السبت، 26 ديسمبر 2015

الشهيد علي حسن سلامة

Ali salama.jpg
علي حسن سلامة
اللقب الأمير الأحمر
ولد 1940
قولة،  فلسطين الانتدابية
توفى 22 يناير 1979 (العمر 38–39)
بيروت،  لبنان
الولاء منظمة التحرير الفلسطينية
منظمة أيلول الأسود
سنوات الخدمة 1958–1979
الرتبة قائد عمليات
معارك/حروب عملية ميونخ
رحلة سابينا 571
علي حسن سلامة (1940 – 22 يناير 1979) ضابط مخابرات فلسطيني. ولد في قرية قولة قضاء اللد لعائلة شديدة الثراء. معروف بـأبوحسن. اغتالته إسرائيل في لبنان في 22 يناير 1979.

من هو

هو ابن المناضل الفلسطيني حسن سلامة رفيق القائد الوطني الفلسطيني عبد القادر الحسيني، في العام 1965 تولى منصب مدير دائرة التنظيم الشعبي التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الكويت وترأس اتحاد طلبة فلسطين هنالك.
في يوليو 1968 عمل في قيادة جهاز الرصد الثوري لحركة فتح وهو اسم فرع المخابرات التابع للحركة في الأردن.
و في عام 1970 تولى قيادة العمليات الخاصة ضد المخابرات الإسرائيلية في العالم من لبنان، ويرتبط اسمه بالعديد من العمليات النوعية مثل إرسال الطرود الناسفة من أمستردام إلى العديد من عملاء الموساد في أوروبا ومن الذين قتلوا بالطرود ضابط الموساد في لندن أمير شيشوري. وعملية ميونخ التي قامت بها منظمة أيلول الأسود التي خطفت عدد من الرياضيين الإسرائليين وقتلت بعضهم. لقبته رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير بلقب الأمير الأحمر

حياته الخاصة

عاش حياة ثراء فلقب بالأمير الأحمر وحصل على هذه التسمية من قبل جولدا مائير، تزوج مرتين في الأولى من السيدة الفلسطينية نشروان شريف منصور وأنجب منها ولديه حسن وأسامة وفي الثانية تزوج من ملكة جمال الكون اللبنانية جورجينا رزق، وأقام علاقات مع مختلف أجهزة المخابرات الغربية وكان صديق الأمريكببن في بيروت رغم قيامة باغتيال عدد من ضباط المخابرات الإسرائيلية حول العالم، وكشف بعض عملاء الموساد بالوطن العربي وخصوصاَ لبنان حيث كان له الفضل في القبض على أمينة المفتي والتي تجسست على الفصائل الفلسطينية في لبنان لصالح الموساد بعد أن قتل زوجها على يد القوات السورية.
كان شديدالذكاء[بحاجة لمصدر]، وكان يصعب عليه الاتصال بالقيادات أحيانا ويستعين بشاب مسمى محمد وحيد مطير بنقل معلومات بطريقة معينة لا يعلمها الا هم والذي قتل معه أثناء عميلة الاغتيال وكان معروف بنشاطاته القتالية، لكن في الواقع لم يستطع أي شخص في العالم إثبات علاقته بأي من العمليات القتاليه التي أعلن مسؤوليته عنها ولم يثبت أحد أنه هو قائد منظمة أيلول الأسود، وبهذا يكون بريئاً من تهمة تشكيل الخطر على أمن إسرائيل التي اغتالته.

الاغتيال

حاولت إسرائيل قتلة مرات عديدة، إلى أن استطاعوا ذلك بتفجير سيارة مفخخة لدى خروجة من منزل زوجتة جورجينا رزق في بيروت، حيث انفجرت سيارته والسيارات المرافقة في 22 يناير 1979. علما انه أول من اسس الجهاز العسكري المسمى(قوات ال 17 حرس الرئاسة) إذ شكله لحماية الرئيس الراحل أبو عمار ويعد هذا الجهاز من أقوى الأجهزة الفلسطينية على الساحة الفلسطينية ولكن من بعد وفاة أبو عمار تم دمج هذا الجهاز مع الأجهزة الأخرى تحت مسمى حرس الرئيس، وقد تم ذلك بعد قيام العديد من كتائب القوات بعمليات نوعية واستشهادية ضد العدو الصهيوني والاحتلال.
.......................

روبرتاج عن الامير الاحمر الشهيد علي حسن سلامة أبو حسن من ...

https://www.youtube.com/watch?v=QEk4MKnOJC8
22‏/01‏/2014 - تم التحديث بواسطة awdah channel TV
روبرتاج عن الامير الاحمر الشهيد علي حسن سلامة أبو حسن من إنتاج قناة عودة الفضائية ... حتى المخابرات الأمريكية قامت بإطالة عمر أبو حسن . .
....................
 
 الشهيد علي حسن سلامة
- واحد من ابرز رجال حركة فتح و الثورة الفلسطينية.

-
الشهيد علي حسن سلامة ولد سنة 1940 في فلسطين المحتلة واستشهد اغتيالا من قبل الموساد الإسرائيلي في بيروت سنة 1979.
 
- عرف باسم (أبو حسن) ضابط الرصد الفلسطيني الشهير الذي كان يطلق عليه الموساد الصهيوني لقب بالأمير الأحمر.
- أبو حسن سلامة هو ابن حسن سلامة القائد الفلسطيني المعروف قبل النكبة الفلسطينية الكبرى سنة 1948.
 
- التحق بحركة فتح عام 1967 مع بداية التحاق أفواج كبيرة من الشباب الفلسطيني و العربي بالكفاح المسلح من أجل تحرير فلسطين .

- .
خلال سنوات قليلة أصبح أبو حسن سلامة من المقربين جدا لياسر عرفات وبدأ العمل في قيادة جهاز الرصد الثوري لحركة فتح ، و هو بمثابة جهاز مخابرات و أمن، بعد أحداث أيلول في الأردن سنة 1970 استقر أبو حسن سلامة في بيروت ومن هناك تولى قيادة العمليات الخاصة ضد الأهداف الصهيونية في كل مكان وكان واحدا من الذين أسسوا وقادوا منظمة أيلول الأسود إلى جانب صلاح خلف أبو إياد وأبو نضال صبري البنا وأبو داوود ... نسب لأبي حسن سلامة العمليات التي استهدفت قتل ضابط الموساد (زودامك أوفير) في بروكسل ، و إرسال الطرود الناسفة من أمستردام إلى العديد من عملاء الموساد في العواصم الأوروبية ، رداً على حملة قام بها الموساد ضد قياديين فلسطينيين، و من الذين قتلوا بهذه الطرود ضابط الموساد في لندن (أمير شيشوري).. أما اشهر العمليات التي ارتبطت باسمه فهي عملية مهاجمة الفريق الرياضي الإسرائيلي في دورة ميونيخ الاوليمبية وارتبط اسمه بد ذلك بتلك العملية الشهيرة..بعد ذلك وضع اسمه على رأس لائحة الشطب في دوائر المخابرات الإسرائيلية.
- قالت رئيسة وزراء كيان إسرائيل غولدا مائير : اعثروا على هذا الوحش واقتلوه.
- وأفادت المصادر الصهيونية إن أبو حسن سلامة الذي تمرس في العمل الأمني دوّخ ملاحقيه واستطاع أن ينجو بنفسه من الموت والاغتيال أكثر من مرة إلى تمكن الموساد منه بفضل عملية حملت جوازا بريطانيا وكان اسمها " اريكا ماري تشمبرز" في بيروت يوم 22-01-1979.وقد وصلت العملية المذكورة إلى بيروت سنة 1978 وسكنت بيتا مستأجرا فوق دكان لبيع الفروج المشوي يطل على مفرق بيت أبو حسن سلامة في آخر نزلة شارع (مدام كوري) باتجاه فندق البريستول حيث يسكن مع زوجته اللبنانية المسيحية جورجينا رزق ملكة جمال الكون لسنة 1971.
- و كما هو متوقع جاء أمر للعميلة بتنفيذ عملية اغتيال الأمير الأحمر الذي دوّخ رجال الموساد طويلاً ، فتم تلغيم سيارة من نوع فوكس فاجن بعبوة تفجّر لا سلكياً عن بعد ، و وضعها بالقرب من الطريق الذي يمر منه موكب أبو حسن المكوّن من سيارة شفروليه و سيارتي رانج روفر، و عندما وصل الأمير الأحمر إلى تلك النقطة في الساعة الثالثة من عصر يوم 2/1/1979 ، حتى ضغطت عميلة الموساد على الزر القاتل .

 -
لكن قبل ذلك كان الموساد ارتكب غلطة كبيرة في النرويج حيث قامت مجموعة من عملائه باغتيال مواطن مغربي يشبه أبو حسن سلامة لحد كبير،إذ ظنوا انه الأمير الأحمر. وبتواطؤ السلطات النرويجية التي كانت في تلك الفترة الزمنية تناصر إسرائيل ظالمة أو مظلومة تم إطلاق سراح عملاء الموساد بصفقة مشبوهة ولغاية الآن لم يتم تعويض عائلة الضحية بوشيخة ولم تعتذر إسرائيل عن جريمتها السوداء.

بعد سنوات من تلك العملية فإن الموسادي البارز رافي إيتان الذي يعيش الآن في ضاحية أفيكا الراقية قرب تل أبيب يعيد الفضل لنفسه في اغتيال أبو حسن سلامة.لكن من سيتحمل من الموساديين مسئولية اغتيال مواطن بريء لمجرد انه يشبه الضحية ، سؤال برسم السلطات في النرويج والمغرب وكيان إسرائيل ؟؟؟
.....................
 

جورجينا رزق : جاسوسة الموساد اريكا ماري تشمبرز قتلت زوجي أبو علي حسن سلامة

جورجينا رزق : جاسوسة الموساد اريكا ماري تشمبرز قتلت زوجي أبو علي حسن سلامة جورجينا رزق

تفاصيل عملية الاغتيال:جورجينا رزق : جاسوسة الموساد ' اريكا ماري تشمبرز' قتلت زوجي أبو علي حسن سلامة

د . سمير محمود قديح
باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

كانت الحياة ببيروت في ذلك الوقت يونيو 1973 لها مذاق رائع تماماً كالأطعمة المتنوعة من كل أنحاء الدنيا . ومع عطلة نهاية الأسبوع . . تزهو أجمل فتيات لبنان داخل الفنادق والأندية، ويشتركن في مسابقات الجمال. ولما اختيرت جورجينا رزق ملكة جمال الكون، اختطفها سلامة وتزوجا في حدث أكثر من رائع، مما جعله مطاردا دائماً من فتيات لبنان

جورجينا رزق ملكة جمال الكون 1971

لكنه كان مشبعاً بكل جمال الدنيا بين يديه. ولأن المخابرات الاسرائيلية كانت تجهل صورته اوملامحه، وفشلت كثيراً في اقتفاء أثره لاغتياله، خاصة بعد عملية ميونيخ بالذات، فقد كان المطلوب من أمينة المفتي التسلل الى مخبئه، والحصول على قوائم بأسماء قيادات وعملاء المخابرات الفلسطينية في أوروبا. فقد كان علي حسن سلامة – الأمير الأحمر - كما أطلقت عليه جولدا مائير، أحد مساعدي عرفات والمختص بحراسته، ثم أوكل اليه عرفات مباشرة بمهمة جديدة، وهي رئيس الأمن والمخابرات التابعة لمنظمة فتح وقوات الحرس الداخلي - التي يطلق عليها القوة 17 - وهي القوة التي أطلق عليها عرفات اسم 'المنتمين الى قيصر روما القديمة'.

بيروت

والحصول عى القوائم السرية للقيادات الفلسطينية والأعضاء البارزين في المنظمات في أوروبا، أمر هام جداً ومطلوب لتفكيك أوصال القيادة في بيروت، وعزلها عن الآخرين في كل قارات العالم. وفي هذا إجابة عن سؤال:

لماذا السطو على أوراقه بدلاً من اغتياله؟ هكذا كانت مهمة أمينة المفتي في بيروت . . مهمة حساسة للغاية . . لو استطاعت القيام بها فكل ميادين إسرائيل لا تكفي لوضع تماثيلها. وفي لقاء حميم بشقتها مع مارون الحايك، سألته عن عرفات وأبو إياد والعمري وغيرهم، فأجاب بأنه يعرفهم جيداً، ولأيام طويلة ظلت تمنحه جسدها، وتنفق عليه بسخاء عندما أكد لها أنه يعرف علي حسن سلامة، بل والفندق الذي يرتاده. فاصطحبته مراراً لفندق كورال بيتش 'شاطئ المرجان' ليدلها عليه. لكن الأيام تمر والحايك يستمتع بجسدها وبأموالها دون أن يظهر لسلامة أثر.

تملكها يأس قاتم لفشلها، وفكرت كثيراً في مغادرة بيروت الى تل أبيب تتوجها الخيبة. لكن طرأت بخيالها فكرة جديدة عملت على تنفيذها بأسرع وقت. إذ انتقلت الى شقة أخرى بكورنيش المزرعة - وهي منطقة شعبية يرتادها التجار من قاطني المخيمات الفلسطينية في بيروت. وللوهلة الأولى . . أحست بتفاؤل كبير، بعدما تعرفت على ممرضة فلسطينية تدعى شميسة، تعمل بعيادة 'صامد' بمخيم صبرا. فقدمتها شميسة، الى مدير العيادة، الذي أوضح لها أن العديد من الأطباء من كل دول العالم، يشاركون في علاج الفلسطينيين كمتطوعين. فعرضت عليه خدماتها التطوعية، وأطلعته على شهاداتها المزورة فطلب منها الانتظار لعدة أيام ريثما يخبر رؤساءه. هؤلاء المتطوعون في شتى المؤسسات الفلسطينية، يقابلهم ياسر عرفات، ويستعرض معهم المخيمات وملاجئ الأيتام، والمؤسسات الصحية والهلال الأحمر، وأقسام الأجهزة التعويضية والعلاج الطبيعي والمعامل المركزية وبنك الدم. من هنا . . صادفت أمينة المفتي فرصة ذهبية للامتزاج بالفلسطينيين، وبدأت مرحلة العمل التجسسي الأوسع.

ومساء 22 يوليو 1973 . . دق جرس التليفون بشقة أمينة المفتي وكان على الطرف الآخر مارون الحايك، الذي اسر اليها ببضع كلمات ألجمتها، فوضعت السماعة في توتر وأسرعت تفتح التليفزيون.

لقد صدمها المذيع وهو يعلن نبأ اعتقال ستة من رجال الموساد في أوسلو، بينهم امرأة، بتهمة قتل جرسون مغربي بالرصاص في ليلهامر، ظنوا أنه الفلسطيني علي حسن سلامة. وقد اعترف المعتقلون بأنهم ينتمون الى الموساد، ويشكلون فيما بينهم فريقاً للقتل اسمه k idon - الرمح – وجاءوا خصيصاً من إسرائيل لتعقب سلامة واغتياله. ارتجت أمينة وتملكها الهلع على مصيرها. وتساءلت: لماذا يتعقبون سلامة لاغتياله. بينما طلبوا منها خلاف ذلك؟كانت اللعبة أكبر بكثير من تفكيرها. فأمور السياسة والمخابرات تتشكل وفقاً لمعايير أخرى . . وحسابات معقدة. ولأول مرة منذ فقدت زوجها موشيه، تشعر برغبة أكيدة في الاستمتاع بالحياة . . وحاجتهات الى مذاقات النشوة التي افتقدتها. وأسرعت في اليوم التالي، برفقة مارون الى فندق الكورال بيتش، متلهفة الى الالتقاء بسلامة. ولكم أخذتها المفاجأة عندما أشار صديقها ناحية حوض السباحة قائلاً لها: أنظري . . إنه علي حسن سلامة.

ألأمير ألأحمر.. علي حسن سلامة

كان حمام السباحة كبيراً، على شكل حدوة الحصان، يحيط به مبنى أبيض اللون مكون من ثلاثة طوابق، تطل كل غرفه الخمس والتسعين على الحمام. ويفضل سلامة هذا الفندق لأنه مؤمن جيداً ويكشف المخاطر الأمنية؛ التي قد يتعرض لها. ومن الأمور العادية أن توجد ثلاث سيارات عسكرية حول الفندق لحماية الأمير الأحمر. حيث يقوم حراسه بتأمين موقف السيارات ومداخل الفندق وحدائقه. أما في الحجرة المطلة على حمام السباحة وهي بالدور الأرضي، فيكون سلامة دائماً بمفرده، يحمل مسدسه الأتوماتيكي المحشو، ولا يتغافل عنه أبداً.كان سلامة في ذلك الوقت في الثالثة والثلاثين من عمره، رياضي . . وسيم . . أنيق. يصادق جورجينا رزق ملكة جمال الكون. وفي فتاة عمرها واحد وعشرون عاماً، تنحدر من مؤسسة المال المسيحية في بيروت لأب لبناني وأم مجرية. انتخبت في السادسة عشرة ملكة جمال لبنان. وبعدها بعامين ملكة جمال العالم. وكانت الوحيدة من بلاد العرب التي دخلت مسابقة 'ميامي بيتش'. وهكذا أصبحت جورجينا رزق أشهر امرأة في العالم، يحلم بها كل الرجال. وكان الجميع يريد التعرف على الفتاة ذات الشعر الأسود الطويل، والعيون الخضراء، والفم الكبير، والجسد الأسطوري. حتى 'جيمي كارتر' - حاكم ولاية جورجينا وقبل أن يصبح رئيساً . . تحققت أمنيته وظهرت صورة له مع ملكة الكون وهي ترتدي فستان السهرة الأسود العاري الأكتاف والصدر.

أمينة داود المفتي

وها هي أمينة داود المفتي تقف أمامه . . ووجها لوجه بشكل لم يكن متوقعاً . . وحيث رتبت الموائد حول الحوض تحت المظلات الشمسية، جلست تراقب سلامة بحذر وهو يستحم، وعلى مقربة منه وقف رجلان من حراسه تنتفخ أجنابهما بالسلاح. رسمت أمينة صورته في خيالها، وداومت على زيارة الكورال بيتش مرتان أسبوعياً بشكل منتظم. وكانت كثيراً ما تلتقي بسلامة الذي اعتاد رؤيتها. . وابتسامتها.. وجمالها البسيط الهادئ. وذات مرة . . وصل سلامة الى الفندق. . واتجه الى الداخل حيث حجرته، لكنه عرج فجأة الى مائدة أمينة، وانحنى على ظهر المقعد المواجه في أدب وسألها عدة أسئلة. . ثم سحب المقعد وجلس قبالتها لأكثر من نصف الساعة تقول أمينة في مذكراتها التي نشرت بعد ذلك:في ذلك اليوم الحار من سبتمبر 1973، تشوقت لترطيب جسدي في حوض السباحة بكورال بيتش، وبينما كنت أرفع كوب الماء البارد الى فمي، رأيته أمامي . . إنه سلامة. سرت رعشة متدفقة بأوصالي عندما جاء الى مائدتي محيّياً.

وبدأ بأن عرفني بنفسه على أنه رجل أعمال فلسطيني، ثم سألني عن نفسي. وجلس الى مائدتي بعدما اكتشف أنني طبيبة أردنية متطوعة. ومنذ ذلك اليوم لازلت أذكر رعشة اللقاء . . وحديثه الرائع الذي جذبني اليه بكل كياني ومشاعري'. . - في الدولشي فيتا :وبواسطة سلامة، انفتحت أمام أمينة المفتي كل الأبواب الموصدة. إذ أصبحت محل ثقة الفلسطينيين، وعلاقاتها بالقادة طالت ياسر عرفات نفسه. لقد استعادت حيويتها وثقتها بنفسها، وانخرطت في صفوف المقاومة تضمد الجروح، وتبث فيهم الحماس والاستماتة في الكفاح. وكانت زياراتها المتعددة لمخيمات اللاجئين في الجنوب، تصحبها فيها مجموعات طبية من المتطوعين، تذكرة أمان لدخول كل المناطق المحظورة. فكانت عيونها كاميرات تلتقط الصور وتختزنها. وآذانها كانت أجهزة تسجيل متطورة، وانقلب عقلها الى آلة جبارة من القوة بحيث لا يرهقها تزاحم المعلومات . . أو رسم الخرائط بدقة متناهية . . أو حفظ مئات الأسماء والمواقع . . أو تذكر أنواع الأسلحة وأساليب التدريب. لقد أدمنت استجلاء أوضاع الفلسطينيين، مستغلة ثقتهم بها في إرسال المعلومات عنهم يوماً بيوم الى الموساد. كان المطلوب منها هو كتابة تقارير وافية، ووضعها في صندوق البريد 'الميت'، أو تركها بسيفون حمام فندق الكورال بيتش. تقول أمينة في مذكراتها: (أذكر أنني في إحدى المرات . . كنت أحمل وثائق سرية وتقارير خطيرة. . وذهبت لمقابلة سلامة بالفندق. كانت حقيبتي مكتنزة بأربعة وعشرون ورقة من أوراق البلوك نوت الكبيرة، عندما فاجأني سلامة بمجيئه مبكراً قبلما أتمكن من الدخول بها الى الحمام. وكانت ورقة واحدة منها فقط، كفيلة بأن يفرغ سلامة رصاصات مسدسه في صدري. لقد كنت أجلس اليه بأعصاب من فولاذ. . وعلى مقربة مني كانت زميلتي - وتحمل وثائق سفر قبرصية – تكاد تموت هلعا )ً. هكذا عملت أمينة داود بحرية مطلقة في التجسس على القادة الفلسطينيين. . ورجال المقاومة . ولم تدخر وسعاً في البحث عن كل ما يهم الإسرائيليين في لبنان. لقد زارت ياسر عرفات بمكتبه ثلاث مرات، لتطلعه بنفسها على العديد من السلبيات التي واجهتها في الجنوب اللبناني، واهتم الزعيم بمقترحاتها وقد أفرد لها مساحة طويلة من الوقت للاستماع اليها. وأوصى في الحال بالتحقق مما قالته، وتلافي الأخطاء التي تعوق حركة المقاومة في الجنوب. فتقربت أمينة بذلك من الزعيم الفلسطيني، وأصبح مكتبه مفتوحاً دائماً أمامها.

صخرة الروشة في بيروت

وحدث أن كانت في مقهى 'الدولشي فيتا'، حيث شاطئ الروشة المتعرج الخيالي، حينما توقفت فجأة أمام المقهى سيارة جيب عسكرية، وتزل منها ثلاثة رجال فلسطينيين، اتجهوا مسرعين الى حيث تجلس تشرب القهوة، وقال أحدهم بحسم: نعرف أنك هنا . . وعليك مرافقتنا الآن. !أسقط ما في يد أمينة، ولم تقدر على الوقوف. بينما الرجال الثلاثة ترسل عيونهم سهاماً من توتر.

- زيارة الى العبد :

كانت السيارة العسكرية تخترق شوارع بيروت بسرعة مذهلة، بينما كانت أمينة المفتي متكورة الى يمين السائق، تنتفض عروقها رعباً، ويرتعد بدنها كله لهول النهاية. لم تسأل مرافقيها عن وجهتهم، أو لنقل إنها لم تجرؤ على ذلك. إذ انحصر تفكيرها في تحين الفرصة المناسبة للبحث عن كبسولة سم السيانيد، التي خبأتها بين خصلات شعرها بواسطة شريط لاصق. فحتماً سيكتشف الجنود المدججون بالسلاح ذلك عندها سيضطرون الى تكبيلها بالسلاسل الحديدية، فتضيع منها فرصة الانتحار الوحيدة . ولكنها سقطت واعترفت بكل شيء .

ولم يتوقف الموساد الإسرائيلي في ملاحقة أبو علي حسن سلامة عند هذا الحد فهو واحد من ابرز رجال حركة فتح و الثورة الفلسطينية ولد سنة 1940 في فلسطين المحتلة واستشهد اغتيالا من قبل الموساد الإسرائيلي في بيروت سنة1979 .

عرف باسم (أبو حسن) ضابط الرصد الفلسطيني الشهير الذي كان يطلق عليه الموساد الصهيوني لقب بالأمير الأحمر .أبو حسن سلامة هو ابن حسن سلامة القائد الفلسطيني المعروف قبل النكبة الفلسطينية الكبرى سنة 1948 .

التحق بحركة فتح عام 1967 مع بداية التحاق أفواج كبيرة من الشباب الفلسطيني و العربي بالكفاح المسلح من أجل تحرير فلسطين .خلال سنوات قليلة أصبح ابو حسن سلامة من المقربين جدا لياسر عرفات وبدأ العمل في قيادة جهاز الرصد الثوري لحركة فتح ، و هو بمثابة جهاز مخابرات و أمن .

بعد أحداث أيلول في الأردن سنة 1970 استقر أبو حسن سلامة في بيروت ومن هناك تولى قيادة العمليات الخاصة ضد الأهداف الصهيونية في كل مكان وكان واحدا من الذين أسسوا وقادوا منظمة أيلول الأسود إلى جانب صلاح خلف أبو إياد وأبو نضال صبري البنا وابو داوود ... نسب لأبي حسن سلامة العمليات التي استهدفت قتل ضابط الموساد (زودامك أوفير) في بروكسل ، و إرسال الطرود الناسفة من أمستردام إلى العديد من عملاء الموساد في العواصم الأوروبية ، رداً على حملة قام بها الموساد ضد قياديين فلسطينيين ، و من الذين قتلوا بهذه الطرود ضابط الموساد في لندن (أمير شيشوري).. أما اشهر العمليات التي ارتبطت باسمه فهي عملية مهاجمة الفريق الرياضي الإسرائيلي في دورة ميونيخ الاوليمبية وارتبط اسمه بعد ذلك بتلك العملية الشهيرة..بعد ذلك وضع اسمه على رأس لائحة الشطب في دوائر المخابرات الإسرائيلية.

قالت رئيسة وزراء كيان إسرائيل غولدا مائير :

اعثروا على هذا الوحش واقتلوه!!

وأفادت المصادر الصهيونية ان ابو حسن سلامة الذي تمرس في العمل الأمني دوّخ ملاحقيه واستطاع ان ينجو بنفسه من الموت والاغتيال أكثر من مرة إلى تمكن الموساد منه بفضل عميلة حملت جوازا بريطانيا وكان اسمها ' اريكا ماري تشمبرز'

في بيروت يوم22/1/1979.

وقد وصلت العميلة المذكورة الى بيروت سنة 1978 وسكنت بيتا مستأجرا فوق دكان لبيع الفروج المشوي يطل على مفرق بيت ابو حسن سلامة في آحر نزلة شارع (مدام كوري) باتجاه فندق البريستول حيث يسكن مع زوجته اللبنانية المسيحية جورجينا رزق ملكة جمال الكون لسنة 1971. - رصد تحركات الأمير الأحمر وبدء مخطط الاغتيال .

المصادر الصهيونية تفيد بأن أبو حسن أو الأمير الأحمر دوّخ ملاحقيه ونجا من أكثر من 10 محاولات اغتيال قبل أن تنجح الموساد في استهدافه عام 1979م بعد أن استعمل الموساد خطة واسعة جند فيها رسامة بريطانية تدعى (سيلفيا إيريكا روفائي) ، تم تجنيدها لتعمل مع مؤسسات إجتماعية تعنى بجمع التبرعات للاجئين ورعاية الطفولة) وتحت هذا الغطاء دخلت لبنان وخرجت أكثر من مرة وفي كل مرة كانت تحضر معها مبالغ تدفعها للجمعيات الخيرية للتغطية، وكانت مهمتها الأساسية هي استئجار شقة ، واستأجرت بيتا فوق دكان لبيع الفروج المشوي يطل على مفرق بيت ابو حسن سلامة في آحر نزلة شارع (مدام كوري) باتجاه فندق البريستول حيث يسكن مع زوجته اللبنانية المسيحية جورجينا رزق ملكة جمال الكون لسنة 1971.لتراقب تحركات الأمير الأحمر فسكنت في الطابق التاسع في عمارة قريبة جداً من سكن جورجينا رزق في شارع الفردان.

بعد ان رفعت عدة تقارير تفيد بأن مواعيد زيارة الشهيد أبو حسن سلامة لزوجته هي مواعيد ثابته ويسلك في طريق القدوم والمغادرة نفس الطرق قرر (رافي إيتان) المستشار الشخصي لمناحيم بيغن رئيس الوزراء الصهيوني أن يزور بيروت بنفسه ليطلع على التفاصيل.زار إيتان بيروت منتحلاً شخصية تاجر يوناني وتمكن من رؤية سكن جورجينا رزق وتصويره وتصوير الشارع والمارة التي تسكن بها سيلفيا عميلة الموساد ثم عاد إلى تل أبيب وأرسل ثلاثة ضباط موساد متخفين كعرب، إستأجر أحدهم سيارة والثاني فخخها بالعبوة المتفجرة والثالث استلمها وأوقفها في المكان الذي ستنفجر فيه وتم تسليم سيلفيا جهاز التفجير وانسحب الثلاثة.

تم تلغيم سيارة من نوع 'فولكس واغن' بعبوة تنفجر لاسلكياً

- صدرت الأوامر العليا بتنفيذ عملية الإغتيال.

تم تلغيم سيارة من نوع 'فولكس واغن' بعبوة تنفجر لاسلكياً ووضعت في الطريق الذي يسلكه الشهيد، وعند مرور موكب القائد أبو حسن سلامة المكون من سيارة شيفروليه وسيارتي رانج روفر انفجرت العبوة الناسفة واستشهد الأمير الأحمر فوراً.لكن قبل ذلك كان الموساد ارتكب غلطة كبيرة في النرويج حيث قامت مجموعة من عملائه باغتيال مواطن مغربي يشبه ابو حسن سلامة لحد كبير،إذ ظنوا انه الأمير الأحمر.

وبتواطؤ السلطات النرويجية التي كانت في تلك الفترة الزمنية تناصر إسرائيل ظالمة أومظلومة تم إطلاق سراح عملاء الموساد بصفقة مشبوهة ولغاية الآن لم يتم تعويض عائلة الضحية بوشيخة ولم تعتذر إسرائيل عن جريمتها السوداء!!.

كريم بقردوني

قال كريم بقردوني ( زعيم مسيحي يميني من قادة حزب الكتائب) بأنه نقل تحذيراً من بشير الجميل للأمير الأحمر أبو حسن سلامة الذي كان خط الإتصال بين القائد ياسر عرفات والمليشيات المسيحية في لبنان، حول معلومات وصلت حديثاً لاغتياله، الأمر الذي أكده الأمير الأحمر لبقردوني بقوله مبتسماً عندي خبر والحامي الله.لم يقدّم بشير الجميل تفاصيل عن العملية لبقردوني، ولكنه طلب منه تحذيره بقوله (فأبو حسن صاحبنا) كما قال الجميّل لبقردوني.كذلك أيضاً وصل تحذير للقائد أبو سلامة عن مخطط لاغتياله من قبل (المكتب الثاني) وهو أحد أجهزة المخابرات اللبنانية، وقد عثر على قصاصة ورق بجيب الأمير الأحمر بعد استشهاده تفيد بذلك.ومع اغتيال أبو علي حسن سلامة ، لم يهدأ القائد صلاح خلف ' أبو إياد ' فأرسل فورا إلى كل مساعديه طالبا منهم البحث عن اريكا واحضارها إما ميتة أو على قيد الحياة ، وبالفعل تم إبلاغ كافة رجالات الأمن الفلسطيني ' المخابرات ' في جميع أنحاء العالم ، بعد أن حصلوا على معلومات ومواصفات العميلة اريكا ، وبدأ البحث ليل نهار إلى أن عثر عليها في اليونان برفقة اثنين من كبار ضباط الموساد الإسرائيلي وتم قتلهم جميعا وإلقاء قنبلة على جسدها الذي تقطع ارباً !!.

sameerqodeh@hotmail.com
......................

صور : اغتيال القائد علي حسن سلامه "أبو حسن"
23/01/2015 [ 10:10 ]
الإضافة بتاريخ:
صور : اغتيال القائد علي حسن سلامه "أبو حسن"
  كان مطلع عام 1979م كارثياً على قوات الـ17، ففي يوم الاثنين 22/1/1979م تمكن عملاء الموساد الإسرائيلي من تفجير موكب قائد قوات الـ17 علي حسن سلامه "أبو حسن" وباستشهاده كانت بداية مسؤولية جديدة لي.
لقد اعتقد قادة إسرائيل أنهم باغتيال الشهيد علي حسن سلامة قد أزاحوا من طريقهم خصماً سبق وأن أفشل مخططاتهم وأنزل القصاص بعملائهم وأنه كان القائد المؤهل لتشكيل قوة الحماية للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وأن قوة أمن الرئاسة التي أنشأها ستلعب دوراً مهماً في التصدي لأنشطة الموساد على الصعيد الخارجي وفي داخل لبنان.
أطلقت عليه رئيسة وزراء العدو غولدا مائير لقب "الأمير الأحمر" فأصبح هذا اللقب يميزه لدى المراقبين السياسيين والإعلاميين للحركة الوطنية الفلسطينية أيضا.
البدايات النضالية لأبو حسن سلامة:
ولد علي حسن سلامه "أبو حسن" في العراق بتاريخ 1/4/1941م حيث سبق لوالده الشيخ حسن سلامه أحد القيادات الفلسطينية التي برزت في قيادة النضال ضد العصابات الصهيونية اليهودية للفترة من 1936 – 1948م، واضطر لمغادرة فلسطين عام 1941م بسبب مطاردة القوات البريطانية له فلجأ إلى العراق واستقر هناك للتدريب والانخراط في الجيش العراقي حيث ولد ابنه "علي" خلال تلك الفترة، وفي عام 1945م انتقل إلى لبنان وعاد إلى فلسطين حيث استشهد في معركة رأس العين بتاريخ 1/6/1948م، وبعد قيام الثورة المصرية عام 1952م انتقلت أسرته إلى مصر.
أنجبت زوجة علي حسن سلامه مولودها الأول في القاهرة بتاريخ 1/6/1966م في الذكرى الثامنة عشرة لاستشهاد جده المجاهد الشيخ حسن سلامه، وهي مناسبة مباركة أثارت هياجاً عاطفياً عظيماً في نفوس الأسرة، فموجة الفرح الغامر بقدوم المولود الجديد لم تمنع الجميع من ذرف الدموع لهذا التوافق العجيب بين ذكرى استشهاد الجد ويوم مولد الحفيد، وكأن روح المجاهد الشهيد الشيخ حسن سلامه قد انبعثت من جديد في ذلك اليوم. يقول أبو حسن سلامة: "هذا الإرث النضالي الذي ورثه عن والده قد سبب له مشاكل شخصية لأنه نشأ في عائلة كانت تعتبر النضال جزءا من تراثها يحمله جيلا بعد جيل، ويضيف حتى وأنا طفل اتبعت نمطاً معيناً من السلوك، كانوا يذكروني باستمرار أنني ابن حسن سلامه وعلى أن أكون قدر المسؤولية".

انتقل أبو حسن إلى القاهرة لإكمال تعليمه هناك، وفي عام 1964م انتقل إلى الكويت حيث التحق هناك بحركة فتح عن طريق خالد الحسن "أبو السعيد" وأدار دائرة التنظيم الشعبي في مكتب (م.ت.ف)، ثم اختير عام 1968م ضمن مجموعة من عشرة أشخاص لدورة أمنية في القاهرة، وبعد عودته عمل نائبا لمفوض الرصد المركزي لحركة فتح صلاح خلف واستقر في العاصمة الأردنية ممارسا لمهماته النضالية حتى خرج إثر معارك أيلول برفقة القائد ياسر عرفات مع اللجنة العربية العليا التي كانت مكلفة بالوساطة بين الأردن والفدائيين، ومنذ ذلك الخروج أصبح ظلا لأبي عمار ومكلفاً بحمايته، وهو أول من تم تعيينه قائدا لقوات الـ17.
ومنذ ذلك التاريخ كان علي حسن سلامه الأقرب إلى ياسر عرفات وعنه يقول "أبو حسن": "لأبي عمار "الختيار" عندي قدسية معينة، وأنا كمقاتل فلسطيني قد أستطيع المزايدة على أي مقاتل آخر ولكني لا أستطيع أن أزايد على "أبي عمار" أنه لا يجد ولو برهة يتمتع فيها بحلاوة العيش، هذا الرجل يجد متعته وسعادته عندما يحقق انتصاراً سياسياً أو عسكرياً للقضية، إن "أبو عمار" إنسان لا يرتاح ولا يشعر بالاستقرار، ونعرفه على حقيقته عندما نكون في مأزق، ندرك ما يعاني من القلق مع الصبر والإيمان والشجاعة في مواجهة الأحداث، ونعرفه عندما نخرج من المأزق وكيف يشعر بالفرح والاعتزاز، وهو قائد كبير يقاتل مثل أي عنصر في أخطر المعارك وأدقها، بالرغم أنه يستطيع أن يكون في مركز القيادة لأن القائد يجب أن يكون دائماً بعيداً عن الخطر، إلا أن "أبا عمار" يرفض ذلك كونه يعيش مع المقاتلين في احلك اللحظات، أما رفقتي له فقد بدأت في معارك أيلول سنة 1970م حين كنا سبعين مقاتلاً معه، وبقينا تسعة فقط، وهكذا فقد كانت رفقتي له هي رفقة حياة أو موت، إن "أبو عمار" هو المحارب الوحيد الذي لا يعرف استراحة المحارب".
أبو حسن والعمليات الخارجية:
فور انتقاله إلى بيروت أسندت إليه قيادة العمليات الخاصة ضد العدو الصهيوني في جميع أنحاء العالم، وارتبط اسمه بالعديد من العمليات النوعية. كما ارتبط اسمه بالاتصالات السرية التي كانت تجريها الثورة الفلسطينية مع الكثير من الأطراف في الساحة اللبنانية والدولية.
وأذكر أنه في أثناء الحرب الأهلية، وأثناء التصدي لقوات الكتائب في الشياح حيث كانت المعارك على أشدها، فوجئت أن سيارة أبو حسن قادمة نحو موقعي في الشياح، وعندما وصلت طلب مني السائق (جميل) أن أرافقه لمقابلة أبو حسن للضرورة، فتوجهت مع السائق إلى حيث يوجد أبو حسن.. وهناك وجدت أبو حسن يطلب مني أن أرافقه في مهمة عاجلة. سألته إلى أين؟ فقال لي إن هناك لقاء مع بشير الجميل وكريم بقرادوني من قادة حزب الكتائب وأنه يريدني أن أكون برفقته في هذه المقابلة التي كلفه به الأخ أبو عمار لإجراء الاتصالات مع الكتائب للتوصل إلى هدنة ووقف الهجوم على مخيم تل الزعتر.. إلا أنني وبحركة لا إرادية رفضت ورجعت بسرعة إلى السيارة في حين كان أبو حسن ينادي علي طالباً العودة ولكني لم أستمع إليه وصعدت إلى السيارة آمراً السائق بإعادتي من حيث أتيت، وحينما وصلت إلى موقعي وسط المقاتلين، شعرت بقيمة الموقف الذي اتخذته.
أبدى أبو حسن غضبه الشديد على موقفي، ومنذ ذلك الحين ولأول مرة حصلت بيننا قطيعة وخصام استمر نحو شهرين رغم تبرير أبو حسن لموقفه أن الاتصالات مع الكتائب كانت بتعليمات القيادة ولمصلحة شعبنا المحاصر في تل الزعتر إذ أنه من المطلوب أن نبحث كل الطرق لإنهاء أزمتهم. فهم أخي أبو حسن من تلك الحادثة أنني شديد الالتزام بموقعي وقيادتي الميدانية لقوات ال17، ولذلك توقف كلياً عن اطلاعي على مهماته الخارجية أو اتصالاته، وفي الوقت نفسه التزمت أنا بذلك.
وبدأ أبو حسن بالفعل في التفرغ للقضايا الأمنية والاتصالات مع مختلف القوى والجهات التي كلف بها من قبل أبو عمار وخاصة تلك المتعلقة بالعمليات الخارجية والتي كان ولضرورات العمل يفضل الحفاظ على سريتها، ولذلك لم يوثق أبو حسن أية أوراق أو ملفات لدى قيادة ال17، لهذا فإن ما تطرقت إليه من أسرار تلك العمليات الخارجية، كان على لسان منفذيها وربما هناك العديد من العمليات التي خطط لها ونفذها أبو حسن ولم أكن مطلعا عليها لأن ملفاتها كانت في منزل أبي حسن وبعد استشهاده قامت زوجته بتسليمها للأخ أبو عمار، لهذا قد تكون بعض العمليات التي نفذها أبو حسن لم أتطرق إليها لعدم معرفتي بها(1).

أبو حسن سلامة والاتصالات الفلسطينية الأمريكية:
رافق أبو حسن سلامه الرئيس عرفات خلال زيارته التاريخية للأمم المتحدة عام 1974م، وخلال المباحثات الأمريكية – الفلسطينية التي جرت بداياتها في فندق "والدروف استوريا" وتم بموجبها التنسيق الأمني المشترك، أوكل الرئيس عرفات إدارة هذه المهمة إليه، حيث ترجم هذا التعاون الأمني خلال الحرب الأهلية عامي (1975 – 1976م) ثم دعي بعدها "أبو حسن" إلى زيارة الولايات المتحدة الأمريكية حيث اجتمع في واشنطن مع كبار قادة أجهزة المخابرات سعياً وراء تأكيد الاعتراف الأمريكي بمنظمة التحرير، أما فيما يتعلق بدوافع ياسر عرفات لتكليفه بهذه المهمة التي تعتبر في غاية الأهمية فكانت لتكريس الاعتراف الدولي والعالمي بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في حين اعتبرت إسرائيل القائد الشهيد أبو حسن سلامه منذ تكليفه بالاتصالات مع الإدارة الأمريكية قد أصبح أكثر خطورة عليها، فليس من المصلحة الإسرائيلية أن يكون هناك أي تقارب بين (م.ت.ف) والإدارة الأمريكية، لذا أصبح "أبو حسن" الهدف الأكبر أهمية لإسرائيل والذي يجب اصطياده(2).
وطبقا للمصادر الأمريكية فإن ياسر عرفات انتدب علي حسن سلامه في حين انتدب البيت الأبيض أكبر خبير في الشرق الأوسط وهو "بوب آيمز" الذي كان يعمل في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وأن تكون قناة الوساطة بين بوب آيمز وعلي حسن سلامه و مصطفى الزين الذي كان ناشطا في منظمة الطلبة العرب في أمريكا(3).
ويذكر أن علي حسن سلامة (أبو حسن) قام بزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من جورج بوش الأب الذي كان آنذاك مديراً للمخابرات المركزية الأمريكية، الأمر الذي أثار غضب إسرائيل بانكشاف أكاذيبها على الإدارة الأمريكية بشأن الوضع الفلسطيني، لذا قررت الانتقام من (بوب) باغتياله عن طرق تفجير السفارة الأمريكية في بيروت يوم 18/4/1983م وللأسباب الآتية:
مسؤوليته عن فتح العلاقة مع البيت الأبيض وياسر عرفات منذ سنة 1975م.
2. قيامه بترتيب الزيارة الرسمية لـعلي حسن سلامه إلى واشنطن خلال شهر (12/1976م) بدعوة من جورج بوش الأب الذي كان آنذاك مديرا للمخابرات المركزية الأمريكية([4]).
3. إن روبرت ايمز هو الذي أعد للرئيس الأمريكي رونالد ريغان مبادرته للسلام في الشرق الأوسط عام 1983 والتي تسلمها عرفات قبل خروجه من بيروت، واعتبر مناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل آنذاك تلك المبادرة بأنها (خنجر ضرب في قلبي).
4. إن روبرت ايمز حصل على نسخة من شريط الفيديو الذي صورته شبكة (ABC) عن مذبحة صبرا وشاتيلا والذي يكشف دور القوات الإسرائيلية في تلك الجريمة الإنسانية البشعة، وقام بتسليم شريط الفيديو إلى مناحيم بيغن الذي اتخذ قراراً بوقف العمل السياسي منذ ذلك الحين كون الشريط يفضح وزير الدفاع في حينه أرئيل شارون ويشكل سابقة خطيرة لكتلة الليكود وجماعة اليمين الإسرائيلي، وبموجب ذلك فإن زعماء كتلة الليكود لم يغفروا لروبرت آيمز (بوب) ما فعله، وعليه فقد قتلوه بتفجير السفارة الأمريكية وقتلوا معه جميع مدراء محطات المخابرات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط والذين كانوا في ذلك الحين متعاطفين مع (م.ت.ف).

أنا وصديقي أبو حسن:
ها أنا بعد كل السنوات التي مرت على استشهاده أكتب عن قائدي وأخي وصديقي "أبو حسن" ذلك المناضل الذي أوفى لسيرة والده الشهيد حسن سلامه، فأكمل المشوار، مقدما دمه لشعبه ليفيض شلال الدم الفلسطيني برهانا على نضالات هذا الشعب الذي لا ولن يستكين ما لم يستعيد حقوقه الوطنية المشروعة ويقيم دولته المستقلة "فلسطين" بعاصمتها القدس الشريف.
وكثيرة هي الأحداث التي جمعتني بأبو حسن طيلة حقبة زمنية نضالية تشهد له بأنه الذي صدق الوعد، وصدق لنهج والده المقاتل والمجاهد الذي سبقه إلى قافلة الشهداء، وصدق بوفائه لرئيسه ياسر عرفات ولإخوانه في حركة فتح والفصائل الفلسطينية، وصدق بعطائه لشعبه، وقد كنت صديقه وحبيبه ورفيق دربه، وما أصعب أن يكتب الإنسان عن فقدان أخ وصديق وحبيب، لكنه الوفاء الذي يملي علي أن استجمع الذاكرة وأكتب أيضاً بعضاً من وقائعها.
بتاريخ 12/1/1979م أي قبل استشهاده بأحد عشر يوما استدعاني أبو حسن، فذهبت إليه في منزله، وما أن جلست بجواره حتى أخرج من جيبه ورقة، ودفع بها إلي قائلاً.. إقرأ!! كانت الورقة عبارة عن رسالة من كريم بقرادوني يخبره فيها بأن لديه معلومات مصدرها رئيس حزب الكتائب بشير الجميل تفيد بأن إسرائيل سوف تقوم بتنفيذ عملية لاغتياله خلال عشرة أيام. بعد أن قرأت الرسالة وضعتها أمامي وقلت له: لا بد من التعامل مع هذه المعلومة بمنتهى الجدية لأن مرسلها على علاقة وطيدة مع إسرائيل، وهو صديق لك.
أجاب أبو حسن: وما الذي تراه..؟
قلت: إن اللجوء إلى السفر خارج لبنان غير وارد، فنحن لسنا بصدد مغادرة لبنان كلما جاءنا خبر حول نوايا الإسرائيليين، فلو سلكنا هذا الأسلوب فلسوف يبقى كل القادة خارج لبنان، لكن الحل الأمثل حسب خبرتي هو تنفيذ الاحتياطات الأمنية بأسلوب "التمويه".. وشرعت أشرح له خطة التمويه لمثل التعاطي مع هذه المعلومات فقلت:
أولاً: أنه بدلاً من تلزيم حارس في الطابق الأرضي من البناية، لا بد من تلزيم حارس بالدوام أمام الشقة مباشرة وبافتراض أن أي شخص قد يأتي لتنفيذ عملية فإن الحارس في الطابق الأرضي لن يستطيع منعه، فربما يبرر صعوده إلى الطوابق العليا بالتمويه وكأنه "مكوجي" ويرغب في إيصال الملابس لأحد الشخصيات في البناية، أو يحمل باقة ورد ويدعي الزيارة للبعض، أو يحمل قالب "كاتو" لاحتفال بعيد ميلاد أو ما شابه ذلك لأحد الساكنين، لذلك فإن وجود حارس على باب الشقة يعطيه الحق بأن يسأل أي شخص يقصد الشقة بالذات.
ثانياً: لا بد من تغيير السيارات المستخدمة وسوف أزودكم بسيارتين من السيارات العاملة عندي في قيادة قوات الـ17 بالإضافة إلى سيارة لأحد ضباطنا من أجل التمويه.
أقر أبو حسن بالبند الأول من الخطة، لكنه رفض البند الثاني وأصر على أن تكون تحركاته بالسيارات نفسها، عندها طلبت منه إجراء تغيير في روتين حياته اليومية على النحو الآتي:
1. كنت في بعض الأحيان أذهب معه إلى نادي الإنترناشونال الرياضي والذي كان يرتاده في أكثر الأيام للتدرب على الكاراتيه، سبق أن حصل على جميع الأحزمة وترأس نادي للكاراتيه وكان نائبه الشهيد سلامه الأسمر، لذلك طلبت منه الامتناع عن الذهاب إلى النادي أو تشديد الحراسات في حالات الضرورة القصوى.
2. عدم تركين السيارات في الشارع أمام البناية، وضرورة تركينها في الكراج أسفل البناية ذلك أن معظم بنايات العاصمة بيروت مصممة على أعمدة حيث يترك الطابق الأرضي كراج للسيارات، والهدف من وراء ذلك عدم إعطاء أي أحد يراقب البناية فرصة مشاهدة من يركب بالسيارة.
جرى بعد ذلك نقاش حول الخطط التي يمكن أن تلجأ إليها إسرائيل لتنفيذ عملية الاغتيال، فاستقر الرأي أنها ستلجأ إلى زرع عبوات ناسفة على الطريق التي يسلكها الموكب مما جعل أبو حسن يقر بتركين السيارات أسفل البناية "ويا ليته التزم بذلك" !! فقد كان أبو حسن "قدرياً" يؤمن بقضاء الله وقدره بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى، فكثيرا ما كنت أذهب وإياه لشراء ملابس، وكنا نشتريها من محلات "جورج" أسفل سينما السارولا، وأثناء رجوعنا من رحلة الشراء كان يقول لي: يا أبا الطيب هل تعتقد أننا سنظل أحياء لنشهد أولادنا عندما يكبروا ونذهب برفقتهم لشراء الملابس؟؟ ثم يجيب هو على السؤال قائلاً: لا أعتقد.. لا أعتقد فنحن مشروع شهادة يا أبا الطيب.. ولهذا لم يفكر أبو حسن يوما في شراء منزل، لقد كانت حياته يوما بيوم.. وعندما كان أحدهم ينتقده لعفويته وتعامله اليومي مع الحياة كان يقول لزوجته: اتركيني أتمتع بهذه الأيام القليلة الباقية لي !!
كان أبو حسن يعرف تمام المعرفة أن القوى المعادية تسعى إلى اجتذاب مناضلي العمل السري إلى دائرة الضوء ليسهل عليها ضربهم، لهذا كان التشديد على الالتزام الصارم بالقواعد الأمنية، فالدنيا صعبة ومغرياتها كثيرة، ومن يسلك طريقاً كالذي اختاره عليه أن يتمتع بأعلى درجات اليقظة والحذر، أحيانا كنت أجلس معه ونتطرق في الحديث لموضوعات متعددة، وأكثر ما كان يعجبه الحديث عن الحياة الاجتماعية، تلك الحياة التي أسهمت بالإيقاع به، كونه يحب الحياة ويميل إلى بناء العلاقات.
رسم الإعلام المعادي عن أبي حسن صورة "الإرهابي" الذي يدير من الظل العديد من العمليات بمشاعر قاسية لا تعرف الرحمة، حين وصفوه بالأمير الأحمر كان أبو حسن محاربا صاحب قضية، كان رجلاً صادقاً يستمع إلى محاوره بانتباه وشغف، يتكلم ببساطة ومن دون تعقيدات، وكان قلبه قلب طفل.. وسلوكه سلوك عملاق وجبار.. لكنه رغم ذلك حنون وحساس للغاية.. صفات كثيرة اجتمعت فيه.. كان سخيا وكريما بلا حدود.. وهو وفي وصادق، يفي بعهده إذا عاهد، ليس لديه للمال قيمة إلا بمدى ما يفيد منه الأصدقاء والأصحاب والفقراء والمحرومين، وإذا كنا نتحدث عن أبو حسن وشخصيته بالعامل الذاتي، هو القوة الجسدية النابغة، وقد اقترنت تلك القوة الجسدية بالإقدام والجرأة والشجاعة الخارقة، وكانت شخصيته تميل بطبيعتها إلى الانطلاق والتحرر وكسر من القيود، فكانت الحرية الجسدية تجد تعبيراتها الصادقة والعفوية بين أحضان الطبيعة، كان يقول دائما (إذا طال الزمن وبقي علي حي يرزق –يقصد نفسه- وفي نهاية عمره يتمنى أن تكون له مزرعة ليعيش بها) وكان يحب ويعشق البحر وحبه لهذه الأشياء كان لها تأثير كبير في تكوين شخصيته، وقد ظهرت بوادر هذه القوة الجسدية وقوة العضلات الجسيمة في مراحل الشباب ووجدت منطلقها في ممارسة شتى أنواع الرياضة، غير أن هذه القوة الجسدية في شخصيته وكما يؤكد جميع الذين رافقوه وعاصروه من أصحابه ومعارفة لم تستخدم إطلاقاً من أجل ممارسة الاعتداء على أحد أو تخويف الآخرين أو ابتزازهم أو السيطرة عليهم، لم يحدث أن اعتدى عن سابق إصرار وتصميم على أحد من رفاقه وأنداده، بل بالعكس كان ينصفهم جميعا ويزيد في اهتمامه بالضعيف منهم، ومنذ مراحل الشباب والفتوة عامل استقطاب وانجذاب وتآلف حوله مما أضفى على جانب القوة الجسدية تألقا في شخصيته إضافة لكرمه وسخائه لمن صادق وصاحب، فقد كانت حياته مع الرفاق أقرب إلى الحياة الجماعية كأب وصاحب، كل ما في جيبه لأصدقائه وأصحابه، لم يكن ينسى أن والده شهيد من الشهداء.. وقد فتح بيته لكل المقاتلين.. وللضيوف.. مما حمّل عائلته تبعات ثقيلة.
قبل ستة أيام من اغتياله جاءني أحد المرافقين الذين فرزتهم حسب الخطة وأبلغي أن "أبا حسن" ما زال يركن السيارات في الشارع العام، فاتصلت به هاتفياً لاستعلم عن الأمر فدعاني إلى الحضور لمنزله، وهناك فاجأني بقوله: يا أبا الطيب لقد ناضلنا.. وقدنا.. وتعرضنا لكثير من المحن.. وكثير من الأخطار.. وأنت تعلم كم قذيفة سقطت علينا في معارك تل الزعتر وفي الشياح.. وأنا اليوم قررت أن أعيش حياتي العادية دون إجراءات، والمكتوب على الجبين لازم تشوفه العين!! أردت أن أتكلم رداً على ما تقدم به لكنه قاطعني قائلاً: يا أبا الطيب أنت تعلم كم أنا أحبك.. وإذا كان الله عز وجل لم يكرمني بأخ شقيق فقد كنت أنت أخي، والله على ما أقول شهيد، فإذا جاءت منيتي فلن آسف أو أندم على شيء سوى فراقكم أنت وعائلتي.. وأرجوك يا أبا الطيب لا تتحدث معي عن خطط أمنية ولا عن خطط عسكرية.
كنت خلال حديثه أختلس النظر إلى عينيه وتعابير وجهه، فلم أشاهد أي تغيير في تقاسيم وجهه رغم أن عيناي قد اغرورقت بالدموع ومثلي كما يقول الشاعر لا يبان له دمع، لقد كان أبو حسن في حديثه ينعى نفسه، ويعزينا عن ذاته، فاستأذنته بالخروج وتوجهت إلى مكتبي محدثا نفسي بعدم إحراجه بالحديث عن ضرورة الالتزام بالخطة الأمنية، فقد كنت أحبه وكم يضعف الإنسان أمام من يحب!!
في ليلة الاغتيال طلبني على الهاتف وأراد أن أزوره في شقته بالطابق الخامس في بناية بضاحية الجنزير، فتوجهت فوراً إلى هناك وعندما قرعت الجرس فوجئت أنه يفتح الباب بنفسه، ونظرت إلى الصالون فوجدت لديه ضيوفاً يزيد عددهم عن (خمسة عشر ضيفاً) فأشرت لهم بالسلام، لأن "أبو حسن" شدني من ذراعي نحو الشرفة، وبدأ حديثه معي بشكل عاطفي مثير، فاستأذنته أن يذهب لمجاراة ضيوفه فرفض قائلاً: يا أبا الطيب صحيح أن الجالسين في الصالون هم أصدقاء لي، لكن أنت أخي وموضع ثقتي والمكوث معك أهم عندي من كل الناس. ودام وقوفنا بعد ذلك على الشرفة حوالي الثلث ساعة، استأذنته بعدها بالخروج، فأصر أن يرافقني حتى باب المصعد ثم أمطرني بقبلات الوداع على أمر لم أعهده منذ أن عرفته عام 1968م، وقبل أن أغلق باب المصعد قال لي: تعال غدا لتأخذني.
حوالي الساعة الثالثة والربع عصر اليوم التالي ذهبت بسيارتي ووقفت عند مدخل البناية مستفسراً من الحارس عما إذا كان موجوداً في الشقة، فأفاد بأنه موجود ولديه ضيوف بينهم صديقه جورج قازان، فآثرت العودة قائلاً للحارس أبلغه بحضوري وأنني سوف أعود بعد ذهاب جورج قازان وأصحابه، وتصرفت كذلك كوني لا أحب الصعود بينما يكون أبو حسن عنده أصدقاء، وبالفعل قفلت راجعاً، وبينما كنت في الطريق قبيل الوصول إلى مكتبي سمعت دوي انفجار هائل، لم يخطر لي أنه تفجيرا لموكب أبي حسن كوني تركته مع جورج قازان وأصدقائه في الشقة، وما أن صعدت إلى المكتب حتى بدأ التلفون في الرنين، وعندما رفعت السماعة سمعت صوت بكاء وفهمت أن الانفجار في موكب أبي حسن وقد تم نقله إلى مستشفى الجامعة الأمريكية، سرت مسرعاً في غفلة عن حشود زحمة الشارع وإشارات المرور، عابراً الطريق مخالفاً الإشارات الضوئية الحمراء دون اكتراث، كنت أحاول التفكير بماذا حصل.
دارت بي الدنيا ولا أدري كيف وصلت إلى غرفة الطوارئ في مستشفى الجامعة الأمريكية، حيث تزامن وصولي مع وصول عصام اللوح كان "أبو حسن" ممداً على سرير الطوارئ، اقتربت منه ووضعت يدي على رأسه الذي كان كقطعة من العجين، فأدركت أن منيته قد دنت ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لم يكن أبو حسن قائداً لمقاتلين، وإنما كان أخاً وصديقا للجميع، فإذا كان أحد العناصر بحاجة لمساعدة ما يجد أبو حسن في خدمته، وعندما كان يعلم بمظلمة لأي عنصر كان يتدخل فورا لإنصافه، أذكر يوما أن مسؤول الإدارة في العمليات المركزية قد دفع قيمة فاتورة التليفون لعامل السنترال نقداً كي يذهب ويسددها، وبدلاً من تسديد الفاتورة قام بدفع أجرة منزله، على أمل أن تصرف له مساعدة كان قد طلبها مسبقاً فيعيد المبلغ، إلا أن كتاب المساعدة تأخر وهاتف العمليات انقطع، وانكشف عامل السنترال، فقام مسؤول الإدارة بتحويله إلى السجن. وعندما علم أبو حسن بالقصة دفع المبلغ من جيبه الخاص موبخاً مسؤول الإدارة بغضب قائلاً: إن عامل السنترال ليس سارقاً، لقد كان بحاجة لسداد أجرة منزله، لقد كان أبو حسن يفرق تماما بين الخطأ والخطيئة لذلك يغفر الخطأ لكن لا يتغاضى عن الخطيئة.
لقد كان يوم 22/1/1979م هو "يوم الاثنين الحزين" في تاريخ الثورة الفلسطينية، وهو يوم مفعم بالأسى ونوبات الألم القاتلة في حياة كل من أحب القائد الشهيد علي حسن سل
ألبوم الملفات الصوتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق