الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

الذكرى الثامنة والعشرون لاستشهاد المناضل الركراكي النومري...مغربي في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

عبد الإله المنصوري

تحل اليوم 25 أكتوبر الذكرى الثامنة والعشرون لاستشهاد المناضل الركراكي النومري ابن مدينة آسفي الذي كان مقاتلا في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حيث تدرب في العراق بعد التحاقه بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كانت تمتلك قواعد عسكرية للتدريب وفّرها لها الرئيس العراقي صدام حسين، لينتقل بعدها إلى لبنان واستُشهد في معركة قوية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي ، حيث ظل صامدا وراء مدفعه الرشاش قبل أن يقضي في قصف لطائرات صهيونية.
شارك في الدفاع عن الثورة الفلسطينية وجماهيرها، ليستشهد في مثل هذا اليوم قبل 28 سنة (25/10/1988) في إطار عملية مواجهة مع العدو الصهيوني وعملائه في السفوح الغربية لجبل الشيخ على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
للشهيد الركراكي علال النومري قصة طريفة، ذلك أنه غادر في اتجاه العراق حيث ظلت عائلة الشهيد المغربي الركراكي النومري، القاطنة بدار بمدينة آسفي، تجهل مصيره، إلى أن اتصلتُ بابنه جمال الدين في أحد أيام أواخر غشت من سنة 2008 مخبرا إياه ان والده قد استشهد في إحدى المعارك دفاعا عن فلسطين في معركة قوية شاركت فيها الطائرات الصهيونية، فاستغرب اتصالي به وأصرّ على لقائي متنقلا من مدينته آسفي إلى مدينة الدار البيضاء فرحبت بزيارته وسلمتُه شهادة موقعة من قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعترف باستشهاد والدهم (تمكنوا بمقتضاها من ترتيب إعلان وفاته في الحالة المدنية بعد انتظار عودته دام حوالي 20 سنة).
وهي الشهادة التي كنت استصحبتها معي من لبنان حين لقائي بقادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المسؤولين حينها عن تسلّم جثمان الشهيد مصطفى اقزيبر الذي انتقلت لمنطقة صبرا وشاتيلا حيث استصحبني الرفيق زياد حمو (عضو اللجنة السياسية لفرع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان وأمين سر اللجنة الشعبية لمخيم شاتيلا التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو بالمناسبة من عائلة فلسطينية من أصول مغربية ذكر لي هو أنها قريبة من عائلة أحد الجنرالات في الجيش المغربي لقبه أيضا حمو)، حيث كشف لي عن رفات الشهيد مصطفى اقزيبر مؤكدا لي أن الجبهة الشعبية لم تتسلم إلا رفات شخص واحد من جنسية مغربية بعد أن كان الحديث عن رفات مُقاتلَين ضمن من تسلمت من جثامين شهدائها من حزب الله بعد عملية التبادل الشهيرة التي عُرفت باسم "عملية الرضوان". وهي المعلومات التي كان قد أكدها لي في حينها السفير المغربي في لبنان الدكتور علي أومليل بعد اتصال قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين به.
طبعا لم تكن الأسرة، على علم بالتحاق الوالد الركراكي، بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وقد حكى لي ابن الشهيد جمال الدين، مرارة الحيرة التي عاشتها الأسرة بالتنقل من وزارة إلى أخرى دون أن يطفىء أحد نار الشوق لمعرفة مصير رب الأسرة (خلّف وراءه أربعة أبناء: نجاة، جمال الدين، نور الدين وهدية).
مؤكدا لي أن آخر عهد الأسرة بالوالد ولقائها به، كان سنة 1983 كما حكتها له أمّه، تاريخ سفره إلى العراق للعمل هناك كسائق حين حصل على عقد للعمل هناك سنة 1981 من مندوبية الشغل في آسفي، حيث كانت الأم تتلقى رسائل من زوجها، يعبر فيها عن حنينه لبلده، وأولاده، وإخوانه، ووالديه، لكن الأقدار شاءت أن يرتقي شهيدا سنة 1988 قبل أن تلحق به والدته إلى الرفيق الأعلى سنة 2004، وهي تحمل الشوق لمعرفة مصير فلذة كبدها.
زوجة الشهيد الركراكي كانت تعتقد أن ظروف الغربة والعمل شغلته عن التواصل مع ذويه بالمغرب دون أن تكون على علم بما حلّ بزوجها، لكن مع مرور السنين وانقطاع أخباره بالكامل، بذلت العائلة كل ما في وسعها من أجل معرفة مصيره، حيث ترددت مرارا على مصالح وزارة الخارجية بالمغرب دون أن تهتدي إلى أثر يوصل إليه. وطيلة كل هذه المدة والعائلة تجهل أنه التحق بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ورغم إشهار اسمه في بعض الجرائد ضمن ركن المتغيبين، بقي مصيره مجهولا إلى أن أعلن حزب الله عن صفقة تبادل الأسرى مع الكيان الصهيوني، ضمنهم رفات شهداء فلسطين من جنسيات عربية مختلفة.
حكى لي رفيقه أبو السعيد (وهو مناضل أممي من إيران التحق بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في السبعينات من القرن الماضي) الذي التقيته في مخيم مار إلياس للاجئين الفلسطينيين قبل سنوات، بإعجاب عن بطولات الشهيد الركراكي النومري وقوته وشجاعته وصبره في مواجهة العدوان الصهيوني (كان الشهيد يُكلف بالمهمات الخاصة والصعبة) حيث أكد لي أنه استُشهد بعد إصابته بصاروخ لطائرة صهيونية أطلقته على المدفع المضاد للطائرات الذي كان يطلق منه زخات للتصدي للطائرات الصهيونية، وقد كان أبو السعيد قريبا من الشهيد لحظة القصف بعدة أمتار.
لروح الشهيد السلام والطمأنينة في الأعالي ولنهجه في المقاومة، المجد والخلود.
عبد الإله المنصوري

هناك تعليقان (2):


  1. عائلة مغربية تجهل مصير معيلها 25 سنة وتكتشف أنه قتل على يد إسرائيل
    عبد الإله سخير
    نشر في المساء يوم 13 - 11 - 2008

    لم تكن عائلة الشهيد المغربي الركراكي النومري، الذي قضى نحبه في قصف جوي شنه الطيران الإسرائيلي على جنوب لبنان سنة 1982، تعلم بمصيره أو حتى كونه كان جنديا ضمن صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رغم إعلان هذه الأخيرة عن أسماء اللائحة الكاملة لشهدائها. وظل أبناؤه الأربعة يترددون على مختلف المصالح الإدارية أملا في رجوعه يوما إليهم، حيث كان آخر عهد لهم به وهم صغار سنة 1983 تاريخ سفره إلى العراق للعمل هناك كسائق.
    ينحدر النومري من مدينة أسفي وهو من مواليد 1945 وهو من أصول صحراوية، وقد توفيت والدته سنة 2004 دون أن تعرف مصيره. توجه سنة 1981 إلى العراق بموجب عقد عمل مع الحكومة العراقية. وتسلم ملف تشغيله من المغرب من مندوبية الشغل بأسفي بتنسيق مع وزارة التشغيل العراقية. ورجع سنة 1983 في عطلة إجازة قصيرة قضاها مع أفراد عائلته الصغيرة التي تتكون من خمسة أفراد، أصغر أبنائه يبلغ الآن 26 سنة.
    يحكي جمال الركراكي، الذي تركه والده وعمره آنذاك لم يتجاوز 4 سنوات، أنهم لم يسمعوا بأي خبر عنه منذ رجوعه إلى العراق سنة 1983، حيث انقطعت أخباره بالكامل وحتى الرسائل التي كان يبعث بها بين الفينة والأخرى للاطمئنان على فلذات كبده لم تعد تصلهم كما كانت في السابق، العائلة -يضيف جمال في حديث خاص مع «المساء»- كانت تعتقد أن ظروف الغربة والسفر شغلته بعض الشيء عن التواصل مع ذويه بالمغرب، لكن مع مرور السنين وانقطاع خبره بالكامل، بذلت العائلة ما في وسعها من أجل معرفة مصيره، حيث ترددت مرارا على مصالح وزارة الخارجية بالمغرب دون أن تهتدي إلى أثر يوصل إليه. وطيلة كل هذه المدة والعائلة تجهل أنه التحق بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ورغم إشهار اسمه في بعض الجرائد ضمن ركن المتغيبين، بقي مصيره مجهولا إلى أن أعلن حزب الله عن صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل ضمنهم رفات شهداء فلسطين من جنسيات عربية مختلفة. حينها كشفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن لائحة أسماء شهدائها كان ضمنهم الركراكي النومري.
    الوفد المغربي غير الرسمي الذي ضم كلا من خالد السفياني الأمين العام للمؤتمر القومي العربي، وعبد الإله المنصوري الذي يعد له الفضل في تسليط الأضواء على مغاربة فلسطين بعد زيارته لبيروت والتباحث مع قادة حزب الله اللبناني ولقائه مع مسؤولي الجبهة الشعبية حيث سيتم إطلاعه لأول مرة على اللائحة الكاملة بأسماء المغاربة الذين استشهدوا خلال المعارك التي خاضتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل.
    المعلومات الأولية التي استقاها المنصوري خلال هذه الزيارة التي تمت في شهر يوليوز الماضي، أكدت أن الركراكي التحق بصفوف الجبهة الشعبية عندما كان بالعراق بمحافظة ديالى بمنطقة تسمى خانقين، وقد عرف بروح الدعابة والنكتة والمرح، وقد خضع قبل التحاقه بمخيم صيدا جنوب لبنان، حيث كانت تتركز فصائل المقاومة، لمجموعة من التداريب العسكرية وبعدها التحق بقواعد الجبهة الشعبية بضواحي بيروت، حيث كانت المعارك هناك مشتعلة، وقد استشهد يوم 25 نونبر من سنة 1988 لحظة مشاركته في التصدي لهجوم جوي شنه الطيران الحربي الإسرائيلي على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
    ورغم كل الأحداث المتلاحقة، فإن التقارير التي تنجزها أجهزة الاستعلامات بمدينة أسفي وكذا مصالح الخارجية المغربية مازالت تشير إلى أنه مازال على قيد الحياة، وترفض التشطيب عليه من كناش الحالة المدنية.

    ردحذف
  2. عبد الإله المنصوري: التحقق من مصير الشهداء مسؤولية الدولة المغربية
    المساء
    نشر في المساء يوم 05 - 08 - 2008

    - ما هي نتائج زيارة العمل التي قمتم بها إلى لبنان بخصوص نقل رفات الشهداء المغاربة الذين تسلمهم حزب الله من الإسرائيليين؟
    < كانت زيارة وفد مجموعة العمل الوطنية لدعم العراق وفلسطين مثمرة للغاية، حيث تتبعنا بعين المكان، أنا والأستاذ خالد السفياني عن قرب، تفاصيل هذا الملف الذي يكتسي أهمية بالغة بالنسبة إلى الشعب المغربي. ففضلا عن التأكد من رفات الشهيد مصطفى قزيبر، المناضل في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قمنا بتحديد ما يلزم للتأكد من وجود رفات الشهيد عبد الرحمان أمزغار، حيث شملت اتصالات الوفد لقاءات مع قيادة حزب الله الذي تسلم الجثامين من الصهاينة ومع قيادة جبهة التحرير العربية التنظيم الفلسطيني الذي قاتل في إطاره الشهيد أمزغار، وكذا الالتقاء بالطبع بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تسلمت رفات الشهيد قزيبر الذي كان أحد مناضليها. ونظمنا لقاءات مع قيادات فصائل فلسطينية أخرى بحثا عن معطيات تتعلق بإمكانية وجود شهداء مغاربة في صفوفها. وفي نفس السياق تم التحقق من وجود قبور بعض الشهداء المغاربة مثل الشهيد الحسين الطنجاوي، دفين مقبرة الشهداء بمخيم شاتيلا ببيروت كما أننا تأكدنا من وجود أسماء لمقاتلين مغاربة آخرين استشهدوا في جبهة القتال ضد الصهاينة أثناء آدائهم لواجبهم القومي والنضالي ولم يسبق أن عرفت أسماؤهم بالمغرب ولا حتى مصير جثامينهم بعد استشهادهم.
    - ومن هم أبرز هؤلاء المغاربة الذين قاتلوا الاحتلال الإسرائيلي وسقطوا شهداء ؟ وفي صفوف أي تنظيم كانوا يناضلون؟
    < من ضمن هؤلاء الشهداء نذكر مثلا الشهيد «عبد القادر محمد عثمان» الذي استشهد سنة 1985 في بلدة عيتات اللبنانية، والشهيد «العربي بن قدور إيرير مهجر»الذي ولد بمدينة القنيطرة سنة 1958 والتحق بصفوف الثورة الفلسطينية سنة 1977 وشارك في مختلف عملياتها وضمنها التصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء غزوها للبنان سنة 1978، كما شارك في التصدي لغزوها لبيروت سنة 1982 وغيرها من عمليات المقاومة، حيث اشتهر ببطولاته إلى حين استشهاده في غارة إسرائيلية يوم 14 يوليوز 1986 في بلدة عيناب بجبل لبنان. والشهيد الركراكي بن علال النومري المزداد بمدينة آسفي سنة 1945 والذي استشهد يوم 25 نونبر1988 أيضا في إحدى غارات الطيران الصهيوني وجميع هؤلاء الشهداء كانوا مناضلين في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ويجب التحقق من مصير هؤلاء الشهداء وغيرهم والمطالبة بجثامينهم إن كانت لدى المحتلين الصهاينة في مقابر الأرقام الأربعة التي لا تزال داخل فلسطين المحتلة سنة 1948 وبها جثامين المئات من الشهداء الفلسطينيين والعرب، وهي مسؤولية الدولة المغربية التي ينبغي أن تقوم بها.
    - وما الذي جعل المغرب الدولة الوحيدة التي لم تتسلم بعد رفات شهيدها الذي حددت هويته بشكل رسمي بخلاف باقي الدول التي أعلن عن وجود شهدائها ضمن اللائحة التي تسلمها حزب الله؟
    < من المؤكد أن جميع الأقطار العربية التي وجد من ضمن الشهداء المحررين أحد مواطنيها قد قامت بتسلمهم وتكريمهم (عشرة أقطار عربية إضافة إلى دولة إفريقية هي النيجر). وإذا كانت الدولة المغربية قد أبدت اهتماما بالأمر فيبدو أن تعقيدات الملف هي ما أخر عملية التسلم خاصة في ما يتعلق بالتأكد من رفات الشهيد عبد الرحمان أمزغار التي ستتطلب وقتا ما دام أن اللجوء إلى تقنية الكشف الجيني على رفات جثمان لم تحدد هويته بعد وكتب الصهاينة عليه اسم «عبد الرحمان مجهول الهوية» مع أن الاسم الحركي للشهيد أمزغار كان هو عبد الرحمان كما أكد لنا ذلك أحد قياديي جبهة التحرير العربية، وهو الأمر الذي سيتطلب شهرا آخر، أما رفات الشهيد قزيبر فهو جاهز ولا ينتظر إلا التأكد من رفيقه لينقلا معا إلى المغرب.
    * عضو وفد مجموعة العمل الوطنية لدعم العراق وفلسطين إلى لبنان

    ردحذف