لايزال سجل الموساد الاسرائيلي يحكي عن جرائم بحق الانسانية ارتكبتها الادارات الاسرائيلية المتعاقبة منذ احتلال الارض الفلسطينية وحتى يومنا ، وكان للعلماء العراقيين الذين قتلوا على ايدي عناصر هذا الجهاز الحصة الاكبر بعد الاحتلال الامريكي البريطاني الصهيوني للعراق في التاسع من نيسان عام 2003 وحتى يومنا هذا ، فتأكد للقاصي والداني ان الثروة التي كانت سببا في احتلال العراق ليس النفط الذي وقف عند امريكا في مقدمة الثروات ، ولكن العلماء العراقيين كانوا ولايزالون الثروة الاولى لدى اسرائيل منذ ان وطأت ارض العراق تحت مظلة الاحتلال الامريكي ، كما ان استهداف العقول العراقية والعربية ليس بجديد فمنذ بدء البرنامج النووي العراقي عملت دول عديدة ومنها (الكيان الصهيوني ) على تعقب العلماء العراقيين والعرب الذين لهم صلة بتطوير هذا البرنامج وما حدث لعالم الذرة المصري (امين يحيى المشد) الذي استعين به كحلقة وصل مع مؤسسة الطاقة الذرية العراقية في فرنسا خير مثال حيث استطاعت عناصر الموساد الصهيوني اغتياله في باريس اثناء مهمة له هناك صيف عام 1985 حيث قيد جريمة اغتياله ضد مجهول مع ان الجهات المصرية اتهمت الموساد الصهيوني بتصفيته وبعد حرب الخليج الثانية ركزت الولايات المتحدة الامريكية على العلماء العراقيين وعملت على اغرائهم تارة وملاحقتهم تارة اخرى لغرض استقطابهم الى مراكز ابحاثها وجامعاتها ومختبراتها ولكنها لم تنجح وعملت على مساومة ذات العلماء للافصاح لها عن مكامن المشروع العراقي ولم تنجح ايضاً ، كما ان الساسة الامريكيين كانوا لا يكفون عن التنبيه الى خطر العلماء العراقيين باعتبارهم اهم من اسلحة الدمار الشامل وكانوا يكررون دائماً وبصراحة ووضوح ان العراق لن يتضرر بشكل فعلي الا حينما يتم تدمير عقوله وملاكاته العلمية والفنية اوشراء الادمغة والعقول وحرمان العراق منها ، لان هذه العقول قادرة دائماً على اعادة الامكانيات العلمية الى ما كانت علية بمجرد حصولها على اي نوع من الاستقرار لاحقاً وفي أواخر تشرين الاول عام 2002 كتب (مارك كلايتون) المحرر في صحيفة “كريستين ساينس مونيتور “محذرا من العقول المفكرة التي تقف وراء المخزون العراقي من الأسلحة” حسب قوله ، وبعد أن قدّم لائحة بعدد من علماء العراق الذين تدربوا في الولايات المتحدة قال: “إن هؤلاء العلماء والفنيين أخطر من أسلحة العراق الحربية؛ لأنهم هم الذين ينتجون هذه الأسلحة” ، ودعا مفتشي الأسلحة الدولية في ذلك الحين ألا يكتفوا بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل فقط، ولكن عليهم محاولة إيجاد الأشخاص الذين يعرفون كيف يصنعونها! ، وعدد كلايتون -نقلاً عن خبراء- قرابة 15 من كبار الخبراء النوويين العراقيين قال بأنهم تدربوا في الولايات المتحدة ضمن خطة تعليمية كبرى للرئيس صدام حسين، ونقل عن “الدكتور كاري” كبير مفتشي الأسلحة السابق في العراق قوله بأنه أثناء زيارة قام بها إلى جامعة متشيجان في آن آربور عام 1993 اكتشف أنه بعد حرب الخليج بقي كثير من الطلاب العراقيين ملتحقين بجامعات أمريكية لدراسة الفيزياء والهندسة النوويتين، وأنه أثناء إلقائه محاضرة أمام عدد من طلاب صف التخرج في الهندسة النووية كانوا يملئون الغرفة، دهش عندما وجد هناك حوالي 12 طالبًا عراقيًا.
وأوضح كلايتون “أنّ دراسة جرت مؤخرًا لشهادات الدكتوراة في الولايات المتحدة أيدت تلك الملاحظة الشخصية، حيث وجد باحثون في جامعة جورجيا في أتلانتا أنه خلال الفترة من 1990 إلى 1999، مُنحت 1215 شهادة دكتوراة في العلوم والهندسة لطلاب من 5 من الدول السبع المصنفة من قبل وزارة الخارجية الأمريكية على أنها دول ترعى الإرهاب، بما يمثل 2% من الشهادات التي منحت لطلاب من مواليد دول أجنبية؛ حيث نال العراقيون 112 شهادة دكتوراة في العلوم والهندسة، ومن هؤلاء كان هناك 14 طالبًا يدرسون مواضيع حساسة كالهندسة النووية، أو الكيميائية، أو البيولوجيا المجهرية.
ولذلك عندما قررت الأمم المتحدة إعادة المفتشين الدوليين للعراق سارعت واشنطن لعرقلة عودتهم والإصرار على إصدار قرار جديد لمجلس الأمن (1441) ينص بوضوح في الفقرة الخامسة على ضرورة سماح العراق للمفتشين باستجواب علماء وفنيين عراقيين حتى لو تطّلب الأمر تسفيرهم هم وعائلاتهم خارج العراق؛ لضمان الحصول على معلومات منهم بأي وسيلة عن برامج التسلح العراقية، وهو ما تم بالفعل مع عدد من العلماء، بيد أن رفض الحكومة العراقية تسفيرهم للخارج أغضب واشنطن.
وقبل اعلان الحرب الاخيرة اتخذت واشنطن العديد من الاجراءات حيث اجرت على تضمين قرار مجلس الامن رقم (1441) فقرة تجبر العراق على السماح للمفتشين باستجواب العلماء والفنين حتى لو تطلب الامر تسفيرهم هم واسرهم ،كما اقر الكونغرس الامريكي قانون (هجرة العلماء العراقيين ) والذي ينص على منح العلماء الذين يقدمون معلومات ذات مصداقية اقامة دائمة في الولايات المتحدة ، وحدد القانون عدد العلماء الذين يمكنهم الاستفادة بهذا القانون نحو 500 شخص ، وبرغم كل هذه الاجراءات لم يتعاون معها اي عالم عراقي في تلك المدة .
كما أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية قائمة تتألف من 52 مسؤولاً عراقيًا من المطلوبين، بينهم عدد من علماء العراق النوويين والبيولوجيين، وشرح البريجادير( جنرال فينسنت بروكس ) في مقر القيادة المركزية في قطر أهمية هؤلاء العلماء بقوله بأن الولايات المتحدة ( لها أهداف أخرى أيضا غير الإطاحة بصدام، وعلى الأخص القضاء على مقدرة العراق على تطوير أسلحة نووية أو كيماوية أو بيولوجية.. وما زال أمامنا كثير من العمل الذي يجب أن نقوم به ضمن برنامج القضاء على أسلحة الدمار الشامل) !.
وتكشف هذه المعطيات أحد الأهداف الحقيقية للحرب -غير الاستيلاء على النفط العراقي بالطبع- والذي ظهر بوضوح منذ صدور القرار 1441 لمجلس الأمن حيث أصرت واشنطن على أن يتضمن بندًا حول استجواب العلماء العراقيين، ثم تطور الأمر إلى مطاردتهم على غرار ما حدث للعلماء الألمان عقب الحرب العالمية الثانية، وتجنيد من يرغب منهم، وقتل من يرفض التعاون.
وفي توقيت واحد تقريبًا كشف جنرال فرنسي متقاعد عن وجود 150 من وحدات الكوماندوز الإسرائيلية داخل العراق لاغتيال 500 من العلماء العراقيين ممن لهم صلة ببرامج التسلح العراقية الكيماوية والبيولوجية والنووية والصاروخية وردت أسماؤهم فى قوائم مفتشي الأسلحة الدوليين (!!).. وكشف علماء عراقيون -في نداء استغاثة عبر البريد الإلكتروني في وقت سابق – أن قوات الغزو الأمريكية والبريطانية التي لديها كشوفات بأسماء وعناوين هؤلاء العلماء تداهم منازلهم وتحقق معهم وتعتقل بعضهم وتطالبهم بتسليم ما لديهم من أبحاث وأوراق.
وكشفت الرسالة التي حملت توقيع “علماء الأمة المهددة” أن بعضهم تم تحديد إقامته في بيته ووضع حراسة عليه، وتم منعهم من الذهاب لجامعاتهم ومعاملهم، في حين بدأت مفاوضات مع البعض الآخر -من جانب من يعتقد أنهم رجال مخابرات أمريكيون- لنقلهم إلى مراكز بحثية غربية لم تحددها الرسالة التي ناشدت العالم إنقاذهم من العدوان الأمريكي عليهم الذي يتعمد طمس العقل العراقي والهيمنة عليه.
وأوضحت الرسالة أن قوات الاحتلال تحمل قوائم بأسماء العلماء العراقيين وعناوينهم والأبحاث التي يعملون بها؛ وهو ما يسهل لهم عمليات التهديد والتحقيق في ظل غياب كامل لأي سلطة وانشغال العالم بالفوضى الحادثة في العراق.
وأشارت الرسالة إلى أن جنود الاحتلال يشجعون أعمال السلب والنهب ويقومون بنقل غوغاء على عربات خاصة إلى المؤسسات العلمية، ومنها جامعة الموصل والمعاهد التعليمية، ويستغلون هذه الفوضى في تدمير مراكز الأبحاث ومصادرة كل الوثائق وأوراق المشروعات الأكاديمية الموجودة بهذه المؤسسات لحرمان العراق من أي نواة لنهضة علمية، على حد تعبير الرسالة.
وقد دفعت هذه الأعمال الأمريكية المدير العام لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي لتوجيه رسالة إلى واشنطن يطالبها فيها بحماية معاهد الأبحاث النووية العراقية ومنع تخريبها أو إخراج مواد نووية منها.
بل وأبدى البرادعي تشككه في تلفيق واشنطن أدلة ضد العراق لتبرير عدوانها بقوله لصحيفة (بيلد إم سونتاغ) في الثاني عشر من نيسان عام 2003 ( إن تحليل المواد المشبوهة في المختبرات الأمريكية لا يكفي، والنتائج يجب أن يدرسها مفتشو الأمم المتحدة)، وإنه ( لا يمكن بغير هذه الطريقة إصدار إعلانات تتمتع بالمصداقية حول وجود أسلحة للدمار الشامل) في العراق. وأضاف( أن الدليل على امتلاك العراق أسلحة للدمار الشامل لم يقدم حتى الآن )!!
بل نفى البرادعي عقب لقاء سابق مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في القاهرة أن يكون استجواب العلماء العراقيين ( قسريا )، وقال ردًّا على سؤال عما يتردد عن أن مهمة التفتيش هي إبعاد العلماء العراقيين: إن “الهدف هو التاكد من خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل وليس إفراغه من العلماء”، وأغضبت هذه التصريحات واشنطن بالطبع.
وقد كشف جنرال فرنسي متقاعد فى تصريحات لقناة التلفزة الفرنسية الخامسة أن أكثر من 150 جنديًا إسرائيليًا من وحدات الكوماندوز دخلوا إلى الأراضي العراقية في مهمة تستهدف اغتيال العلماء العراقيين الذين كانوا وراء برامج التسلح العراقية، وقُدّمت أسماؤهم إلى لجنة مفتشي الأسلحة الدولية برئاسة هانز بليكس.
وقال الجنرال الفرنسي: إن مخطط الاغتيال هذا تم وضعه من قبل مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، وإن لديه معلومات دقيقة بوجود الكوماندوز الإسرائيليين داخل العراق بهدف اغتيال العلماء العراقيين الذين كانوا نواة برامج التسلح الصاروخي والنووي والكيماوي التي أرعبت إسرائيل، وعددهم -حسب الجنرال الفرنسي- قرابة 3 آلاف و500 عالم عراقي ذوي مستوى عال، من بينهم نخبة تتكون من 500 عالم اشتغلوا فى تطوير مختلف الأسلحة، وهذه النخبة هي المستهدفة من العمليات الإسرائيلية بالدرجة الأولى.
وفي ظل الفوضى التي شجعتها قوات الاحتلال في العراق سيكون من الطبيعي أن يجري تبرير مقتل هؤلاء العلماء ضمن أعمال الفوضى والنهب والسلب وكأن شيئًا لم يكن، بل إن هناك تكهنات بأن تسليم المستشار العلمي للرئيس العراقي الفريق عامر السعدي نفسه للقوات الأمريكية بحضور التلفزيون الألماني استهدف إنقاذ نفسه من أيدي فرق الاغتيال هذه!
وقد ترددت أنباء عن هرب بعض هؤلاء العلماء العراقيين إلى دول أخرى -على غرار ما فعل العلماء الألمان عقب الحرب العالمية- خاصة سوريا الدولة الوحيدة التي ظلت حدودها مفتوحة للعراقيين؛ الأمر الذي سعى الأمريكان لاستغلاله أيضا للإضرار بسوريا.
فقد قالت صحيفة واشنطن تايمز  نقلاً عن مسؤولين بالحكومة الأمريكية لم تذكرهم بالاسم: إنه يعتقد أن عددًا من أبرز علماء الأسلحة البيولوجية العراقيين قد فروا إلى سوريا. وقالت الصحيفة: إن من بين هؤلاء العلماء الذين أفادت الأنباء بأنهم عبروا حدود العراق مع سوريا “هدى صالح مهدي عماش” المعروفة لدى الاستخبارات الأمريكية بأنها من أكبر خبراء بكتيريا الجمرة الخبيثة، و”رحاب طه” المتخصصة في الحرب الجرثومية أيضا. ونقل التقرير عن المسؤولين الأمريكيين قولهم بأن تقارير المخابرات تشير إلى أن الخبيرتين قد هربتا إلى العاصمة السورية دمشق.
وقال التقرير: إن اسم هدى عماش كان مدرجًا ضمن القائمة التي أمرت القوات الأمريكية إما “باعتقالهم أو قتلهم”، حيث شوهدت هدى عماش ضمن من حضروا اجتماعات الحكومة العراقية برئاسة صدام، علاوة على اجتماعات مع نجله عدي الذي كان مسؤولاً عن مؤسسات عسكرية وأجهزة أمنية بالعراق. وقالت الصحيفة: إن رحاب طه التي تلقت تعليمها في الكائنات الحية الدقيقة /الميكروبيولوجيا/ في بريطانيا وضعت برنامجًا عراقيًا لتطوير أسلحة الجمرة الخبيثة.
وقد سعت واشنطن بوسائل عدة لتفريغ العراق من كفاءاته العلمية مستكملة خطة إسرائيلية قديمة لتصفية أي عالم نووي عربي (قتلوا المشد وسميرة موسى وغيرهما)؛ ولهذا صدر أغرب قانون أمريكي لتهجير علماء العراق، حيث أقر الكونجرس الأمريكي مشروع قانون حمل عنوان “قانون هجرة العلماء العراقيين 2002″ ينص على منح العلماء العراقيين الذين يوافقون على تقديم معلومات “ذات مصداقية” بشأن برامج الأسلحة العراقية تصريح إقامة دائمًا في الولايات المتحدة.
وجاء في أسباب تسويغ صدور هذا القانون أن “العراق يتابع إخفاء معلومات مهمة بشأن برنامجه النووي”، وأن بغداد تملك “قوة” صواريخ من طراز “سكود” يتجاوز مداها مسافة 150 كم سمحت بها الأمم المتحدة بعد انتهاء حرب الخليج، وأن العراق لم يعط أي معلومات عن مصير مخزونه من 15 ألف صاروخ و550 قذيفة مدفعية يمكن تزويدها بذخائر كيميائية وجرثومية.
وبموجب هذا القانون تم منح وزير الخارجية أو وزير الدفاع الأمريكي صلاحية اقتراح بطاقة إقامة دائمة، من دون المرور بالإجراءات العادية، لكل عالم عراقي “يملك معلومات محددة وذات مصداقية عن أي برنامج عراقي من هذا النوع”.
ويبدو أن الخطوة الأخيرة كانت قتل هؤلاء العلماء ومنع انتقالهم لدول عربية أخرى خصوصا سوريا؛ خشية أن يطوروا أسلحة هذه الدول ويعيدوا تكرار تجربة العراق وتهديده لإسرائيل بالصواريخ والأسلحة غير التقليدية التي نزعتها الأمم المتحدة.
لقد أصر المسؤولون الأمريكيون على عدم الاكتفاء بالتدمير المادي للاسلحة العراقية أو الآلات التي تنتجها، بل الذهاب إلى مدى أبعد والعمل على وضع تقويم للمعارف والخبرات التي طورها العراق في هذا الميدان، وهو ما عبر عنه رئيس بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العراق جاك بوت بكل وضوح ودون مواربة حين قال: “يجب أن نحدد ما إذا كانت توجد قدرات نووية أم لا؟ وبالنسبة لي فإن ذلك يشمل العقول والأسلحة”؟!
كما دعا الكاتب الأمريكي توماس فريدمان -قبل الغزو- الى تفعيل خطة استجواب علماء عراقيين وتهريبهم مع عائلاتهم لو أمكن للخارج؛ للحصول منهم على معلومات عن أسلحة العراق بدلاً من تضييع الوقت في ضرب العراق واستنزاف تكاليف للبحث عن هذه الأسلحة.
وكشف تقرير أميركي, أن جهاز الموساد الإسرائيلي, تمكن بالاشتراك مع القوات الأمير كية في العراق, حتى الآن من قتل 350 عالما نوويا عراقيا, وأكثر من 200 أستاذ جامعي في المعارف العلمية المختلفة.
وذكرت صحف عراقية,  أن التقرير الذي أعدته الخارجية الأميركية, وتم رفعه الى الرئيس جورج بوش أكد أن وحدات الموساد والكوماندوز الإسرائيلية تعمل في الأراضي العراقية منذ أكثر من عام, وأن هذه الوحدات تعمل خصيصا لقتل العلماء النوويين العراقيين وتصفيتهم, بعد أن فشلت الجهود الأميركية منذ بداية الغزو في استمالة عدد منهم للتعاون والعمل في الأراضي الأميركية.
وأضافت ان التقرير أكد أنه رغم أن البعض منهم أجبر على العمل في مراكز أبحاث حكومية أميركية, إلا أن الغالبية الكبرى من هؤلاء العلماء رفضوا التعاون مع العلماء الأميركيين في بعض التجارب, وأن جزءا كبيرا منهم هرب من الأراضي الأميركية إلى بلدان أخرى.
وأشار إلى أن العلماء العراقيين الذين قرروا التمسك بالبقاء في الأراضي العراقية خضعوا لمراحل طويلة من الاستجواب والتحقيقات الأميركية والتي ترتب عليها إخضاعهم للتعذيب, إلا أن إسرائيل كانت ترى أن بقاء هؤلاء العلماء أحياء يمثل خطرا على الأمن الإسرائيلي في المستقبل.
وأكد أن إسرائيل رأت أن الخيار الأمثل للتعامل مع هؤلاء العلماء هو تصفيتهم جسديا, وأن أفضل الخيارات المطروحة لتصفيتهم هو في ظل انتشار أعمال العنف الراهنة في العراق.
وأضاف التقرير الأميركي أن البنتاغون كان أبدى اقتناعه منذ أكثر من 7 أشهر بوجهة نظر تقرير الاستخبارات الإسرائيلية, وأنه لهذا الغرض تقرر قيام وحدات من الكوماندوز الإسرائيلية بهذه المهمة, وأن هناك فريقا أمنيا أميركيا خاصا يساند القوات الإسرائيلية في أداء هذه المهمة.
وأكد كذلك, أن الفريق الأمني الأميركي يختص بتقديم السيرة الذاتية الكاملة وطرق الوصول إلى هؤلاء العلماء العراقيين وأن هذه العملية مستمرة منذ أكثر من 7 أشهر, وأنه ترتب على ذلك قتل 350 عالما نوويا و200 أستاذ جامعي حتى الآن, خصوصا في الشوارع العراقية بعيدا عن منازلهم.
وأشار التقرير إلى أن أسر هؤلاء العلماء تعتقد أنهم قتلوا أو ماتوا في عمليات عنف , وأن المسلسل مازال يتواصل حتى الآن.
وتستهدف هذه العمليات وفقا للتقرير الأميركي أكثر من 1000 عالم عراقي, وأن أحد أسباب انتشار الانفجارات في بعض شوارع المدن العراقية يكون المستهدف منه قتل العلماء.
ونشرت مجلة “نيويوركر” تقريرًا مفاده أن القوات الخاصة الأمريكية تلقَّت مساعداتٍ صهيونية استخبارية وفنية، وأن بعض الجنود الصهاينة يتخفَّون في العراق كعرب وعراقيين! وأن القوات الخاصة الأمريكية تلقت مساعدات صهيونية استخبارية وفنية، إضافةً إلى وجود 150 جنديًّا من الوحدات الخاصة الصهيونية داخل العراق لاغتيال العلماء الذين وردت أسماؤهم في قوائم مفتشي الأسلحة الدوليين، وحددت المخابرات الأمريكية قائمةً تضم 800 اسم لعلماء عراقيين وعرب من العاملين في المجال النووي والهندسة والإنتاج الحربي؛ لأجل تصفيتهم.
ويؤكد التقرير- الذي أعدته الخارجية الأمريكية، ورُفِع إلى الرئيس الأمريكي يوم 18/6/2005م- أن وحدات الموساد والقوات الخاصة الصهيونية تعمل في الأراضي العراقية منذ أكثر من عام، وأن هذه الوحدات تعمل خاصةً لقتل العلماء العراقيين.
وأكد تقرير آخر أعدته وزارة الخارجية الأمريكية، ورفعته إلى الرئيس “جورج بوش” أن جهاز الاستخبارات الصهيوني “الموساد” تمكّن حتى الآن- بمساعدة قوات الاحتلال الأمريكي في العراق- من قتْل أكثر من 350 عالمًا نوويًّا عراقيًّا، بالإضافة إلى أكثر من 300 أستاذ جامعي في كافة التخصصات العلمية المختلفة، وأن 17 ألفًا من العلماء والأساتذة أُجبِروا على الرحيل من العراق منذ بدء الاحتلال.
ويؤكد الخبراء أنّ الولايات المتحدة طبّقت مثل هذا البرنامج في تصفية العلماء الألمان بعد هزيمة ألمانيا ضمن برنامج أُطلق عليه “بايبر كليب”، لكن بعض العلماء الألمان وافقوا على التعاون مع الأمريكيين، وتم ترحيل 500 عالم منهم إلى أمريكا، وهذا أيضًا حدث مع علماء العراق؛ فمنذ سنوات تم رصد مبلغ 16 مليون دولار لتشغيل علماء برامج التسلُّح العراقية السابقين داخل الولايات المتحدة خوفًا من هربهم للعمل في دول أخرى، وكدفعة أُولى غادر أكثر من 1000 خبير وأستاذ نحو أوروبا وكندا والولايات المتحدة، وكثير من العلماء فضّلوا الهجرة بعد أن وجدوا أنفسهم عُزْلاً في مواجهة الموساد وفرق الموت وفيلق “بدر”؛ الذي عمل منذ اللحظات الأولى على اغتيال الكفاءات والعقول العراقية، أو اعتقالهم وتعذيبهم، ولا يُعرف مصير الكثير من هؤلاء العلماء.
وكشف سيمور هرش الذي كان وراء فضح جرائم معتقل أبوغريب، في مقال تحت عنوان (الأهداف المتحركة ) نشر في مجلة «النيويوركر» الأمريكية وبتاريخ 15/12/ 2003: ( صيد البشر في العراق، إسرائيل تدرب فرق اغتيال أمريكية) ونقلا عن مصادر في المخابرات الأمريكية أن إسرائيل دربت فرق كوماندوز على عمليات الاغتيال المستهدف، وتم تكوين قوة خاصة باسم(قوة المهمات121) من قوات البحرية والاستخبارات الأمريكية ومرتزقة من شركات الأمن الخاصة للقيام بعمليات الاغتيال، ونقلا عن مستشار في البنتاجون قال «الكثير من المسؤولين الذين تحدثت معهم عبروا عن خشيتهم من أن  فقدان %80 من طواقم المستشفيات العراقية واغتيال 350 عالماً عراقيا تتحول الخطة المسماة «اصطياد البشر الوقائي»- التي صممها رامسفيلد شخصيا-إلى برنامج (فينكس آخر)- قتل في برنامج فينكس للاغتيالات في فيتنام أكثر من 50ألف إنسان-. ويتابع (عندما تجند عناصر من الدول المضيفة من الصعب أن تمنعهم من القيام بما يودون عمله..هؤلاء لهم أجندتهم الخاصة).
أي أنهم كانوا يتوقعون تحول برنامج الاغتيالات هذا إلى عصابات الموت التي اختطفت المئات خلال عامي 2006-2007  و قامت بتعذيبهم وقتلهم ورمت جثثهم في الشوارع. اما فرق الكوماندوز الإسرائيلية التي تسللت للعراق فقد كان هدفها الأساس  تصفية حوالي 500عالم عراقي وردت أسماؤهم في قوائم برنامج الأمم المتحدة للتفتيش عن أسلحة العراق، وبالطبع مثل هذه النية مبيتة، ففي العشرين من تشرين الثاني من عام2002، أي قبل بدء الغزو الأمريكي أقر الكونغرس قانونا ينص على ضرورة نقل العلماء العراقيين للإقامة الدائمة في أمريكا.
وكانت أمريكا قد طبقت مثل هذا البرنامج في تصفية العلماء الألمان بعد هزيمة ألمانيا ضمن برنامج باسم «بايبر كليب» لكن العلماء الألمان وافقوا على التعاون مع الأمريكيين وتم ترحيل 500 عالم ألماني إلى أمريكا، وإسرائيل أيضا مارست تصفية العلماء الألمان الذين عملوا في برنامج الصواريخ المصري في الستينات بحملة الطرود المفخخة، كما مارست قتل العلماء العرب المتخصصين في المجال النووي مثل العالم المصري د.يحيى المشد 1980 الذي انضم لمشروع بناء المفاعل النووي العراقي الذي قصفته إسرائيل، وكذلك قتلت عالم الذرة الفلسطيني نبيل فليفيل ‏1984، وقد تنبه العالم لهذه المؤامرة ولهذا تبنى «الصندوق الدولي لحماية العلماء» مساعدة العلماء العراقيين على الخروج من العراق.
وفي الثالث والعشرين من نيسان عام2006 عقد مؤتمر دولي في العاصمة الإسبانية بعنوان (المؤتمر الدولي حول اغتيال الأكاديميين العراقيين) تم فيه عرض قوائم العلماء والأكاديميين والأطباء العراقيين الذين تم اغتيالهم وهم بالمئات، وبينت الإحصائيات أن غالبيتهم من العرب، وأن الاغتيالات شملت كل الطوائف بنسب متقاربة وابتدأت قبل اشتعال الفتنة الطائفية ،وحسب تقرير للأمم المتحدة فقدت المستشفيات العراقية 80% من طواقمها.
وحسب تقرير أمريكي رئاسي مسرب-في حزيران عام 2005-أن قوات إسرائيلية وأمريكية اغتالت 350عالما عراقيا وأكثر من200 أكاديمي، وأن العلماء العراقيين الذين هجّرهم الأمريكيون للعمل في أمريكا قاموا بالفرار إلى خارج أمريكا، وأن القوات الأمريكية توفر لفرق الاغتيال الإسرائيلية المعلومات والتسهيلات اللازمة للوصول إلى الضحايا ، فمن الواضح أن هناك مؤامرة كبرى ضد العراق وضد المنطقة هي أكبر من التجاذبات الطائفية وهي تستهدف العراق والعراقيين ككل.
وقد كشفت منظمة ( ذا بروكسل تربيونال كوميتي) أن اكثر من 418 أستاذاً وعالماً عراقياً تمت تصفيتهم وإغتيالهم مُنذ إحتلال العراق قبل ست سنوات.. كما يُعتقد أن عدد الذين تم إغتيالهم ولم تسجل أسماؤهم يتجاوز الألفين!.. وأيٌ منهم لم يلق حتفه عشوائيا في إحدى الغارات أو العمليات الإرهابية كسائر أفراد الشعب العراقي الجريح.. ولكنهم قد أصيبوا بطلقة رصاص في الرأس أو في القلب أثناء مغادرة الجامعة أو المنزل في عمليات تصفية تتصف بالمهنية العالية والإحترافية !.. وغيرهم قد تم إعتقالهم أو إختطافهم بعمليات متقنة قبل العثور على جثثهم مقطعة ومرمية في الشوارع .. وآخرين تعرضوا للخطف من أمام بوابة الكلية أو من أمام منازلهم قبل سنوات ولم يتم العثور عليهم لحد الآن .. وأخرين أحالوا أنفسهم للتقاعد أو نجوا بها بعد أن غادروا العراق أو إختفوا وهؤلاء يتجاوز عددهم 5000 من العلماء العراقيين.
وقال الدكتور نور الدين الربيعي الأمين العام لاتحاد المجالس النوعية للأبحاث العلمية :
( لقد فقد العراق 5500 عالم منذ الغزو الأنجلوأميركي في نيسان 2003، معظمهم هاجروا إلى شرق آسيا وشرق أوروبا والباقي تم إغتياله. وأن نسبة 80 بالمائة من عمليات الإغتيال إستهدفت العاملين في الجامعات ويحمل أكثر من نصف القتلى لقب أستاذ وأستاذ مساعد وأكثر من نصف الإغتيالات وقعت في جامعة بغداد تلتها البصرة ثم الموصل والجامعة المستنصرية وأن 62 بالمائة من العلماء المغتالين يحملون شهادات الدكتوراه وثلثهم مختص بالعلوم والطب).
ويوضح الدكتور نور الدين الربيعي الأمين العام لاتحاد المجالس النوعية للأبحاث العلمية حقيقة خطيرة جدا (إن التقدم التقني والعلمي في العراق كان في مقدمة أسباب غزوه من قبل الولايات المتحدة وشركائها بدفع وتوجيه صهيوني ويكفي في ذلك تصريح «مادلين اولبرايت» وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والتي قالت فيه بالحرف الواحد: ماذا نستطيع ان نفعل مع العراق غير تدمير عقوله التي لا تستطيع القنابل الذرية أن تدمرها فتدمير العقول العراقية أهم من ضرب القنابل)!.. وذكر الكاتب البريطاني روبرت فيسك مرات عدة إن مايقارب خمسة عشر جهاز إستخباراتي لعدة دول يعمل في العراق بهدف إجهاض العراق والقضاء على ثروته العلمية المتمثلة بعقول أبنائه.
وقالت تقارير صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية: (إن 74 بالمائة من العلماء والأكاديميين تعرضوا للتصفية الجسدية بينما بقي حوالي 26 بالمائة تحت وطأة التهديد المستمر )..
ومن المعروف أنه ووفق دراسة عراقية سابقة كشفت أن الاحتلال الأمريكي تعامل مع علماء العراق ومفكريه بطريقة تضمن إحتواء العلماء وإعادة توظيفهم أو تجميدهم خدمة للمصلحة الأمريكية ..وجرى ويجري ذلك بموجب آلية تعتمد على ثلاثة خيارات: (الخيار الأول) هو الإستهداف المباشر وغير المباشر حيث ذكر خبير الشؤون الإسرائيلية في مؤسسة الأهرام الدكتور عماد جاد إن الولايات المتحدة نقلت من العراق جوا أكثر من 70 من العلماء العراقيين إلى خارج العراق ووضعتهم في مناطق نائية خشية أن يسربوا ما لديهم من معلومات أو يحولوا تلك المعلومات إلى منظمات أو دول معادية للأمريكان.
أما (الخيار الثاني ) والذي عرف بالخيار السلفادوري..والذي يقوم على تصفية العقول التي ترفض الإغراءات الأمريكية الإسرائيلية بهدف تجفيف منابع العراق العلمية والفكرية وحرمان شعبه من خبراته وكفاءاته وعقوله ورجال البحث العلمي .
و(الخيار الثالث) هو الذي يعرف بالخيار الألماني ويتمثل بإفشاء المعلومات من قبل العلماء العراقيين إلى الجهات الغربية وبالتحديد الأمريكية. وبدأت هذه المحاولات بمشروع السيناتور جوزيف بايدن الذي صادق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وقضى بمنح العلماء العراقيين الذين يوافقون على إفشاء معلومات مهمة عن برامج بلادهم التسليحية بطاقة الهجرة الأمريكية الخضراء مستغلا بذلك الحصار المفروض آنذاك على العراق!. وفي عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش كشفت الخارجية الأمريكية عن تقرير أن المخابرات الأجنبية تركز على اغتيال علماء العراق المتخصصين في المجال النووي والمعارف العلمية المختلفة. وقال التقرير إن وحدات أجنبية خاصة تعمل في الأراضي العراقية لقتل العلماء النوويين العراقيين وتصفيتهم بعد أن فشلت الجهود الكبيرة منذ بداية الغزو في استمالة عدد منهم للتعاون والعمل خارج العراق. وأكد التقرير أنه علي الرغم من أن البعض منهم أجبر علي العمل في مراكز أبحاث حكومية أجنبية إلا أن الغالبية الكبري من هؤلاء العلماء رفضوا في بعض التجارب وأن جزءا كبيرا منهم هرب من تلك البلدان إلي بلدان أخرى.وأشار التقرير إلي أن العلماء العراقيين الذين قرروا التمسك بالبقاء في الأراضي العراقية خضعوا لمراحل طويلة من الاستجواب والتحقيقات والتي ترتب عليها اخضاعهم للتعذيب في حين كان وجود هؤلاء العلماء أحياء يمثل خطرا علي أمن الدول التي ناصبها العراق العداء في المستقبل. وتستهدف هذه العمليات وفقا للتقرير الأمريكي أكثر من 1000 عالم عراقي وأن أحد أسباب انتشار الانفجارات في بعض شوارع المدن العراقية يكون المستهدف منه قتل العلماء.
ويحاول الكثير التغاضي عن تلك الإحصاءات والأرقام فيما تبادر جهات مسؤولة إلى تكذيب تلك الإحصاءات الصادرة عن جهات متخصصة. وقد شكّلت عمليات ملاحقة ومتابعة ومضايقة علماء العراق والتضييق عليهم وتهجيرهم واعتقالهم وقتلهم جزءاً أساسيا من عملية تدمير وهدم وتشتيت مدروسة ومنظمة لقدرات ولإمكانات العراق المادية والبشرية بدأت بتهجيرهم في مرحلة الحصار واستكملت بوسائل أخرى مع بداية احتلال العراق ومازالت مستمرة .
إن عملية الملاحقة والتهجير والمحاربة والتدمير التي تعرض لها العلماء العراقيين ماهي إلا حلقة من حلقات تدمير كل الخبرة العلمية العراقية المتراكمة عبر سنين طويلة والتي بدت ظاهرة وواضحة خلال فترة الغزو والإحتلال الأمريكي في عمليات التخريب والتدمير والسرقة التي تمت بعد الحرب والتي شملت جميع مراكز البحث العلمي والمؤسسات والجامعات والمصانع والدوائر ومنشآت التصنيع العسكري والتعليم العالي والكليات العسكرية بما فيها من عقول وإبداعات وأدوات وأجهزة وأبحاث ودراسات والتي إنتشر عطاء منتسبيها وإبداعاتهم من بحث وتطوير وتصنيع وإبتكار وإختراع ..هذه المؤسسات التي كان الشعب يفخر بها ويتغنى بإنجازاتها. ففي مجال الصناعة والإبداع العسكري كان الهدف هو منع العراق من إعادة بناء قدراته العسكرية ومنع وصول علمائه ومهندسيه ومبدعيه إلى أي بلد عربي وإسلامي وملاحقتهم ومتابعتهم وتضييق سبل العيش عليهم بغية استقطابهم للعمل في مراكز ومعاهد محددة تعمل بإدارتهم ووضع خطة وقائية لمنع الطلاب العرب الدارسين في الغرب من التحصيل العلمي في مجال الأبحاث القريبة من التخصصات العسكرية. وفي مجال تدمير المؤسسات الأكاديمية.. فقد أكَّد تقرير نشرته اليونسكو في العام 2006 أنه تم إثبات نهب حوالي 84% من المؤسسات العلمية والبحثية والأكاديمية العراقية ..وتعرضت المكتبات الوطنية والجامعية إلى نهب 80% من الكتب الموجودة فيها إضافة إلى كل المخطوطات وبدون أية حماية من القوات الأميركية الغازية ولأغلب الجامعات. لقد لفت العراق أنظار العالم لما شهده من طفرة علمية وتصنيعية هائلة في بدايات الثمانينات وما كان لهذه الثورة العلمية أن تمر بهذه السهولة حيث جرى الإعداد بشكل دقيق لمخطط تدمير وإغتيال الموروث والمستودع العلمي والقدرات العراقية ..وقد مثّل الحصار الشامل الذي أحاط بالعراق بإطباق شديد عام 1990 ودام ثلاثة عشر عام بداية تنفيذ هذا المخطط والذي بدأ بقطع أي صلة للعراق بالعالم الخارجي ومنع العلماء العراقيين من مواصلة برامجهم العلمية والبحثية والتطويرية التي يتوجب لها التواصل مع عموم حركة التطور في العالم.. ومنذ عام 1991 بدات الولايات المتحدة بتنفيذ سلسلة من التوصيات القديمة وتشريع القوانين وحث الدول والمنظمات الدولية على تسهيل هجرة العقول العراقية والضغط عليها لمغادرة العراق وإستخدمت أساليب متعددة في الترغيب والتسهيلات والترهيب والإجبار وتشير الدراسات إلى أن الفترة ما بين عامي 1991 و 1998 شهدت مغادرة أكثر من 7350 عالماً عراقيا تلقفتهم دول أوربية وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها ومنهم 67% أساتذة جامعة و 23 % يعملون في مراكز أبحاث علمية ومن هذا العدد الضخم 83% درسوا في جامعات أوربية وأمريكية.
وبعد الغزو والإحتلال الأمريكي تعرضت الكفاءات العراقية من علماء وأساتذة جامعات لحملة منظمة للإذلال والتحقير والإهانة لتطويعهم وكسر شوكتهم ..كما تعرضوا لحملة مخطط لها بإتقان للإغتيال وبمهنية عالية وبطرق إحترافية ولحملة مطاردة وإعتقالات ومراحل تحقيق وإستجواب وتعذيب طويلة لعلماء عراقيين..حيث كان القتل داخل المعتقلات مصيرا حتميا لغير المتعاونين منهم.
كما تعرضت الكفاءات العراقية لحملة مخطط لها بعناية للإختطاف هم وأبناءهم وعوائلهم وطاب فدية كبيرة مقابل إطلاق سراحهم ..مما حدى بالكثير من العلماء الذين بقوا في العراق الى الإنصياع لحملة التهجير القسرية ..وحملة الهجرة المنظمة للدول الأوربية وتشير الدراسات الرسمية بان الأرقام المعلنة حتى أواسط العام 2006 إلى أن حوالي 17 ألف من العلماء والأساتذة أجبروا على الرحيل منذ بدء الاحتلال.
ويذكر السياسي  العراقي عبد الأمير علوان أن السيدة مادلين أولبرايت التقت بالعاهل المغربي المغفور له الحسن الثاني وطلبت منه أربعة آلاف إلى خمسة آلاف عالم عراقي وسبعة آلاف هؤلاء أراد الأميركان اللقاء بهم أو تسهيل خروجهم إلى خارج العراق أو إعطائهم اللجوء السياسي في بلدان مختلفة، هذا أحد أسباب الحرب التي شنت على العراق، الحروب تشن لتدمير القدرة العسكرية للخصم أولا ثم لتدمير إرادة الخصم وإرادة الخصم وكما نذكر قد قيل كثيرا في الصحافة الأميركية والغربية أن العراق صحيح أنه لم يعد يمتلك أسلحة دمار شامل وبرامج تصنيع عسكري ولكنه قادر أن يبدأ هذه الصناعة متى شاء لوجود هؤلاء العلماء ولذلك يستهدف اليوم علماء الفيزياء والكيمياء والمهندسين وكل الطاقات النادرة التي كانت تملأ الحقيقة مؤسسات الدولة العراقية وخاصة مؤسسات التصنيع العسكري. والعراق بنى قاعدة عراقية كبيرة وفيها ناس مختصون ذهبوا في دورات وذهبوا في اختصاصات كثيرة نعم العقل العراقي المختص العلماء العراقيون مستهدفون كيف لا وقد استهدف الموساد قبل ذلك عالم بلجيكي كان يعمل في صناعة عسكرية داخل العراق وهو العالم.. ويؤكد علوان ايضا انه اطلع على تقرير في مجلة بروسبكت الأميركية يشير الى أن هناك مخططا ترعاه أجهزة داخل البنتاغون وداخل ال(C.I.A) وبالتعاون مع أجهزة مخابرات إقليمية لأهداف أميركية ايضا تقوم باستهداف هؤلاء العلماء .
ويدل تحليل الطبيب الاستشاري العراقي إسماعيل الجليلي للإحصائيات التي أعدتها “رابطة التدريسيين الجامعيين” في بغداد  وهي أول دراسة إحصائية لمجزرة علماء وأطباء ومهندسي العراق باللغة الإنكليزية وعُرضت في “المؤتمر الدولي حول اغتيال الأكاديميين العراقيين”، الذي عُقد في العاصمة الإسبانية مدريد ، اكد الجليلي فيه أن 80 في المئة من عمليات الاغتيال استهدفت العاملين في الجامعات، ويحمل أكثر من نصف القتلى لقب أستاذ وأستاذ مساعد، وأكثر من نصف الاغتيالات وقعت في جامعة بغداد، تلتها البصرة، ثم الموصل، والجامعة المستنصرية ، و62 في المئة من العلماء المغتالين يحملون شهادات الدكتوراه، وثلثهم مختص بالعلوم والطب، و17 في المئة منهم أطباء ممارسون، وقد قُتل ثلاثة أرباع العلماء، الذين تعرضوا لمحاولات الاغتيال.
هذا القتل “المضبوط” يؤكد قناعة الدكتور الجليلي، والمراقبين العالميين بأن عمليات الاغتيال والاختطاف تتبع النمط المعروف باسم “مجزرة السلفادور” ، وهي في الواقع سلسلة مجازر أشرفت على تنفيذها وكالة المخابرات المركزية الأميركية في بلدان عدة في أميركا اللاتينية.
ويظهر من هذه الإحصائيات أن اغتيال علماء العراق جزء من استراتيجية “الفوضى المنظمة” التي اتّبعها الاحتلال منذ الغزو لتطويع العراقيين وإخضاعهم. “فوضى” فائقة التنظيم تُصوّر الغزاة العتاة، كسُذج مغلوبين على أمرهم، أو أغبياء عاجزين عن وقف استباحة قصور الدولة العراقية ومنشآتها الحكومية ومصارفها وجامعاتها ومصانعها ومراكزها الهندسية العسكرية، ومتاحفها، ومكتباتها، وكنوزها التراثية. “فوضى” مُستدامة، كرسوم الغرافيك العشوائية بالكومبيوتر، تتغذى ذاتياً على هدر موارد العراقيين المالية الهائلة، وفساد لم يسبقه مثيل، ورشى جماعية بمشاريع خدّاعة، كالانتخابات، والمحاصصة الطائفية، والحكم الفيدرالي. “فوضى” مُحكمة، كالظواهر الفيزيائية، هدفها الرئيس ، زرع الفتنة، وتحطيم الوحدة الوطنية، وهدم كيان الدولة، فيما بنيت أكبر سفارة أميركية في بغداد، وإنشئت شبكة من 14 قاعدة عسكرية في جميع أرجاء العراق.
وقال أسامة عبد المجيد (رئيس دائرة البحوث والتطوير في وزارة التعليم العالي  سابقا في إن 15500 عالماً وباحثاً وأستاذاً جامعياً عراقياً فصلوا من عملهم في الاشهر الاولى للاحتلال الامريكي للعراق في إطار الحملة الإسرائيلية” ، بينما اتهم  (الأمين العام للرابطة الوطنية لأكاديمي ومثقفي العراق) هاني إلياس “الموساد” الإسرائيلي بالوقوف وراء اغتيالات العلماء والمثقفين العراقيين ، مؤكدا إن معظم الضحايا لم يكونوا محسوبين على النظام العراقي السابق مما يجعل أسباب تصفيتهم ترتبط بمخطط يهدف إلى تحطيم مؤسسات العراق الوليدة مشيراً إلى أن “القتلى هم من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والقضاة والمحامين، وهو ما يعزز القناعة بأن الهدف من وراء الاغتيال هو قتل الخلايا النوعية في جسد المجتمع العراقي لمنعه من النمو والتطور”.
وتتحدث الأوساط الجامعية والعلمية العراقية عن فريق اغتيالات مرتبط بجهاز الاستخبارات الخارجي الإسرائيلي “الموساد”، وقد حمل هذا الفريق اسم “الجيش الجمهوري السري، وقال: إن معظم العلماء والمثقفين وأساتذة الجامعات الذين تم اغتيالهم تمت تصفيتهم في إطار يخرج عن الانتقام الثأري أو تصفية الحسابات.
فيما قال مسؤول عراقي رفض الكشف عن هويته: ” إن سياسة فصل العلماء العراقيين من وظائفهم وضعت في تل أبيب بهدف الاقتصاص من منفذي برامج العراق العلمية”.
وأكدت أوساط عراقية مطلعة في بغداد أن الموساد الإسرائيلي طلب من المخابرات الأمريكية ترك ملف العلماء العراقيين برمته إلى عملاء الموساد في العراق، مشيرين إلى أن الموساد يريد تهجير هؤلاء العلماء أو اغتيالهم إذا رفضوا التعامل معه.
وكشف (الناطق باسم قوات التحالف) الجنرال مارك كيميت أن حملة واسعة من الاغتيالات استهدفت من وصفهم بـ”ذوي الياقات البيضاء” من الطبقة المتعلمة، وقد نفذتها أيد مجهولة.
وتتحدث بعض التقارير عن مشروع أمريكي إسرائيلي يهدف إلى إفراغ العراق من الكفاءات العلمية ، وتؤكد تقارير لوزارة الهجرة والمهجرين أن العشرات من الكفاءات العلمية التي غادرت العراق ، وجدت أمامها فرصا للعمل في وحدات تابعة للجيش الأمريكي مقابل مبالغ مغرية، كما أن أعداد العراقيين المهاجرين بعد الاحتلال الأمريكي والتي توجهت إلى الدول الاسكندنافية وكندا عرضت عليهم مغريات مادية كبيرة، مقابل تغيير ديانتهم.
ولم تخف دوائر المهجرين والمهاجرين مخاوفها من وجود تنسيق مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وربما مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومقرها في عمان في الأردن، خاصة وأن هذه المفوضية تقوم بانتقاء العناصر العراقية ومنحها اللجوء في هذا البلد أو ذاك.
ومعروف أن عمليات تهجير العلماء العراقيين لم تكن وليدة الاحتلال، اذ سبق أن تعرض العديد منهم إلى عمليات تهجير سابقة، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي وضع فيه العراق إبان سنوات الحصار، الذي فرض على البلاد في مرحلة التسعينيات من القرن الماضي، كما أن بعض العلماء العراقيين من المتخصصين في علم الذرة تعرضوا إلى ضغوط كثيرة من أجل دفعهم للهجرة خلال وجود المفتشين الدوليين في العراق قبل الحرب  وذلك عندما عرض عليهم المفتشون الدوليون توفير ضمان الهجرة إلى أمريكا مقابل إفشاء الأسرار النووية العراقية.
كما أن عددا من هؤلاء عرضت عليهم مناصب في الولايات المتحدة، مع ضمان سفرهم إليها، مقابل إفشاء أسرار البرنامج النووي العراقي، وهو الأمر الذي صار يطرح على هؤلاء العلماء بشكل علني بعد الاحتلال الأمريكي، سواء بالترغيب أو بالترهيب، حتى أن مجلس الشيوخ الأمريكي سن قانونا يتحدث عن منح البطاقة الخضراء الأمريكية لعلماء عراقيين يوافقون على إفشاء أسرار البرنامج النووي العراقي.
فهل حققت اسرائيل اكثر مما هو مخطط ومامتوقع له على ارض العراق كما قال وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق (آفي ديشتر)   في محاضرة له عن (الدور الإسرائيلي في العراق) ؟