أصر على إنكار كل شيء ونفي معرفته الاشخاص الذين “خطفوه” وأفاد انه جاء إلى لبنان في منتصف شباط/فبراير من عام 1973 على متن الباخرة اوزونيا آتياً من ايطاليا برفقة رجل ألماني يدعى جو متزيغ وان الأخير يحمل جوازي سفر احدهما ألماني والآخر بولوني. وأكد انه استأجر المنـزل في حقل العزيمة للراحة ونفى أن يكون أحد قد خطفه.

خلال التحقيق قال لي ان كنت تريد ان تعرف من أنا ما عليك الا حرق الحقيبة التي أحملها وان اسمه وعمله وشخصيته مدونة داخل حقيبة اليد التي كان يحملها. والتي اكتشفتها عندما قبضت عليه. وبالفعل قمت بحرق الحقيبة لتخرج من بينها بطاقة حديدية تفيد انه يعمل لصالح وزارة الصناعة الالمانية وهو جاسوس صناعي.

وتناول التحقيق معه قضية منظمة (ميونيخ 72) الفدائية التي بادر الى تأسيسها وتبين لي انه تواصل مع بعض العناصر الفدائية في الشمال وانه زودهم ببيانات وبرنامج سياسي توجيهي كان أورلخ قد أعطاه لأحد عناصر رصد الفدائيين لتعميمه على رفاقه وفيه دعوة للقضاء على القيادات الفدائية الناشطة وخاصة من تتبنى عمليات كـ ميونيخ داعياً الى تنقية العمل الفدائي من كل شائبة مدعياً انه مناصر للقضية الفلسطينية.

وبدأت حلقة المعلومات تتسع حوله شيئاً فشيئاً وقد تمكن من الدخول الى مخيم البداوي وعرض تدريب العناصر الفدائية في لعبة الكاراتيه وقد انتقى بعض العناصر لتدريبهم على بعض الاعمال العسكرية كالتفجير والخطف والقنص الخ. بعد إلقاء القبض عليه، جاءني ضابط في الكفاح المسلح اسمه ابراهيم البطراوي طالباً الافراج عنه مدعياً ان لوسبرخ كان يدرب الفدائيين مجاناً، ومن دون مقابل.
وقد حاول اورلخ الاتصال بالسياسيين الذين لهم علاقة بالفدائيين. وقد اعترف امامي ان مهمته هي التجسس على الفدائيين الفلسطينيين، وافتعال الحوادث والاضطرابات بينهم وبين السلطة اللبنانية، وان عملية الخطف من مقهى “التوب” ليست سوى حلقة من حلقات الخطة التي كان سينفذها. وقد أدلى بمعلومات واضحة وشرح كيفية قيامه بعمليات ارهابية وحدد الاماكن التي كان ينوي تفجيرها دون ان يعرف مكانها او الشارع الذي تقع فيه. وقد اعترف انه كان يسكن من شباط/ فبراير تاريخ دخوله الاراضي اللبنانية وحتى اواخر آذار/ مارس في شارع فردان.

وعندما سألته ما كنت تفعل انت وخطيبتك في شارع فردان في بيروت في الحادي عشر من نيسان/ ابريل 1973، انتفض وقال لي: لا اسمح لك بتوجيه هذا السؤال لي.

ولاذ بالصمت ورفض الاجابة على الاسئلة حول دوره في عملية فردان وطلب الكلام في حضور السفير الالماني.

فيما بعد اعترف انه كان ضمن المجموعة التي نفذت اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة بتاريخ 10 نيسان/ ابريل 1973 في شارع فردان. وقد أجريت مقابلة بينه وبين خطيبته جميلة جورج معتوق المعروفة بـ جيجي لجهة مواجهة الاخيرة بأقوال لوسبرخ، لأنه كان يطلعها على كافة تحركاته ومنها مراقبة بعض قادة المقاومة الفلسطينية الذين يقيمون امام منـزل ذويها في طرابلس وتحديداً سعيد السبع والذي كان له دور مباشر هو وابن خاله ابو علي اياد بعملية خطف اول جندي اسرائيلي في اواخر عام 1969 وهو صموئيل روزن فايز.

وأفادت جميلة انها كانت بمعيته في بيروت يوم 11 نيسان/ ابريل 1973 اي اليوم التالي للإعتداء وانهما مرا في الشارع وشاهدا الابنية التي قتل فيها قادة المقاومة. كما انها كانت برفقته عندما زار مخيمي نهر البارد والبداوي بعد عملية نفذها الجيش الاسرائيلي 21/2/1973 والتي استهدفت ضرب مواقع لحركة فتح ذهب ضحيتها عدد من الاتراك التابعين لجماعة عبدالله اوج آلان، بالاضافة الى عدد من الفلسطينيين وموقع تدريب للجبهة الشعبية في مخيم نهر البارد كان عضو الجيش الاحمر الياباني كوزو اوكومتو قد تدرب فيه قبل تنفيذ عملته في مطار اللد.

بعد الانتهاء من استجوابه تمت احالته على المحقق العسكري الياس عساف الذي باشر التحقيق معه بعدما زودناه بكل الاعترافات التي أدلى بها امامنا، وقد اكد اعترافاته وتكلم باللغة العربية التي رفض ان يتكلم بأي لغة قبل ذلك.

وتبين لي انه كان يملك مبلغاً كبيراً من المال مودعاً في بعض المصارف وكشفت التحقيقات معه عن تحويلات بعشرات الالوف من الدولارات جرت من المانيا الغربية لحساب لوسبرخ الذي ادخر في احد المصارف 130 الف ليرة لبنانية الى جانب تلقيه أموالاً من مصادر فلسطينية.

وذكر قاضي التحقيق ان الالماني لوسبرخ “ليس اسمه الحقيقي” يحمل جواز سفر ألمانياً مزوراً عليه سبعة أختام دخول الى لبنان والمانيا وهو من مواليد 1948 من مدينة دوسلدورف الالمانية وهو ضابط استخبارات اسرائيلي.





شاع خبر توقيف الجاسوس الاسرائيلي وما أدلى به من اعترافات. وبدأت السفارتان الالمانية والاميركية في بيروت ومعها مدير الشعبة الثانية جول بستاني بممارسة الضغوط للإفراج عن الالماني تحت ذريعة انه جاسوس صناعي، كما طلبت القيادات الفلسطينية ان نسلمها الجاسوس المذكور وقد رفضنا ذلك قطعاً.

بالطبع لم يعمل لوسبرخ لوحده في الشمال، اذ تكشفت الخيوط مع مرور الايام ان شبكة اسرائيلية كانت وصلت الى طرابلس بعد عملية فردان والتي راح ضحيتها ثلاثة من قادة المقاومة الفلسطينية (ابو يوسف النجار، كمال عدوان وكمال ناصر) مباشرة لاستكمال استهداف قادة الفدائيين في الشمال. وقد أقامت الشبكة في شارع الثقافة وتحديداً حول منـزل سعيد السبع ابو باسل. كان على رأس الفرقة تسيفي زامير مدير جهاز الموساد، اضافة الى مايك هراري رئيس وحدة كيدون الاسرائيلية، منتحلاً صفة القس روبرت مالاوي، والذين تبين انه مطرود من السودان لأسباب سياسية.

لكن اكثر ما أثار الريبة كانت تحركات لوسبرخ والذي سكن في شقة خطيبته اللبنانية جميلة معتوق المواجهة لشقة ابو باسل. وقد استطعنا مؤخراً اكتشاف هوية لوسبرخ الحقيقية والتي تبينت انه حجاي هداس، نائب رئيس جهاز الموساد لغاية 2010. فبعد مرور 42 عاماً وخلال بحثي العميق بهذا الملف لخطورته ومقارنتي لأرشيف صور لوسبرخ بصور ضباط اسرائيليين تبين لي ان الاخير هو حجاي هداس والذي كان وراء عدد من عمليات اغتيال لعدد من قادة المقاومة الفلسطينية من ضمنهم فتحي الشقاقي في مالطا ومحاولة الاغتيال الفاشلة لخالد مشعل في عمان.





في العودة الى الشكوك التي دارت حول لوسبرخ فبعد سكن الاخير في منـزل خطيبته المواجهة لشقة ابو باسل لاحظ انه كثيراً ما يسهر على شرفة منـزلها محاولاً التقاط الصور، عندها كلف ابو باسل عدداً من الفدائيين بمراقبته. فتبين انه يتردد على محل رينوار للتصوير في شارع عزمي ولدى مراجعة صاحب المحل تبين انه يملك مغلف صور يحتوي على كل اقسام منـزل سعيد السبع. وقد ذكر ابو باسل هذه التفاصيل في مقابلة اجرتها معه مجلة “الحوادث” في 20/7/1973. وعند الاستفسار من صاحب محل التصوير تبين ان ملكية الصور تعود للسائح الاسكوتلندي جيمس بول يعتقد انه تسيفي زامير، مدير الموساد لغاية عام 1974، والذي كان معروفاً عنه مشاركته شخصياً في العمليات الخارجية التي ينفذها الموساد، مثل عملية اغتيال النادل المغربـي احمد بوشيكي في النرويج. ادى هذا الكشف الى وضع جيمس بول وأورلخ لوسبرخ تحت المراقبة فتبين انهم يلتقون باستمرار في اماكن مختلفة خارج مكان سكنهم بينما كانوا لا يتحدثون مطلقاً مع بعض عند لقائهم في شارع الثقافة، حيث سكنهم. ادت هذه المعطيات مجتمعة الى إفشال عملية اغتيال سعيد السبع ابو باسل وهروب المجموعة الاخرى التي كانت تسكن فوق منـزله المكونة من ثلاثة بريطانيين رجلين وامرأة يعتقد انها سلفيا روفئيلي، التي اعتقلت ايضاً في النرويج على خلفية اغتيال بوشيكي، اضافة الى القس الاميركي روبرت مالوي (مايك هراري) والذي كان يسكن فوق الشقة التي يقيم فيها اورلخ لوسبرخ المواجهة لشقة السبع والمهندس الاسكوتلندي جيمس بول (تسيفي زامير) الذي تبعد شقته خمسين متراً عن شقة اورلخ لوسبرخ والتي أخذت أغلب الصور منها. بعد هذا الاخفاق غادر فريق الاغتيالات لبنان الى اسرائيل ومنها الى النرويج ليتم تصفية احمد البوشيكي بتاريخ 21/7/1973 النادل المغربـي بعد الاشتباه به انه ابو حسن سلامة.

كان لهذه العملية وقع حسن حيث لا حديث في طرابلس والشمال الا عن الجاسوس الالماني وعملية توقيفه كما تم تناولها في الصحف ووسائل الاعلام وتلقيت تهاني كثيرة حول نجاحها من القيادات السياسية والوطنية.

بقي اورلخ لوسبرخ في المعتقل اللبناني لمدة شهر وتم تحويل ملفه مع عشرين شخصاً من معارفه الى المحكمة العسكرية التي كانت برئاسة القاضي اسعد جرمانوس الى ان تم ترحيله من لبنان وتسكير ملفه بظروف غامضة.

هناك عدد من الاسئلة ما زالت تراودني بعد مرور 42 سنة على هذه الحادثة.

اين اصبح ملف اورلخ لوسبرخ في المحكمة العسكرية؟

ما دور هذه الشبكة الاسرائيلية في الحرب الاهلية التي عصفت بلبنان؟

ما علاقة حركة احمد القدور الذي أسس بعد عام من حادثة اورلخ (المقاومة الشعبية في طرابلس) بهذه الشبكة الاسرائيلية علماً بأن الاذاعة الاسرائيلية كانت تبث عدداً من الرسائل لجماعة القدور للتجمع في منطقة نهر ابو علي اضافة الى محاولة القدور نفسه اغتيال احمد رسلاني والذي كان له الفضل في القبض على الغزاوي؟

ما سر حادث السير الذي تعرض له علي ديب على طريق طرابلس – بيروت وأدى الى وفاته بظروف غامضة؟

ما علاقة اغتيال محافظ الشمال الصديق الشهيد فايز العماد في بداية الحرب الاهلية عام 1975 علماً بأنه كان على علاقة قوية بسعيد السبع؟

ما هو الرابط بين هذه الشبكة الاسرائيلية وعملية اغتيال الشهيد طوني فرنجية والشهيد كمال جنبلاط؟

ما هو الرابط بين هذه الشبكة الاسرائيلية وتنظيم فلسطيني تشكل في اواخر آذار/ مارس من عام 1973 في مدينة طرابلس يحمل اسم الالوية الثورية العربية على يد احمد عبدالغفور ومصطفى عبدالقادر (ابو مصطفى قدورة) والذي نفذ عملية في مطار (فيومشينو) الايطالي في روما (مطار ليوناردو دافنشي) الامر الذي أدى الى مقتل 30 شخصاً من جنسيات مختلفة منهم اربعة وزراء مغاربة ولم يقتل اسرائيلي واحد في هذه العملية فيما بعد التحق افراد المجموعة المنفذة بتنظيم صبري البنا ابو نضال.

من هي الاطراف الفلسطينية التي كانت تمول اورلخ لوسبرخ ومن هو ابو هيثم وابو ضرغام من مخيمات الشمال والذين ذكرهم الجاسوس الاسرائيلي في المحكمة العسكرية وانه كان على تواصل معهم؟ حسبما ذكرت صحيفة “الاوريون لو جور” تاريخ 14/7/1973.

ما هو الرابط بين افراد المجموعة المنفذة لعملية روما ووليد قدوره القيادي في الجبهة الشعبية والذي تبين فيما بعد انه جند من قبل اتيان صقر (ابو ارز) عندما كان الاخير ضابطاً في الامن العام ليجند فيما بعد من قبل الاسرائيليين وليؤدي دوراً تحريضياً مع مجموعة داخل الجبهة الشعبية على وديع حداد ادى لطرده من الجبهة الشعبية وتبين ان له دوراً في ابلاغ الموساد عن نية جورج حبش السفر الى العراق بعد ان تلقى دعوة من الرئيس صدام حسين فقام الاسرائيليون في 10/8/1973 بخطف طائرة الـ”ميدل ايست” كما روت السيدة هيلدا حبش زوج جورج حبش.

اسئلة كثيرة بحاجة الى اجابات وإلى اعادة دراسة هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من تاريخ لبنان مع العلم ان عملية اغتيال القادة الثلاثة في فردان كان اول خطوة باتجاه الحرب الاهلية اللبنانية وأدت في وقتها الى استقالة صائب سلام وأحداث ايار/ مايو وهو اول صدام لبناني – فلسطيني.

وخلال رئاستي قيادة منطقة طرابلس تم إبعادي عن الملف من خلال ترشيحي لدورة في الولايات المتحدة.
.............................

فيلم وثائقي لهادي زكاك عن الشهيد الكبير: كمال جنبلاط من الشاب المكتمل إلى الثوري المتمرّد
  
يقظان التقي
يتّسع المجال للذهاب مجدداً في اللحظة الراهنة إلى كمال جنبلاط كجزء أساسي من المشهد ومن تحولاته السياسية والاجتماعية والثقافية. وكان المشهد أمس متاحاً لتكريم الرجل في «سينما سيتي»، ببيروت بفيلم وثائقي للمخرج هادي زكاك كمال جنبلاط، شهيد الحرية والتمرد على العنف والاستبداد، كما كان المشهد متاحاً في المحكمة الدولية في لاهاي لمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

والراوي الأساسي في المشهدين بين «الشاهد والشهادة» كان وليد جنبلاط نفسه، يروي قصة والده، كما قصة صديقه رفيق الحريري وفي تطور روائي درامي للعبة الدم التي أغرق خلالها النظام السوري لبنان منذ منتصف السبعينات.

المشهد يحتمل أكثر من أي وقت مضى فيلم 90 دقيقة لقصة كمال جنبلاط ولبنان الذي احبه ودافع عن استقلاله وأفكاره السياسية والفلسفية وإلى إنجازاته الإصلاحية والحركة الوطنية والاستقلالية التي شكلت رهان عمره الأكبر، الى أبعاد شخصيته الانسانية، الشاب المكتمل في سجلات دراسته في عينطورة.

فيلم هادف للمخرج زكاك من إنتاج وتقديم من رابطة أصدقاء كمال جنبلاط برئاسة الوزير السابق عباس خلف والعرض الأول تميز بحضور كبير وتحوّل إلى تظاهرة سياسية وثقافية ومدنية احتشدت في مجال تكريمه. ويطول الفيلم بإبراز وجه شخصية وطنية قدمت برنامجاً نهضوياً في تاريخ لبنان الحديث وأرادت إخراج العرب من جدران العزلة وأساطيرها الجامدة إلى العروبة الثقافية والسياسات المستنيرة ذات الأفق الحيوي نقيضاً لكل استبداد، ونقيضاً لكل انفلات طائفي ومذهبي يضعه النموذج الإسرائيلي في المنطقة من ضمن استهدافاته المباشرة وغير المباشرة في أعنف غزوة استيطانية مستمرة ومتسعة. طاولت حقوق الشعب العربي الفلسطيني والبيئة العربية ككل.

هو كمال جنبلاط في الفيلم الوثائقي الطويل المنفذ بتقنيات 3D الحديثة يعتمد فيه المخرج هادي زكاك على الأسطورة السياسية نفسها تروي نفسها في السينما، يحاول زكاك رصد تفاصيل جديدة، تفاصيل كثيرة في رحلة تجادلية بين صدمة الرصاص على زجاج سيارة كمال جنبلاط المرسيدس السوداء، وبين بداية الطالب شبه اللاهوتي الذي يدرس الفلسفة في مدرسة عينطورة وباريس.

غرفة كمال جنبلاط

ويقف وليد جنبلاط في الفيلم الراوي الرئيس، يقيم في قصر المختارة القديم الجديد، القصر فائق الجمال يدخل إلى غرفة كمال جنبلاط، يقلّب في أغراضه الأخيرة التي كان يحملها لحظة اغتياله، يجول في أرجاء القصر القديم، يقلب نظراته بين كتب والده، يسخر حداثياً من أشياء كثيرة من معلقات كمال جنبلاط وسواها وأشياء غاية في الاثارة العاطفية.

يعتمد زكاك على تقنية الصورة، أغوار الصورة، يتنقل بها بدقة من المختارة إلى عينطورة إلى باريس، القاهرة ثم إلى المختارة وبيروت مروراً ذهاباً وإياباً «بكوع دير دوريت» حيث نفذ السوري جريمة اغتياله..

بعض من السيرة ما يرويه جنبلاط، يفتح زكاك من نهاية اللعبة السياسية إلى بدايات البحث لا يحسم في النهايات ويترك الأمور مع وليد جنبلاط مفتوحة على بدايات وتأويلات ويطول بالسلسلة من نظيرة جنبلاط، إلى كمال، إلى وليد، وإلى الفاتن الآخر الذي سيشغل قصر المختارة مجدداً.. واتكأ على إرث تاريخي تراكمي شغلته بقوة قامة كمال جنبلاط الفكرية.

الشاب المكتمل

مسرح الفيلم ككل هو الشاب الذي دخل اللعبة مرغماً «الشاب المكتمل الكفاءات»، الشاب الهادئ والناضج والرصين والجدي المأخوذ بفلسفة الحب والبساطة في المسيحية وبالإسلامية المشرقية وبالحكمة الإغريقية وجهاً لوجه مع السياسة وسلوكياتها وهو المبني على ممارسة الحرية والنقد والاحتجاج.

كمال جنبلاط يقدم نفسه في الفيلم، متمرداً تأثراً بقضية، إصلاحياً يواجه فساد السياسة والإدارة تاركاً إنجازات مهمة من الضمان الاجتماعي والجامعة اللبنانية ومجلس الخدمة المدنية ورهان عمره كان لبنان المستقل وكرامة العامل والمالك والاسلامية الشرقية والإنسان قدم ممارسات حركت تياراً ديموقراطياً سياسياً في البلد ودفع الشارع نحو مطالب اجتماعية شتى مرخصاً لكل الأحزاب السياسية في السبعينات وأطلق حزبه التقدمي الاشتراكي الذي انتشر إلى أقاصي الوطن عابراً المذاهب والطوائف، ومنتهياً إلى أهم برنامج نهضوي في تاريخ لبنان والعرب الحديث هو برنامج الحركة الوطنية ودعوة العالم العربي الذي يعيش من 600 سنة حالة انحطاط الى الحرية، الطريق الوحيدة للخروج من سجنه الكبير.

مراحل الحياة

هادي زكاك يركز في الفيلم على كل الأزمنة التي عاشها كمال جنبلاط في مراحل حياته القصيرة وقد استشهد باكراً في عمر ستين سنة، فصول حياته من الشهادة إلى الولادة مروراً بقصص كثيرة وتفاصيل كثيرة وأشياء كثيرة ومع نجومية كمال جنبلاط الأب أراد التركيز على جانب الابن من قلب البيبلوغرافيا وفي حضور فتح الفصول المعروفة سابقاً عند كمال جنبلاط على بدايات مشهدية جديدة وربما مهجوساً بـ»البيبلوغرافيا» الإنسانية. كأنها لم تعد بيبلوغرافيا واحدة بل اثنتان مختلفتان جداً في السيرة حيث لا يتردد وليد جنبلاط بالتصريح أنه لم يقرأ كل كتب جنبلاط وغير معني بكتبه الفلسفية وأنه غيّر كل ديكور المكان! هكذا من ملاحظات سريعة تحتمل تأويلاً.

هذا جانب مثير من الشخصية الجنبلاطية المتمردة على ما قبلها، الشخصية المتمردة على ما قبلها والتي تشبه إلى حد كبير شخصية حركية جداً، تشبه الأفلام المعقدة. وكان كمال جنبلاط انتهى ووليد جنبلاط يتحرك بقامته الطويلة في القصر التاريخي، وأعطى الأب كل ما عنده أو كأنه العكس يستعيد حضوره في ذلك الشاب الموهوب وليد يسخّر كل طاقاته ليجسّد صورة الأب الذي واجه أبشع الأنظمة الاستبدادية والعابثة بأمن وسلام وحرية المنطقة..

مكنونات

فيلم فيه مكنونات مهمة من شخصية الرجل، ويتبع دينامية بحث متحركة من الأماكن التي تحرك بها. كأنها نهاية البدايات وبداية النهايات، مع إغراق طويل في بعض الأزمنة واختراق في ازمنة أخرى.. لكن الأساس والمبدأ كما كان الرجل يقرأ، مكوثه الطويل في أزمته حديثة تقرأ راهناً على كل المستويات التي تمنح الشباب اللبناني والعربي من الغذاء إلى البيئة، إلى أدب الحياة، الى التربية الى الفكر والفلسفة والسياسة والاجماع والاقتصاد والجامعة وإن كنت لا تشارك جنبلاط اليوم رؤاه الاقتصادية حول عدم حاجة العالم الى تسجيل درجات نمو (انموذجي) بالإشارة الى عالم الانسان الآلي والصناعي (الروبوت) او مفاهيمه التربوية الأدبية او اعتباره المال امراً هاوياً لا بل ملغياً كلياً. إلا ان مأساة اغتياله شكلت المدخل الى منزله والقدر التراجيدي الذي توج حياته الحافلة، لا بل فجيعة لبنانية كبرى لا تعادلها الا فجيعة اغتيال الشهيد رفيق الحريري.

في الفيلم مشهد اخراجي بارز، حركة الكاميرا بين عدة عواصم عربية وعالمية، تناول الشخصية من جميع جوانبها في اطار شبه متوازن اغفل بعض الشيء علاقاته برموز اسلامية مهمة واسس نسيج علاقته بالقضية الفلسطينية وهي أمور مشت أمامه لترميه في مرمى الموت الذي لا يؤمن به. لكن ما كان ممكناً لكمال جنبلاط ان يكون تلك الزعامة اللبنانية والوطنية والعربية والاسلامية من جميع جوانبها لنظام بعثي يستهل شعارات العروبة والاسلام والحرية وكليشيهات وعناوين تقطعها مغامرة كمال جنبلاط الاستثنائية التي حوّلته الى اسطورة من الشخصيات العربية والاشتراكية الدولية والانسانية الفذة.

ثم اعتمد زكاك تقنيات البعد الثالث، اكثر من مرة حرك الجمهور من مقاعده سينمائياً وراء سيارة كمال جنبلاط. بمشاركة في التمثيل الصامت... مشاركة في السيرة، المشوار الصعب الذي صنع الرحب، ما سبب تمرده، ثورته، عنفه الثوري، ثم احباطه الشديد ثم موته بطريقة صعبة جداً. حتى انه تحرك كثيراً امام الكاميرا، تحركت خصلات من شعره، ضحكاته، دموعه في وداع شقيقته، نظارته المكسورة، دماؤه الرابضة على كتابه «نكون أو لا نكون»، منديله في الكرتونة القديمة، صوره، وكل تفصيل يجسد دوراً ويحتاج الى مخرج ذكي استعمل وليد جنبلاط كممثل يقلب الأوراق والأغراض... الابن سر أبيه وأكثر، والمشهد العاطفي شاعر يتفوق على ادوار المثقفين والشعراء، يتلو شعراً آخر وكم بدت الأشياء حزينة!

ما ادى دوراً على مقاس اللحظة العربية الراهنة، استكمل فصول المشهد الدموي منذ العام 1977 الى العام 1991، ويترك الأمر غير محسوم ومفتوح على اسئلة وبدايات من مثل ما يجري على الساحة من عنف ودماء وظلال وعتمة ويخرج من الباب الكبير على مزيد من الاسرار والغموض تاركاً جنبلاط يتحرك بحضوره في الفيلم فيضطر المخرج الى استدراك نهاية أخرى، نهاية تفتح على بداية، تاريخ يفتح لتاريخ وعلى تناقض كبير بين شخصيتين. كأننا في اكثر من أزمنة والموت كما يريده جنبلاط الاب لا شيء.. وكان يحكي للمخرج ان يتابع حتى، على نص كمال جنبلاط مفتوح على السجن العربي الكبير واشارته الى خطورة النظام البعثي في سورية.

اشارة الى ان فيلم «الشاهد والشهادة» سيكون على شباك التذاكر ابتداء من 16 ايار الجاري في تجريب سينمائي امام الأجيال الشابة، الأجيال التي ربما لا تعرف شيئاً عن كمال جنبلاط هل ستخرج شيء، او يتلاشى الرجل الذي يعتبر السياسة مثل حجر «الالماس» قاسية جداً ومضنية في آن!

العرض الافتتاحي يقول ان الرجل على «مذهب الحب» اليسوعي باق قي العالم المليء بالعنف والقتل والحرب والجوع والتلوث. ويرشدنا الى كتبه مجدداً، نظراته العميقة والى خلواته وايكولوجيته وحتى غذائه البسيط. سيرة الذات الانسانية السيدة على نفسها والمتمردة على السياسة وعلى كل شيء، لأن خارج الذات وخارج الحرية، كل شيء مجرد لعبة.

وفي تجادلية مهمة للصورة مع الموسيقى من سينوغرافية دينامية بصرية وموسيقية ومع تعليق الممثل رفعت طربيه الجدي والرصين وببلاغة أدبية..

هل ذهب كمال جنبلاط بعيداً في مثاليته؟

هل أخطأ في معرض دعم نضال الشعب الفلسطيني وفي تحميل لبنان من الأعباء المسلحة فوق ما يحتمل؟ هل استسهل جنبلاط الدخول في لعبة العنف في مواجهة الآخر الذي اعتبره هو الحرية؟ هل استسهل مجابهة أنظمة غاشمة مستبدة كالنظام السوري وغيره بمعادلة لبنانية بسيطة لكنها ليست سهلة؟ اسئلة من المؤكد ان الفيلم لم يطرحها مباشرة وأخرى ولكن الجمهور سيقيم ربطاً غير مباشر معها. لا سيما أن الفيلم يتقدم كنص مفتوح على أمور تعود الى بدايات الأزمة اللبنانية والشباب سيكمل من حيث انتهى إليه الفيلم..

في رثاء كمال جنبلاط- يا جبل الباروك, مارسيل خليفة - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=lIg99iNTE_s
11‏/03‏/2011 - تم التحديث بواسطة evanescenceana
في رثاء كمال جنبلاط- يا جبل الباروك, مارسيل خليفة. evanescenceana ... Uploaded on Mar 11, 2011 ..رحمك الله يا قائد الجيل.. 1917-1977 ...

من مارسيل خليفة الى المعلم كمال جنبلاط - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=dsLdzs8F8ow
11‏/08‏/2010 - تم التحديث بواسطة galylof
أغنية جبل الباروك اهداء من الفنان الكبير مارسيل خليفة الى روح المعلم كمال ... من مارسيل خليفة الى المعلم كمال جنبلاط ... Uploaded on Aug 11, 2010.

الشهيد كمال جنبلاط - لا لا يا أصوات - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=YL645883Guw
22‏/11‏/2010 - تم التحديث بواسطة galylof
كمال جنبلاط المعلم وليد بيك بك أبو الشهيد الشويفات عيتات عين عنوب ... lebanon liban greatest leader in history shwayfet chwayfat chwayfet ...

مرثية الشهيد كمال جنبلاط ... الشيخ أمام - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=fgFnsUqQUVE
17‏/03‏/2014 - تم التحديث بواسطة Ayesh abed
البين عملني جمل و ان طار عمل جمال يا قسمتي يانا لوى حزامه على ايدي و شيلني ثقيل الاحمال و ... Published on Mar 17, 2014 ... في رثاء كمال جنبلاط- يا جبل الباروك, مارسيل خليفة ...

رثاء المعلّم كمال جنبلاط - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=D7kvA47msHw
21‏/05‏/2012 - تم التحديث بواسطة Omar Abdelsamad
بالحقيقة مهما كتب عن المعلم كمال لانعطيه حقه لأنه وحيد عصره بمواقفه المعروفة وحكمته وتقدمه الروحي .



كمال فؤاد جنبلاط
 (11 ديسمبر 1917 - 16 مارس 1977)، اسمه الحركي انذاك (زولفي يوكسل)أحد أهم زعماء لبنان في فترة الحرب الأهلية وما قبلها وأحد زعامات الطائفة الدرزية في جبل لبنان إضافة لكونه مفكراً وفيلسوفاً.
تعود الأسرة من أصول تركية ويعتقد إن إجدادهم قدموا من تركيا إلى لبنان في العهود الأيوبية، ومعنى جنبلاط باللغة التركية هي جان - بولات أي (صاحب الروح الفولاذية).
كان زعيماً للحركة الوطنية اللبنانية في بدابات الحرب الأهلية اللبنانية وأحد مؤسسي الحزب التقدمي الاشتراكي، ويعتبر من الشخصيات اللبنانية المعروفة بدعمها للقضية الفلسطينية. اغتيل في 16 مارس 1977، وقد كتبت أشعار وأغاني في رثاءه، ويعتبر البعض اغتياله كان دفاعاً عن السلاح الفلسطيني وقد خلفه في زعامته ابنه وليد جنبلاط.

حياته

ولد في بلدة المختارة بقضاء الشوف في لبنان في 6 ديسمبر 1917. والده فؤاد بك جنبلاط اغتيل في 6 أغسطس 1921 في وادي عينبال، وكان قائم قاماً لقضاء الشوف أيام الانتداب الفرنسي على لبنان، ووالدته السيدة نظيرة جنبلاط التي لعبت دوراً سياسياً مهماً بعد وفاة زوجها وعلى امتداد أكثر من ربع قرن.
كان لديه شقيقتان هم ليلى وقد توفيت بمرض الحمى وهي في الرابعة من العمر، وليندا المتزوجة من حكمت جنبلاط والتي اغتيلت في منزلها في بيروت بتاريخ 27 مايو 1976 خلال الحرب اللبنانية وقبل أقل من سنة من اغتياله. في طفولته اعتنت به وشقيقته ليندا مربية خاصة تدعى ماري غريب من الدامور وهي خريجة الفرنسيسكان، وتلقى على يدها علومه الأولية في المختارة. ثم التحق بمعهد عينطورة للآباء اللعازاريين في كسروان عام 1926 وذلك بناء لمشورة المطران أوغسطين البستاني صديق العائلة الخاص، وظل فيها حتى العام 1937، وكان معه خادم خاص يهتم بشؤونه ومرافقته الدائمة. نال الشهادة الابتدائية عام 1928.
بالرغم من كرهه للسياسة، منذ صغره، إلا أن ذلك لم يمنعه من المشاركة في مناسبات وطنية عديدة في عينطورة، ففي العام 1933 شكل وفداً من ضمنه رفاقه فؤاد رزق، كميل أبو صوان، وإميل طربيه قابل الأب سارلوت وطلب منه وضع العلم اللبناني على برج معهد عينطورة بدلاً من العادة التي كانت متبعة في الدير يومذاك أي أن يرفع العلم الفرنسي أيام الآحاد والأعياد على برج المدرسة، وهكذا ارتفع العلم اللبناني. وبدأ بكتابه الشعر باللغتين العربية والفرنسية وهو في السادسة عشرة.
كان يبدي عطفاً خاصاً وتعلقاً بالقضايا العربية، فهو شديد الإعجاب والحماس لسعد زغلول، ومن مواقفه في هذا الصدد ذهابه في العام 1934 عند استقلال مصر إلى رئيس الرهبان في مدرسة عينطورة ليطلب منه أن يعلن ذلك اليوم عطلة احتفاء باستقلال أول دولة عربية، وقد استجاب رئيس الرهبان لهذا الطلب، وكان موقفه هذا أول تعبير سياسي له في ما يتعلق بالقضايا الوطنية والعربية.
وفي عام 1934 نال الشهادة التكميلية.
وفي مايو من العام 1934 نال شهادة الكشاف-البدج (بالفرنسية: La BADGE) وأصبح عضواً فعالاً في كشافة فرنسا (بالفرنسية: Les Scouts de France).[محل شك]
نال شهادة البكالوريا - القسم الأول بقسميها اللبناني والفرنسي وبفرعيها الأدبي والعلمي في يونيو 1936، وقد جاء الأول بين طلاب لبنان في الفرع العلمي.
تأثر بمدرس الفلسفة في معهد عينطورة الأب هنري دالمه، هذا المدرس المطلع على الفلسفة اليونانية، والذي أصبح في ما بعد أمين سر المجمع المسكوني في معهد البابا بولس السادس. ونال شهادة الفلسفة سنة 1937.
كان ميالاً للرياضيات والعلوم التطبيقية كالجبر والهندسة والفيزياء، وكان ينوي التخصص في الهندسة والسفر إلى البلدان المتخلفة كي يساهم في إعمارها. غير أن والدته طلبت من المطران بستاني (مطران دير القمر) المعروف بصداقته لآل جنبلاط أن يحاول إقناعه بالعدول عن الدراسة الهندسية والاستعاضة عنها بالمحاماة، وقد تم لها ما أرادت.
كان حلمه منذ الصغر أن يكون طبيباً وأن يمارس مهنة الطب في أفريقيا وهذا الحلم الذي لم يتسن له تحقيقه، جعله فيما بعد يستكشف طريق الطب بمنحى آخر، وذلك بالاطلاع على المداواة بالنبات وبعشبة القمح خصوصاً.
في سبتمبر 1937 سافر إلى فرنسا ودخل كلية الآداب في السوربون وحصل على شهادة في علم النفس والتربية المدنية وأخرى في علم الاجتماع.
في أكتوبر 1937 أصدر مجلة فرنسية أطلق عليها اسم LA REVUE مقلداً المجلة الفرنسية الشهيرة La Revue du Monde بالاشتراك مع رفاق صباه إميل طربيه وأنطوان بارود وكميل أبو صوان.
خلال إقامته في فرنسا تتلمذ على يد العالم الاجتماعي غورفيتش ومعه أنجز شهادته في علم الاجتماع.
في سبتمبر 1939 عاد إلى لبنان بسبب الحرب العالمية الثانية وتابع دراسته في جامعة القديس يوسف فنال إجازة الحقوق عام 1940.
في عامي 1941 - 1942 مارس المحاماة في مكتب المحامي كميل إده في بيروت، وعين محامياً رسمياً للدولة اللبنانية. لم يطل عمله في المحاماة أكثر من سنه إذ توفي ابن عمه حكمت جنبلاط نائب جبل لبنان عام 1943 وإضطر حينها إلى دخول المعترك السياسي.
وبالرغم من نيله الشهادات الأدبية وتعبيراً عن ميوله العلمية أنشأ في سبتمبر 1942 معملاً للكيمياء في المختارة لاستخراج القطرون والأسيد وغيرها من المواد لا سيما السودكوستيك وصب آلات المعمل بنفسه في لبنان، وقام بتركيبها بنفسه أيضاً، وكان يعمل 16 ساعة في اليوم ويذكر أنه اخترع آلة لتحويل غاز أسيد الكلوريد وتذويبه بالماء.
درس مادة الاقتصاد في فترات متقطعة في كلية الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية في الجامعة اللبنانية بدءً من عام 1960.
كان يجيد ثلاث لغات: العربية، الفرنسية والإنكليزية، وكان ملماً باللغات: الهندية، اللاتينية، الإسبانية والإيطالية.
قرأ القرآن والإنجيل والتوراة وكتب التوحيد والفيدا فيدانتا الهندية.
كان متصوفاً ويوغياً.
أسّس ورفيقه كميل أبو صوان نادي القلم (PEN) في لبنان، ليكون هذا البلد حاضراً بين كتاب العالم. في 16 مارس 1977 اغتيل مع مرافقيه فوزي شديد وحافظ الغصيني على طريق بعقلين - دير دوريت في كمين مسلح.

حياته الأسريه

تزوج من الأميرة مي شكيب أرسلان في شهر مايو 1948، ورزق بوحيده وليد في 7 أغسطس 1949.

من مؤلفاته

  • ربع قرن من النضال
  • نحو اشتراكية أكثر إنسانية
  • من أجل لبنان
  • في الممارسة السياسية
  • في مجرى السياسة اللبناني
  • في ما يتعدّى الحرف
  • فرح
  • الديمقراطية الجديدة
  • أضواء على حقيقة القضية القومية الاجتماعية
  • ثورة في عالم الإنسان
  • أدب الحياة
  • العلاج بعشب القمح (ترجمة)
  • السلام/أناندا
  • حقيقة الثورة اللبنانية
  • نكون أو لا نكون (ترجمة)
  • الحياة والنور
  • أحاديث عن الحرية
  • لبنان وحرب التسوية
  • من أجل المستقبل
  • المشاركة بين العلم الحديث والحكمة القديمة في النظر إلى الإنسان والعالم
  • كمال جنبلاط وقضية أنطون سعادة
  • لبنان في واقعه العربي ومرتجاه
  • ميثاق الحزب التقدمي الاشتراكي
  • وجه الحبيب
  • آفاق نورانية
  • فلسفة العقل المتخطي- فلسفة التغيير- الجدليات
  • رسالتي العدالة الإنسانية
  • نحو صيغة جديدة للديمقراطية الاجتماعية والإنسانية
  • البيانات الرئاسية
  • تمنياتي لإنسان الغد
  • الفلسفة واليوغا في بلاد الحكماء
  • بين جوهر الإبداع ووحدة التحقق
  • فلسفة العقل المتخطي- فلسفة التغيير- الماركسية والاشتراكية
  • فلسطين: قضية شعب وتاريخ وطن
  • نصوص في النظم الاقتصادية
  • كتاب في المرثيات
  • هذه وصيتي

الموساد يراقب كمال جنبلاط

فى الحادي عشر من تموز عام 1973 اعتقل ضابط اسرائيلي فى لبنان يحمل جواز سفر الماني مزور باسم اورلخ لوسبرغ تبين فيما بعد ان اسمه الحقيقي حجاي هداس نائب مدير الموساد حتى عام 2010 و قد اعتقل عام 1973 فى حقل العزيمة بمنطقة سير الضنية بشمال لبنان على يد قائد شرطة مدينة طرابلس النقيب عصام ابو زكي و ادلي باعترافات واضحة انه كان يراقب منزل سليمان فرنجية فى اهدن و القصر الجمهوري فى بعبدا إضافة إلى تردده إلى محيط قصر المختارة ومحاولة التقاط الصور لمقر إقامة كمال جنبلاط [1]كما انه كان يخطط لاغتيال سعيد السبع فى مدينة طرابلس

اغتياله

تم اغتياله في السادس عشر من مارس 1977، وقد تم اغتياله بواسطة سيارة تحمل لوحة أرقام عراقية في جبال الشوف على مقربة من حاجز للجيش السوري المنضوي تحت لواء قوات الردع العربية. يقول وليد جنبلاط أن "كمال جنبلاط تحدث بكلام غير لائق عن الطائفة العلوية، وربما أدى لاحقاً إلى اغتياله"[2]. نتيجة لذلك، خرج العديد من الدروز للثأر لمقتل زعيمهم، فقاموا بقتل 144 مسيحي في منطقة الشوف ظنا ان هؤلاء اغتالوه، وذلك بسبب النزاع الدرزي-المسيحي القائم آنذاك.

كمال جنبلاط

صورة معبرة عن كمال جنبلاط
تاريخ الولادة 6 ديسمبر 1917
مكان الولادة المختارة، قضاء الشوف، متصرفية جبل لبنان،  الدولة العثمانية
تاريخ الوفاة 16 مارس 1977 (59 سنة)
مكان الوفاة بعقلين، قضاء الشوف، جبل لبنان،  لبنان
الجنسية علم لبنان لبنانية
المدرسة الأم جامعة القديس يوسف
الحزب الحزب التقدمي الاشتراكي
ديانة درزي
الزوج ماي أرسلان


























هناك تعليقان (2):

  1. https://www.facebook.com/%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A9-272998139417138/?fref=nf
    كمال جنبلاط- الرجل الاسطورة

    ردحذف
  2. https://www.facebook.com/%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A9-272998139417138/?fref=nf
    كمال جنبلاط- الرجل الاسطورة

    ردحذف