سمير القنطار
سمير القنطار يروي قصّة ثلاثين عاماً: لستُ نيرون
جميعنا، مَن يتّفق مع سمير القنطار ومَن يختلف معه، لا يعرف قصّته، فقائد عمليّة جمال عبد الناصر في نهاريا، وقع فتىً في السادسة عشرة من العمر في أسر الصورة التي صاغتها الآلة الدعائية الاستخبارية الإسرائيلية. كتاب «سمير القنطار: قصّتي» لحسّان الزين، الصادر قريباً عن دار الساقي، يحاول تقديم رواية عميد الأسرى العرب في السجون الإسرائيلية، منذ ودّعه أبو العبّاس حتى استقبله حسن نصر الله، وما بين هاتين المحطتين حكايات وأسرار كثيرة وتفاصيل حياة يُستغرَب أن تلتقي خيوطها وتتكثّف خلف القضبان. هنا أجزاء من الفصل الأول
حسّان الزين *
سجن هداريم، 12 تموز/يوليو 2006.
استيقظتُ باكراً قبل بدء جولة العدّ اليوميّة. ذهني صاف وكأنّه لا كوكبَ ولا شيء فيه. قمتُ بحركاتي الآليّة الصباحيّة. نزلتُ من سريري الموجود كطبقة ثانية فوق سرير زميلي في الزنزانة، محمد أبو جاموس. أحبّ أن يكون سريري عالياً كأنه طائرٌ مرتفع عن أرض الزنزانة والسجن. يتيح لي ذلك توفير عالم خاصّ بي. أفكّر بهدوء وأقرأ وأستمعُ إلى الراديو وأشاهد التلفزيون.
شرعتُ أغسل وجهي وأسناني فوق المغسلة المكشوفة قرب الحمام في الزنزانة. اقتربَ مني أبو جاموس ليخبرني أنه مكتوب، في شريط الأخبار على التلفزيون، أنَّ ثمّة اشتباكات على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. لم آخذ أو أعط معه. سمعتُ ولم أقل كلمة أو أُظهر أيّ ردّة فعل. قلتُ في نفسي إنها عملية في مزارع شبعا رداً على ما يحصل في قطاع غزّة. فالوضع هناك صعب، وإسرائيل تقوم بأعمال انتقامية منذ أُسر الجندي جلعاد شاليط قبل 19 يوماً (في 25 حزيران/يونيو 2006)، والمقاومة الإسلاميّة في لبنان تتضامن مع الفلسطينيين وربّما تقوم بعمل عسكري لتخفيف الضغط عنهم وتشتيت الجبهة الإسرائيلية.
جلستُ على كرسي صغير في زنزانتي أحتسي قهوتي، وأتابع التلفزيون. لا جديد على ما قاله أبو جاموس. بعد قليل وصلني مرسال من رفيق لي في السجن، عبد الناصر عيسى، من قادة «حماس»، نزيل زنزانة مجاورة، يخبرني أنَّه سمع بتنفيذ حزب الله عملية أسر.
كهرباء عبرت جسدي، كما لو أني استيقظتُ الآن لا قبل ساعات. نقلت محطة التلفزيون إلى القناة الإسرائيلية «العاشرة». وجدتُ في أسفل الشاشة عبارة: «اشتباكات على طول الحدود اللبنانية، ويبدو أن حزب الله يخطط للقيام بأمر ما». جملةٌ ملغّزة ملغومة كالعادة، تقول ولا تقول الحقيقة كاملة. بدأ الفأر يلعب في عبّي. انتقلتُ، لأجمع الخبر، إلى القناة الإسرائيلية «الثانية». الأمر نفسه: «اشتباكات على طول الحدود مع لبنان ويبدو أن حزب الله يريد أن يقوم بعمل ما». هنا أيضاً جملة ناقصة. شعرتُ بأنها تخفي أكثر ممّا تبوح، وفي الوقت نفسه تمهّد لقول أمور أخرى وإبراز أجزاء من البازل. تفاؤل خافت لم أقمعه بل رحتُ أبحث عن خبر يغذّيه أو يطابقه ويترجمه. وزاد من شعوري هذا تفسيري لعبارة «يبدو أن حزب الله يخطط لأمر ما». هل مِنْ أحد يكتب في الأخبار مثل هذا؟ هذا يعني أن أمراً ما قد حصل وإسرائيل تمهّد لإعلانه، لكن القرار في صدده لم يؤخذ بعد. فالتقليد في إسرائيل يفرض على الإعلام الالتزام بالبيانات الرسمية الصادرة عن الجيش.
أغرتني فكرة أن أتصل بأحد في بيروت، شقيقي بسام، أو المنسّق بيني وبين السيّد حسن نصر الله، لكن ذلك مستحيل في هذا الوضع. الخطوط قد تكون مراقبة فيُكشف أمر هاتفي السرّي. وأصلاً، يصعب عليّ سحبه من مخبئه الآن مع احتمال دهم السجن وتفتيشه. كبحتُ هذه الرغبة.
ماذا أفعل؟ لا شكّ في أن أمراً ما قد حصل! ازداد اقتناعي بذلك. وأنا أنقّل التلفزيون بين القنوات الإسرائيلية، ثَبَّتُّ قليلاً على «العاشرة»، أوقفتني صورة المراسل ألون بن دافيد، يقدّم تقريراً عمّا يجري على الحدود اللبنانية. لفتتني عبارة قالها: «يبدو أن حزب الله نفّذ عملية استراتيجية».
دَفْقٌ من الماء البارد غمر روحي. شعرتُ بأنني غطستُ في بحر صور. ورحتُ أعوم. قلتُ لنفسي:
«خلص. وقعوا! فالشباب، في المقاومة، لا ينفّذون إلّا عملية أسر، ولا شيءَ آخر».
كرّرتُ:
«أكلوها». واطمأننت.تحميلي ذنب الحرب أشبه بتحميل إسرائيل الجنديين الأسيرين مسؤوليتها. لكن إسرائيل لا تفعل هذا
عملية استراتيجية؟ عبارة ترنّ في رأسي. عملية استراتيجية. أدرينالين يعبر حواسي كلّها. أريد أن أعرف بعد. أريد أن أفهم ماذا يجري. لكن يقيناً حطّ في قلبي. وضعتُ يديّ في جيبيْ بنطلون الجينز، كأني أمسكُ بكفّي شيئاً ما ثميناً، أو سريّاً، كي لا يأخذه أو يعرف به أحد. باتت كفّاي قبضتين، وكلما شددتُ أصابعي القصيرة تحرّكت قسمات وجهي كما لو أنها مربوطة بخيوط موصولة بالأصابع وتحاول أن ترسم ابتسامة، أو تمهّد لذلك. وما زلتُ مشدوداً إلى التلفزيون. روني دانييل على القناة «الثانية» يقول:
ـــــ «بدأ حزب الله عمليات استفزازية على الحدود، واضطرّ الجيش إلى الرد».
يمهّدون للإخبار عن العملية... يفرشون الطريق للصدمة. حتى الآن لا بيانَ رسمياً عن الجيش. وما دام الأمر كذلك، ممنوعٌ على الإعلام أن يستند إلى مصادر خارجية. فكّرتُ في هذا، وأنا أراوغ انتظاري.
خبط قويّ على الحائط من الزنزانة الملاصقة أعادني إلى الواقع. اقتربتُ من الحائط لجهة الباب ورددتُ عليه، فطلب إليّ أحدهم أن أشاهد قناة «الجزيرة». نقلتُ التلفزيون إليها فوجدتُ مكتوباً في أسفل الشاشة خبراً عاجلاً:
ـــــ «حزب الله يأسر جنديين إسرائيليين».
ـــــ «خلص، مشي الحال!»، فرحت. رفعت يديّ وشكرت الله. أعدتُ يديّ إلى جيبيْ بنطلوني: «صار الموضوع في يدي». خرجتُ من الزنزانة إلى الممر. رآني شرطي سعيداً، يبدو أنني لم أخفِ ابتهاجي، أو هو الشرطي الذي بادر إلى سؤالي عمّا يحصل جعلني أفرح وأظهر ذلك بقولي له:
ـــــ «شبابنا سحبوا لكم اثنين». وضحكت.
ردّ:
ـــــ «ماذا؟».
كرّرت:
ـــــ «شبابنا في المقاومة سحبوا لكم اثنين».
سأل:
ـــــ «من المقاومة؟».
قلت:
ـــــ «المقاومة الإسلامية، حزب الله في لبنان، سحب لكم جنديين، الآن، ليخرجني من هنا».
لم يصدّق، لم يأخذ الموضوع جديّاً. انسحب إلى مكاتب إدارة السجن. هناك عندهم محطة إخبارية مشفّرة اسمها «YES»، قويّة، تأتي بأخبار دقيقة. أعرف من اللحظة الأولى أنه سينسحب ليشاهد تلك المحطة ويتأكّد. لعلّي حرّضته ليفعل ذلك، وإذا لم يعد يتأكد لي الأمر، فيما يعود إذا لم يكن الخبر صحيحاً ويريد أن يغيظني وينفي ما قلته له.
وغاب.
صار الشباب، السجناء معي، يهنئونني ويقبّلونني علناً أمام الحراس الإسرائيليين، في الممر وفي الزنزانة.
لم يكبح الإسرائيليون هذه الفرحة عندما قطعوا بثّ المحطات العربية التي تصل إلينا. تركوا العبرية فقط. فقطع بث تلك القنوات يعني لنا أن أمراً ما خطيراً واستراتيجياً قد حصل ويريدون أن يمنعوا عنّا أخباره.
لكن القناة «العاشرة» التي نشاهدها راحت تنقل عن قناة «المنار». نقلت بيان المقاومة وصوراً لي. سمعتُ أن اسم العملية إطلاق سراح سمير القنطار ورفاقه من السجون الإسرائيلية.
ارتحت.
صوت شقيقي بسّام وأمّي عبر إذاعة «النور» جذبني إلى سريري لأسمع قرب الراديو. استلقيتُ كأني في بيتنا، في عبيه. أخذتني الإذاعة إلى ألفة قديمة، بعيدة. فرحُ تلك الأصوات لفّني.
الآن، وسط هذا اليوم التموزي، ثمّة دفءٌ وثمّة هواءٌ أتنشّقه. هواءٌ جبلي مع نسمات بحرية، وأصواتٌ ووجوهٌ كثيرة.
«شكراً سماحة السيّد. شكراً أيها المقاومون الأبطال». رحتُ أكرّر وأنا أنظر إلى سقف زنزانتي القريب من وجهي، وأرى السماء. كانت صافية، وزادها وضوحاً اعتراف الجيش الإسرائيلي بالعملية وأسر الجنديين.
وما نفع أن يقطعوا عنّا بثّ القنوات العربية، وها هم يتجرّعون السمّ وينقلون المؤتمر الصحافي للسيّد حسن نصر الله، ويترجمونه مباشرة إلى العبرية! بل توجّه إليّ وإلى رفاقي السجناء. صوته وهو يحدّثني سمعته يخترق السجن وإسرائيل كلها. قال:
«إنكم أصبحتم عند خط الحريّة. هذا يوم سمير القنطار ويحيى سكاف ونسيم نسر». واختصر اسم العملية (إطلاق سراح سمير القنطار ورفاقه من السجون الإسرائيلية) في كلمتين: الوعد الصادق.
استفزّهم السيّد. جنّنهم.
آثرتُ في هذه اللحظة متابعةَ برنامج «مساء جديد» مع مقدّمه البارز في إسرائيل دان مرغريت، على القناة «الأولى». أحسستُ أنه يوضح توجّهات الرأي العام. فقد استضاف أشخاصاً منفعلين راحوا يحرّضون الحكومة على الحرب، واتفقوا على أنه إذا لم نقم بحرب من أجل الجنديين يجب أن نقوم بها رداً على كلام حسن نصر الله:
«إذا أردتم حرباً فسنذهب إلى النهاية، وإذا أتى العالم كلّه فلن يأخذ الجنديين من دون إطلاق سراح سمير القنطار ورفاقه».
وتقرّر أن تجتمع الحكومة الإسرائيليّة عند الثامنة مساءً. سيطر عليّ الحذر والترقّب. كرةُ ثلج ردّة الفعل بدأت تكبر وتتدحرج. صرتُ أفكّر بالخطوة التالية التي ستقوم بها إسرائيل. وبقيتُ أستبعد الحرب لكون إسرائيل غير مستعدّة لها وحكومتها الحالية ليس فيها عسكريون، ومسألة الجنديين يمكن حلّها بالتفاوض والتبادل، كما حصل مع عمليّة أسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة، في تشرين الأول 2000. لكن ردّة الفعل لا محالة ستحصل، وتوقّعتها موضعيّة، قصفاً هنا، واغتيالاً وخطفاً هناك.
إلى أن انتهى اجتماع الحكومة الإسرائيلية وأعلنت الحرب على لبنان وحزب الله في إطار «المواجهة الكبرى» لتحقيق هدفين: الأول ضربة مؤلمة لحزب الله والبنى التحتيّة اللبنانيّة في الساعات والأيّام القريبة. والثاني إبعاد حزب الله عن الحدود بجهد عسكري ودبلوماسي على الصعيد الدولي. وأطلقت إسرائيل على حربها هذه تسمية «الجزاء المناسب».
بدأت أجواء الحرب ترتسم. توجّستُ شرّاً، وكذلك السجناء الآخرون. كلّهم عبّروا لي عن ذلك. تشاءموا. وتحدّثوا عن حقد إسرائيل وممارساتها في فلسطين ولبنان. شخصياً، لم أخف. كنتُ مطمئناً، وقلتُ لا حكومةَ في العالم تأخذ قراراً بالحرب في ساعة أو ساعتين إلاّ تكون غافلة عن نتائج الحرب. لا حربَ تُتّخذ بهذا النحو تحت ضغط التحريض الإعلامي.
ألقيتُ نظرة عبر باب الزنزانة على الممر لأعرف حركة الحراس. وانسحبتُ إلى سريري أحرسُ ما أفكّر فيه وما سأقوم به. ورحتُ أُنصتُ لأي حركة للشرطة في الممر. استلقيتُ كأنني نائم. أسهم ذلك في هدوء الزنزانة. واختفت الأصوات من الخارج. اكتفيتُ بصوت خافت، همس، من الراديو، أسمع إذاعة النور. حافظتُ على هذا الوضع بعض الوقت، لأتأكد من حركة الشرطة. الدهم والتفتيش قد يحصلان في أيّ لحظة، خصوصاً في مثل هذه الظروف.
عند الحادية عشرة، سحبتُ الهاتف من مخبئه واتصلتُ بالمنسّق بيني وبين السيّد حسن نصر الله. دعوته إلى الحذر والتنبّه.
رد مطمئناً:
ـــــ «لا يهمّك، الجميع محتاط وكل شيء تمام».
لم أنم. بقيت ساهراً مع إذاعة النور. أسمع الأناشيد الحماسيّة والدينيّة. أقرأ القرآن وأدعو الله أن يحمي لبنان والمقاومة ويفك أسر كلّ معتقل. وتخلل هذه الأمسية أخبار عن الحرب وبيانات للمقاومة تعلن فيها تدميرها ثلاث دبابات وقصفها مرابض مدفعيّة إسرائيليّة في الجولان السوري المحتل. سمعت تحيّة المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف للمقاومة الإسلاميّة.
وسط انهماكي في متابعة الأخبار العسكريّة الحربيّة فاجأني وليد جنبلاط. أوعز إلى المسؤولين في حزبه ومنطقة الجبل وجوب توفير الأمكنة اللازمة للعائلات النازحة من الجنوب والضاحية الجنوبيّة لبيروت. لم أستسغ هذا الموقف الإنساني في ظاهره. فكّرت أنه للفصل بين المقاومة وجمهورها. فأنا لا أستطيع أن أنسى مواقف جنبلاط تجاه المقاومة و«سلاح الغدر»، بحسب تعبيره. وهو في الحلف المناهض للمقاومة. وسيّدته السعودية حمّلت اليوم المقاومة «المسؤوليّة الكاملة» عن تصرّفاتها «غير المسؤولة» ودعتها إلى إنهاء الأزمة التي أحدثتها، مطالبة بالتفرقة بين «المقاومة الشرعيّة والمغامرات غير المحسوبة».
حرّضني موقف جنبلاط هذا لأتصل بشقيقي بسام وأستوضح الأمر وأعرف ماذا يجري في الجبل. خطّه مقفل. قلقت. عاودت الاتصال، فتكرّر الصوتُ الذي يعلن أن الرقم المطلوب خارج الخدمة.
... وأخيراً، بسّام على السمع. ردَّ. أخبرني أن خطّه كان مقفلاً لأنه كان مشاركاً في برنامج «بالعربي» مع جيزيل خوري. لم أعرف ذلك لأن قناة «العربيّة» من ضمن القنوات التي قطع بثّها إلينا أمس.
كما تأخر بسام في الرد عليّ، كذلك حصل معه في الحلقة، تأخر في الانضمام إليها لأسباب تتعلق بالحذر في الانتقال إلى الاستديو أثناء الحرب. قالت جيزيل إنني كنتُ أراسلها، والحقيقة أنني راسلتها مرة واحدة معزّياً بزوجها سمير قصير. مهّدت بالتذكير بهذه الحالة الإنسانيّة لتصوّرني لا أقبل بالحرب من أجل حرّيتي. كأنني أنا مقتنع بأن الحرب بسببي. وبدأت أسئلتها لبسام عن شعور عائلة القنطار التي نُفّذت العملية لتحرير ابنها، كما قالت. فقلَب بسام السؤال داعياً إلى النظر في الخسائر التي تقع في إسرائيل لا الاكتفاء بالتدمير والقتل اللذين تمارسهما إسرائيل في لبنان. وعند استفسارها عن المدّة التي أمضيتها في السجن، تحدّث سمير فرنجية عن المفقودين اللبنانيين في السجون السورية. تدخّل بسام وقال إن بين القوى التي يتحدث باسمها فرنجية جهات تتحمّل مسؤولية مباشرة عن عشرات المفقودين، وهم أهلنا وناسنا. وتوجّه إلى سمير فرنجية:
ـــــ «لو كنتَ نائباً في البرلمان الإسرائيلي وأنا مواطن إسرائيلي أو شقيقي رون أراد، لا أعتقد أنه كان يمكنك أن تتحدث بهذه الطريقة».
وعادت جيزيل وسألت بسّام:
ـــــ «لو عرف سمير القنطار أن تحريره سيكون بهذه الكلفة الغالية، فهل كان وافق على العملية؟».
أجاب بسام:
ـــــ «يجب عدم ربط الأثمان التي يضطر لبنان حالياً إلى دفعها بقضية الأسرى. إسرائيل استغلّت هذه الحالة». وذكّر بما حصل في موضوع الأسرى الإسرائيليين الثلاثة عام 2000، ومعهم اقتيد عقيد في الاحتياط، ولم تقم إسرائيل بهذه الحملة. واستند إلى تقرير صحافي فرنسي يكشف أن الهجمة الإسرائيلية هذه مخطّطة سابقاً وتحصل بإشارة أميركية واضحة لإعادة خلط الأوراق في إيران وسوريا ولبنان والمنطقة.
كأن سمير فرنجية تراجع، أو هو سيَّس الموضوع وتجاوز المسألة الشخصية التي ركّزت عليها جيزيل. قال:
ـــــ «مسألة الأسرى تخطّاها حجم الرد الإسرائيلي على لبنان ودخلنا مرحلة جديدة ليس لها علاقة بالتفاوض، وبما يقال عن السياسة الإسرائيلية العدوانية». واستغرب القول إن الرد الإسرائيلي لم يكن متوقّعاً.
كان هذا ردّاً على بسام ومنطق المدافعين عن المقاومة. لكن سرعان ما وقع فرنجية ومَن ينطق باسمهم في التناقض. فقد قال إن عملية المقاومة مرتبطة بالملف النووي الإيراني.
قال بسّام لي، وهو يتذكّر وقائع الحلقة والحوار:
ـــــ «هذا تناقض، فساعةً يحكون عن أن العملية لتحرير سمير القنطار ورفاقه، ولبنان لا ينبغي أن يدفع ثمن حرية شخص، وساعةً يتحدثون عن أن حزب الله قصد من خلال العملية استدراج الحرب وردّة الفعل الإسرائيلية لتخفيف الضغط عن إيران المحاصَرة بسبب ملفّها النووي».
ابتسمتُ كي لا أضحكَ بصوت عال مع بسام. الفرح بيننا متعادل، لكني، في هذه اللحظة، شعرتُ بأن سعادتي مجروحة بتحميلي ذنب الحرب الإسرائيلية على لبنان. لم أستطع نسيان هذا. غرقتُ في تفكير أسود. آلمتني شخصنة الموضوع تارةً وتسييسه تارة أخرى. كيف يطالبون بالمفقودين والأسرى اللبنانيين ويستغنون عني؟ أحياتي وحياة أيّ مقاوم لبناني ضد إسرائيل رخيصة إلى هذا الحد؟ والأهم، أنهم يفعلون هذا في لعبة بهلوانية بائسة تبرّئ إسرائيل وترتعب أمامها. فتحميلي ذنب الحرب أشبه بتحميل إسرائيل الجنديين الأسيرين مسؤوليتها. لكن إسرائيل لا تفعل هذا. لا تفكّر فيه، بل تقول إنها تخوض حرباً لأجل تحريرهما. وأنا أسير منذ 28 سنة، لا من يومين، وأسرتُ من أجل قضية. لم أُسجن لأني سرقتُ أو ارتكبتُ جريمة. أُسرتُ وأنا أنفّذ مهمتي في الصراع مع العدو.
آلمني الوضع. أساءتني تلك الرغبة في رميي وإهمالي.
انسحبت إلى سريري لأخلو بنفسي. حاولت الاسترخاء ورغبت في بعض النوم لأطرد تلك الأفكار وأصفّي ذهني، لكنّي لم أستطع التحرّر من الاستنفار العصبي الذي يسيطر عليّ.
ضاقت بيَ الدنيا. أمسكتُ بقميصي فوق صدري وشددته لأمزّقه. كان قطنيّاً فمطّ في يدي. أحسستُ أن هذا القميص الهزيل الذي رغبتُ في تمزيقه مثل المقاومة، صمد وعاد فوق صدري وجسدي. هدأت.
في اليوم الثالث للحرب، ما زلتُ أتألّم رغم اطمئناني إلى أن المقاومة ستصمد وتواجه وترد. إسرائيل تراجعت قليلاً، وأعادت القيادة العسكرية صوغ أهداف أكثر تواضعاً مما أعلنته في بداية حربها. صار هدفها إجبار الحكومة اللبنانيّة على تنفيذ القرار 1559. أين الأسيران اللذان قالت إن حربها هي من أجل إعادتهما؟ سألت نفسي.
مساءً، توجّهتُ إلى إدارة السجن لأحلّ مشكلة عالقة لا يمكن الشباب القيام بها. فرغم انهماكي بمتابعة أخبار الحرب، لم أترك هموم السجن، لا يمكنني ذلك، وإن كان الشباب خفّفوا من مراجعتي في كل صغيرة وكبيرة. هناك، في مكاتب الإدارة، قال لي شرطي إن منزل حسن نصر الله قد دُمّر نهائياً ويُعتقد أنه كان فيه. لم أُظهر أيّ ردّ فعل، كبحتُ مشاعر القلق التي اعتملت في داخلي. حافظتُ على رباطة جأشي ورغبتُ في أن أهزأ به بالقول إن السيّد حسن غيّر عنوانه واستأجر شقّة أخرى لكنه لم يخبركم. عدلتُ عن فكرتي كي لا أدخل معه في سجال. طلبتُ منه ألّا يغيّر الموضوع بهدف عدم حلّ المشكلة. اختصرتُ الأمر إلى أقصى الدرجات وانسحبتُ لأشاهد التلفزيون في زنزانتي. ولم يتأخّر الردّ: أطلَّ السيّد حسن عبر قناة «المنار» وإذاعة «النور» مبدّداً الشك في أمر إصابته. أنا تابعته عبر إذاعة «النور». والذروة كانت حين دعا إلى النظر إلى عرض البحر. استجبت له واندفعتُ في حركة عفوية نحو باب الزنزانة كأني أرى تلك البارجة، «حانيت»، التي استُهدفت مباشرة في تلك اللحظة أمام شواطئ بيروت. وقفزتُ في الزنزانة مبتهجاً. نظرت عبر الباب بحثاً عن ذاك الشرطي، لأنظر إليه وينظر إليّ وحسب. لا كلام أقوله له الآن. نظرة فقط، كفيلة بأن تكون كذاك الصاروخ الذي أشعل «حانيت».
ضجّ السجنُ ابتهاجاً.
ـــــ «مبروك».
«مبروك»، صرخة تتعالى من أبواب الزنازين.
انتعش الشباب في السجن، وقلت: بدأ النصر وعلى كل المستويات. سقطت أسطورة الجيش الذي يكذّب ويقول ما يشاء. صار مرغماً على الاعتراف تحت ضغط الصورة.جوزف سماحة ضاحكاً ضحكته الهازئة: سيطلبون منك أن تكتب بيان اعتذار عن الحرب
ولأن إسرائيل تتنصّت على الكثير من الخطوط، صرتُ أختصر في الاتصال، لكني لم أشأ أن أوقف الاتصالات نهائياً، فمنها أعرف بعض التفاصيل والأخبار. واليوم، تحدثتُ إلى جوزف سماحة. أخبرني أين وصل الإعداد لجريدة «الأخبار». سألته عن رأيه في ما يجري. قدّم لي قراءة سياسية للحرب والمنطقة، قال إنها محطة أخرى لفشل المشروع الأميركي ـــــ الإسرائيلي للشرق الأوسط الجديد. وأكّد ثقته بالمقاومة. أضاف إن إسرائيل شنّت الحرب باستسهال هزيمة حزب الله، وبشعور خفيّ بالاستعلاء على المحيط العربي، لكن النتائج خلاف ذلك. فإسرائيل الجاهزة لمواجهة الدول العربية مجتمعة تتخبّط بحثاً عن سبيل للانتصار على جزء صغير من قوّة مستعدّة للقتال. وهذا ما خلق المفارقة في فهم معنى الانتصار. إسرائيل ترى في أيّ شيء دون النصر الحاسم على حزب الله هزيمة لها، لأنها ترفض مبدأ التعادل. وحزب الله يرى في منع إسرائيل من تحقيق النصر انتصاراً لا مثيل له. وختم كلامه كعادته بمزحة ساخراً ممّن يقولون إن الحرب بسببي وإن حريّتي لا تستحق تدمير لبنان. قال:
ـــــ «سيطلبون منك أن تكتب بيان اعتذار عن الحرب». وضحك ضحكته المبحوحة الهازئة المفتوحة على العقل.
بعد أسبوع، عند الخامسة من صباح اليوم الثامن للحرب، اقتحمت قوّة خاصّة غرفتي. أيقظونا. استفسرتُ عمّا يجري، فردّ الضابط:
ـــــ «تفتيش».
يحملون معهم عدّة شغل كاملة لفكّ كل شيء. لم أفكر إلّا في الهاتف، فأنا أخبّئه في مكان داخل الزنزانة بسيط جداً ولا يحتاج إلى عدّة. اخترتُ هذا المخبأ لبساطته. فالأماكن الصعبة يُبحث عنها وهي أكثر خطراً. وقد سبق أن اكتشفوا مرات عدّة مخابئ بُذلت جهودٌ لبنائها. لذا، فكّرتُ أن أضعه تحت عيونهم ومع ذلك لا يرونه. كما يختبئ السارق قرب مركز الشرطة، أو فيه حتى. قطعة بلاستيك صغيرة، إذا ما رفعوها، وربما يضعون أيديهم عليها، يجدونه. قلت في نفسي مع بدء التفتيش:
«خلص، وجدوه. وسأُعْزَل عقاباً، والآن أنا في أمسّ الحاجة إلى التواصل مع العالم».
رفضت الشرطة أن أبقى أنا ممثلاً لزنزانتنا أثناء تفتيشها. فبعد نضال وإضرابات توصّلنا معهم إلى اتفاق على أن يبقى ممثّل لكل زنزانة يراقب أثناء التفتيش كي لا يُسرق شيءٌ. رفضوا بقائي لاعتقادهم أنني سأعترض على همجيّتهم في التفتيش، وربما لاعتقادهم أن لديّ هاتفاً وقد أشوّش عليهم أثناء البحث.
أخرجوني من الزنزانة فوجدتُ أنهم اختاروا، إلى زنزانتنا، أربع زنازين أخرى هي زنازين قيادات السجن. التقيتُ في الممر بمروان البرغوثي وعبد الناصر عيسى وتوفيق أبو نعيم.
عندما اجتمعنا، سأل بعضنا بعضاً عمّا يبحثون عنه. شككنا في احتمال وصول خبر إليهم بوجود هواتف لدينا.
توجّهت، في الساحة، إلى حيث نضع حراماً لنجلس عليه أثناء الفورة. جلستُ أدعو ونمت. أحلى شيء النوم في هذه الظروف. وزميلي في الزنزانة، جاد الله كنعان، استغرب ذلك. قال لي:
ـــــ «ألا تعرف أن في زنزانتنا هاتفاً، وفي أي لحظة يمكن أن يكتشفوه؟».
المهم، تركني في حالي، رغم توتره. وبعد ساعة تقريباً، استدعى أحد الحراس مروان ورفيقه في الزنزانة، إذ انتهت عملية تفتيشها. ثم نادوا على عبد الناصر ورفيقه، وبعدهما على توفيق ورفيقه. بقيت زنزانتنا، ما زال التفتيش فيها جارياً. أَخْ! اكتشفوا الهاتف، قلنا، لكني بقيتُ هادئاً مستلقياً، أغفو أحياناً.
طلع النهار، وبعد ساعات دعونا إلى الدخول. ورحتُ أنظر في وجوه الضباط، أتفرّسها، أريد أن أعرف هل اكتشفوا الهاتف أم لا.
قال أحدهم:
ـــــ «صباح الخير سمير». نطقها ببرودة وبلهجة عادية. قلت في نفسي: «الظاهر أنهم لم يجدوه». وواصلتُ المشي حتى باب زنزانتي. دخلت فكاد زميلي، أبو جاموس، الذي بقي يمثّلنا، يضحك لأنهم لم يكتشفوا الهاتف رغم بساطة مخبئه. عاجلته بإيماءة التزام الصمت. الضباط ما زالوا في الممر قرب الزنزانة، وأيّ حركة، ولو ضحكة صغيرة، قد تلفت الانتباه وتفضحنا. ولمّا ابتعدوا، وفرغ القسم منهم، روى أبو جاموس لي ما جرى. قال إنه في اللحظة التي وصل فيه الجندي إلى سريري وشرع في فك قطع البلاستيك الموجودة في أعلى أعمدته الأربعة، أمره ضابط بالخروج إلى الممر وفك اللمبات هناك. ففي أحد تلك الأعمدة أخبّئ التلفون، بعدما حشوته بإسفنج جمعته من الفرش والمخدات. حينذاك، حسِبَ أبو جاموس أن ساعة الحقيقة قد حلّت، ولا سيما أنه في عمليات التفتيش الكبيرة يفكّون قطع البلاستيك تلك. وعلمتُ أنهم فتحوها في الزنازين الأخرى، إلّا في زنزانتي.
عدنا إلى أجواء الحرب.
شعرت بحماسة وثقة غريبتين وأنا أقرأ، صباح يوم الجمعة الثاني من الحرب، أي في اليوم العاشر منها، مقالة ناحوم برنيع في «يديعوت أحرنوت». حملت الجريدة وتوجّهت إلى زنزانة مروان البرغوثي. وقفتُ خارجها. تبادلنا عبر الشبّاك ابتسامة التواطؤ على سرّ لم يُكشَف. ورفعت في وجهه الجريدة كمن يشهر وثيقة في وجه شخص يخالفه الرأي، رغم أن موقف مروان مع المقاومة لكنه متخوّف من هزيمتها وألّا تنتهي الأمور لمصلحتها. سبق أن تحدّثنا حديثاً عابراً في زحمة متابعتنا الأخبار الميدانيّة للحرب. قلت له:
ـــــ «خذ اقرأ ناحوم برنيع. يقول «اهرب أولمرت، اهرب!» من لبنان والحرب عليه. لقد جال مع الجنود الإسرائيليين على الحدود ودخل إلى حيث أمكن جيش الاحتلال أن يتوغّل في الأراضي اللبنانية، ورأى ما رآه».
قرأ مروان المقالة بسرعة. وأنا أقرأ في وجهه ردّ فعله. كان بين الصدمة والتوقّع، كمن يقول إنني أعرف هذا ويفرحني لكن العبرة في النهاية والنتائج، ولا ينبغي أن يغرينا أو ينيّمنا على حرير.
سألته:
ـــــ «أنت كقائد عسكري ماذا تفسّر صمود المقاومة في الميدان وتصاعد ردّها وارتفاع عدد الصواريخ وقدرتها على تحديد الأهداف وإصابتها؟».
ردَّ:
ـــــ «ممتاز، دليل سيطرة وقدرة تحكّم، وحفاظ على القوّة الأساسية في أماكنها».
ـــــ «كُسر التابو، وما عاد في إمكانهم إخفاء الخسارة أو صعوبة سحق المقاومة والانتصار عليها».
لم يكن همّي في الحوار أن أؤكد أن حزب الله انتصر. كان همّي أن أقول إن المقاومة عموماً لا تُهزم إلا إذا أرادت هي ذلك. فلا احتلال الأراضي يعني أن المقاومة هُزمت ولا التدمير يعني الانتصار. المقاومة ليست جيشاً نظاميّاً، المهم أن تتخفى وتحافظ على قدراتها وتباغت وتهاجم وتكبّد العدو الخسائر وتربكه. كنت أحدّثه شخصيّاً، وأوجّه الرسائل له تحديداً. وهو جاملني من دون أن يتراجع عن مخاوفه.
في منتصف الحرب تقريباً استُدعينا أنا ومروان البرغوثي وتوفيق أبو نعيم إلى مكتب إدارة السجن. كانت في انتظارنا مسؤولة الاستخبارات في مديرية السجون، اسمها بيتي، قصيرة ونحيفة وترتدي بنطلوناً وقميصاً مدنيين. تحدّثت عن الوضع الفلسطيني وحركة حماس التي «تعرّض الفلسطينيين للخطر ولا يمكن أن تخفي شاليط أكثر من ذلك». وشرعت تتكلّم عن الحرب على لبنان. تركتها تعرض تصوّرها منطلقةً من أن المسألة مسألة أيّام وينتهي حزب الله، ودخلت عليها. قلت:
ـــــ «ستفشلون في حربكم وتُهزمون ولن تنهوا حزب الله أو تدمّروا قدراته الدفاعية، وستنسحبون من لبنان مهزومين ومذلولين».
وأخرجتُ لها سيناريوهات المستنقع اللبناني:
ـــــ «لن تستطيعوا دخول بلدة والحفاظ عليها. الميركافا ستتبهدل وسلاح الطيران سيفقد الكثير من فاعليته، إلا القدرة على التدمير وقتل المدنيين كما تفعلون الآن».
اغتاظت وردّت موحيةً أنها مستغربة موقفي:
ـــــ «أنت تقول هذا؟ أنت تعرفنا، وتعرف أننا لا نُهزم!».
أغمضت عينيّ ثم فتحتهما وتركتهما ناعستين، ورحت أخفض رأسي وأرجعه، وأنا أجيبها:
ـــــ «أعرفكم وأعرف جماعتنا، نحن لا نُهزم».
ومروان ينظر إليَّ فرحاً، وذروة ما ابتهج به عبارتي: «سيلعب المقاومون بكم أتاري». ضحك بقدر ما كانت هي مغتاظة، إلى درجة أنها أنهت الحديث بسرعة.
أثناء عودتنا إلى القسم قال لي مروان:
ـــــ «أسمعتَها كلاماً لن تسمعه في حياتها».
بعد الحرب التي انتهت بمجزرة الميركافا في سهل الخيام - مرجعيون ووادي الحجير، أكثر من خمسين منها دُمّرت، مرّت «بيتي» في القسم وكنتُ مع مجموعة من الشباب نتحدث، أشاحت بنظرها عني، بالتأكيد متذكّرةً كل ما قلته لها. ناديت عليها:
ـــــ «بيتي».
استدارت نحوي:
ـــــ «ماذا؟».
سألتها:
ـــــ «كيف الأتاري؟».
وأكملَتْ طريقها من دون أيّ كلمة، على وقع ضحكاتنا.
* سكرتير التحرير في «الأخبار»
عدد الاثنين ٢٩ تشرين الثاني2010....................صدور الرواية الوثائقية “سمير القنطار: قصتي”
وفي الكتاب استعادة لسلسة الاحداث التي عاشها لبنان والمنطقة ومن بينها محطة تحرير الجنوب في 25 ايار 2000 حيث يقول القنطار عن الحدث: "الذروة كانت في سجن الخيام. دخل المواطنون والمقاومون وحرّروا الأسرى. ذهولنا ونحن نرى هذا المشهد جعلنا نتمنى هكذا لحظة. أيدي أسرى الخيام التي خرجت من طاقات الأبواب
طباعة هذا المقال
غلاف رواية سمير القنطار
|خدمة إخبارية|
“سمير القنطار: قصتي” رواية وثائقية للكتاب والصحافي حسان الزين تروي تجربة عميد الأسرى المحررين سمير القنطار ،الذي اختار أن يُخرج تجربة 30 عاماً من الاعتقال في السجون الإسرائيلية من خلال عمل مشترك مع الزين.
الكتاب الذي صدر عن دار الساقي في بيروت يقع في 512 صفحة وسوف يوقّع في جناح دار الساقي في معرض بيروت الدولي للكتاب في مركز بيال في بيروت، يوم السبت الواقع فيه 4/12/2010 ما بين الساعة الخامسة والثامنة مساءً.
سمير القنطار ولد ثائرًا. ترك مقعد الدراسة باكراً والتحق بالثورة الفلسطينية وقاد عملية نهاريا في نيسان/ ابريل عام 1979 واعتقل. ثلاثة عقود في السجن الإسرائيلي. صار الفتى رجلاً، واختمر المناضل الذي خاض سلسلة اضرابات مطلبية من داخل زنزانته. حصّل مع رفاقه حقوقاً للاسرى. لوم يضيّع لحظة من حبسه. فانتزع لنفسه شهادة البكالريوس من جامعة تل ابيب المفتوحة.
يكتب حسان الزين تلك الحياة الموزعة بين “زمنين”، منذ وداع ابو العباس على شاطئ صور ولغاية لقاء السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت. ويحكي سمير القنطار للكاتب معلومات وذكريات، يرويها للمرة الأولى، فيما هما يستعيدان القصة من بدايتها، هكذا تتحاور اصوات الماضي والحاضر، وتتصارع، في نص بضمير الـ “أنا”.
يعيد الكتاب صياغة رواية عملية نهاريا بالتفصيل، وكيف اقتحمت المجموعة التي قادها القنطار منزل عائلة العالم الاسرائيلي داني هاران واختطفته وابنته عينات التي كانت في الرابعة من عمرها. ويروي القنطار تفاصيل نقل الرهينتين الى الشاطئ وكيف قُتِلا في تبادل النار مع الجيش الإسرائيلي الذي لاحق المجموعة إلى شاطئ البحر، كما يرد في مقابلة له مع صحيفة معاريف الإسرائيلية اثناء اعتقاله وكما صرح لمئات وسائل الاعلام التي اجرت مقابلات معه بعد اطلاق سراحه في 16 تموز 2008. اما سمادار هاران زوجة داني التي بقيت داخل الشقة مع ابنتها البالغة سنتين لتختبآ، وخنقت الطفلة عندما حاولت إسكاتها. فيروي القنطار “اثناء المحاكمة لفتتني أمراة تجلس في مقدمة الحضور… تحدق بنا بكره وغضب. سألت (المحامي) سليمان عنها، أجاب: “هي زوجة عالم الذرة الذي قُتل وابنته في العملية”. تجنبت النظر إليها كي لا تبدو نظرة تشفّ… وتذكرت نساء فلسطينيات ولبنانيات ثكالى مثلها…”.
وفي الكتاب استعادة لسلسة الاحداث التي عاشها لبنان والمنطقة ومن بينها محطة تحرير الجنوب في 25 ايار 2000 حيث يقول القنطار عن الحدث: “الذروة كانت في سجن الخيام. دخل المواطنون والمقاومون وحرّروا الأسرى. ذهولنا ونحن نرى هذا المشهد جعلنا نتمنى هكذا لحظة. أيدي أسرى الخيام التي خرجت من طاقات الأبواب، ووجوههم المبتهجة المتسائلة غير مصدّقة ما يجري، هي نفسها وجوهنا. حيرة لم تَخْلُ من التفاتات نحو الأبواب، وكأننا ننتظر مجيء مَن يحرّرنا. لكننا فرحون كما لو أننا صِبيَة نسبح في نهر الحاصباني ونركض في وادي الحجير”.
وفي الرواية أيضاً الكثير من الاسرار التي تكشف للمرة الأولى وأهمها حقيقة أن سمير القنطار في السنوات الأخيرة من سجنه كان يستخدم الهاتف الخلوي بشكل يومي للتواصل مع عائلته والعالم الخارجي. وحول ذلك يروي القنطار: “باشرتُ ورفيقي الشيخ عدنان يوسف حفر مخبأ للهاتف في حمّام زنزانتي. تناوبت معه على الحفر حتى انتزعنا البلاطة وحوّلناها غطاءً يمكنني فتحه وإغلاقه ولا يلاحظه أحد. شدّدت عليه أن يبقى الأمر سراً بيننا. غاب الشرطي بإجازته الأسبوعية، وعاد. كنّا في الباحة حين رأيته. غمزني من بعيد علامة أنه أحضر الهاتف. سبقتُ الآخرين في العودة إلى الزنزانة مع انتهاء النزهة. لحق بي إلى زاوية ميّتة في القسم. سحب الهاتف مغلّفاً وأعطاني إيّاه. ركضتُ إلى زنزانتي. أخفيته في المخبأ.” ويروي الكتاب كيف أصبح الهاتف النقال الوسيلة التي استطاع من خلالها عميد الأسرى العرب أن يصنع صورته ويحررها من الآلة الدعائية الاستخبارية الإسرائيلية...................
سمير القنطار من سوريا
بتاريخ 24/3/2009 كان هنالك حفل استقبال للأسير المحرر سميرالقنطار في المدرسة المحسنية بدمشق و قدألقى فيه الأسير المحرر كلمة تحدث فيها عن المقاومة الإسلامية و إنجازاتها و عن دعم سورية المستمر و الدائم لها و تحدث عن تجربته في سجون الاحتلال الإسرائيلي .
كما أعلن بشكل رسمي أنّه اعتنق المذهب الشيعي و قال :
أنا انتقلت إلى المذهب الشيعي و لي الفخر في ذلك , كما أضاف أنّه الآن في كوادر المقاومة الإسلامية (( و لم يحدد دوره فيها)) , بالإضافةإلى قوله بأن إسرائيل ستزول خلال بضع سنوات إنشاء الله تعالى .
و بعد ذلك تم تكريم عميد الأسرى من قبل الجمعية المحسنية- .........................
- كفاح سمير القنطار
صمود وعزيمة وإصرار وتحد وأمل في الحرية
عميد الأسرى العرب سمير قنطار ربع قرن في سجون الاحتلال
*جبر وشاح: قنطار لم يشعر بالندم أو اليأس على ما قام به
* أم جبر وشاح : سأبقى أناضل وأكافح حتى يخرج سمير وزملائه من السجن
قسم التحقيقات
حصل على لقب عميد بصموده وعزيمته ومعاناته وتحمله وصبره وكفاحه ودرباً معمداً واجه شتى صنوف العذاب من عزل وتحقيق ومنع الزيارات وشح العلاج والنقص في الغذاء،لكنه واصل التمتع بروح نضالية عالية ،و لم يندم ولو للحظة أو يشعر باليأس على العمل الذي قام به لأنه يرفض ويمقت الظلم ولهذا كله وغيره استحق أن يأخذ لقب عميد الأسرى في سجون الاحتلال. انه الاسير العربي سمير قنطارالذي ترفض اسرائيل اطلاق سراحه في صفقة تبادل الاسرى المتوقعة بين حزب الله واسرائيل .
قنطار الشاب اللبناني الذي ينتمي للطائفة الدرزية دخل المعتقل وعمره لم يتجاوز 17 عاماً واستطاع بصموده أن يتأقلم وأن يضرب مثالاً في التحدي بالرغم من إجراءات إدارات السجون المختلفة .
السيرة الذاتية
ويقول صديقه ورفيق دربه في المعتقل الاسير المحرر جبر وشاح: ولد سمير عام 1962 ونشأ وترعرع في بلدة عبية قضاء الشوف في لبنان وهناك أخذت مداركه تنمو وتتسع فرأى وشاهد الكثير من الظلم يقع على إخوانه الفلسطينيين بعد أن طردوا من ديارهم ظلماً وعدواناً، فالتحق عندما كبر بجبهة تحرير فلسطين وانضم إلى معسكر للرواد حيث كان لا يزال شبلاً وتدرب على العديد من أنواع السلاح وفنون القتال وأتقنها بامتياز.
عملية نهاريا
وكان سمير قد شارك مع رفاقه في الإعداد لعملية نهاريا وبعد أن حاولوا الدخول إلى الأراضي المحتلة عبر الأردن ألقى القبض عليهم فيها وقضوا في السجن عدة شهور وأعيد بعدها إلى .
وفي شهر نيسان من عام 1979 عاود سمير ورفاقه الكرة و نجحوا في اقتحام مستوطنة نهاريا واستطاعوا السيطرة على أحد البيوت واحتجزوا رهائن داخله وفور علمها بالأمر استنفرت قوات الاحتلال وطوقت المنطقة والمنزل.
لم يكن هدف سمير ورفاقه قتل أي من الرهائن، بل غايتهم كان تحرير معتقلين من الأسر إلا أن قوات الاحتلال وكعادتها اقتحمت المنزل وقتلت عدداً من الرهائن واستشهد اثنان من المجموعة وألقي القبض على ثالث أطلق سراحه في صفقة تبادل الأسرى عام 85، أما سمير والذي أصيب بجراح خطيرة فما زال داخل المعتقل ينتظر الإفراج عنه.
العزل الثنائي
واجه قنطار بعد اعتقاله من قبل قوات الاحتلال شتى صنوف التعذيب ووضع في زنزانة لسنوات عديدة. ويستذكر جبر وشاح الاسير المحرر الفترة التي عاشها مع سمير في زنزانة واحدة والتي اعتبرها من أقسى أنواع العزل والذي يطلق عليه العزل الثنائي : يكون في الزنزانة اثنان فإذا لم ينسجما تصبح حياتهما جحيم لكن هذا لم يحدث لأنه كان" لي شرف خوض هذه التجربة مع سمير حيث تم عزلنا سوية في زنزانة واحدة في سجن بئر السبع طولها مترين ونصف وعرضها مترا واحد من تاريخ 93 وحتى نهاية 96 وكانت هذه الفترة من أخصب فترات الاستفادة بالنسبة لسمير في مجال التعليم".
سمير والتعليم
استغل سمير فترة سجنه ووضعه في الزنزانة في إكمال تعليمه نظراً لأنه اعتقل في سن مبكرة واستطاع أن يعتمد على نفسه وأنهى التعليم الثانوي والتحق بالجامعة المفتوحة والتي كان مسموحاً التعليم فيها عن بُعد بعد أن رفضت إدارة السجون أن يتعلم في الجامعات العربية بواسطة المراسلة وحصل على البكالوريوس في فرع العلوم الإنسانية.
وقالجبر وشاح: استطاع سمير بالتعليم الذاتي والجد والاجتهاد أن يواصل تعليمه الى ان بدأ التحضير لرسالة الماجستير الا ان إدارة السجن رفضت السماح له بمواصلة التعليم ،واستطاع أيضاً أن يتقن عدة لغات أجنبية منها العبرية والإنجليزية والأسبانية.
العمل المشترك
وبالرغم من دخول سمير السجن في سن مبكرة إلا أنه بذكائه وصموده وعزيمته استطاع أن يكتسب تجربة نضالية واعتقالية مكنته أن يمثل الأسرى في سجن نفحة أمام إدارة السجن.
ويوضح جبر وشاح الذي عاش مع الأسير قنطار 15 عاماً: كان يتمتع بمكانة متميزة بين الأسرى حيث تم اختياره من قبل الأسرى ليمثلهم أمام إدارة السجن، ومن المفارقات أن يتحدث سمير الذي ينتمي للطائفة الدرزية باسم الأسرى أمام ضابط درزي في جيش الاحتلال.
تبادل الاسرى
وقال: طوال فترة تواجدنا معاً لم أشعر قط بلحظة ندم على ما قام به أو شعور باليأس من إمكانية تحرره رغم أنه كان محكوماً 490 عاماً.
وأضاف: رغم المرارة التي كان يشعر بها كلما جرت عملية تبادل أو إطلاق سراح اسرى ولم يكن مشمولاً بها إلا أن اليأس لم يدخل لروحه وكان لديه دائما الأمل في الخروج من السجون يوماً.
وذكر جبر وشاح أن هذه الروحية التي كان يتصف بها سمير كانت عاملاً من عوامل الصمود لدى زملائه من الأسرى الفلسطينيين والعرب فلقد كان منكباً على التثقيف الذاتي والتفاعل مع قضايا الأسرى ليصبح رمزاً من رموز الحركة الأسيرة وأحد أبرع المحاورين أمام مديرية السجون وكان يتحلى بذلك في حضوره الدائم في لجان قيادات الاضرابات الطويلة عن الطعام مما تسبب له بالعزل عدة مرات على اعتبار أنه أحد النشطاء البارزين من قيادات الأسرى.
أمه بالتبني
ورغم انقطاع الاتصال والزيارات لم ييأس سمير وهو يرى أمهات الأسرى يزرن أبنائهن الا انه وجد سلواه في عجوز اظبت على زيارته في السجن .
ويقول جبر وشاح: عندما كنا في سجن نفحة كانت والدة أحد الأسرى المقدسيين تزوره حتى بعد إطلاق سراحه ابنها في صفقة تبادل الأسرى عام 85 لم تنقطع عن زيارته وحينها تعرفت والدتي على سمير وطلبت من الأم المقدسية إذناً بزيارته بدلاً منها كي ترتاح بعد سنوات زيارة ابنها المحرر، ومن يومها ولحتى الآن أصبح معروفاً أن الوالدة تتعامل مع سمير كأبنها وهذا معروف ً لدى إدارات السجون وفي كل سجن يتم نقل سمير إليه أو لدى الصليب الأحمر.
اللقاء الأول
وتقول أم جبر وشاح "75 عاماً" حدث أول لقاء وتعارف مع سمير عندما زرت ابني جبر الذي كان معتقلاً في سجن نفحة حيث كان يقف سمير بجانبه على الشباك الآخر و أمامه امرأة أتت لزيارته فانتبهت لحديث سمير لها وهو يحاول أن يقنعها بالتوقف عن الزيارة نظراً للتعب والمجهود الذي تبذله ورحلة العذاب التي تلاقيها من قبل قوات الاحتلال إلا أنها ترفض، وقال لها يا خالتي ابنك أفرج عنه من السجن وأنا لا أرغب أن أتعبك معي، إلا أنها ترفض وتقول له أنت كابني، قاطعته في الكلام بعد أن سلمت عليه وقلت له: أنت لا تسمع المثل العربي الذي يقول "يا خاله كوني عديلة أمي" على اعتبار أنها خالته لزم أخت أمه، وعندما شرح لي ابني جبر قصته وأنه أسير لبناني ناضل من أجل قضية فلسطين فقلت له من الآن فصاعداً أنت ابني رقم واحد، وجبر ابني رقم اثنين، واستأذنت من المرأة التي كانت تزوره بعد أن أقنعتها ومن ذلك الحين وأنا أزوره مترافقاً مع زيارة ابني جبر.
وسكتت أم جبر وشاح برهة وقالت: إنه لشرف عظيم وفخر كبير أن أتبنى مناضلاً ورجلاً خلوقاً مثل سمير قنطار وكل الكلام يعجز عن وصفه.
وأضافت: يوم زيارته رغم أنها فترة قصيرة هي من أسعد لحظات حياتي، أشعر بفرحة كبيرة لملاقاته والحديث معه، وكان دائماً يقول لي أنه غير نادم على العمل الذي قمت به من أجل فلسطين وأرد عليه أنا فخورة بك، أنت إنسان عظيم وقليل أمثالك.
و تقول ام جبر وشاح : كنت احضر لسمير نفس الأشياء والأغراض التي احضرها لجبر حتى الألوان وأصناف الطعام حتى لا يشعر بالتفرقة.
انقطاع الزيارة
وبعد الإفراج عن ابنها جبر عام 99 واصلت زيارة سمير إلا أن قوات الاحتلال منعتها لفترة طويلة مما حذا بأم جبر للتقدم لمنظمات حقوق الإنسان ومحاميين إسرائيليين بطلب زيارة سمير وهو ما تم بالفعل حيث زارته فقط مرتين ثم منعت وتتذكر أم جبر الزيارة الأولى بعد هذا المنع الطويل وكيف استقبلها سمير الذي تفاجأ بزيارتها وكان سعيداً جداً بها.
زواج سمير
ونظراً لما يتمتع به سمير من روح نضالية عالية تعرفت عليه كفاح كيال وهي فتاة من عرب 48 سجنت 7 أعوام وكانت تسمع بسمير وأخلاقه من عكا وطلبت من أم جبر وشاح أن ترتب لها زيارة لكي تزور سمير وتتعرف عليه وكانت تفسح لهما المجال في الحديث. وتقول ام جبر:واصلت الفتاة زيارة سمير ونشأ بينهما حب متبادل جعل الفتاة التي زارتني في بيتي في مخيم البريج تفاتحني برغبتها بإقامة علاقة تربطها مع سمير "علاقة زواج" فنصحتها بأن سمير إنسان ليس له مثيل، إلا أنه محكوم عليه 490 عاماً وأنت فتاة لك مستقبلك، فردت علي: إنني اتفقت مع سمير على الزواج، فقلت: على بركة الله وبعدها تمت إجراءات كتب الكتاب وكان في محكمة بالقدس وكان وكيل زواجها أبو جبر وشاح . وتتابع أم جبر قائلة: طلبنا من إدارة السجن أن يتم عقد الخطوبة و"الصمدة" في السجن فوافقت بعد ثلاثة أشهر. وعندما علم أهالي القتلى الذين قتلوا في العملية التي نفذها سمير أقاموا الدنيا وأقعدوها ونظموا احتجاجات ومسيرات مما أرغم إدارة السجن على رفض مطلبنا وبعد تدخل مؤسسات قانونية أصدرت محكمة العدل قراراً بأن يعطى فقط نصف ساعة لعقد الخطوبة داخل السجن، وبالفعل قمت بشراء الشبكة وبعض الملابس وهدية لسمير في هذه المناسبة الغالية.
وتعود بذاكرتها عندما تم عقد قران سمير وعروسه وسط أجواء من الفرحة والسعادة داخل السجن قائلة :استطعنا أن نمدد المدة من نصف ساعة إلى ساعة ونصف إغلقت خلالها قوات الاحتلال كافة الطرق المؤدية إلى السجن خوفاً من حدوث مشاكل.
وتابعت ام جبر وشاح :لكن الزواج لم يستمر طويلاً لأن إسرائيل رفضت إدراج اسم سمير ضمن صفقة تبادل أشلاء جندي إسرائيلي مع أسرى والتي تمت ما بين حزب الله وإسرائيل سابقاً، عندها طلب سمير من خطيبته كفاح وحفاظاً على مستقبلها التفريق بينها وبينه بالطلاق لكنها أصرت ورفضت ذلك وقام بتطليقها وما زالت ترفض كفاح استلام الورقة على أمل أن يتم الإفراج عن سمير ويلتم الشمل.
يعاني من أمراض
ويعاني سمير من أمراض نتيجة الإصابة التي تعرض لها في عملية نهاريا فما زالت رصاصة تستقر في رئته تجعله يتنفس بصعوبة.
وتقول أم جبر: يعاني سمير من هذا المرض و ترفض إدارة السجن علاجه وهذا يعرضه للخطر حيث ما زالت الرصاصة مستقرة في رئته، مما يجعله يتنفس بصعوبة.
أم جبر وشاح لديها الأمل بأن يتم الإفراج عن سمير في أقرب فرصة ووصفت موقف اسرائيل باستثنائه نوعا من الدعاية الإعلامية الرخيصة ولتهيأة الرأي العام الإسرائيلي وحتى لا تقدم حكومة الاحتلال تنازلات. لهذا فأم جبر ما زالت تشارك في الفعاليات التضامنية مع سمير كان اخرها مسيرة الشموع في ساحة الجندي المجهول في مدينة غزة
هذا الموضوع قبل تبادل الاسرى - .................
-
الفرج اقترب"مقابلة مع والدة سمير القنطارأجرى المقابلة ملاك خالد
2006-08-01وجهتنا : عبية, قرية عميد الاسرى اللبنانين في السجون الصهيونية منذ 27 عام.
بيته نعرفه, كقلب مفتوح على الناس و الوطن, تستقبلنا قبلات امه بفرحة "الحمد الله ع السلامة" و السوأل عن الاهل والاطمئنان الى انهم جميعاً بخير, خاصة بعد خروجنا السريع إثر المجزرة الرهيبة التي نفذها سلاح الجو الصهيوني في صور, المدينة التي انطلق سمير مع رفاقه عن شاطئها لتنفيذ عمليته البطولية.
هذا البيت اعرفه منذ اكثر من 10 سنوات, ولأم سمير في القلب مكانتها كما لدى شرفاء العالم و المدافعين عن حرية اسرانا و ولاوطان المغتصبة والمسلوبة بعض حريتها.
في عز هذه المعمعة التي بدأت بعملية أسر المقاومة اللبنانية لجنديين صهيونيين لمبادلتهما بسمير و الاسرى اللبنانين في السجون الصهيونية, نسألها هي : الأم ذات المبادئ التي لم تتزعزع على مدى السنين وتمد معنا حديثاً من القلب للقلب وبكل ارادة الحياة و الحرية و صبر الفراق و الايمان بقرب الفرج.
الحديث ينساب في مناخ من القلق على البلد و الثقة بنهج المقاومة و حتمية انتصار اصحاب الحق على الغاصب المحتل. دموع لا تُبكى و غصات توقف الحروف احياناً, ومع ذلك, تنطلق ام سمير تحكي وتجيب عن اسئلتنا
_ماذا تقولين حيال ما يجري؟
الواحد افضل ما يحكي لانو الحكي رايح خسارة
_ولكن ثمة من سنظل نأمل ان يسمعوا صوتنا
صحيح ولكن للآن لا صوت يقول بضرورة وقف اطلاق النار, لا صوت عربي و لا في العالم يحكي لا عن ضرورة وقف اطلاق النار او عن ضرورة اطلاق الاسرى
_هذا على المستوى السياسي و لكن على مستوى الناس ربما نتأمل ان هناك من سينادي بوقف اطلاق النار عبر الضغط على حكوماتهم
هذا كله كلام و انا الاقاويل لا اصدقها انا اصدق الافعال, ولحد الآن لم يصدر اي فعل عن اي جهة يقول بوقف اطلاق النار. حتى مجلس الامن يبدو كثيراً عليه ان يأخذ قراراً بوقف اطلاق النار, لا استطيع ان ارى لماذا لبنان عضو في مجلس الامن, ولماذا لبنان عضو في الجامعة العربية.
فحتى حين اجتمع وزراء خارجية الجامعة العربية, ما هو القرار الذي اتخذوه؟
لم يتحدثوا عن وقف اطلاق النار, تحدثوا فقط عن اطلاق الاسرى الصهاينة.
لم يروا اسرانا نحن في سجون الصهاينة, لم يروا الدمار و لا الاطفال و النساء المستشهدين تحت الردم.
رأوا فقط الجنديين الصهاينة, هل هم "اولاد ناس و نحنا اولاد جارية"؟
حين نرى كل هذا, لماذا نحكي؟
ما الحكي "رايح ضيعان", ما عاد الو نفس الانسان يحكي! ولو حكينا فالحكي رايح خسارة.
الامور واضحة: لا احد يسمع لاحد, ولا احد يريد ان يتدخل فيما يجري لا بين العرب و لا في العالم
(وتتنهد تنهيدة حرقة و حسرة)
_نسألها: يُحكى كثيراً ان سمير نفسه ما كان ليرضى بما يحدث الآن
أكيد لا يرضى, سمير يتمنى طبعاً كل ساعة ان يتم الافراج عنه و لكنه طبعاً لا يرضى بما يحدث, ولا يرضى ان يموت شعب لاجل حريته
_وهل يموت الشعب لأجله؟
لقد سُميت العملية بداية عملية تحرير سمير القنطار و رفاقه, والآن كل الناس تحكي ان سمير القنطار هو سبب كل ما يحدث, وان كل هذا الدمار يحدث بسبب سمير القنطار.
ولكن الحقيقة ان سمير القنطار حين نفذ عمليه لم ينفذها لأجل هذا او ذاك, بل نفذ عملية بطولية هدفها كرامة وحرية الانسانية لأجل الوطن والجميع. سمير رأى كيف اسرائيل قصفت و هدمت و دمرت الجنوب و لملم بنفسه اشلاء الناس عن السطوح و في الشوارع. عندها قرر سمير ان يقوم بعمليته ضد ما يجري من موت لشعبه. و سمير لا يمكن ان يرضى اليوم ان تكون حريته مقابل كل هذا الموت و الدمار لبلاده. و للعلم فسمير عام 1998, طلب ان يوضع موضوع اطلاق سراحه جانباً كي لا يعيق اطلاق المئات غيره من الاسرى في عملية التبادل وقتها. و الآن, كما من قبل, سمير لن يرضى ان يكون اطلاقه وحده ثمناً لما قد يسبب الدمار و الموت او تأخر اطلاق اي اسير لأجله.
وانا اليوم استطيع ان اؤكد ان سمير متأثر مثلنا و أكثر بما يجري.
_ماذا تعرفون عن سمير اليوم؟ هل هو في العزل؟ هل يعرف الاخبار و ما يجري في لبنان؟
لا ليس في العزل و يزوره المحاميين , ويعرف كل شيء, تصله الاخبار ويتصل محامييه بالتلفون يطمئنونا عنه وحين يكون من رسالة يرسلونها الى بسام ليتولى ايصال صوت سمير الى العالم.
واريد هنا ان أؤكد مجدداً ان لا دخل لسمير بكل ما يجري الآن,نحن نسمع ما يقول البعض عن ان سمير هو السبب بما يجري. سمير ليس الدافع لكل هذا الموت و الدمار, فاسرائيل معتدية وتظل تعتدي سواء بوجود سمير في سجونها او لا. فهي منذ اكثر من 50 سنة تعتدي على لبنان و تقوم بمذابح و مجازر , واسرائيل لم تنتظر عملية تحرير سمير و رفاقه لتقوم بما تقوم به اليوم.
( تباغتنا دموع ام سمير الحراقة على مآل البلد, نحترم شعورها ونصمت احتراماً لدمعها الغالي قبل ان تعاود)
نحن نسمع باذاننا ان كل هذا بسبب سمير, هل سمير القنطار قال لاسرائيل ان تهجم و تدمر و تقتل و تخر ب البلد؟
نحن نسمع هذا الكلام و هو كلام معيب و يحز فينا, فلا يمكن لسمير او لغيره ان يتمنى حريته الشخصية على حساب دمار بلده بهذا الشكل. لا نحن نرضاها و لاسمير يرضاها. و لكن هذه اسرائيل التي يبدو ان البعض يغفل عما هي حقيقة.
_يُحكى الآن عن مفاوضات, ويُقال ان اسرائيل قد توقف اطلاق النار وتسلم بعض الاسرى في حال سلم حزب الله الجنديين الاسيرين
(تستوقف ام سمير الكلام لتوضح)
كل الاسرى اللبنانين في سجون اسرائيل 3: سمير و نسيم نسر و يحي سكاف, ومصير محمد فران مجهول لأن اسرائيل لا تعترف به.
يعني بالمحصلة قد يكون كل الاسرى اللبنانين اربعة.
_أها, الآن يوجد تراجع في الموقف الصهيوني عما كان قبلاً, فقد بتنا نسمع اكثر من صوت يطرح مسألة التفاوض لتبادل الاسرى. وهذا التبادل قد يتم على اساس مبادلة الجنديين الصهيونيين باللبنانيين الاربعة. هل انتم كعائلة سمير القنطار التي لها تأثيرها و حيزها الخاص عند بعض الرأي العام اللبناني و المهتم بقضية الاسرى, بينكم و بين حزب الله ثقة واحترام متبادل , هل سترضون ان تقتصر المبادلة على اللبناينين الاربعة ام ترغبون في ان تكون صفقة كبيرة و شاملة لعدد من الاسرى الفلسطينين و العرب كذلك كما في الصفقات الماضية؟
منذ البداية نحن وثقنا بحزب الله و نحن نثق به اليوم, فكما يقول السيد حسن و حزب الله, سنرضى و نوافق, لا اعتراض لنا ابداً لاننا نثق بحكمة الحزب و سيد المقاومة.
_يُحكى عن توحيد لملف الاسرى : اسيري حزب الله و الاسير لدى الفصائل الفلسطينية في غزة, وان التفاوض سيكون عبر وسيط على الاسرى الثلاث مقابل ما يمكن تحقيقه من حرية لاكبر عدد من الاسرى الفلسطينين و اللبنانين في السجون الصهيونية. هذا قد يؤخر عودة سمير الى الوطن و اليكم, فماذا تقولين؟
اقول ان من يصبر 27 يصبر بعد, ونحن كما دائماً نثق بالسيد حسن و بحزب الله ونهجه, ونعرف انهم سيفون بالوعد بعودة سمير عاجلاً ام آجلاً و ستكون الفرحة اكبر بحرية اكبر عدد من الاسرى اذا تم الاتفاق على ذلك.
_الآن هناك ايضاً توجهين لدى الرأي العام و تعرفون ما يُقال:
الاول يقول بأن يكفي كل ما لحق بلبنان من دمار, ليتوقف اطلاق النار و ليكن ما يكون من نتائج سياسية, وقد لا يتم اطلاق سمير في مثل هذه الحالة. والرأي الثاني يقول بأنه لم يعد لدينا الكثير لنخسره و ان المقاومة يجب ان تستمر بإيلام الصهاينة ليذوقوا بعض مما نذوقه يومياً في جيرتهم غير المرحب بها, بالتالي التسبب في اضعافهم لدرجة ان يقبلوا بصفقة كبيرة و عادلة لتبادل الاسرى كما حدث في العام 2004
بين هذا وذاك ثمة ما يدعو للتأمل, فالرأي الاول يقول بتقليل عدد الضحايا الكبير والآخذ بالارتفاع من جانبنا, والرأي الثاني يقول بالتسبب بمزيد من الضحايا على الجانب الصهيوني و نحافظ على كرامتنا الوطنية. ماذا تقولين انت؟
ثمة ما هو أهم بكثير من الدمار وكل شيء و هو الكرامة.الكرامة لا تعني وقف اطلاق النار, بل تعني ان لا نفرط بدم كل من استشهد من ضحايا للعدوان الصهيوني.
لو توقفنا الآن , لبصق العالم علينا و لقيل اننا تخاذلنا و استسلمنا و فرطنا بالدم و الاسرى. وهذا شيء غير ممكن لا حزب الله يرضاه و لا نحن نرضاه. كل هذا الدم و الدمار و التهجير, وتتوقف المقاومة الآن بدون اي مكسب سياسي؟
هذا ما لا يمكن و لا يعقل بالمنطق ان نقبله لا نحن الناس العاديين و لا حزب الله .
_ العديد من السيناريوهات تؤلف الآن و تُمرر عبر وسائل الاعلام من هنا و هناك, واسرائيل التي لم توفر قصف بيوت شيوخ مدنيين في حزب الله وتتسبب بمجازر كما في صور و بعلبك, يُقال انها قد تستهدف منزل سمير القنطار, هل يخيفكم هذا الكلام؟
اذا قلت لك اننا لا نخاف سيكون امر غير طبيعي و غير انساني بالمرة. طبعاً نحن نخاف و لكن هذه اسرائيل التي تقتل المدنين و الابرياء دائماً , ولا يبعد عنها اي اجرام مهما كان صعباً ووحشياً. و لكن لو اسرائيل تريد هدم بيت سمير القنطار, فنقول لهم ان سمير القنطار واحد من آلاف وقفوا بوجهها , وهو الذي منذ 27 سنة في سجونها و لم تقدر ان تؤثر علة معنوياته و لا ان تكسر عنفوانه و لو بكلمة, فقصف بيت اهل سمير لن يفرق عند سمير. ما يُهدم يتعمر مجدداً.فقد هُدم بيت سمير القنطار سابقاً و اعدنا اعماره, وبالنهاية ليس ثمة ما يمنع اسرائيل من تنفيذ مثل هذا الفعل الاجرامي و لكن الاهم هو المعنويات و الايمان بحقنا في الحياة و بكرامتنا.
_ نحن الآن في بيت سمير القنطار الذي يعتبره اللبنانيون رمزاً للصمود, وسمير الدرزي هو ضمانة عدم طائفية المقاومة التي كان البعض في جو الانقسام السابق في البلد يحاولون تفريغها كمقاومة "شيعية", وانت ام سمير ترين معنا كيف البلد تتوحد اليوم في مواجهة العدوان الصهيوني كما من قبل في 1996, وكما في وجه كل عدوان واعتداء, ماذا تقولين للبنانين اليوم و بعد انتهاء هذا العدوان على سيادة و استقلال و حرية لبنان؟
اولاً اقول انه علينا جميعاً كلبنانين الاتحاد. فالاتحاد قوة و هو ما سيمدنا دوماً بالمعنويات والارادة. وكذلك فإن اسرائيل لا تفرق بين درزي او مسيحي او مسلم بل هي تضرب "عن بو جنب", ونحن نرى المجازر المتنقلة هنا و هناك واسرائيل تضرب بيوت العبادة من جوامع و كنائس كما في راشيا مثلاً, الصهاينة يريدون ان يلعبوا على موضوع الطائفية و ان يجعلوا الناس تعلق ببعضها : مسيحين و دروز و اسلام ضد حزب الله
.لذا اقول للبنانين جميعاً انه يجب ان نتحد, اتحادنا يجعل كلمتنا واحدة و بالتالي نتمكن من فرض وجودنا على الارض و مقاومة هذا العدو الوحشي بقوة و صلابة.
_لننتقل الى فلسطين, جارتنا في الظلم الصهيوني و المقاومة المشرفة ايضاً, هناك اليوم امهات فلسطينيات مثلك ينتظرن تبادلاً مشرفاً و شاملاً كما حدث في العام 2004 حين شملت صفقة التبادل 400 اسيراً فلسطينياً ومنحتهم الحرية. انتِ ام سمير ماذا تقولين للامهات اللواتي لا تعرفين و لكنكن تعرفن معنى و معاناة فراق الابناء؟
_اقول لهن اصبرن فالصبر مفتاح الفرج
انتِ اكيدة ان سمير سيعود؟
بإذن الله ( وتذهب الغصة بصوتها ويتغضن الوجه التعب بالانتظار بالدمع قبل ان تمسك صوتها و تعاود الحديث)
اذا لم يكن اليوم فغداً و انا لم اقطع الامل يوماً
_ماذا تقولين لسمير الآن؟
ماذا اقول له؟ ( تسرح للحظة في ما قد تقوله أم لولدها المسرف في الغياب)_
كنا نتمنى ان يكون سمير بيننا بدون كل هذا الذي حصل, كنا نتمنى. و انشاء الله تفرج ونجتمع معه قريباً.
اسرائيل لا تعتدي اليوم بسبب سمير, فهي معتدية و غاصبة و قاتلة و مدمرة من قبل اعتقال سمير.
ولكننا نؤمن بالنصر وان الفرج قريب, وسنلتقي بسمير قريباً انشاء الله.
_انشاء الله بالفرح دائماً, فعودة سمير إلينا ستكون بلا شك فرحاً كبيراً و انتصاراً وطنياً
أكيد, وانشاء الله سيكون هذا النصر قريباً وقريباً جداً
أودعها بضمة و فيض من قبلات المحبة و الاحترام, فهي أم من امهات هذا الوطن الرائع, ونتواعد على لقاء قريب, كقرب النصر الطالع من رحم كل هذا الدمار بقوة الحق و عنفوان الشرفاء و تصميمهم ان لا يحيدوا عن كرامتهم, كما سمير طوال 27 عاماً من أسره لسجانيه في قيود حريته التي تطال الدنيا..................
أم جبر ورحلة الحرية مع سمير القنطار
أم جبر ورحلة الحرية مع سمير القنطار
" [url=http://www.al-khayma.com/NR/rdonlyres/A1F0A906-9A01-4C7F-A184-4B096133DF14/150952/5.jpg][/url]
مؤمن الشرافي – غزة : أشرقت شمس حرية السابع عشر من تموز/ يوليو على الحاجة أم جبر وشاح الأم الفلسطينية للأسير اللبناني المحرر سمير القنطار بعد نحو 30 عاما من الأسر في السجون الإسرائيلية الذي هجر قلب أمه منذ كان في السادسة عشر من عمره،، لكن الحصار المفروض على قطاع غزة ومنعها من السفر إلى العاصمة اللبنانية بيروت للمشاركة في حفل استقبال القنطار حرمها من الفرحة التي انتظرتها لسنوات طويلة وهي تتمنى أن تأخذه في أحضان الحرية...
تقول أم جبر التي ما زالت تقطن في بيتها المتواضع بمخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة في حديث لـ " الخيمة" " كنت أتمنى أن أشارك اللبنانيين فرحتهم في استقبال الأسرى الأبطال وعلى رأسهم رمز الصمود والمقاومة الأسير المحرر سمير القنطار الذي لمست فيه لنحو 20 عاما من زيارته في السجن مدى صموده أمام قسوة السجان وعتمة زنازين السجون الإسرائيلية التي قضى فيها سمير فترة زهرة شبابه وراء القضبان الحديدية والأسلاك الشائكة". وتذكر أم جبر أن أولى زياراتها للسجون كانت لعميد الأسرى العرب "سمير القنطار" وتقول "سمير ذاك الفتي الذي نفذ عملية "نهاريا" الجريئة في الثاني والعشرين من نيسان عام 1979 برفقة عدداً من الأبطال اللبنانيين الذين عشقوا الشهادة، وتماماً كما عشقوا تراب الأرض فراحوا يحمونها ويحفظوا لها كرامتها فخانتهم الرصاصات الغادرة وأوقعتهم أسرى في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية،، وتضيف بكلمات دافئة تنعش القلوب "تعجز كلماتي عن وصف ابني سمير فمهما وصفت لك سمير لا أستطيع أن أوفيه حقه، كان بطلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى كان صامدا وعنيدا لا يأبه بعتمة السجون الإسرائيلية وقسوة العذاب الذي لاقاه في أقبية التحقيق والزنازين الانفرادية".
أم جبر الأسطورة الإنسانية التي التف حولها أهالي الأسرى العرب والتي جسدت المعاني السامية للأم التي ضحت وتضحي براحتها وفرحتها ورسخت حياتها للدفاع عن قضية الأسرى بعد أن عقدت العزم على تبني أسرى لبنانيين وسوريين في السجون الإسرائيلية حرمت إدارة السجون الإسرائيلية عائلاتهم من زيارتهم رغم أن غالبيتهم فرضت عليهم المحاكم العسكرية الإسرائيلية بالسجن مدى الحياة،، ومن هذا المنطلق كانت رحلة التبني للحاجة أم جبر التي قالت عن البدايات " لم أكن أعلم أن هناك أسرى عرب حرمهم الاحتلال من زيارة أهلهم وذويهم وكنت في زيارة لإبني جبر الذي كان معتقلا في السجون الإسرائيلية ومحكوما بالسجن مدى الحياة حينها علمت عن هؤلاء الأسرى فقررت انا ومجموعة من النساء الفلسطينيات المناضلات تبنى الاسرى العرب وزيارتهم في السجون لتعويضهم ولو الجزء اليسير من فراق أحبتهم لعشرات السنيين كنت الأم والأب والأخ والأخت لهم جميعا،، جميعهم أبنائي ،، ولا زلت حتى اللحظة أشارك في الاعتصام الأسبوعي في مقر الصليب الأحمر بغزة للمطالبة بالإفراج عن جميع الأسرى،، وكانت رحلة الزيارة للأسرى في السجون رحلة عذاب كثيرا ما تنشب مشادات حادة مع حراس السجن خاصة عندما كانوا يحاولون منع إدخال بعض المواد التي يحتاجها الأسرى داخل السجن".
هذه الأم الفلسطينية لم تدخر جهداً في سبيل زيارة الأسرى وطمأنة أهلهم وذويهم اللذين حرموا من زيارتهم حتى من وراء الشبك، فراحت تجوب معسكرات الاعتقال تنقب عن الأسرى الممنوع على ذويهم زيارتهم، تحمل في جعبتها رسائل الحب والشوق والحنين من أهلهم تحمل رسائل ذويهم التي تحضهم على الصمود في وجه السجان وجبروته ،، حملت أم جبر في الرسائل التي تنقلها دعوات أمهاتهم اللواتي لم تتكحل عيونهن برؤية فلذات أكبادهن،، تضيف أم جبر في حديثها المشوق " أشعر بالمسؤولية تجاه جميع الأسرى ولا اتوانى في الدفاع عن قضيتهم العادلة التي تجاهلها السياسيين في بلادنا الذين لا يشعرون بمدى المأساة والمعاناة التي يعيشها أهالي الأسرى لأن البعض منهم لا يوجد له بنت أو إبن قابع في سجون الموت الإسرائيلية".وتتابع :" ألبى بذلك نداء الإنسانية داخلي الذي يشجعني عليه أولادي في سجونهم، فيطلبوا مني زيارة ذلك الأسير لأحمل منه رسالة إلى أهله، مفادها أنه ما زال على قيد الحياة ".
يذكر أن رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية قام بزيارة إلى مخيم البريج لتقديم التهاني لوالدة سمير القنطار بالتبني أم جبر وشاح،، بعد إتمام صفقة الإفراج عن القنطار،، وأكد بدوره أنه لا يمكن التخلي عن قضية الأسرى، مضيفاً أن الفلسطينيين مصممون على الخروج بصفقة تبادل مشرفة على غرار عملية حزب الله. وقال: "كما حصل تبادل مشرف اليوم مع المقاومة في لبنان أيضاً نحن مصممون على تحقيق صفقة تبادل مشرفة لأسرانا في سجون الاحتلال وعلى الصهاينة أن يدفعوا الثمن غالياً وأن يتعلموا من سابقاتها ونحن لا يمكن ان نقبل باستمرار هؤلاء الاسرى في سجون الاحتلال".
وقامت عدد من المؤسسات المعنية بشؤون الأسرى في السجون الإسرائيلية بتوزيع الحلوى على المواطنين في شوارع مدينة غزة ابتهاجاً ببدء تنفيذ عملية تبادل الأسرى اللبنانيين ورفات 200 شهيد عربي وفلسطيني كانوا في مقابر الأرقام الإسرائيلية.وأم جبر هي والدة الأسير المحرر جبر وشاح الذي عايش سمير القنطار 15 عاماً بالسجون الإسرائيلية، وبعد الإفراج عنه قامت والدته بالمواظبة على زيارة سمير القنطار وتقديم الملابس له وكافة مستلزماته...............سمير القنطار: عضو في الجناح العسكري للمقاومة... وزوجته «مستعدة للاستشهاد معه»
أسعد لحظات عامه الأول في الحرية وجوده «في حضرة السيد»
سمير القنطار وعقيلته زينب برجاوي
سعدى علوه
يأتي الصوت من وراء جهاز «الأنترفون» مألوفاً وإن كان اقل رسمية مما هو عليه في وسائل الإعلام. يقول سمير القنطار «أهلاً.. تفضلوا».
يمضي المصعد سريعاً إلى الطابق السابع لنجده في انتظارنا عند الباب. يده إلى صدره مرحباً وباسماً بود بعيد عن المسافة التي أطل بها على الوفود التي احتفلت به أيام خروجه من المعتقل. لا مصافحة مع النساء. المسألة محسومة لناحية التزامه الديني المنسجم مع الخط الذي اختاره قبل عدوان تموز 2006 بأشهر، يوم أضحى عضواً ملتزماً في حزب الله من وراء القضبان.
مع طلته عند الباب تطل الأنثى في حياة سمير القنطار. وجهه اقل حدة وجدية مما كان عليه، في عينيه ذلك البريق الذي نجده في عيني العاشق، وعلى ثغره بسمة تشي بانسيابية نفسية وبارتياح الرجل لرفيقة درب طال انتظارها. إنه اكتمال العثور على نصفنا الآخر.
البيت نفسه ينسجم مع سيدة قلب صاحبه. لون الزهر لمطبخ مرتب بعناية «ستاتية» دقيقة تكسر من حدة سواد رخام الأرض. ويكمل بنفسج الكنبة الكبيرة في صدر الصالون لعبة الألوان التي تؤديها قطع سجاد تراوح ما بين الرمادي بلونيه الفاتح والداكن ومعه البنفسجي. وتُرك الأسود والأبيض لستائر تخفي من نور الشمس ما يلزم لمنح إضاءة الديكور وظيفتها المبتغاة.
ومن المدخل يبدو السرير الدائري في غرفة النوم وتحت حافته يتثاءب جلد نمر أحمر يتمرد على كلاسيكية الأسود والأبيض المخطط على السرير وتذكر بالأحمر الخفيف في غرفة الجلوس.
سمير نفسه بالقميص الشبابي الأبيض ذي الياقة العالية، من «التافتا» المطرزة باللون عينه، يبدو مختلفاً عنه في البزة العسكرية والأخرى الرسمية اللتين كان يطل بهما. يساهم بنطال الجينز في رسم صورة لرجل يبدو اصغر بعشر سنوات مما كان عليه.. أهو طعم الحرية أم سحر «زوزو»، كما ينادي زوجته زينب بين حين وآخر، في حياته؟
لزينب سحرها عليه، تقول ذلك عيناه اللتان تستديران طوال الوقت ناحيتها، تلمعان بالشكر وهي تحيطه بحبها واهتمامها واحتضانها. البيت «ذوقها». أرادت أن تفاجئه بالديكور والألوان، وأن تؤسس له «قفصاً» ذهبياً يعوض ثلاثين عاماً من الاعتقال. وأحب سمير البيت لأنه «ذوق زينب وأكيد حلو».
ثلاثون عاماً مرت بقسوتها، لكن سمير القنطار صدّق حريته «منذ اللحظة الأولى للإفراج» عنه. أتى المجتمع اللبناني من موقع المتابع لأدق التفاصيل، وبالتالي العالم بالمدى الذي بلغه «تغيُّر القيم والمبادئ ومزاج الناس واهتماماتهم». وضع نصب عينيه «ما آلت إليه الأمور من كذب ونفاق وعدم مصداقية».
أمور تتناقض مع مجتمع الأسرى كـ «قوة جماعية منظمة وملتزمة ومتحدة». هناك ينسلخ الفرد الأسير عن خصوصيته العائلية لصالح الجماعة، وتتحول الأموال إلى «الصندوق الوطني» الذي يمول شراء ما يلزم من احتياجات وتوزيعها بالعدل على الجميع.
خرج سمير من «أرقى العلاقات الإنسانية والتعاضد» إلى المجتمع اللبناني وصعوباته وخصوصاً إلى قمة الانقسامات السياسية التي تطال الأسس التي ناضل وضحى بثلاثين عاماً من شبابه في سبيلها.
وكخط دفاع أول، خفّض سمير من توقعاته من المجتمع ورفع من مستوى متطلباته من نفسه، «أي أنني سأبقى كما أنا» كمن توقع الاحتمال الأسوأ ليتهيأ له.
من التزامه العقائدي، إلى انخراطه في مجتمع المقاومة وحزب الله بالدرجة الأولى، ارتاح سمير القنطار الى محيط ينسجم مع مبادئه وقيمه التي يتمسك بها، «وهذا ما خفف من الصدمة» التي جاءت اقل مما خاف منه وتوقعه.
بعد عام على الحرية ماذا بقي من المعتقل؟
يبتسم سمير فيكتسي وجهه بطفولة تتخيل معها كيف لسيرة الاعتقال أن تترك له هذا الهامش من الارتياح. للمعتقل «الذاكرة الأوسع» من حياته، حتى وهو يجالس زينب، ويتحدث في أمور حياتية عادية تحضره تفاصيل المعتقل وناسه وهموم من بقي هناك بعيداً عنه.. يسرح العقل إلى خزينه الأكبر فيخرج المعتقل بتفاصيل وسيرة حياة وصداقات وعلاقات والكثير من الذكريات. يقول سمير انه يروي ما يرويه عن المعتقل من ذاكرة تصالحت مع نفسه بعيداً عن «فوبيا» العودة إلى الاعتقال.
الإيجابية التي استُقبل بها وحب الناس والهالة التي أحاطوه بها في لبنان وسوريا وكوبا واليمن وإيران، عززت لديه المسؤوليات التي لم تغادره أصلا، «وحملّته التزامات اكبر».
أخجلته «أبوة» السيد حــسن نصرالله التي أحاطه ويحـــيطه بها واهتمامه بأدق تفاصيل حياته. أخجله لسان حال عائلات شهداء المقــاومة، ومن بينهم شهداء حرب تموز الذين قالوا له «بعودتك عاد أولادنا إلينا».
عاد سمير القنطار من ثلاثين عاماً من النضال في معتقل لم يستكن لسجنه وتعذيبه وضغوطات سجانه. عاد وفي جعبته خزين نضالي قل أن يمتلكه مقاوم آخر. لكنه في المقلب الآخر للحياة، في المقلب الاجتماعي والحياتي والشخصي كان عليه أن يبدأ من الصفر.
ومن الصفر بدأ فعلاً.
أمام صاحب الدكان الأول الذي دخله، اخرج سمير القنطار ماله ووضعه أمام البائع وقال له «خذ قيمة ما اشتريته». لم يكن يعرف المال ولا قيمته ولا كيفية الدفع ولا الفارق ما بين هذه القطعة النقدية وتلك. «تشويش» بالكاد خرج منه عشية دخوله عامه الثاني من الحرية.
أما الفارق في المتطلبات والمصاريف فتركه لزينب التي تولت تجهيز البيت واهتمت بالتفاصيل كافة. «أردت أن أؤسس مملكته في قلبي»، تقول زينب، وهي ترمقه بنظرة دلال يعكسها الزجاج الأسود اللّماع للطاولة، كما تأثيرها على حياته.
«المرأة، يعني زينب، أضفت طراوة فائقة على حياتي» يعترف سمير بتأثير ارتباطه بـ «زوزو» على كامل حياته. فـ «زينب ليست شريكة حياة ولا حبيبة فقط»، هي متفهمة لالتزامه بالمقاومة وتحترم خياراته، لا بل هي من صلب المدرسة عينها.
إثر زواجه، بثت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي تقريراً قالت فيه إن «زينب برجاوي قد تقنع سمير القنطار الآن بعدم الرجوع إلى إسرائيل». أما زينب فلن تكتفي باحترام خياراته، لكنها «مستعدة للعودة معه إلى فلسطين المحتلة، وهذا ليس للاستهلاك الإعلامي».
تضحك زينب وتقول إنها، في الأساس، تعرف أبعاد خيارها، وها هي تتشهد مع اللحظة الأولى التي تضع قدمها في السيارة مع زوجها «المستهدف»، والمحاصر بإجراءات أمنية غالباً ما يتفلت من «طقوسها» ومتطلباتها.
الإجراءات الأمنية نفسها هي التي تحد بعض الشيء من علاقاته الاجتماعية وصداقاته كما «الآخرون». هو لم يعتد المرافقين ومستلزماتهم كثيراً، ويتكل «على الله» بالدرجة الأولى ويبدأ يومه بما رسم لنفسه من خط مقاوم واضح.
الخط العسكري المقاوم هو ما اختاره من خيارات أربعة كانت متاحة له في مناقشة مستقبله مع السيد حسن نصر الله. الشق السياسي العام، أي النيابة، أو الحزبي ضمن حزب الله، أو الاجتماعي في قلب مؤسسات الحزب، أو العسكري. واختار سمير القنطار الجناح العسكري من دون تردد.
ثلاثون عاماً من النضال ومن دفع فاتورة انسحبت على ثلاثة أرباع العمر حتى الآن، تشكل خزيناً لأسير محرر قد يرغب في اختيار طريق أقل خطراً وإن بقي في صلب المقاومة.
بالنسبة لسمير القنطار، «المقاومة ليست وظيفة نتقاعد منها. هي خيار حياة ومصير». وعليه اختار الحياة نفسها والخط عينه.
خيارات لا علاقة لها البتة بحزب الله وبالوعد الصادق. كان سمير القنطار في قلب المعتقل عندما اختار خط حزب الله ومقاومته. لا علاقة «للعرفان بالجميل» بذلك الرابط القوي مع الحزب ومع السيد حسن نصر الله.
علاقته بالسيد وتواصله معــــه بدآ منذ كان في داخــــل سجنه في المعتقلات الإسرائيلية، والوسيلة «سرية» لها خصوصيتها وارتباطها بالمقــاومة.
خياره الجناح العسكري للحزب كنضال ومقاومة ينسحب على تفاصيل حياته ويومياته وبالتالي «سرية».
وعلاقته بالسيد حسن تخضع لقواعد الأمن والظروف الأمنية للسيد خصوصاً. اسعد لحظات الحرية هي التي وجد نفسه فيها أمام السيد «وفي حضرته». يومها شعر بأن الدنيا «مش سايعتني».
وتوالت اللقاءات إلى أن ترتبت حياة سمير القنطار وفقاً لخياراته. لقاءات لم تنته وإنما طبعت بوتيرة عملية وفقاً لمتطلبات العمل والمقاومة.
العائلة من أهل وأقارب لهم خصوصيتهم ومكانتهم عند سمير. وهم احترموا ويحترمون خياراته في كل شيء. كبر الأخوة والأخوات ورفاق الدرب والنضال وأصبح لكل منهم حياته. حتى اللقاءات بالأسرى المحررين من أصدقاء المعتقل محكومة بظروف كل منهم وبحياته وتفاصيلها.
يوم دخلت زينب برجاوي مع وفد قناة «العالم» منزل سمير في عبيه لتهنئته بالحرية تركت أثرها في نفسه.
استفسر سمير عن مقدمة البرامج وعن رقم هاتفها. وبعد شهر تقريباً، وبينما كانت زينب ترتاح من يوم رمضاني طويل رن هاتفها لتجد سمير القنطار على الخط.
«أريد أن أشكرك على زيارتك لي، أنا اشكر جميع من زاروني»، قال لها رداً على استغراب نبرتها عندما عرَّف بنفسه.
انتهت المكالمة وأقفلت زينب الخط وشعرت بغرابة الاتصال والسبب المبرر.
في اليوم الثاني عاود الاتصال بها تحت ذريعة الاطمئنان إلى صحتها. وفي كل يوم كان يخترع سبباً مختلفاً، إلى أن طلب منها زيارتها في بيت أهلها و«كان النصيب».
تقول زينب إنها «خفضت سقف» توقعاتها من سمير الزوج، ذلك الأسير المحرر الذي قبع ثلاثين عاماً في المعتقلات الإسرائيلية. ماذا عساه يعرف عن المرأة وعن طريقة معاملتها، وعن كل تلك التفاصيل التي تعشقها في التعاطي معها.
لم تكن متطلبة، تقول، وكان ملماً أكثر مما توقعت. في عيد ميلادها الأول بعد تعارفهما وزواجهما كان لها احتفاله الخاص بها، وعلى طريقته، من الورد إلى قالب الحلوى وإلى اختيار المشاركين في خصوصية المناسبة وبالتحديد احتفاظه بعنصر المفاجأة. وفي اللفتات الصغيرة للمرأة يعرف كيف يرضيها بانتباه كانت لا تتوقعه.
تسألهما عن موعد قدوم «المقاوم الصغير» فيضحكان بتواطؤ من يريدان بعض الوقت مع بعضهما البعض «إن شاء الله إذا بقينا بخير السنة الجاية»..................
مناضلاً ورجلاً خلوقاً مثلهwww.xinhuanet.com 2008-07-17 09:18:56
مخيم البريج (وسط قطاع غزة) 16 يوليو (شينخوا) ترتبط المناضلة الفلسطينية هندومة وشاح "ام جبر" (75 عاما) بعلاقة حميمة مع الاسير اللبناني المحرر سمير القنطار الذي التقته لاول مرة خلال زيارة نجلها في أحد السجون الإسرائيلية قبل نحو 20 عاما فهي "امه بالتبني" ، وهو أسلوب اتبعته أمهات أسرى فلسطينيين مع الأسرى العرب في وقت لاحق .
ولم يحالف الحظ هذه السيدة لاستقبال القنطار في لبنان ومشاركة أهله فرحتهم بمناسبة إطلاق سراحه ، بيد أنها استعاضت عن ذلك بإقامة احتفال متواضع في منزلها بمخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة ، حيث اتصل بها قبيل الإفراج عنه بأيام من داخل سجنه وتمنى رؤيتها في لبنان بعد خروجه ، لكن الحصار الذي تفرضه اسرائيل على غزة يحول دون ذلك.
واكتفت أم جبر بمتابعة لحظات تحرير القنطار عبر شاشات التلفاز ودموع الفرح تغلب عينيها ، فيما مجموعات من الفلسطينيين تزور منزلها القديم في المخيم لتقديم التهنئة لها ، حيث تحول منزلها الى مزار لتقبل التهاني بإفراج إسرائيل عن القنطار.
وكان من بين الوافدين الى منزل ام جبر اسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال في غزة الذي هنأها بالافراج عن ابنها بالتبني سمير القنطار.
وقالت ام جبر للصحفيين اليوم (الاربعاء) وهي تحتضن صورة للقنطار كتب عليها "سمير القنطار موعد مع الحرية" انه اسعد يوم في حياتي وفرحتي لا توصف بالإفراج عن سمير وأربعة من رفاقه، معربة عن الاسف لعدم تمكنها من السفر الى لبنان لاستقباله.
واضافت تغمرني السعادة وانا أرى ابني سمير يغادر أخيراً السجون الإسرائيلية لينال حريته ، مبدية شكرها للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لإتمام صفقة التبادل ونقل جثامين الشهداء اللبنانيين والفلسطينيين، وتمنت أن يتم الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال .
وتعود وشاح بذاكرتها الى الماضي لتتذكر كيف بدأت العلاقة مع هذا الاسير اللبناني ، تقول "عندما شرح لي ابني جبر قصته وأنه أسير لبناني ناضل من أجل فلسطين ، قررت ان أزوره ، حيث حدث أول لقاء وتعارف عندما زرت ابني جبر الذي كان معتقلاً في سجن نفحة.
وسكتت أم جبر برهة ، وقالت إنه شرف عظيم وفخر كبير أن أتبنى مناضلاً ورجلاً خلوقاً مثل سمير قنطار وكل الكلام يعجز عن وصفه.
وأضافت رغم أن فترة زيارته تكون قصيرة الا انها بالنسبة لي تمثل أسعد لحظات حياتي، حيث أشعر بفرحة كبيرة لملاقاته والحديث معه، وكان دائماً يقول لي أنه غير نادم على العمل الذي قام به من أجل فلسطين ، وأرد عليه أنا فخورة بك.
وأكدت أم جبر بنبرات من الثقة على أن الحرية قادمة للأسرى الفلسطينيين لا محالة "لأن النصر لنا نحن المظلومين وسيأتي يوم نفرح بعودة كل أبنائنا الأسرى ، كما فرح سمير اليوم بعد سنوات من الظلم".
واشارت الى أن بقاء الأسرى في السجون في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن السلام هو "خداع" وذر للرماد في العيون فلا معنى لأي استقرار طالما بقي أبناؤنا مغيبون في السجون، يضطهدون ويذوقون ألوان العذاب .
يشار الى ان السلطات الاسرائيلية تعمدت منع ام جبر من زيارة سمير القنطار لفترة طويلة مما دفعها للتقدم لمنظمات حقوق الإنسان ومحامين إسرائيليين بطلب زيارة ، حيث زارته بالفعل مرتين ثم منعت بعد ذلك. - ......................
- في حوار سمير القنطار يصف حماس انها تسعى وراء السلطة ولا تستحق تمثيل الشعب الفلسطيني
<BLOCKQUOTE class="postcontent restore ">
الجزائر: رضا شنوف / الجزائر: رمضان بلعمري/ الجزائر: عثمان لحياني 08/12/2010
قول مانديلا العرب، سمير القنطار، الذي نزل ضيفا على ''الخبر'' إن أطروحة ''الردع الإسرائيلي التي يقوم عليها الكيان في المنطقة لم تعد قائمة وغير مجدية''. ويُذكرنا بدحره هذا الجيش في 2000 عندما أخرجته المقاومة من لبنان، وفي 2006 عندما حاول إقناع الرأي العام الداخلي بأنه مازال هو الأقوى في المنطقة. لذا يرى القنطار أن الحرب مع إسرائيل ''آتية لا محالة'' والمقاومة جاهزة لخوضها في أي لحظة. ''فالمقاومة تعمل ليل نهار لضمان النصر، وقدراتنا تضاعفت عشرات الأضعاف''، يضيف المتحدث.
أحضّر مع المقاومة اللبنانية للحرب القادمة مع إسرائيل
عبر عميد الأسرى العرب، سمير القنطار عن قناعته بأن الحرب قادمة مع إسرائيل، وستحصل في يوم ما، مبرزا بأن إسرائيل تسعى إليها من أجل رد الاعتبار لأسطورتها، بأنها القوة التي لا تقهر. غير انه شدّد بأن هذه الحرب ستحسمها المقاومة لصالحها لأن حزب الله، حسبه، أصبح أقوى مما كان عليه في الحرب التي خاضها في 2006 تسليحا وبشريا.
وقال الأسير المحرر في رده على سؤال بخصوص توقعاته حول حرب تهدد بها إسرائيل ضد المقاومة: ''إن الحرب مع العدو الصهيوني حتمية وأنها قادمة، لأن العدو لا يتحمل هزيمته في حرب جويلية 2006 أمام المقاومة كما لا يتحمل طرد المقاومة له من الجنوب اللبناني، لأنه يعتمد في عقيدته على قوة الردع ولا يسلم بالانهزام''. مبرزا في السياق بأن قاعدة قوة الردع ووطن الرفاه قد تخلخل بعد حرب 2006 إذا أين مقولة الوطن مادام أن العدو الصهيوني لم يستطع أن يهزم قوة صغيرة''؟ مضيفا: ''المقاومة خاضت الحرب بـ4000 مقاتل، مقابل 30 ألف جندي صهيوني واستخدموا كل طاقتهم العسكرية وضربوا بـ170 ألف قذيفة، في حين استخدموا 70 ألف قذيفة فقط في حرب 1973. وهذا في بقعة جغرافية أصغر ورغم ذلك هزم''.
وأكد سمير القنطار الذي ينشط حاليا ضمن صفوف المقاومة في الجنوب اللبناني، بأن: ''العدو الصهيوني يحاول أن يعيد التوازن ويعيد واسترجاع قوة ردعه وإعادة الثقة للعالم الذي يراهن على إسرائيل في المنطقة''. غير أن المتحدث أكد أن كل حسابات إسرائيل لن تفلح، وستسقط في الماء لأنه، حسب تقديره، المقاومة جاهزة لأي عمل عسكري مستقبلا، بالقول:'' إن المقاومة تعمل ليل نهار من اجل الحفاظ على جاهزيتها وإنجازاتها وقواتنا البشرية تزايدت جدا جدا جدا.. وكذا قواتنا التسلحية، واطمئن بأن نتائج أي حرب ستكون طيبة لنا. وهذا ما يؤكده سماحة السيد نصر الله لأن ما يقوله لا يرتكز على شعارات، بل على حقائق في الميدان''.
الحرب الأهلية لن تكون في لبنان لأن القوى الأساسية ضدها
ومثلما عبر القنطار على إيمانه بأن الحرب مع إسرائيل أمر حتمي، عبر عن إيمانه أيضا بأن الحرب الأهلية في لبنان لن يكون لها موطأ قدم في بلده، مستدلا في ذلك بحكم أن القوى السياسية في البلد هي ضد الحرب، غير انه أكد أن هناك جهات داخل البلد وخارجه تسعى لذلك من أجل أن تضر بالمقاومة ونزع سلاحها خدمة لإسرائيل. وحذر بالمقابل من أطراف تسعى إلى إشعال نار الفتنة بين اللبنانيين. ولم يستبعد سيناريو وقوع تفجيرات في المكان التي تتواجد بها القوى اللبنانية حتى يتم هناك تبادل للاتهامات، وبالتالي الوصول إلى التناحر، لكنه أكد في نفس الوقت بأن المقاومة مطمئنة على الجبهة الداخلية بأن هناك وعيا لدى الأطراف الفاعلة بالرهانات التي يواجهها لبنان. كما حذر من خطر القرار الظني للمحكمة الدولية المرتقب صدوره بخصوص مقتل الشهيد رفيق الحريري. وأكد بأنه يراد أن تكون قراراتها غطاء لأن تضرب إسرائيل لبنان تحت حجة تنفيذ القرارات التي أدرجت ضمن الفصل السابع للأمم المتحدة الذي يبيح باستعمال القوة العسكرية لتطبيق القرارات الأممية.
من هو سمير القنطار
من مواليد 1962 بلبنان، التحق بجبهة المقاومة الفلسطينية. في عام 1979 قاد عملية جهادية في عمق التراب الإسرائيلي، مع عبد المجيد أصلان، مهنا المؤيد وأحمد الأبرص، قصد اختطاف عسكريين إسرائيليين واستبدالهم فيما بعد بأسرى المقاومة المحتجزين بإسرائيل.
بواسطة زورق مطاطي دخلوا مدينة نهاريا الساحلية بشمال إسرائيل التي يقطنها ضباط كبار وعائلاتهم. اشتبكوا مع دوريات إسرائيلية وقتلوا إثنين. ثم اقتحموا بيتا ليختطفوا شخصا لكن هذا الأخير أصرّ على أن تبقى معه ابنته فأخذوهما وحاولوا ركوب البحر. لحق بهم العساكر وبعد اشتباك قتل 6 أشخاص من بينهم الرهينتان وأصلان والمؤيد. وألقي عليه القبض مع الأبرص.
وخلال مكوثه في السجن واصل دراسته وتحصل على بكالوريوس وتعلم العبرية التي يعتبرها اليوم ''سلاحا'' يمكنه من محاربة العدو، كما قال. وأطلق سراحه في 2008 في عملية لتبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل.
''لا خيار لإسرائيل سوى الرضوخ لمطالب حماس بشأن الأسير شاليط''
قلّل الأسير اللبناني الأشهر سمير القنطار من الخبرة العسكرية للجندي الإسرائيلي الأسير حاليا لدى حركة حماس الفلسطينية، جلعاد شاليط. واعتبر القنطار أن ''إسرائيل مجبرة على الرضوخ لمطالب حماس، والعدو يطالب بإطلاق سراح هذا الجندي ليس حبا فيه وإنما ليحافظ على تماسك مؤسسة الجيش فقط''.
وبالنسبة لأقدم أسير لبناني، فإن ''إسرائيل لا تملك سوى الجيش كمؤسسة قوية بعدما فشلت في خلق مجتمع متجانس، تشكل من خليط من المهاجرين ذوي العادات والأفكار المختلفة''. ويأتي إصرار إسرائيل على المطالبة بالإفراج عن شاليط ''في سياق الحفاظ على صورة الجيش الذي لا يفرط في جنوده قط''. أما بخصوص مصير هذا الجندي الإسرائيلي، فقال القنطار بكل وضوح أن ''حركة حماس لديها مطالب واضحة والعدو الإسرائيلي سيرضخ لها لأنها يفتقد للصبر''.
''قصتي مع نصر الله طويلة وحميمية ''
أكد سمير القنطار أنه ينتمي الآن إلى الجسم الجهادي لحزب الله المتمثل في المقاومة الإسلامية في لبنان، حيث يمضي معظم وقته في المقاومة وتجهيزها. وأضاف أنه لحظة إطلاق سراحه حاول الإسرائيليون إجباره على ارتداء لباس مهين، لكنه رفض وهدد بإلغاء التبادل، وظلت المفاوضات بهذا الشأن لمدة ثلاث ساعات قبل أن يخضع الإسرائيليون لشروطه.
وكشف القنطار أن علاقته مع السيد حسن نصر الله تمتد إلى 10 سنوات سابقة وبدأت بطريقة سرية منذ عام ,1998 مشيرا إلى أنه سمع بإعلان نصر الله أن ''حزب الله لن يترك أي أسير في المعتقلات''، وتأكد أن يوم الحرية صار قريبا، مشيرا إلى أن نصر الله عرض نفسه للخطر في لحظة إطلاق سراحه. وهو رجل لا تمل منه ولو جلست إليه 30 ساعة أو 30 عاما.
وأكد سمير القنطار أنه يحمل شهادة البكالوريوس تحصل عليها في الأسر، وأوضح أنه نفذ رفقة الأسرى عددا من الإضرابات من أجل حق الحصول على الكتب والتعليم، مما أجبر الإسرائيليين على الرضوخ لمطالبهم وتسجيلنا في جامعات بالعبرية بالمراسلة على أن تدفع عائلاتنا مستحقات التسجيل، مشيرا إلى أنه يعرف اللغة العبرية وهي سلاح بالنسبة له تمكنه من الاستماع بشكل يومي إلى اتصالات الجيش الإسرائيلي بالراديو.
[size=21]
الشعب الفلسطيني يستحق قيادة أفضل من فتح وحماس
وصف عميد الأسرى العرب، سمير القنطاروضعية الشعب الفلسطيني التي يمر بها حاليا بالمأساوية بسبب انقسام الصف الفلسطيني، الذي حمل مسؤوليته إلى حركتي حماس وفتح اللتين لم تتحليا بنكران الذات من اجل مصلحة القضية الفلسطينية، حسب تقديره. وقال القنطار في سؤال حول الوضع الفلسطيني الراهن: ''إن الشعب الفلسطيني يستحق قيادة أفضل وأخلص من القيادة الحالية، لأن بقاء الحال على حاله سيبقي الفلسطينيين يعانون إلى ما نهاية''. وأوضح القنطار بأن الشعب الفلسطيني: ''وجد نفسه بين حركة فتح التي هرولت نحو المفاوضات وحركة حماس التي تبحث عن السلطة قبل الوصول إلى التحرير، في وقت أن السلطة تكون بعد التحرير''، مضيفا: ''كان يجب أن تبقى القضية الفلسطينية مقدسة فوق كل الاعتبارات لأن أي حركة تحرير تبحث عن السلطة قبل التحرير، لن تصل إلى أهدافها''.
''الجزائر هي الأب الروحي للمقاومة العربية والإسلامية''
أكد سمير القنطار أنه يحمل صورة مشرقة عن الجزائر قبل أسره وخلال فترة السجن وبعد تحريره. وقال القنطار: ''الجزائر هي الأب الروحي لمشروع المقاومة العربية والإسلامية في العصر الحديث، والشعب الجزائري جزء من تاريخ المقاومة المشرفة''. مشيرا إلى أن روح الثورة الجزائرية الممتدة من الأمير عبد القادر حتى ثورة أول نوفمبر شكلت تجربة فريدة ونقلة نوعية في مشاريع مقاومة الاحتلال، مما جعلها ''منبع استلهام واحترام المقاومين''. وأشار إلى أن الثورة الجزائرية ''دحرت الاحتلال الفرنسي الكولونيالي الذي ظل في الجزائر منذ 1830 وتمكنت من طرده في ظرف سبع سنوات بين 1954 إلى ,1962 إذ هي ثورة عملاقة تفرض على الجميع احترامها''. والدليل على ذلك أن مجاهدا جاء ليلتقط صورة تذكارية معه لمّا علم بوجود مقاوم لبناني بالجزائر، يقول القنطار.
وأكد القنطار أنه تعرف على الثورة الجزائرية من خلال الكتب، وذكر في هذا السياق الكتاب الذي يتضمن حوارا مطولا مع الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، والذي ألفه الكاتب لطفي الخوري، كما أبدى القنطار إعجابه الشديد بكتابات الأديب الجزائري الراحل الطاهر وطار، وقال إنه قرأ أغلب الروايات التي ألفها هذا الأخير، ذكر من بينها '' عرس بغل '' و''العشق والموت في الزمن الحراشي'' و'' اللاز'' ورواية '' الزلزال '' و''الحوات والقصر''، كما أكد أنه قرأ بانبهار كبير قصة ''الشهداء يعودون هذا الأسبوع'' للطاهر وطار.
وأكد القنطار أن عددا من المقاومين الجزائريين كانوا منخرطين معه في نفس تنظيم حركة التحرير الفلسطينية في بيروت، وبعضهم نفذ معه عمليات فدائية. مشيرا إلى أنه لم يعد يذكر أسماءهم بفعل السنوات الـ30 التي قضاها في الأسر والتي ضمنها كتابه الذي صدر في بيروت تحت عنوان ''قصتي''، وأعلن اتفاقه المبدئي مع ''الخبر'' لتنظيم حفل بيع بالتوقيع في الجزائر قريبا .
الياباني كوزوموتو موجود في لبنان وتحت حماية حزب الله
قال سمير القنطار إن المقاوم الياباني كوزوموتو الذي التحق بالمقاومة الفسلطينية في لبنان وأسرته إسرائيل يوجد في لبنان بعد إطلاق سراحه. وقد حصل على الجنسية اللبنانية. مؤكدا أنه يلتقي به بين الفترة والأخرى، وأكد أن كوزوموتو يوجد تحت حماية حزب الله تكريما لمساهمته في المقاومة.......................
- جمعية الاسرى تكرم سمير القنطار في ذكرى اعتقاله
تاريخ النشر: 22/04/2010 - ساعة النشر: 22:39
تاريخ التعديل الاخير: 22/04/2010 - ساعة التعديل الاخير: 22:39لمناسبة 22 نيسان، ذكرى عملية القائد جمال عبد الناصر التي نفذها سمير القنطار وثلاثة من رفاقه في جبهة التحرير الفلسطينية في مستوطنة نهاريا شمال فلسطيني المحتلة، والذي كرس يوماً للتضامن مع الاسير العربي في السجون الاسرائيلية، اقامت الجمعية اللبنانية للاسرى والمحررين، وهيئة ممثلي الاسرى والمعتقلين، احتفالاً تكريمياً للقنطار في مقرها في الغبيري، اليوم، بحضور وعدد من ممثلي الاحزبا اللبنانية والفصائل الفلسطينية اضافة الى الاسرى المحررين الشيخ عبد الكريم عبيد وانور ياسين ونبيه عواضة وعدد آخر من الاسرى والاسيرات المحررين من معتقل الخيام والسجون الاسرائيلية.
رئيس الجمعية الشيخ عطا الله حمود القى كلمة بالمناسبة جاء فيها:" نقف في 22 نيسان يوم الاسير العربي وهو اليوم الذي اعتقل فيه عميد الاسرى المحررين سمير القنطار لنؤكد للعالم ما قاله سيد المقاومة أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله باننا قوم لا نترك اسرانا في السجون ولنؤكد للضابط الصهيوني الذي قال لسمير ان الله لم يخلق الرجل الذي سيخرجك من سجوننا بان الذي اطلق سمير القنطار واقرانه من الاسرى لن يتوانى عن تحقيق الامل والحرية لكل الاسرى والمعتقلين.
بدوره شكر القنطار جمعية الاسرى على مباردتها، موجهاً في ذكرى اعتقاله التحية الى رفاقه الذين لا زالوا في الاسرى معاهداً اياهم على مواصلة المسيرة من اجل حريتهم. واضاف:" عندما يتحرر الاسرى يختار كل واحد منهم ان يكمل مسيرته النضالية على طريقته فبعضنا اختار طريق الإعلام للنضال وهذا امر مهم ومشكور وبعضنا الآخر اختار طريق العمل السياسي والمدني وهذا امر مهم ايضاً، اما انا فلقد اخترت ان اواصل طريقي الكفاحي من خلال البندقية، وهنا لا احتاج الى ان اخوض في التفاصيل، لكنني اؤكد لزملائي الاسرى ان المقاومة الاسلامية في لبنان على العهد لكل الاسرى، وهي تبذل جهود كبيرة من أجل هذه القضية". وفي ختام التكريم سلم الشيخ عبد الكريم عبيد والشيخ عطا الله حمود درعاً تذكارياً للقنطار.
ردحذفالإعلام اللبناني لم يسمع بـ«عميد الأسرى» ... والخليجي يبرّر الجريمة
ملصق لسمير (مريم غانم)
زينب حاوي
في بلاد الأرز، لا مكان لسيَر المقاومين والمناضلين، ولا يستأهل المناضل الشهيد سمير القنطار مساحات إعلامية تخصصها المحطات المحلية له. خبر استشهاد القنطار في جرمانا (ريف دمشق) مساء أول من أمس، جاء عابراً وهامشياً. أكملت القنوات اللبنانية برمجتها المعتادة (بإستثناء «المنار» التي فتحت هواءها لإستقبال محللين وسياسيين للوقوف على الحدث وتحليله)، ومرّت مرور الكرام على الجريمة في مواجزها الإخبارية أو برامجها السياسية الصباحية، فيما تعاطى معه الإعلام الفضائي، ولا سيما الخليجي منه، على نحو مسيّس من خلال الربط الدائم بالحرب السورية ومتفرعاتها الأمنية والسياسية.
وحدها قناة «الميادين» أولت إهتماماً لافتاً لهذا الإستشهاد من خلال تقاريرها وتغطيتها الميدانية الحيّة من جرمانا للوقوف على ملابسات ما حدث، وتأكيد مراسلها أنّ جرمانا «منطقة سكنية بإمتياز ولا مكان فيها لأي مواقع عسكرية».
الصور الأولى لانهيار المبنى بشكل كامل الذي استشهد فيه القنطار بثتها «الإخبارية السورية». بعدها، بدأ الإعلام الخليجي يبثّ سمومه ويبرّر الجريمة. أوردت «العربية» خبراً عاجلاً على شاشتها يفيد بأن المبنى المستهدف يضم خلايا تنظيمية لـ «حزب الله»، ووصفت عميد الأسرى المحررين بـ «الناشط في صفوف حزب الله» و«المعتقل اللبناني السابق في السجون الإسرائيلية»، وركزت في تغطيتها على الرد المحتمل للحزب. استضافت القناة السعودية لقمان سليم مدير مركز «أمم للأبحاث والتوثيق» ـــــ الضيف الدائم في أحداث مشابهة ـــــ الذي قّلل من أهمية إغتيال القنطار ووسع بيكار تحليلاته لتشمل العلاقات «الروسية/ الإسرائيلية /الحزبلاهية» كما سماها، في غمز من قناة روسيا التي نشرت في سوريا أخيراً منظومة دفاع صاروخية S400 ولم تستطع ردع الطائرات الصهيونية من الغارة على منطقة قرب دمشق.
وحدها «الميادين» أولت اهتماماً لافتاً للاستشهاد من خلال تقاريرها وتغطيتها
سليم وضع هذه العملية في تحليل منحاز ضمن «بتر كل الأذرع التي يحاول حزب الله أن يمدّها الى الجولان السوري»!
بدورها، لم تبتعد قناة «سكاي نيوز عربية» كثيراً عن أجواء زميلتها «العربية»، فأسبغت صفة «الناشط» على القنطار، وأوردت الخبر على موقعها الإلكتروني في صيغة تجهيل للجهة التي اعتقلته لأكثر من 30 عاماً، فقالت «مقتل الناشط اللبناني سمير القنطار (..) وأثار تساؤلات عن الدور الذي يؤديه في الحرب الدائرة هناك، وخاصة بعد إنضمامه الى الحزب في أعقاب الإفراج عنه».
قناة «الجزيرة» لم تجد في كل هذه المشهدية، سوى الإصطياد بماء وكالة «سانا» السورية التي وصفت الغارة بـ «المعادية» من دون أن تذكر الجهة. القناة القطرية أخذت هذه الجزئية وبنت عليها خبرها، فأوردت «نظام دمشق يؤكد مقتل القنطار دون إتهام إسرائيل».