١-
عندما سألوا الشهيد عبد الخالق محجوب، أثناء محاكمته الشهيرة بمعسكر (الشجرة) في يوم ٢٧ يوليو ١٩٧١، وقبل اعدامه بيوم واحد: ماذا قدمت لشعبك ؟... أجاب في هدوء، وباختزال شديد: "الوعي .. بقدر ما استطعت".
***- وبحسب الصحافيين الذين حضروا الجلسة الأولى من محاكمته: انه "كسب تلك الجولة دون منازع، فكان هو القاضي ...وكتبوا : طُرنا, وأصدروا عليه الحكم بالإعدام وهم يرتجفون ".
٢-
***- تجئ غدآ الأحد ٢٨ يوليو الحالي، الذكري الثانية والاربعين علي اعدام الشهيد عبدالخالق محجوب. والغرض من الكتابة عنه في ذكراه، ان تلم الاجيال الجديدة وتعرف اشياءآ عنه، ومن هو عبدالخالق الذي استطاع ان يغير من خارطة السياسة التقليدية في السودان ويغرس في ابناء شعبه حب النضال السلمي ضد الاقطاعية والرجعية ومحاربة الاستعمار اينما كان وحل...ان يعرفو ايضآ ان عبدالخالق استطاع بالمثابرة والعمل الدؤوب وطوال سنوات كانت مليئة بالضنك والعذاب والملاحقات، والاعتقالات والسجون، ان يقود الحزب الشيوعي السوداني حتي اصبح ثاني اكبر حزب شيوعي في افريقيا بعد الحزب الشيوعي الجنوب افريقي، والأول عربيآ. عبد الخالق محجوب ... أحب السودان فأحبه سـواد الناس في الداخل والخارج... وفى استشهاده العظيم كتب الشاعر محمد الفيتورى يرثيه:
لا تحفروا لى قبرا
سأرقد فى كل شبر من الأرض
أرقد كالماء فى جسد النيل
أرقد كالشمس فى حقول بلادى
فمثلى لا سكن قبرا...
٣-
***- لم تكن عملية اعدام عبدالخالق حدثآ محليآ عابرآ ينتهي بانتهاء مراسم الدفن (الذي اصلآ لم يتم). ولكنها كانت فجيعة ادمت ملايين القلوب، وراحوا من يعرفوه عن قرب من اصدقاءه الكتاب والمفكريين في الخارج - بصورة خاصة- ويرثونه رثاءآ حارآ، وكتب الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب قصيدة قال فيها:
----------------------
وسافرت الى الغابات
ظبى ذبح الان
وللنبع عصافير
نقطه ضوء حرقتنى فى الفخذ اليسرى
ملت....
فضج الكون عصافير ملونه
صعدت على سلم زقزقه
فاهتز الشجر الموغر بالتمر الهندى
غطانى السندس
أغمضت
وصدع من خرزه أمس
وفى رأسى نهد والنهد لقد فر مع الطير صباحآ
وتحريت مطارات العالم
لم أسمع غير الكذب
واقعى طفل فى عفن الشمس
تغوط فى دعه وتمسح كالجن
بآخر تصريح فى صحف الأمس
وللنبع المجرور الى الظل
وتسحبه الشمس ببطء
كل عصافير الغابات ومأتم ظل فى قلبى
والخرطوم تذيع نشيدآ لزجآ
يحمل رأس ثلاثه ثوريين
ووجه نميرى منكمش كمؤخره القنفذ
أين ستذهب يا قاتل
يا قنفذ
الناس عراه فى الشارع
الناس بنادق فى الشارع
الناس جحيم
اى الابواب فتحت
فهنالك نار
ولله جنود من عسل
وعلى رأسك يا ,,محجوب
رأينا سله خبز تأكل منه الطير
فى ساعات الصبح سيمثل إسمك فيك
وضج الكون دمآ وعصافيرآ خرساء
مفقأه الأعين
وارتفعت أدخنه الكيف الدولى
الهى اى مزاح تمزح هذا
ليسدل شئ فوق المسرح...
٤-
***- الفيتوري- في رثاء عبد الخالق
-----------------------
حين يأخذك الصمت منا
فتبدو بعيدا
كأنك راية قافلة
غرقت فى الرمال
تعشب الكلمات القديمة فينا
وتشهق نار القرابين
فوق رؤوس الجبال
وتدور بنا أنت
ياوجهنا المختفى
خلف سحابة
فى زوايا الكهوف
التى زخرفته الكآبة
ويجر السؤال .. السؤال
وتبدو الأجابة نفس الاجابة
****
نناديك
تغرس أصواتنا
شجرا صندليا حواليك
نركض خلف الجنائز
عارين فى غرف الموت
نأتيك بالأوجه المطمئنة
والأجه الخائفة
بتمائم أجدادنا
بتعاويذهم حين يرتطم الدم بالدم
بالصلوات المجوسية الخاطفة
بطقوس المرارات
بالمطر المتساقط فى زمن القحط
بالغاب والنهر والعاصفة
****
قادما من بعيد على صهوة الفرس
الفارس الحلم ذو الحربة الذهبية
يافارس الحزن مرغ حوافر خيلك
فوق مقابرنا الهمجية
حرك ثراها
انتزعها من الموت
يافارس الحزن
كل سحابة موت
تنام على الأرض
تخلقها ثورة فى حشاها
انتزعها من الموت فارس
الحزن
أخضر
قوس من النار والعشب
أخضر
صوتك بيرق وجهك قبرك
لا تحفروا لى قبرا
سأرقد فى كل شبر من الأرض...
٥-
وكتب الشاعر الكبير محجوب شريف في رثاء عبدالخالق:
--------------------------------
أهلا مرحب .. ايوه اتفضل" نادانى
مشيتلو..
مصدق وما مصدق
سلمت بقلبي واحضانى
وشعرت كأنه بيعرفنى
شعرت كأنه بيقرانى
راجل نكته عميق ومهذب
رائع جدا وانسانى
ولما جمعنى وشجعنى
سألتو بدهشة عن الحاصل
قاطعنى .. "بتعنى الاعدام؟
اعدامنا .. بتقصد اعدام؟
الموت لو شنقا حتى الموت
الموت .. لو رميا بالرصاص
ما هو الموت"
"الشعب يقرر من الحى والميت مين
الشعب يقرر مين الحى والميت مين...
٦-
روابـط هامة تعفيني من السرد المطول
عن الشهيد عبدالخالق محجوب:
********************
(أ)-
٣٨ عاماً مرت على إعدام الرمز عبد الخالق محجوب!!
http://jazeratsai.com/forum/showthread.php?t=6670
(ب)-
عبدالخالق محجوب... رجل بقامة وطن...
http://matarmatar.net/thread2938.html
(ج)-
طيف (عبدالخالق محجوب) -عن الخليج الاماراتية-
http://www.alhasahisa.com/t828-topic
bakrielsaiegh@yahoo.de
........................
دفاع الشهيد عبدالخالق محجوب فى قضية الشيوعية الكبرى
دفاع عبدالخالق محجوب فى قضية الشيوعية الكبرى
يا سعادة القاضى :
ان هذه القضية المعروضة أمام محكمتكم الموقرة ، قضية مختلقة من أساسها . دافعها االحقد والتشفى – حقد النظام الراهن على شخصيا ، وحقد كبار رجال البوليس للأسباب الآتية: ان النظام الراهن يعلم سلفا .. (لم يترك القاضى عبدالخالق يمضى فى حديثه . بل أوقفه وطلب اليه ألا يتخذ من المحكمة مسرحا لاثارة أشياء لا تمس للقضية )
المتهم : عاوز أشرح الدوافع ولماذا قدمت الجبهة المعادية للاستعمار دون الأحزاب الأخرى للمحاكمة .
القاضى : برضو أحب أنبهك ألا تجعل من المحكمة مسرحا لكلام خارج عن القضية .
المتهم : أريد أن أبين دوافع كبار المسئولين فى البوليس ، وفى أسباب أحب أشرحها للمحكمة .
القاضى : أرفض أن تكون المحكمة مسرحا لشىء خارج عن هذه القضية .
المتهم : أنا سعادتك أريد أشرح الدوافع التى حركت هذه القضية – فى دوافع خارجه عن نطاق القانون – دوافع شخصية . فيها حقد ، وسأشرح الدافع الذى أتى بهذه القضية للمحكمة .
القاضى : التهمة التى أمامك ذات شطرين ، وهى تقول أن جمعيتكم تنتمى لمنظمة غير شرعية . والمحكمة تطلب منك حصر كلامك فى هذه القضية .
المتهم : قبل 17 نوفمبر كان معروف رأينا فى الانقلاب .
القاضى : انت منو
المتهم : أنا عبد الخالق محجوب .
مرة ثانية لفت القاضى نظر المتهم أن يحصر كلامه فى القضية (محاورة بين هيئة الدفاع والقاضى)
المتهم : أقرر أن هذه البيانات التى قدمها البوليس مختلقة ، ويكفى لتوضيح ذلك ماقاله شاهد الاتهام ، الذى أبلغ المحكمة بأنه أغرى بالمال تحت التهديد والخوف ليشهد ضدنا . وليس ذلك بغريب . فأنا شخصيا معروف رأيى فى الحكومة الراهنة قبل ميلادها بشهر كامل حينما أعلنت فى ليلة سياسية بميدان عبدالمنعم بأن السيد عبدالله خليل (رئيس الوزراء) يخطط مع نفر من كبار ضباط الجيش والسفارة الأمريكية للقيام بانقلاب فى هذه البلد .
القاضى : ألفت نظرك للكلام فى القضية .
المتهم : وأحب أن أقرر وأؤكد بأنى منذ 17 نوفمبر 1958 ، والى أن تم القبض على ، كنت موجودا . ولكن لا أملك المقدرة التى تجعل الأعمى يبصر . وقد قمت بكل المجاملات الاجتماعية مل وفاة السيد عبدالرحمن المهدى وقابلت بعض أعضاء المجلس الأعلى . والقول بأنى كنت مختفيا قصد به التشويش وتبرير المرتبات التى تصرف والزيادات التى طرأت على الميزانية .
أنا لما وجدت الأوضاع فى السودان تغيرت بشكل لا أرضاه .
القاضى : مرة ثانية لا تتحدث عن الأوضاع الحاضرة .
المتهم : طيب . أنا مقر بأنى شيوعى ، أى شخص مؤمن بعد دراسة بالثقافة الماركسية . وحوربت وطوردت بسبب انتمائى لهذه الثقافة التى أحملها ، بينما فى البلد جمعيات تجسسية ينضم اليها الكبار و لا يسألون . أما أنا فلمجرد ثقافتى حوربت وتصادر كتبى وأتعرض للتفتيش من وقت لآخر . هذا هو السبب الذى أضطرنى لأرحل من بيتنا فأنا لا أقبل أن يدخل رجال البوليس بيتنا وهذا يتعارض مع تقاليدنا وأنا حسب معرفتى بهذه البلد سيأتى اليوم الذى تكون فيه حرية الرأى مكفولة . (انتهى)
خلفيات هذه القضية :
فى يوم 18 يونيو 1959 القى القبض على الأستاذين عبد الخالق محجوب وعبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة ، ولم يجد البوليس بحوزتهما ما يمكن اتخاذه ذريعة لتقديمهم للمحاكمة . وبعد بضعة أيام جرى اعتقال سمير جرجس والتيجانى الطيب وقد أحضرا من معتقل ناقشوط بالاضافة الى أشخاص آخرين . نسبة لعدم وجود شهود يعتد بهم لتحريك هذه القضية أوعز أباروا (مدير الأمن) لرجاله بأن يعملوا على شراء بعض ضعاف النفوس للأدلاء بشهادات ضد المتهمين تؤكد صتهم بادارة منظمة مناهضة للحكومة . فوقع الاختيار على شخص يدعى عبدالقادر حمدتو . وتم تهديده باجراءات صارمة اذا لم يتعاون مع ممثل الاتهام فيما عرف بقضية الشيوعية الكبرى . ولكن شاهد الاتهام أصغى لصوت العقل والضمير وقلب مجريات المحاكمة رأسا على عقب حينما طلب منه الادلاء بشهادته وذكر : "يا سعادة القاضى أنا انتظرت هذه الحظة من مدة عشان أخلص ضميرى. قبض على فى البيت . فتشوا ولم يجدوا شيئا ووضعت فى الحراسة حتى الصباح الساعة 6:30 . طلب منى ضابط البوليس أن أردد أمام المحكمة بعض المعلومات التى كتبها فى ورقة وهددنى بالاعتقال اذا لم أنفذ بالحرف الواحد كل كلمة كتبها . وفى اليوم التانى قابلت السيد أبارو وقال لى : علمت بأنك اعترفت . قلت ليهو أنا ما اعترفت ولكن كررت ما أملى على . قال لى أنا عارف ولكن أحسن تتعاون معنا . قلت له كويس . وبعد اسبوع نادانى وقال لى اعتقلنا عبد الخالق ووسيلة وعاوزنك تشهد ضدهم . قلت له : ولكن لا أعرفهم . فماذا أقول . قول بأنك شيوعى وبأن عبد الخالق هو سكرتير الحزب وأن وسيلة حضر معكم عدة اجتماعات . قل له ولكن كيف أقول حاجة لأضر أشخاص آخرين . قال لى من مصلحتك تقوله ومش حتحصل ليك حاجة . و لاتنسى أن اعترافك موجود ويمكن أن نتعمله ضدك فى أى لحظة . بعد داك أعطانى 25 قرشا للمواصلات...
فى بداية المحكمة قدم أبارو مرافعة طويلة حول تاريخ الحزب الشيوعى وطرق عمله والأسماء الحركية للمتهمين . وأعقبه شهود اتهام من أفراد البوليس حتى جاءت شهادة عبدالقادر حمدتو الذى فجر قنبلة داوية وأدلى باعترافه وتعرضه للتخويف والاغراء ليدلى بشهادة لا يقر بصحتها . وهكذا تحولت المحكمة الى فضيحة مدوية تناقلها القاصى والدانى كواحدة من سلسلة السقطات الكبيرة لأجهزة الأمن والقائمين عليها فى فترة الديكتاتورية العسكرية الأولى (1958-64) .
مرافعة هيئة الدفاع : هذا هو التلخيص القانونى للقضية كما قدمه الأستاذ الرشيد نايل :
تحقيق قضائى بمحكمة جنايات الخرطوم : عبدالخالق محجوب وآخرون
قاضى جنايات الخرطوم (يحى عمران)
المحترم
سيدى – بالنيابة عن المتهمين المذكورين أعلاه ، وتعقبا على البينات التى قدمها الاتهام ، أرجو أن أقدم لسيادتكم الآتى :
ان البينة المقدمة من شاهد الاتهام الأول السيد أحمد أبارو مساعد الوكيل الدائم لشئون الأمن بوزارة الداخلية ، لا يمكن أن تعتبر بينة .
ان الشاهد يقول بأنه بالمعلومات السرية التى تصله بحكم عمله كمسئول عن الأمن ، والتى لايبوح بمصدرها و لايتحدث عن عمله هو ..
مثل هذه الشهادة كان الواجب استبعادها قبل ادلاء الشاهد بها فهى شهادة غير مباشرة ولا تصل حتى الى درجة الشهادة السماعية ، التى يحكى شاهدها عن اناس معينين . فالشاهد هنا أدلى بمعلومات قال انها وصلته هو ولم يبين مطلقا كيف وصلته .
فاذا كانت الشهادة السماعية غير مقبولة أصلا فان مثل هذه الشهادة يجب استبعادها جملة وتفصيلا . ما ينطبق على شهادته الكلامية ينطبق على الأوراق والمخطوطات والجرائد التى قدمها ، وذكر بأنها وصلته من مصادر سرية . وكل هذه الوثائق غير مقبولة قانونيا ولايعتد بها . انه لم يحدث فى تاريخ محاكمن ، حتى فى زمن الآنجليز أن قام مسئول من رجال الأمن بالادلاء بمثل هذه الشهادة . انها توضح أن الاتهام وقد عجز عن تقديم بينات ملموسة أراد أن يفوت على القضاء شهادة لايقرها عرف أو قانون . ولو صح أن هذه الشهادة يمكن قبولها لكان هينا على الاتهام أن يقدم بينات تحصل عليها بطريقة سرية توضح أن المتهمين أعضاء فى الجنة المركزية للحزب الشيوعى السرى أو أى منظمة أخرى دون أن يلجأ لشهود متعددين - ان السبب الرئيسى فى عدم قبول الشهادة السماعية أمام المحاكم هو مخافة التلفيق والفبركة . واذا كان ذلك هو الحال بالنسبة للشهادة السماعية فأى تلفيق وفبركة يمكن أن يصيب شهادة شاهد وبياناته التى يحجم عن كشف مصادرها . .. لهذا السبب نطلب استبعد جميع الشهادات والمعروضات السرية التى قدمها شاهد الاتهام ان تقديم مثل هذه الشهادة يعد مهزلة..
ثانيا : نرجو من سعادتكم بالنسبة لهذا التحقيق أن تأخذوا بعين الاعتبار المواقف غير العادلة والتى لاتتفق مع القانون كما فعل ممثل الاتهام والمتحرين والمعالجة الخاطئة لهذه القضية . وهاكم بعض الأمثلة :
أ . ان جميع المتهمين بسجن كوبر يعاملون تحت لوائح السجون وهذا قبل محاكمتهم .
ب . ان المتهمين ممنوعون من الحصول على أى أوراق أو أقلام ليعدوا بها دفاعهم أو مناقشته مع محاميهم .
ج . ان البينات التى قدمه الاتهام مأخوذة بطريقة لا تقرها أى هيئة تحترم نفسها أوتحترم الناس ، فبعض أوراق المضاهاة حصلوا عليها من الخطابات الشخصية التى أرسلها المتهمون وهم معتقلون تحت رحمة السلطة . ان هذه طريقة معيبة .
د . ان شهادة شاهد الاتهام عبد القادر حمدتو تدل على المستوى الذى تدهور اليه التحرى والتحقيق فى بلادنا . وكان الأجدر بالاتهام ألا يقدم مثل هذا الشاهد ليكون برهانا على هذه الحالى السيئة .
ان مثل هذه الأعمال يجب أن أن تكون فى اعتبار سيادتكم عند تقدير البينات التى أوردها الاتهام بينما حرم المتهمون من فرص يتيحها القانون للدفاع عن أنفسهم .
د . أخيرا ، أطلب من سيادتكم أستبعاد الشهادات التى لاقيمة لها وأن تأمروا يشطب هذه القضية .
المخلص
الرشيد نايل - المحامى
........................
عبدالخالق محجوب في محكمة يوليو 1971 - YouTube
https://www.youtube.com/watch?v=EPBH5N9vZrw
30/03/2012 - تم التحديث بواسطة عبد الحكيم نصر
عبدالخالق محجوب في محكمة يوليو 1971. عبد الحكيم نصر .... تهريب عبد الخالق محجوب و انقلاب هاشم العطا اعترافات عثمان الكودة لعادل سيد احمد ...
.......................
نجل عبدالخالق محجوب.. وحوار حول احداث إنقلاب هاشم العطا
كانت أَيام عصيبة.. ثلاثة أَيام عاشها السودان والسودانيون، فيما عُرف بانقلاب هاشم العطا، في يوليو 71.الناس اعتبروه مواجهة بين الشيوعيين، أو اليساريين، فيما بينهم.. حدثت خلالها دراما تراجيدية دامية ومؤسفة..
كانت احداث بيت الضيافة وكانت اعدامات الشجرة..
«الوطن» تقلب هذا الملف الحزين، مع نجل عبدالخالق محجوب «عمر»…
وعبدالخالق رقم كبير ومعروف.. وزعيم شيوعي بارز، قاد هذا الحزب لفترة من الزمان.. حتى أعدمه نظام نميري، عقب إنقلاب هاشم العطا.
* كم كان عمرك بالضبط عند وقوع أحداث 19 يوليو؟
– كان عمري آنذاك سنتان ويكبرني شقيقي معز ثم الأخ غير الشقيق بابكر الطيب ميرغني الذي كان يكبرني بتسع سنوات.. لدي بنت تسمى هلانا وولد اسميته راشد وهو الأسم الحركي المشهور للوالد عبد الخالق أما معز فله ولدان هما عبد الخالق ومحجوب.
* هنالك تفاصيل غائبة عن أحداث 19 يوليو حتى اللحظة؟
– ينبغي أن نذكر الضمير السوداني بأحداث 19يوليو 69 المشؤومة وما حدث فيها من فظائع وجرائم نسبة للتعتيم المقصود الذي غيّب الحقائق الكاملة إلى يومنا هذا التي من المفترض أن تملك لأسر الشهداء إذ لا زالت هنالك حلقة مفقودة يعرف كنهها أشخاص بعينهم صامتون عن الحق وكأنهم لا يعلمون أن الصامت عن الحق شيطان أخرس، وهذه الحلقة المفقودة أثرت في الإتجاه الذي سارت عليه الدولة السودانية من بعد ذلك إذ حدث تدخل أجنبي سافر في تلك الفترة وبشكل مباشر وللأسف بعد حقبة الأشهار إذ حاول أمريكا وبريطانيا فرض وصاية على الشعب السوداني بعد استقلال السودان.
وما يحدث اليوم نتاج طبيعي لذلك التاريخ المظلم وجزء لا يتجزأ من ذاك الماضي الأليم حينما استغل جعفر نميري نفوذ السلطة في تصفية حساباته لساسة مدنيين داخل محاكم عسكرية صفى داخلها الصراعات الفكرية بتعذيب وصل حدّ الموت داخل بيوت الأشباح فمهّد الطريق إلى أسلوب قتل المدنيين العزل بهذه الوحشية والفظاعة.
* ربما سمعت بعض الروايات بعد كبر سنك عن تعذيب المعتقلين وتفاصيل محاكمتهم؟
– الروايات كثيرة وكما أسلفت هذه حلقة مفقودة أنا شخصياً أبحث عن تفاصيلها لذلك أدعو وأتمنى من أفراد داخل الحزب الشيوعي وأفراد من خارجه وأفراد من حكومة مايو للتحدث لأن يتحلّوا بالشجاعة وأن يصحصحوا ضمائرهم الإنسانية فبالحسابات العادية «فضل ليهم سنين ويقابلوا ربهم» ولكن من الروايات البسيطة التي علمنا بتفاصيلها أن جلسات المحاكمة الأولى كانت مفتوحة لأجهزة الإعلام الغربي والمحلي بالذات جلسات محاكمة عبدالخالق محجوب ولكن حينما وصلت جلسات المحكمة إلى الفشل في إثبات تهمة بعينها عليه تم منع الصحافة الغربية والمحلية من حضور بقية الجلسات مما غيّب تفاصيل نهاية المحاكمة على الجميع، ايضاً يروى أن جعفر نميري كوّن لجنة للتحقيق في مقتل شهداء مجزرة قصر الضيافة وكانت نتيجة التحقيق أن لا علاقة لعبد الخالق ومن معه بالمجزرة وكتب ذلك في وثيقة إلا أن نميري حل تلك اللجنة وحرق الوثيقة التي كانت تحوي حقائق في غاية الأهمية فحرفت بذلك الحقيقة، ايضاً الروايات تتحدث عن تعذيب شديد مورس على المعتقلين الشهيد الشفيع والشهيد جوزيف قرنق وبابكر النور ومقيد اليدين وهو أعزل وتم صفعه، وعبد الخالق محجوب القى عليه القبض في ابوروف وتم اقتياده للشجرة بجلابيته بطريقة فيها امتهان للإنسان وتم سكب الماء على وجهه من قبل جعفر نميري بجانب التلفظ بألفاظ نابئة هذا هو المعروف وما خفي أعظم.
* وإذا قابلت أحد هؤلاء الثلاثة، نميري، خالد حسن عباس وأبو القاسم محمد إبراهيم، ماذا تقول لهم؟
– أطلب منهم أن يعتذروا للشعب السوداني ويمتلكوا الشجاعة الكاملة لذلك وهذه الشجاعة يجب أن تكون مكتسبة لديهم للرجال فقط وإنما كضباط في الجيش السوداني، أن يعتذروا للشعب السوداني عن تشريده وإفقاره وتقويد السلطة وعن تلك الحقبة السوداء فقد جعلوا السودان ولأول مرة دمية في يد القوة التي لا تريد للسودان التقدم والإزدهار. قوتان محلية وعالمية ثم أن القائد الشجاع لا يستخسر الاعتذار لشعبه ألم يروا كيف اعتذر القيادي بالحركة الشعبية باقان أموم للشعب السوداني عن استعمالهم للبندقية في تحقيق السلام ولعل اعتذار باقان يكون مثل أعلى بالنسبة لهم ولغيرهم وأنموذج يحتذى به.
* أعتقد أن لديكم مطالب خاصة بشهدائكم؟
– نطالب السلطة او القائمين على أمر السلطة الذين يتسترون على نميري برفع الحصانة عنه حتى يتثنى لأسر شهداء مايو- 19 يوليو- إنقلاب حسن حسين- مقتل الهادي المهدي- مجزرة الجزيرة أبا ان يقدموهم إلى القضاء السوداني، كما نطالب بمعرفة قبور شهدائنا حتى نعرف أين دفنوا وأين محتوياتهم الشخصية وما هي وصاياهم وهذا حق من حقوقنا ومن حق اي مواطن سوداني لأنهم شهداء قضايا وهذا يعطي دافع معنوي كبير للأسر ويدل على إحترام الدولة لشهداء مواطنيها.
* في تقديرك هل ساهمت مساندة الحزب الشيوعي لمايو في نجاحها؟
– لا يختلف اثنان ان مجلس ثورة يوليو كان يضم ضباط ينتمون للحزب الشيوعي ولكن لا أجزم القول بإنها كانت مساندة مائة- بالمائة وإلا لما أتوا بجعفر نميري ولكن الجيش السوداني آنذاك كان يحوي تنظيم السوار الأحرار «حزب الناصريين، البعثيين، الشيوعيين، القوميين العرب» فقرر تنظيم الأحرار أن ينقلب على الوضع الديمقراطي بكل عيوبه، ايضاً في ذلك الوقت تم تقويض النظام الدستوري بعدم إنصياع الحكومة بقيادة الصادق المهدي لقرار المحكمة الدستورية بعدم شرعية طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان هذا إلى جانب الأزمة الإقتصادية والإجتماعية الحادة التي كان يعيشها السودان ورغم كل هذا ليس مبرر كافي لإنقلاب التنظيم، لكن السؤال الأهم هل قاوم الحزب الشيوعي الانقسام الذي تعرض له ما بين مؤيد لانقلاب مايو أو الإنضمام له أو حتى الذوبان في منظومة مايو كما حدث في مصر وما بين معارض لهذه الفكرة والدعوة إلى عودة الديمقراطية رغم انه توجد وثائق تؤكد التنافر بين مؤيد ومعارض الأمر الذي أفضى إلى نفي الصادق المهدي وسكرتير الحزب الشيوعي في يوم واحد وفي طائرة واحدة إلى مصر وهذا رأيي الشخصي والرأي الرسمي تسأل عنه سكرتارية الحزب الشيوعي السوداني.
* لديكم محاولات في تقديم ملف الشهداء للقضاء السوداني؟
– محاولات جادة تصطدم بالحصانة التي يتمتع بها نميري كما أسلفت من قبل السلطة آخرها مذكرة سلمت لرئيس الجمهورية ونائبه الشهيد د. جون قرنق ولسوء الحظ سلمنا هذه المذكرة في القصر الجمهوري في ذات اليوم الذي استشهد فيه قرنق ولكننا لم نعرف حتى الآن مصير هذه المذكرة.
* وإذا لم يبت القضاء السوداني في شكواكم هل هنالك إتجاه لمحاكم عالمية؟
– نعم هنالك إتجاه لمحاكم عالمية إذا أوصدت كل الأبواب في وجوهنا فنحن منذ سنوات ومنذ الفترة الانتقالية للمجلس العسكري برئاسة سوار الذهب نحاول أن نحل المسألة عن طريق القضاء السوداني وقد تم قبل ذلك في أمريكا تحريك إجراءات ضد نميري عندما كان موجوداً هناك إلا انه عندما سمع بالأمر غادر أمريكا وهرب سريعاً.
* هل من إضافة؟
– أود أن أضيف وأكرر ان ما نتعرض له الآن في السودان هو نتاج لسياسة القمع والقتل والإعدام في الظلام والتشريد في 19 يوليو ايضاً ما نتعرض له هو نتاج لدولة تستخدم الميزات التي تميزها في ضعفها فلدينا تنوع ثقافي وعرقي تفتقده كل الدول ونحن الدولة الوحيدة في العالم التي يمر فيها نيلين فضلاً عن المعادن والثروة الحيوانية الضخمة ورغم ذلك نعاني من مشاكل بدائية إلا أن الحل واضح هو ربط المركز بالاقاليم وإقامة التنمية فيها.
حوار/ مشاعر عثمان – الوطن[/ALIGN]
تحية لكل شهداء الحزب الشيوعي السوداني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق