وديع حداد قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ولد عام 1927 في مدينة صفد، كان أحد مؤسسي الجبهة الشعبية وقبلها حركة القوميين العرب، هو ورفيق دربه د. جورج حبش.
نتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48، اضطر للهجرة من وطنه ولجأ مع عائلته ووالده إلي مدينة بيروت حيث استقر بهم المآل هناك، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت ليدرس الطب.
خلال عمله في التنظيم الخارجي قاد خلايا تنشط في مختلف أنحاء العالم وكان وراء عمليات خطف الطائرات الشهيرة ومنها الطائرة لاندسهوت الألمانية، وترك وديع الجبهة الشعبية بعد الحملة عليه من قبل القيادى أحمد اليماني (ابو ماهر) و صلاح صلاح و وليد قدورة [1] والذى تبين فيما بعد انه يعمل مع الموساد على حد قول هيلدا حبش [2] زوجة الزعيم جورج حبش ادى هذا الامر الى خروج الشهيد وديع حداد من صفوف الجبهةالشعبية ، إلا أن المؤتمر الوطني الخامس للجبهة أعاد الاعتبار التنظيمي له، باعتباره "رمزاً وطنياً وفلسطينياً فذاً قدم كل شيء في سبيل فلسطين التي حلم وعمل دائماً من أجل الوصول إليها بأقرب الآجال وبأقصر الطرق".
واضاف: ان الموساد علم بشغف حداد بالشوكولاته البلجيكية التي كان من الصعب الحصول عليها انذاك في بغداد مقر اقامته. فقام خبراء الموساد بادخال مادة سامة بيولوجية تعمل ببطء إلى كمية من الشوكولاته البلجيكية، ارسلوها إلى حداد بواسطة عميل عراقي رفيع المستوى لدى عودة هذا العميل من أوروبا إلى العراق.
أشار المؤلف إلى ان عملية التصفية الجسدية هذه “كانت أول عملية تصفية بيولوجية” نفذتها إسرائيل. وتابع ان إسرائيل اتهمت حداد “الإرهابي المتمرس ومتعدد المواهب” بأنه كان أول من خطف طائرة تابعة شركة الطيران الإسرائيلية “ال- عال” عام 1968 وتم الإفراج عن الرهائن فقط بعد خضوع الحكومة الإسرائيلية لشرطه الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
كما اتهمه الموساد بالمسؤولية عن إنشاء علاقات بين التنظيمات الفلسطينية ومنظمات ارهابية عالمية ودعا افرادها للتدرب في لبنان، وكانت إحدى نتائجها قيام “الجيش الأحمر الياباني” "بمذبحة في مطار بنغوريون (تل أبيب) عام 1972".
ويتابع المؤلف ان اختطاف طائرة “إير فرانس” إلى عنتيبي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ قرر قادة الموساد وجهاز المخابرات العسكرية على الفور تصفية حداد، وصادق رئيس الحكومة في حينه مناحيم بيغن على العملية.
وأشار الكاتب، الذي عنون كتابه بـ “حساب مفتوح”، إلى ولع حداد بالشوكولاته، خاصة البلجيكية، وان إسرائيل عرفت كيف تستغل “ضعفه” هذا، واستعانت بعميل للموساد ليحمل معه من أوروبا شوكولاته بلجيكية، ولكن ليس قبل أن يدخل فيها عملاء موساد سمًا بيولوجيًا قاتلاً يظهر اثره بعد اسابيع من تناوله، ويؤدي إلى انهيار جهاز المناعة في الجسم.
واضاف انه بعد تصفية حداد سجل انخفاض حاد في عدد العمليات التي استهدفت إسرائيل في أنحاء العالم. وزاد ان الموساد رأى في عملية التصفية هذه تجسيدا لنظرية “التصفية الوقائية” أو تصفية قنبلة موقوتة تمثلت بـ “دماغ خلاّق لم يتوقف عن التخطيط للعملية المقبلة (حداد)”.
..................
في تاريخ الثورة الفلسطينية ورجالاتها الذي لم يكتب بعد، يأتي كتاب بسام
أبو شريف عن الراحل وديع حداد (وديع حداد ثائر أم إرهابي؟ بيروت، دار رياض
الريس، 2014) كسحابة ماطرة على أرض قاحلة. فهذا الرجل الذي شكّل ظاهرة
نادرة، لم يوفَ، وعلى الأغلب لن يوفى حقه كاملاً، فبعض أسراره، والتي هي من
أسرار هذه الثورة، مضت على الأغلب معه ومع كثير من رفاقه الذين رحلوا، من
قبله أو من بعده. في حياته، وهو الكتوم بامتياز عكس كثير من قادة الثورة
«المسحوبين من لسانهم»، كان حداد لغزاً، وبعد مماته ظل أسئلة بلا جواب.
حداد رجل استثنائي بكل المعايير والمقاييس فلسطينياً وعربياً، بل ودولياً. هو أحد ثلاثة أسسوا حركة القوميين العرب في بيروت وعمان ودمشق (مع جورج حبش وهاني الهندي)، والتي كانت بفضل تحالفها مع عبد الناصر حتى عام 1967 إحدى أهم حركات التحرر الوطني العربية في الخمسينيات والستينيات. وحتى بعد حلها، فقد فرخت امتدادات تنظيمية وأيديولوجية عربية مهمة و(خصوصاً في فلسطين، اليمن الجنوبي والكويت). بعض هذه التنظيمات كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لا تزال تكافح حتى اليوم على أرض فلسطين المحتلة، وإن خفت بريقها القديم إلى حد كبير.
لكن أهمية هذا الرجل الذي ضرب، في حياته الخاصة والعامة، كرفيق دربه وصديق عمره جورج حبش، المثال الأنصع على عمق الالتزام والتفاني في سبيل شعبه، حتى اغتياله مسموماً في بغداد عام 1978، تكمن في قيادته فرع أو جهاز «العمليات الخارجية» في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي بناه وأداره وديع حداد من الألف إلى الياء منذ عام 1968. صمم حداد الجهاز ليكون «اليد الضاربة الثورية» للجبهة ضد مصالح وأهداف إسرائيلية أو غربية حليفة لها، في كل أنحاء العالم وليس فقط على أرض فلسطين المحتلة التي شُردت عائلته منها عام 1948 كغالبية الشعب الفلسطيني (عائلة وديع حداد شردت من صفد بعد سقوطها في مطلع أيار/ مايو 1948 وعائلة جورج حبش شردت من اللد بعد سقوطها في منتصف تموز/ يوليو 1948).
تجربة التهجير القسري البشعة للشعب الفلسطيني، كتطهير عرقي وتدمير اجتماعي وحضاري، غير المسبوقة في حجمها في القرن العشرين، تركت بصماتها وشكّلت وعيَ من سيصبحون القادة الجدد للحركة الوطنية الفلسطينية منذ منتصف الخمسينيات وحتى اليوم، أكانوا من حركة فتح أم حركة حماس أم الجبهة الشعبية (أبو جهاد من الرملة، وصلاح خلف من يافا، وأحمد ياسين من جورة عسقلان، وأبو يوسف النجار وعبد العزيز الرنتيسي من يبنا، وكمال عدوان من برير، خالد وهاني الحسن من حيفا، وممدوح صيدم من عاقر، وعبد الفتاح حمود من التينة... إلخ).
تركزت أعمال فرع العمليات الخارجية على خطف الطائرات ومهاجمة مطارات إسرائيلية وتفجير أنابيب نفط لشركات غربية ومهاجمة شخصيات صهيونية داعمة للكيان الصهيوني مالياً. لكن شهرة هذا الجهاز بنيت بالأساس على ظاهرة خطف الطائرات التي كان يراد لها أن تحقق ثلاثة أهداف:
أرادت الجبهة من هذه العمليات، ذات الطنة والرنة إعلامياً، أن تعيد ظهور الشعب الفلسطيني المغيّب إلى واجهة المسرح الدولي.
كما أرادتها أداة مقايضة لتحرير مناضلين فلسطينيين تلقّوا أحكاماً قاسية جداً من سجون الاحتلال. لاحقاً تضمنت قائمة المطالب مناضلين فلسطينيين وأجانب من سجون غربية.
في مرحلة لاحقة ومتأخرة (1972) أرادها وديع حداد أداة تمويل مالي للجبهة، التي لم تجد من يموّلها، وكانت تعاني من أزمة مالية خانقة عكس حركة فتح التي أغدقت عليها الأموال، وخصوصاً من دول وهيئات خليجية.
العمليات الخارجية انطلقت من تحليل بسيط تبنّته وأعلنته الجبهة الشعبية، مفاده أن العدو الإسرائيلي ذو طبيعة خاصة، يستمد شرايين حياته من دعم قوى غربية استعمارية ساهمت في تحقيق مشروعه ماضياً وحاضراً بوصفه رأس حربتها بالوكالة، وعليه، فإن ضرب هذه الشرايين والمصالح هو هدف شرعي تجاه عدو بدأت أياديه الطويلة تتجاوز حدود فلسطين، لتفرض هيمنتها وأجندتها الاستعمارية على المنطقة العربية بأسرها وضد حركة التحرر العربي بأسرها.
سرعان ما أصبحت الظاهرة في عهد عولمة السفر والانتقال مثار قلق إسرائيلي وغربي بل وحتى كوني.
لا أحد يجادل في صواب هذا التحليل النظري لجذور إسرائيل الاستعمارية وامتداداتها، لكن ترجمة ذلك، من خلال عمليات خطف الطائرات الاستعراضية هنا وهناك، كان ساذجاً من ناحية فهمه لمفهوم المصالح الغربية، وغير ملمّ بقواعد اللعبة الدولية من ناحية أخرى، عدا عن آثاره السلبية البعيدة المدى على القضية الفلسطينية بشكل عام، وعلى تطور الجبهة الشعبية نفسها بشكل خاص.
يقدم لنا بسام أبو شريف، بفضل علاقته بالجهاز رواية مشوّقة من الداخل لفرع «العمليات الخارجية» وبعض عملياته وخصوصاً عملية الخطف الجماعي لأربع طائرات غربية وواحدة إسرائيلية في مطلع أيلول/ سبتمبر 1970 (الفشل كان نصيب محاولة خطف الطائرة الإسرائيلية من مطار هيثرو/ لندن بقيادة ليلى خالد والنيكاراغوي الساندينستي اليساري باترك أرغويلو). وهي العملية التي وفرت غطاءً وضوءاً أخضر دولياً لضرب المقاومة الفلسطينية في أيلول 1970 بعدما كان النظام الأردني قد وفر عبر سنوات من الإعداد الغطاء الشرق أردني والعربي.
ثقافة بسام أبو شريف الأنغلو _ ساكسونية ولغته الإنكليزية المتمكنة، سمحتا له بإقامة علاقات واسعة مع صحافيين غربيين (من خلال عمله في مجلة «الهدف» الناطقة باسم الجبهة الشعبية والتي كان رئيس تحريرها الشهيد غسان كنفاني). لهذا السبب ولكونه أحد كوادر الجبهة المتميزين، اختاره وديع حداد متحدثاً وناطقاً باسم بعض هذه العمليات. ولهذا السبب، تشكل المعلومات التي يقدمها رواية غنية بالتفاصيل من الداخل لأحداث تمت تغطيتها في حينه من قبل وسائل الإعلام، لكنها كانت عاجزة بالطبيعة عن معرفة كثير من الأسرار الداخلية المهمة، وخصوصاً كيف تم تخطيط هذه العمليات وتنفيذها.
لكن من الواضح، من خلال رواية بسام، أن ارتباطه المتأخر نسبياً بالجهاز (في صيف 1970) لم يسمح له بالاطلاع على كثير من التفاصيل الخاصة بالمراحل الأولى، وخصوصاً عملية المخاض التي أدت إلى ولادة «الجهاز»، ولا عمليات «الجهاز» الأولى (خطف طائرة إل عال إسرائيلية إلى الجزائر في أواخر تموز/ يوليو 1968 ومهاجمة طائرة إل عال أخرى في مطار زيوريخ في شباط/ فبراير 1969... إلخ). وهل كان لتأسيس «الجهاز» علاقة بالصراع الداخلي في صفوف الجبهة، بين ما سمي تبسيطاً في حينه بيمين ويسار والذي يعكس في الحقيقة الصراع بين جناح بقيادة وديع حداد أصرّ على استمرار تبني الجبهة للخط القومي «الرومانسي» لحركة القوميين العرب (الحركة الأم)، في مقابل خط آخر داخل الجبهة بقيادة نايف حواتمة دعا إلى التخلي عن هذا الخط وتبني الماركسية اللينينية، وهو ما أدى لاحقاً إلى انشقاق الجناح اليساري في 21 شباط/ فبراير 1969 وتأسيسه للجبهة الديموقراطية (الجبهة الشعبية الديموقراطية لتحرير فلسطين). هذا الارتباط المتأخر بالجهاز، انعكس في فجوات كثيرة من رواية بسام عن التجربة.
كان من الممكن أن يتجاوز بسام أبو شريف هذه الفجوات وغيرها لو أنه جمع شهادات من أشخاص آخرين، وخصوصاً ممن عاصروا التجربة من قبله، لكن الكتاب ليس ببحث أكاديمي، يسعى إلى توثيق تجربة من كل أبعادها، بقدر ما كان محاولة رد اعتبار لمناضل جاد بحياته _ رغم ما يمكن أن يؤخذ عليه _ بصمت وعز وجلال. وهو أيضاً محاولة رد اعتبار لبسام الذي هجر الجبهة (لحظة ضعفها وضعفه) ليلتحق كجندي مجند في خط أبو عمار التسووي متنكّراً لإرثه. لعل هذين السببين معاً، كانا وراء غياب أي منحى نقدي في كتابه تجاه وديع حداد أو لتجربة العمليات الخارجية، فحين تكون من أنصار «اذكروا محاسن موتاكم» وعندما يصبح «بيتك من زجاج» فإيثار السلامة شأن أولي الألباب.
نقد العمليات الخارجية
صحيح أن العمليات الخارجية أبرزت، كما أراد لها مخططوها ومنفذوها، اسم فلسطين وقضيتها المغيبة، لكنها صنفت هذا الاسم والجبهة الشعبية في خانة «الإرهاب»، على الأقل في أذهان الرأي العام الغربي. كما أن منظمة التحرير دفعت في ما بعد ثمناً سياسياً كبيراً، من أجل أن تتخلص من صفة «الإرهاب» التي علقت بها بفضل هذه العمليات وغيرها (عمليات منظمة أيلول الأسود، عمليات جماعة أبو نضال وأبو محمود ... إلخ).
وصحيح أن هذه العمليات، التي لفتت أنظار العالم، نجحت كما يركز كتاب أبو شريف في جذب نضال جماعات أممية عدة (مثل جماعة بادر _ ماينهوف في ألمانيا الغربية، الألوية الحمراء في إيطاليا، الجيش الأحمر في اليابان ... إلخ) لكن هذه الجماعات من اليسار المتطرف، بغض النظر عن تعاطفها العميق مع الشعب الفلسطيني، كانت هامشية في بلادها، وما كانت لتقدم أو لتؤخر القضية الفلسطينية. وفي التحليل النهائي، فقد ساهمت هذه الجماعات في تقديم خدمة غير مقصودة للأنظمة الرأسمالية الحاكمة في بلادها، حيث استغلت هذه الأنظمة نشاطات هذه الجماعات لإمرار قوانين أحكمت من سلطتها.
من جانب آخر، أفرزت هذه العمليات، التي كانت أيضاً تعبيراً عن المأزق العسكري الذي وصلت إليه المقاومة الفلسطينية المسلحة في وجه إسرائيل، منحى استعراضياً لدى المقاتلين، أضرّ بروح الجبهة القتالي، حيث أصبح حلم وهدف كل مقاتل ومقاتلة في القواعد أن يصبح نجماً كليلى خالد. في حين أنّ مثال وتجربة المقاومة الباسلة في أزقة مخيمات اللاجئين وبيارات البرتقال في قطاع غزة 1967 - 1973 كان هو المثال الذي كان يجب أن يطور ويحتذى.
والأهم من هذا وذاك، أن ضرب مصالح إسرائيل ومن يدعمها ويؤازرها لا يتأتى من خلال أعمال استعراضية، وإنما من خلال عمل جماهيري على الأرض ببطء صبور ودؤوب يسعى إلى تغيير منظومة القيم ويعمل على بناء مجتمع مقاومة وثقافة مقاومة لا يفلّه الحديد.
أخيراً، نشير إلى أنه من الناحية التكتيكية وقعت العمليات الخارجية في مأزق عملياتي لم تستطع أن تحله. هذا المأزق تمثل في أن العناصر التي جندت للعمل في فرع الجهاز الخارجي كانت نسبياً من أشخاص تمتعوا بروح إنسانية عالية. وبالتالي كانت عاجزة عن تنفيذ تهديداتها بقتل الرهائن في حالة عدم تلبية مطالبها. ويبدو من خلال مقابلات أجريت مع بعض هذه العناصر (ليلى خالد، أمينة دحبور وغيرهما) أن التعليمات التي أعطيت لهم كانت تمنعهم من قتل الرهائن. استغلت إسرائيل هذه النقطة لاجتياح الخاطفين، الذين لم يستطيعوا أن يطبقوا تهديدهم، ما جعل إسرائيل تبدو في وضع المنتصر الأسطوري. لم يستخلص وديع حداد العبر والدروس من هذا المأزق القاتل، ومن حقيقة أن نمط وعقلية هذه العمليات أصبحا معروفين للإسرائيليين الذين طوروا وسائل مضادة كان عاجزاً عن مجاراتها.
ظل وديع حداد، الذي أصبح بفضل دوره هذا الهدف الأول على قائمة بنك أهداف الاغتيالات الإسرائيلية منذ نهاية الستينيات، في منصبه الكفاحي هذا حتى عام 1972 عندما حلت الجبهة الشعبية في قرار اتخذه مؤتمرها العام (في مخيم البداوي قرب طرابلس) جهاز فرع «العمليات الخارجية» بعد انتقادات حادة من داخل الجبهة وخارجها وضغوط خارجية جعلته عبئاً على تنظيم كان قد أثخن بالجراح نتيجة معارك «أيلول الأسود» عام 1970 و«معارك الأحراش» في تموز عام 1971. لكن ظل وديع حداد، بفضل نقائه الثوري، حتى في أعين منتقديه من رفاق الأمس بطلاً متميزاً، وهكذا وصفوه عند نعيه، وكلمسة حب ووفاء بـ«عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية».
* كاتب عربي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت
الهوامش:
i عملية 22/ 2/ 1972، طائرة لوفتهانزا من طوكيو لفرانكفورت، تم تحويل الطائرة إلى عدن ودفعت فدية من5 ملايين دولار
ii هل من المصادفة أن أول عملية لفرع الجهاز الخارجي جرت يوم 23/ 7/ 1968 (طائرة إل عال رحلة 426 من روما لتل أبيب، حوّلت للجزائر وجرى تبادل أسرى محدود) كانت قبل فترة قصيرة من انعقاد مؤتمر الجبهة العاصف في آب/ أغسطس 1968. وأن عملية 18/ 2/ 1969 (طائرة إل عال رحلة 432 من أمستردام لتل أبيب هوجمت بالأسلحة الرشاشة أثناء توقفها في مطار كلوتن/ زيوريخ) كانت قبل ثلاثة أيام فقط من انشقاق الجبهة الديمقراطية!
iii http://www.raya.com/news/pages/a84dbf78-1e1c-4d6f-b1b3-ac732a53ad86.
http://www.ajoory.com/vb/showthread.php?t=15110
بدايته
ولد وديع حداد الفلسطيني في مدينة صفد في العام 1927، وكان والده يعمل مدرساً للغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في مدينة حيفا، وبحكم وجود والده في مدينة حيفا فقد تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في هذه المدينة. أثناء وجوده على مقاعد الدراسة بمراحلها المختلفة تميّز بذكائه المتقد ونشاطاته المميزة وتفوقه في مادة الرياضيات، كما أنه كان شابا رياضياً يمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخرى.نتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48، اضطر للهجرة من وطنه ولجأ مع عائلته ووالده إلي مدينة بيروت حيث استقر بهم المآل هناك، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت ليدرس الطب.
تاريخه
تولى موقعاً قيادياً في "جمعية العروة الوثقى"، ولاحقاً في "حركة القوميين العرب" وثم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". منذ التأسيس تولى الدكتور وديع حداد مهمات قيادية أساسية جداً في الجبهة، حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية والعمل العسكري الخارجي. وأثبت من خلالهما قدرات قيادية وعملية، حيث جسد شعار "وراء العدو في كل مكان" كما كان وديع في ذالك الوقت أذكى شخصية فلسطينية كما كان يجمع الفدائين .خلال عمله في التنظيم الخارجي قاد خلايا تنشط في مختلف أنحاء العالم وكان وراء عمليات خطف الطائرات الشهيرة ومنها الطائرة لاندسهوت الألمانية، وترك وديع الجبهة الشعبية بعد الحملة عليه من قبل القيادى أحمد اليماني (ابو ماهر) و صلاح صلاح و وليد قدورة [1] والذى تبين فيما بعد انه يعمل مع الموساد على حد قول هيلدا حبش [2] زوجة الزعيم جورج حبش ادى هذا الامر الى خروج الشهيد وديع حداد من صفوف الجبهةالشعبية ، إلا أن المؤتمر الوطني الخامس للجبهة أعاد الاعتبار التنظيمي له، باعتباره "رمزاً وطنياً وفلسطينياً فذاً قدم كل شيء في سبيل فلسطين التي حلم وعمل دائماً من أجل الوصول إليها بأقرب الآجال وبأقصر الطرق".
وفاته
في 28 مارس عام 1978 في ألمانيا الشرقية واشيع انه توفي بمرض سرطان الدم. ولكنها بعد 28 عاما اعترفت إسرائيل مؤخرا وعن طريق أحد ضباط مخابراتها الذي كتب جزءا من حياته الاستخبارية بإنها اغتالته بدس السم له في الشيكولاتة عن طريق عميل عراقي كان يشغل منصب رفيع المستوى. ونقلت يديعوت أحرونوت عن المؤلف ان إسرائيل قررت تصفية حداد بداعي تدبيره اختطاف طائرة اير فرانس، كانت في طريقها من باريس إلى تل أبيب، إلى عنتيبي أوغندا عام 1976، وانه كان مسؤولاً عن سلسلة من العمليات الإرهابية الخطيرة.[3]واضاف: ان الموساد علم بشغف حداد بالشوكولاته البلجيكية التي كان من الصعب الحصول عليها انذاك في بغداد مقر اقامته. فقام خبراء الموساد بادخال مادة سامة بيولوجية تعمل ببطء إلى كمية من الشوكولاته البلجيكية، ارسلوها إلى حداد بواسطة عميل عراقي رفيع المستوى لدى عودة هذا العميل من أوروبا إلى العراق.
أشار المؤلف إلى ان عملية التصفية الجسدية هذه “كانت أول عملية تصفية بيولوجية” نفذتها إسرائيل. وتابع ان إسرائيل اتهمت حداد “الإرهابي المتمرس ومتعدد المواهب” بأنه كان أول من خطف طائرة تابعة شركة الطيران الإسرائيلية “ال- عال” عام 1968 وتم الإفراج عن الرهائن فقط بعد خضوع الحكومة الإسرائيلية لشرطه الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
كما اتهمه الموساد بالمسؤولية عن إنشاء علاقات بين التنظيمات الفلسطينية ومنظمات ارهابية عالمية ودعا افرادها للتدرب في لبنان، وكانت إحدى نتائجها قيام “الجيش الأحمر الياباني” "بمذبحة في مطار بنغوريون (تل أبيب) عام 1972".
ويتابع المؤلف ان اختطاف طائرة “إير فرانس” إلى عنتيبي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ قرر قادة الموساد وجهاز المخابرات العسكرية على الفور تصفية حداد، وصادق رئيس الحكومة في حينه مناحيم بيغن على العملية.
وأشار الكاتب، الذي عنون كتابه بـ “حساب مفتوح”، إلى ولع حداد بالشوكولاته، خاصة البلجيكية، وان إسرائيل عرفت كيف تستغل “ضعفه” هذا، واستعانت بعميل للموساد ليحمل معه من أوروبا شوكولاته بلجيكية، ولكن ليس قبل أن يدخل فيها عملاء موساد سمًا بيولوجيًا قاتلاً يظهر اثره بعد اسابيع من تناوله، ويؤدي إلى انهيار جهاز المناعة في الجسم.
واضاف انه بعد تصفية حداد سجل انخفاض حاد في عدد العمليات التي استهدفت إسرائيل في أنحاء العالم. وزاد ان الموساد رأى في عملية التصفية هذه تجسيدا لنظرية “التصفية الوقائية” أو تصفية قنبلة موقوتة تمثلت بـ “دماغ خلاّق لم يتوقف عن التخطيط للعملية المقبلة (حداد)”.
..................
وديع حداد أسطورة خطف الطائرات - YouTube
https://www.youtube.com/watch?v=FGU086OsKoA
19/04/2009 - تم التحديث بواسطة PFLPSAHERI
وديع حداد أسطورة خطف الطائرات- االجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- كتائب ابو علي مصطفى.السعودية شاركت باغتيال القيادي في الجبهة الشعبية الشهيد ...
https://www.youtube.com/watch?v=7miduO8WQpw
21/12/2014 - تم التحديث بواسطة Mahmoud Kallam
بسام أبو شريف مستشار الرئيس الشهيد ياسر عرفات: السعودية شاركت باغتيال القيادي في الجبهة الشعبية الشهيد وديع حداد.
.....................
أبو شريف عن وديع حداد: نحو مراجعة نقديّة لتجربة «العمليّات الخارجيّة»
حداد رجل استثنائي بكل المعايير والمقاييس فلسطينياً وعربياً، بل ودولياً. هو أحد ثلاثة أسسوا حركة القوميين العرب في بيروت وعمان ودمشق (مع جورج حبش وهاني الهندي)، والتي كانت بفضل تحالفها مع عبد الناصر حتى عام 1967 إحدى أهم حركات التحرر الوطني العربية في الخمسينيات والستينيات. وحتى بعد حلها، فقد فرخت امتدادات تنظيمية وأيديولوجية عربية مهمة و(خصوصاً في فلسطين، اليمن الجنوبي والكويت). بعض هذه التنظيمات كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لا تزال تكافح حتى اليوم على أرض فلسطين المحتلة، وإن خفت بريقها القديم إلى حد كبير.
لكن أهمية هذا الرجل الذي ضرب، في حياته الخاصة والعامة، كرفيق دربه وصديق عمره جورج حبش، المثال الأنصع على عمق الالتزام والتفاني في سبيل شعبه، حتى اغتياله مسموماً في بغداد عام 1978، تكمن في قيادته فرع أو جهاز «العمليات الخارجية» في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي بناه وأداره وديع حداد من الألف إلى الياء منذ عام 1968. صمم حداد الجهاز ليكون «اليد الضاربة الثورية» للجبهة ضد مصالح وأهداف إسرائيلية أو غربية حليفة لها، في كل أنحاء العالم وليس فقط على أرض فلسطين المحتلة التي شُردت عائلته منها عام 1948 كغالبية الشعب الفلسطيني (عائلة وديع حداد شردت من صفد بعد سقوطها في مطلع أيار/ مايو 1948 وعائلة جورج حبش شردت من اللد بعد سقوطها في منتصف تموز/ يوليو 1948).
تجربة التهجير القسري البشعة للشعب الفلسطيني، كتطهير عرقي وتدمير اجتماعي وحضاري، غير المسبوقة في حجمها في القرن العشرين، تركت بصماتها وشكّلت وعيَ من سيصبحون القادة الجدد للحركة الوطنية الفلسطينية منذ منتصف الخمسينيات وحتى اليوم، أكانوا من حركة فتح أم حركة حماس أم الجبهة الشعبية (أبو جهاد من الرملة، وصلاح خلف من يافا، وأحمد ياسين من جورة عسقلان، وأبو يوسف النجار وعبد العزيز الرنتيسي من يبنا، وكمال عدوان من برير، خالد وهاني الحسن من حيفا، وممدوح صيدم من عاقر، وعبد الفتاح حمود من التينة... إلخ).
تركزت أعمال فرع العمليات الخارجية على خطف الطائرات ومهاجمة مطارات إسرائيلية وتفجير أنابيب نفط لشركات غربية ومهاجمة شخصيات صهيونية داعمة للكيان الصهيوني مالياً. لكن شهرة هذا الجهاز بنيت بالأساس على ظاهرة خطف الطائرات التي كان يراد لها أن تحقق ثلاثة أهداف:
أرادت الجبهة من هذه العمليات، ذات الطنة والرنة إعلامياً، أن تعيد ظهور الشعب الفلسطيني المغيّب إلى واجهة المسرح الدولي.
كما أرادتها أداة مقايضة لتحرير مناضلين فلسطينيين تلقّوا أحكاماً قاسية جداً من سجون الاحتلال. لاحقاً تضمنت قائمة المطالب مناضلين فلسطينيين وأجانب من سجون غربية.
في مرحلة لاحقة ومتأخرة (1972) أرادها وديع حداد أداة تمويل مالي للجبهة، التي لم تجد من يموّلها، وكانت تعاني من أزمة مالية خانقة عكس حركة فتح التي أغدقت عليها الأموال، وخصوصاً من دول وهيئات خليجية.
العمليات الخارجية انطلقت من تحليل بسيط تبنّته وأعلنته الجبهة الشعبية، مفاده أن العدو الإسرائيلي ذو طبيعة خاصة، يستمد شرايين حياته من دعم قوى غربية استعمارية ساهمت في تحقيق مشروعه ماضياً وحاضراً بوصفه رأس حربتها بالوكالة، وعليه، فإن ضرب هذه الشرايين والمصالح هو هدف شرعي تجاه عدو بدأت أياديه الطويلة تتجاوز حدود فلسطين، لتفرض هيمنتها وأجندتها الاستعمارية على المنطقة العربية بأسرها وضد حركة التحرر العربي بأسرها.
سرعان ما أصبحت الظاهرة في عهد عولمة السفر والانتقال مثار قلق إسرائيلي وغربي بل وحتى كوني.
لا أحد يجادل في صواب هذا التحليل النظري لجذور إسرائيل الاستعمارية وامتداداتها، لكن ترجمة ذلك، من خلال عمليات خطف الطائرات الاستعراضية هنا وهناك، كان ساذجاً من ناحية فهمه لمفهوم المصالح الغربية، وغير ملمّ بقواعد اللعبة الدولية من ناحية أخرى، عدا عن آثاره السلبية البعيدة المدى على القضية الفلسطينية بشكل عام، وعلى تطور الجبهة الشعبية نفسها بشكل خاص.
يقدم لنا بسام أبو شريف، بفضل علاقته بالجهاز رواية مشوّقة من الداخل لفرع «العمليات الخارجية» وبعض عملياته وخصوصاً عملية الخطف الجماعي لأربع طائرات غربية وواحدة إسرائيلية في مطلع أيلول/ سبتمبر 1970 (الفشل كان نصيب محاولة خطف الطائرة الإسرائيلية من مطار هيثرو/ لندن بقيادة ليلى خالد والنيكاراغوي الساندينستي اليساري باترك أرغويلو). وهي العملية التي وفرت غطاءً وضوءاً أخضر دولياً لضرب المقاومة الفلسطينية في أيلول 1970 بعدما كان النظام الأردني قد وفر عبر سنوات من الإعداد الغطاء الشرق أردني والعربي.
ثقافة بسام أبو شريف الأنغلو _ ساكسونية ولغته الإنكليزية المتمكنة، سمحتا له بإقامة علاقات واسعة مع صحافيين غربيين (من خلال عمله في مجلة «الهدف» الناطقة باسم الجبهة الشعبية والتي كان رئيس تحريرها الشهيد غسان كنفاني). لهذا السبب ولكونه أحد كوادر الجبهة المتميزين، اختاره وديع حداد متحدثاً وناطقاً باسم بعض هذه العمليات. ولهذا السبب، تشكل المعلومات التي يقدمها رواية غنية بالتفاصيل من الداخل لأحداث تمت تغطيتها في حينه من قبل وسائل الإعلام، لكنها كانت عاجزة بالطبيعة عن معرفة كثير من الأسرار الداخلية المهمة، وخصوصاً كيف تم تخطيط هذه العمليات وتنفيذها.
لكن من الواضح، من خلال رواية بسام، أن ارتباطه المتأخر نسبياً بالجهاز (في صيف 1970) لم يسمح له بالاطلاع على كثير من التفاصيل الخاصة بالمراحل الأولى، وخصوصاً عملية المخاض التي أدت إلى ولادة «الجهاز»، ولا عمليات «الجهاز» الأولى (خطف طائرة إل عال إسرائيلية إلى الجزائر في أواخر تموز/ يوليو 1968 ومهاجمة طائرة إل عال أخرى في مطار زيوريخ في شباط/ فبراير 1969... إلخ). وهل كان لتأسيس «الجهاز» علاقة بالصراع الداخلي في صفوف الجبهة، بين ما سمي تبسيطاً في حينه بيمين ويسار والذي يعكس في الحقيقة الصراع بين جناح بقيادة وديع حداد أصرّ على استمرار تبني الجبهة للخط القومي «الرومانسي» لحركة القوميين العرب (الحركة الأم)، في مقابل خط آخر داخل الجبهة بقيادة نايف حواتمة دعا إلى التخلي عن هذا الخط وتبني الماركسية اللينينية، وهو ما أدى لاحقاً إلى انشقاق الجناح اليساري في 21 شباط/ فبراير 1969 وتأسيسه للجبهة الديموقراطية (الجبهة الشعبية الديموقراطية لتحرير فلسطين). هذا الارتباط المتأخر بالجهاز، انعكس في فجوات كثيرة من رواية بسام عن التجربة.
كان من الممكن أن يتجاوز بسام أبو شريف هذه الفجوات وغيرها لو أنه جمع شهادات من أشخاص آخرين، وخصوصاً ممن عاصروا التجربة من قبله، لكن الكتاب ليس ببحث أكاديمي، يسعى إلى توثيق تجربة من كل أبعادها، بقدر ما كان محاولة رد اعتبار لمناضل جاد بحياته _ رغم ما يمكن أن يؤخذ عليه _ بصمت وعز وجلال. وهو أيضاً محاولة رد اعتبار لبسام الذي هجر الجبهة (لحظة ضعفها وضعفه) ليلتحق كجندي مجند في خط أبو عمار التسووي متنكّراً لإرثه. لعل هذين السببين معاً، كانا وراء غياب أي منحى نقدي في كتابه تجاه وديع حداد أو لتجربة العمليات الخارجية، فحين تكون من أنصار «اذكروا محاسن موتاكم» وعندما يصبح «بيتك من زجاج» فإيثار السلامة شأن أولي الألباب.
نقد العمليات الخارجية
صحيح أن العمليات الخارجية أبرزت، كما أراد لها مخططوها ومنفذوها، اسم فلسطين وقضيتها المغيبة، لكنها صنفت هذا الاسم والجبهة الشعبية في خانة «الإرهاب»، على الأقل في أذهان الرأي العام الغربي. كما أن منظمة التحرير دفعت في ما بعد ثمناً سياسياً كبيراً، من أجل أن تتخلص من صفة «الإرهاب» التي علقت بها بفضل هذه العمليات وغيرها (عمليات منظمة أيلول الأسود، عمليات جماعة أبو نضال وأبو محمود ... إلخ).
وصحيح أن هذه العمليات، التي لفتت أنظار العالم، نجحت كما يركز كتاب أبو شريف في جذب نضال جماعات أممية عدة (مثل جماعة بادر _ ماينهوف في ألمانيا الغربية، الألوية الحمراء في إيطاليا، الجيش الأحمر في اليابان ... إلخ) لكن هذه الجماعات من اليسار المتطرف، بغض النظر عن تعاطفها العميق مع الشعب الفلسطيني، كانت هامشية في بلادها، وما كانت لتقدم أو لتؤخر القضية الفلسطينية. وفي التحليل النهائي، فقد ساهمت هذه الجماعات في تقديم خدمة غير مقصودة للأنظمة الرأسمالية الحاكمة في بلادها، حيث استغلت هذه الأنظمة نشاطات هذه الجماعات لإمرار قوانين أحكمت من سلطتها.
من جانب آخر، أفرزت هذه العمليات، التي كانت أيضاً تعبيراً عن المأزق العسكري الذي وصلت إليه المقاومة الفلسطينية المسلحة في وجه إسرائيل، منحى استعراضياً لدى المقاتلين، أضرّ بروح الجبهة القتالي، حيث أصبح حلم وهدف كل مقاتل ومقاتلة في القواعد أن يصبح نجماً كليلى خالد. في حين أنّ مثال وتجربة المقاومة الباسلة في أزقة مخيمات اللاجئين وبيارات البرتقال في قطاع غزة 1967 - 1973 كان هو المثال الذي كان يجب أن يطور ويحتذى.
والأهم من هذا وذاك، أن ضرب مصالح إسرائيل ومن يدعمها ويؤازرها لا يتأتى من خلال أعمال استعراضية، وإنما من خلال عمل جماهيري على الأرض ببطء صبور ودؤوب يسعى إلى تغيير منظومة القيم ويعمل على بناء مجتمع مقاومة وثقافة مقاومة لا يفلّه الحديد.
أخيراً، نشير إلى أنه من الناحية التكتيكية وقعت العمليات الخارجية في مأزق عملياتي لم تستطع أن تحله. هذا المأزق تمثل في أن العناصر التي جندت للعمل في فرع الجهاز الخارجي كانت نسبياً من أشخاص تمتعوا بروح إنسانية عالية. وبالتالي كانت عاجزة عن تنفيذ تهديداتها بقتل الرهائن في حالة عدم تلبية مطالبها. ويبدو من خلال مقابلات أجريت مع بعض هذه العناصر (ليلى خالد، أمينة دحبور وغيرهما) أن التعليمات التي أعطيت لهم كانت تمنعهم من قتل الرهائن. استغلت إسرائيل هذه النقطة لاجتياح الخاطفين، الذين لم يستطيعوا أن يطبقوا تهديدهم، ما جعل إسرائيل تبدو في وضع المنتصر الأسطوري. لم يستخلص وديع حداد العبر والدروس من هذا المأزق القاتل، ومن حقيقة أن نمط وعقلية هذه العمليات أصبحا معروفين للإسرائيليين الذين طوروا وسائل مضادة كان عاجزاً عن مجاراتها.
ظل وديع حداد، الذي أصبح بفضل دوره هذا الهدف الأول على قائمة بنك أهداف الاغتيالات الإسرائيلية منذ نهاية الستينيات، في منصبه الكفاحي هذا حتى عام 1972 عندما حلت الجبهة الشعبية في قرار اتخذه مؤتمرها العام (في مخيم البداوي قرب طرابلس) جهاز فرع «العمليات الخارجية» بعد انتقادات حادة من داخل الجبهة وخارجها وضغوط خارجية جعلته عبئاً على تنظيم كان قد أثخن بالجراح نتيجة معارك «أيلول الأسود» عام 1970 و«معارك الأحراش» في تموز عام 1971. لكن ظل وديع حداد، بفضل نقائه الثوري، حتى في أعين منتقديه من رفاق الأمس بطلاً متميزاً، وهكذا وصفوه عند نعيه، وكلمسة حب ووفاء بـ«عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية».
* كاتب عربي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت
الهوامش:
i عملية 22/ 2/ 1972، طائرة لوفتهانزا من طوكيو لفرانكفورت، تم تحويل الطائرة إلى عدن ودفعت فدية من5 ملايين دولار
ii هل من المصادفة أن أول عملية لفرع الجهاز الخارجي جرت يوم 23/ 7/ 1968 (طائرة إل عال رحلة 426 من روما لتل أبيب، حوّلت للجزائر وجرى تبادل أسرى محدود) كانت قبل فترة قصيرة من انعقاد مؤتمر الجبهة العاصف في آب/ أغسطس 1968. وأن عملية 18/ 2/ 1969 (طائرة إل عال رحلة 432 من أمستردام لتل أبيب هوجمت بالأسلحة الرشاشة أثناء توقفها في مطار كلوتن/ زيوريخ) كانت قبل ثلاثة أيام فقط من انشقاق الجبهة الديمقراطية!
iii http://www.raya.com/news/pages/a84dbf78-1e1c-4d6f-b1b3-ac732a53ad86.
http://www.ajoory.com/vb/showthread.php?t=15110
وديع حداد
وديع
حداد قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ولد عام 1927 في مدينة صفد،
كان أحد مؤسسي الجبهة الشعبية وقبلها حركة القوميين العرب، هو ورفيق دربه
د. جورج حبش. ويكيبيديا
الميلاد: ١٩٢٧، صفد، إسرائيل
الاغتيال: ٢٨ مارس، ١٩٧٨، برلين الشرقية
التعليم: الجامعة الأميركية في بيروت
**************
**************
تفاصيل عملية تحرير القائد الراحل المناضل الدكتور جورج حبش من السجون السوريه في 1968/11/4 والتي قام بالتخطيط لها وتنفيذها الدكتور وديع حداد .
بقلم المناضل الراحل حمدي مطر ابو سمير
بعد انتهاء مؤتمر اب وفي شهر ايلول 1968 دعانا الدكتور وديع الى لقاء خاص حضره حمدي مطر وابو علي مصطفى وابو عيسى وكان على جدول اعمالنا بند واحد وهو تحرير الدكتور جورج حبش من سجنه وذلك بعد ان بلغنا الدكتور وديع فشل جميع الاتصالات التي قام بها الرؤساء العرب للافراج عن الحكيم من سجنه في دمشق وبعد ما لمسناه من محاولات فاشله للسيطره على الجبهه وتخريبها من قبل نايف حواتمه في مؤتمر اب 1968 . وقد تمت مناقشة كل وجهات النظر والمقترحات وافضل الطرق لتحرير الحكيم وقد تمت مناقشة امكانية اختطاف احد المسؤولين السوريين وبمبادلته بالحكيم ولكننا توصلنا في النهايه الى قرار واحد وهو تحرير الحكيم وتكليف الدكتور وديع لوضع خطه لتحريره فقام الدكتور وديع لزيارة شقيقات الدكتور جورج حبش وطلب منهن السفر الى دمشق ومراجعة الجهات المختصه وتقديم طلب بزيارة شقيقهن في دمشق وقد امضى على اعتقاله اكثر من ستة شهور ولم يزوروه احد من اقاربه نجح الدكتور وديع في مهمته وقامت شقيقتا الدكتور حبش بزيارته في دمشق في احد مقراة المخابرات العامه وبعد السؤاله عن صحته ومكان سجنه ابلغهن انه موجود في سجن الشيخ حسن في دمشق وان سياره اقلته من سجنه الى مكان الزياره وبعد هذه الزياره قام الدكتور وديع حداد باطلاق لحيته متعهد بعدم حلقها الا بعد تحرير الحكيم وبعدها سافر الى دمشق والتقى احد اعضاء اقليم سوريا في الحركه ورافقه في جوله استطلع فيها الطريق الذي تسلكه السياره التي تنقل الحكيم من سجنه الى مقر المخابرات وبعد جولة الاىستطلاع تم اختيار المكان المناسب لنصب كمين لتحرير الحكيم وبعد ان تم تحديد موقع العمليه تبين انه يوجد بالقرب من المكان كوخ يجلس بداخله شرطي وخط تلفون ، وعاد الدكتور وديع الى عمان وطلب مني شراء سياره مرسيدس سوداء اللون وسيارة شحن صغيره وسيارتان لاند روفر واعداد عشرة مقاتلين بقيادة اثنين بكفاءه عاليه ، ونجحت بتامين ما طلبه مني الدكتور وديع وطلب مني ارسال سيارة المرسيدس الى سوريا ولدى وصولها سوريا وكان يقودها المرحوم ابو حسن وبعد التقاؤه بالدكتور وديع اصطحبه الى المكان المحدد لم يكن يعرف السائق شيء عن الموضوع وطلب منه وهو يجلس الى جانبه الانطلاق باقصى سرعه الى منطقة دير العشائر على الحدود اللبنانيه وقام الدكتور وديع تحديد الفتره الزمنيه لوصول السياره الى المنطقه الامنه كما تم تامين سيارتان لاند روفر مع كل سياره خمسة مقاتلين الاوله بقيادة المرحوم ابو طلعت والثانيه بقيادة ابو رافت وبعد الاعداد الكامل لكل متطلبات العمليه ظهرت مشكله كبيره وهي انه في حالة نجاح العمليه واعتقال احد شقيقات الدكتور جورج حبش فانه سيسلم نفسه للافراج عن شقيقته ولكن لم يكن شيء مستحيل يعيق الدكتور وديع عن تنفيذ العمليه حيث قام بالاتصال بفتاتين من الجبهه يشبهن شقيقات الدكتور حبش وكلفهن السفر الى دمشق وطلب منهن زيارة الحكيم وقام بشرح كل التفاصيل لهن وطلب منهن ابلاغ الحكيم لان الشباب ينتظروه على الطريق وقد اعد لهن الوثاق اللازمه وقد تم سفرهن الى دمشق وقمن بزيارة الحكيم
وابلغنه بما كلفهن به الدكتور وديع وكان قد طلب منهن تمزيق الوثائق المزوره التي زرن بموجبها الحكيم وابراز جوازات سفرهن الحقيقيه لدى العوده الى الاردن ولدى عودة الحكيم من زيارته وعند وصوله المكان المعد للعمليه قام احد الشباب بقلب
الكوخ على الحارس الذي بداخله وقطع سلك التلفون واما سائق سيارة الشحن الصغيره فقد فشل سائقها في تشغيلها وكانت مهمتها اغلاق الطريق امام سيارة السجن التي تقل الحكيم فظهر كل من ابورافت وابو طلعت وكانا يرتديان ملابس ضباط عسكريه سوريه الا ان صرخا بسائق سيارة السجن قف قف وبعدها وقفت سيارة السجن وما كاد ان يقول انني انقل سجين سياسي قفز الحكيم من سيارة السجن وركب سيارة المرسيدس التي بداخلها الدكتور وديع حداد وانطلقت خلف سيارة اللاند روفر باتجاه دير العشائر واما السياره الثانيه فقامت بانزال السائق والمرافق من سيارة السجن ووضعوهم في سيارة اللاند روفر الثانيه وانطلقت خلف السيارات ووصل الجميع بسلام الى الاراضي اللبنانيه وكان الدكتور وديع قد هيء مكان امن وقد اعد حجز مسبق للدكتور جورج حبش للسفربالطائره في نفس اليوم الى مصر وقد طلب شبابنا من السائق والمرافق الذي كان في سيارة السجن الانضمام الى الجبهه ولكنهم رفضوا وقد تم السماح لهم بالعوده الى دمشق وعاد جميع الرفاق الذين شاركوا بالعمليه الى قواعدهم في الاردن دون اطلاق رصاصه واحده وبعد ذلك تم الاعلان من قبل الجبهه الشعبيه لتحرير فلسطين في بيان تم توزيعه في عمان بانها قامت بتحرير الدكتور جورج حبش من سجون دمشق بالقوه يوم 1968/11/4 بعد ان امضى ثمانية شهور تقريبا في السجن.
القائد احمد سعادات ان شاء الله فك الاسر قريبا لك و لجميع الاسرى
بقلم المناضل الراحل حمدي مطر ابو سمير
بعد انتهاء مؤتمر اب وفي شهر ايلول 1968 دعانا الدكتور وديع الى لقاء خاص حضره حمدي مطر وابو علي مصطفى وابو عيسى وكان على جدول اعمالنا بند واحد وهو تحرير الدكتور جورج حبش من سجنه وذلك بعد ان بلغنا الدكتور وديع فشل جميع الاتصالات التي قام بها الرؤساء العرب للافراج عن الحكيم من سجنه في دمشق وبعد ما لمسناه من محاولات فاشله للسيطره على الجبهه وتخريبها من قبل نايف حواتمه في مؤتمر اب 1968 . وقد تمت مناقشة كل وجهات النظر والمقترحات وافضل الطرق لتحرير الحكيم وقد تمت مناقشة امكانية اختطاف احد المسؤولين السوريين وبمبادلته بالحكيم ولكننا توصلنا في النهايه الى قرار واحد وهو تحرير الحكيم وتكليف الدكتور وديع لوضع خطه لتحريره فقام الدكتور وديع لزيارة شقيقات الدكتور جورج حبش وطلب منهن السفر الى دمشق ومراجعة الجهات المختصه وتقديم طلب بزيارة شقيقهن في دمشق وقد امضى على اعتقاله اكثر من ستة شهور ولم يزوروه احد من اقاربه نجح الدكتور وديع في مهمته وقامت شقيقتا الدكتور حبش بزيارته في دمشق في احد مقراة المخابرات العامه وبعد السؤاله عن صحته ومكان سجنه ابلغهن انه موجود في سجن الشيخ حسن في دمشق وان سياره اقلته من سجنه الى مكان الزياره وبعد هذه الزياره قام الدكتور وديع حداد باطلاق لحيته متعهد بعدم حلقها الا بعد تحرير الحكيم وبعدها سافر الى دمشق والتقى احد اعضاء اقليم سوريا في الحركه ورافقه في جوله استطلع فيها الطريق الذي تسلكه السياره التي تنقل الحكيم من سجنه الى مقر المخابرات وبعد جولة الاىستطلاع تم اختيار المكان المناسب لنصب كمين لتحرير الحكيم وبعد ان تم تحديد موقع العمليه تبين انه يوجد بالقرب من المكان كوخ يجلس بداخله شرطي وخط تلفون ، وعاد الدكتور وديع الى عمان وطلب مني شراء سياره مرسيدس سوداء اللون وسيارة شحن صغيره وسيارتان لاند روفر واعداد عشرة مقاتلين بقيادة اثنين بكفاءه عاليه ، ونجحت بتامين ما طلبه مني الدكتور وديع وطلب مني ارسال سيارة المرسيدس الى سوريا ولدى وصولها سوريا وكان يقودها المرحوم ابو حسن وبعد التقاؤه بالدكتور وديع اصطحبه الى المكان المحدد لم يكن يعرف السائق شيء عن الموضوع وطلب منه وهو يجلس الى جانبه الانطلاق باقصى سرعه الى منطقة دير العشائر على الحدود اللبنانيه وقام الدكتور وديع تحديد الفتره الزمنيه لوصول السياره الى المنطقه الامنه كما تم تامين سيارتان لاند روفر مع كل سياره خمسة مقاتلين الاوله بقيادة المرحوم ابو طلعت والثانيه بقيادة ابو رافت وبعد الاعداد الكامل لكل متطلبات العمليه ظهرت مشكله كبيره وهي انه في حالة نجاح العمليه واعتقال احد شقيقات الدكتور جورج حبش فانه سيسلم نفسه للافراج عن شقيقته ولكن لم يكن شيء مستحيل يعيق الدكتور وديع عن تنفيذ العمليه حيث قام بالاتصال بفتاتين من الجبهه يشبهن شقيقات الدكتور حبش وكلفهن السفر الى دمشق وطلب منهن زيارة الحكيم وقام بشرح كل التفاصيل لهن وطلب منهن ابلاغ الحكيم لان الشباب ينتظروه على الطريق وقد اعد لهن الوثاق اللازمه وقد تم سفرهن الى دمشق وقمن بزيارة الحكيم
وابلغنه بما كلفهن به الدكتور وديع وكان قد طلب منهن تمزيق الوثائق المزوره التي زرن بموجبها الحكيم وابراز جوازات سفرهن الحقيقيه لدى العوده الى الاردن ولدى عودة الحكيم من زيارته وعند وصوله المكان المعد للعمليه قام احد الشباب بقلب
الكوخ على الحارس الذي بداخله وقطع سلك التلفون واما سائق سيارة الشحن الصغيره فقد فشل سائقها في تشغيلها وكانت مهمتها اغلاق الطريق امام سيارة السجن التي تقل الحكيم فظهر كل من ابورافت وابو طلعت وكانا يرتديان ملابس ضباط عسكريه سوريه الا ان صرخا بسائق سيارة السجن قف قف وبعدها وقفت سيارة السجن وما كاد ان يقول انني انقل سجين سياسي قفز الحكيم من سيارة السجن وركب سيارة المرسيدس التي بداخلها الدكتور وديع حداد وانطلقت خلف سيارة اللاند روفر باتجاه دير العشائر واما السياره الثانيه فقامت بانزال السائق والمرافق من سيارة السجن ووضعوهم في سيارة اللاند روفر الثانيه وانطلقت خلف السيارات ووصل الجميع بسلام الى الاراضي اللبنانيه وكان الدكتور وديع قد هيء مكان امن وقد اعد حجز مسبق للدكتور جورج حبش للسفربالطائره في نفس اليوم الى مصر وقد طلب شبابنا من السائق والمرافق الذي كان في سيارة السجن الانضمام الى الجبهه ولكنهم رفضوا وقد تم السماح لهم بالعوده الى دمشق وعاد جميع الرفاق الذين شاركوا بالعمليه الى قواعدهم في الاردن دون اطلاق رصاصه واحده وبعد ذلك تم الاعلان من قبل الجبهه الشعبيه لتحرير فلسطين في بيان تم توزيعه في عمان بانها قامت بتحرير الدكتور جورج حبش من سجون دمشق بالقوه يوم 1968/11/4 بعد ان امضى ثمانية شهور تقريبا في السجن.
القائد احمد سعادات ان شاء الله فك الاسر قريبا لك و لجميع الاسرى
Image may contain: 1 person, sitting and indoor
Image may contain: 1 person, smiling, text
Image may contain: 1 person, closeup
Image may contain: 1 person, smiling, text
46Morad Palstien, Salwa Khatib and 44 others
2 Comments
11 Shares
Like
Show more reactions
Comment
Share
Comments
Image may contain: 1 person, smiling, text
Image may contain: 1 person, closeup
Image may contain: 1 person, smiling, text
46Morad Palstien, Salwa Khatib and 44 others
2 Comments
11 Shares
Like
Show more reactions
Comment
Share
Comments
ردحذفيصادف اليوم الذكرى السنوية الثامنة والثلاثون لاستشهاد القائد الوطني والقومي والمقاتل الفذ وأحد مؤسسي حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق وديع حداد.
ولد الشهيد وديع حداد في مدينة صفد في العام 1927، وكان والده يعمل مدرساً للغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في مدينة حيفا، وبحكم وجود والده في مدينة حيفا فقد تلقي تعليمه الابتدائي والاعدادي والثانوي في المدينة، وأثناء وجوده على مقاعد الدراسة بمراحلها المختلفة تميّز الشهيد وديع بذكائه المتقد ونشاطه المميزة وتفوقه في مادة الرياضيات، كما أنه كان يمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخرى.
ونتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48، اضطر الشهيد وديع للهجرة من وطنه واللجوء مع عائلته ووالده إلى مدينة بيروت حيث استقر بهم المآل هناك، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية ليدرس الطب.
لقد ولّدت النكبة داخل الشهيد وديع شعوراً عالياً بالمسؤولية تجاه شعبه وقضيته التي إزدادت مأساوية على ضوء النكبة، الأمر الذي عكس نفسه على اهتماماته وتوجهاته المستقبلية، ودفعت به باتجاه الإنخراط الفعلي في الفعل الوطني الكفاحي للشعب الفلسطيني، وقد تجلّت بواكير هذه التوجهات خلال انخراطه وهو ما يزال على مقاعد الدراسة في اغاثة أبناء شعبه المشردين جراء النكبة، ولاحقاً عبر انخراطه في جمعية "العروة الوثقي" التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي بها، وتولي الشهيد وديع موقعاً قيادياً في هذه الجمعية.
وما أن أعلن عن تشكيل "هيئة مقاومة الصلح مع اسرائيل" والتي تم تشكيلها من قبل "الشباب العربي القومي" تصدّر الشهيد وديع الأنشطة السياسية التي كانت تقوم بها هذه الهيئة كعضو قيادي فيها، وكانت هذه الهيئة تقوم بأنشطة عديدة لمناهضة الصلح تمثلت بالمظاهرات والمنشورات، الى جانب دورية "الثأر"، ويمكن القول أن الشهيد وديع بدأ عمله السياسي كمحترف وقائد سياسي وجماهيري بعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله الى ساحة الاردن والتحاقه برفيق دربه الدكتور جورج حبش الذي كان قد سبقه الى هناك، ليشكلا معاً العيادة المجانية إلى جانب عيادتيهما، معتبرين نشاطهما الأساسي والرئيسي النشاط الوطني والقومي وليس الطبي.
وفي سبيل تعميق وتجذير التوجه الذي اختطّاه في العيادة الطبية، قاما بإنشاء صفوف تدريس لمحو الأمية لكبار السن، كما استطاعا وعبر رفاق اردنيين أعضاء في الحركة النفاذ إلي نادى "المنتدي العربي" واعتباره أحد المنابر التي إنطلق نشاط الحركة من خلاله.
وقد تتوجت تلك التوجهات ببلورة نواة كحركة القوميين العرب في الأردن، استطاعت وبزمن قياسي أن تساهم بشكل أساسي في المواجهات التي خاضتها الحركة الوطنية الأردنية في مواجهة "تمبلر" ومشروع حلف بغداد واسقاط حكومة هزاع المجالي وتالياً تدريب قيادة الجيش ورحيل كلوب باشا، وقد مثلت هذه التوجهات بداية نهوض وطني عام في الأردن.
وعلى ضوء هذه المعارك والمواجهات والدور الملموس الذي لعبته الحركة خلالها، أصبحت تحظي بدور وسمعة جماهيرية عالية وكبيرة، وبرز الشهيد وديع بوصفه الدينامو المحرك والموجه لفعلها الميداني المتنامي.
لكن النظام الأردني لم يسلم بالهزيمة التي لحقت به، وقام بهجوم معاكس في نيسان عام 1957 ضد حكومة النابلسي الوطنية، واتبعها بحملة اعتقالات واسعة طالت رموز وقيادات الحركة الوطنية ونشطائها، وكان من ضمن الذين ألقي القبض عليهم الدكتور وديع الذي أودع في المعتقل الصحراوي المعروف "بسجن الجفر".
ومكث الدكتور وديع حداد ثلاث سنوات في معتقل الجفر الصحراوي، وبعد جهود مكثفة افرجت السلطات الاردنية عنه، وخلال وجوده في المعتقل مثل الدكتور وديع نموذجاً وقدوة لكافة القوى، ولم ينس رسالته الانسانية والجماهيرية، حيث قام وخلال سجنه باغاثة وعلاج أبناء العشائر البدوية المقيمين في المنطقة بشكل طوعي ومجاني.
التحق الدكتور وديع فوراً بمقر الحركة في دمشق بعد تحرره، وهناك وعلى ضوء العلاقة الجيدة بين الحركة وقيادة الجمهورية العربية المتحدة وعبد الناصر، ونظراً لاندماجه في المواضيع العملية، انخرط في دورة عسكرية في دمشق وكان المسؤول الأول عن هذه الدورة، ولاحقاً أسندت له الحركة مسؤولية العمل الفلسطيني والذي كان حتى ذلك الوقت ممثلاً يرأس قيادة في إطار الحركة ولم يكن فرعاً متكاملاً.
-تابع-
ردحذفوعلى ضوء عملية الانفصال التي حصلت بين مصر وسوريا، انتقل وديع الى بيروت واستمر في تولي مسؤوليته القيادية للجانب الفلسطيني، وفي مرحلة لاحقة تولى مسؤولية العمل العسكري لكل فروع حركة القوميين العرب حيثما تواجدت، حيث أسندت له مهمة الإعداد للعمل الفدائي فلسطينياً وعربياً (اليمن - ليبيا - وأقطار أخرى) وعلى المستوي الفلسطيني كان الشهيد وديع من أكثر المتحمسين لبدء العمل المسلح ضد الكيان الصهيوني.
وجاءت هزيمة حزيران 1967 لتزيد اندفاعته وحماسه في ممارسة الكفاح المسلح، وكان الشهيد وديع مشدوداً لانشاء جبهة فلسطينية كاملة تضم كل القوى المسلحة على الساحة الفلسطينية علي شاكلة الجبهة التي تشكلت في الجزائر، ولاخراج هذه الفكرة إلي حيز الوجود الفعلي، قام الشهيد وديع مندوباً عن الحركة بفتح حوار مع كل من حركة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية، و "طلائع حرب التحرير الشعبية" (الصاعقة) وفشلت المحاولة بسبب موقف قيادة فتح من مسألة الجبهة الوطنية.
وفي ظل الأجواء الملبدة بغيوم الهزيمة العربية الرسمية في حزيران 67 ، وفي ظل الشعور المتزايد لدى قيادة حركة القوميين العرب أن النضال القومي قد غيّب الخاص الفلسطيني، فقد اتجهت الجهود نحو تشكيل أداة فلسطينية تكون مهمتها النضال من أجل تحرير فلسطين، عبر تبنيها لأشكال نضال ووسائل كفاحية تتخطى وتتجاوز الأشكال والأساليب التي اتبعتها الأنظمة العربية الرسمية، والتي ثبت عجزها على مواجهة التوسع الصهيوني واسترداد فلسطين، وتم تشكيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من شباب الثأر وأبطال العودة وجبهة التحرير الفلسطينية وعدد من الشخصيات والرموز الوطنية القومية الناصرية.
ومنذ التأسيس تولى الدكتور وديع مهمات قيادية أساسية جداً في الجبهة حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية والعمل العسكري الخارجي، وأثبت الرفيق الشهيد من خلالهما قدرات قيادية وعملية جديرة بالاحترام والتقدير، حيث جسد شعار "وراء العدو في كل مكان" بطريقة فاعلة.
ومهما تكن وجهات النظر التي طرحت سابقاً وربما تطرح الآن بخصوص هذا الشكل الكفاحي، فإن العمليات العسكرية التي نفذتها الجبهة والخط التكتيكي العسكري الذي قاده الرفيق الشهيد وديع كانت في حينه ضرورة من ضرورات اشهار القضية الفلسطينية وتعريف العالم بقضية هذا الشعب ومعاناته جراء الغزوة الصهيونية الغاشمة التي شردته من أرضه ووطنه ورمت به في شتات الأرض ومخيمات اللجوء المختلفة.
استشهد في عام 1978 في ألمانيا الشرقية.
39 سنة من الغياب و لازال إسمك يرعب العدو في كل مكان..
ردحذفالذكرى الـ39 لاستشهاد المناضل الفلسطيني #وديع_حداد