الثلاثاء، 7 مارس 2017

مسيرة غاضبة برام الله تنطلق من مكان استشهاد المُناضل باسل الأعرج

مسيرة غاضبة برام الله تنطلق من مكان استشهاد المُناضل باسل الأعرج

06 آذار / مارس 2017
رام الله _ بوابة الهدف
انطلقت في مدينة رام الله، مساء اليوم الاثنين، مسيرةً غاضبة من المكان الذي أُستشهد فيه المُناضل باسل الأعرج على يد قوات الاحتلال الصهيوني فجر اليوم.
وشارك المئات في المسيرة  التي انطلقت من مكان استشهاد باسل وصولاً إلى دوار المنارة وسط مدينة رام الله بالضفة المحتلة.
المشاركون خلال المسيرة رفعوا صور للشهيد الأعرج، ورددوا هتافات منددة بسياسات التنسيق الأمني الذي تمارسه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وطالبوا برحيل السلطة والرئيس محمود عباس.
وكان الشهيد الأعرج ارتقى خلال اشتباك مسلح مع جنود الاحتلال الصهيوني، فجر اليوم الاثنين، بعد اقتحام آليات الاحتلال ومحاصرته منزلاً كان باسل يتحصّن فيه، برام الله وسط الضفة.
..............
 

باسل الأعرج حالة اشتباك مستمرة

06 آذار / مارس 2017
الاسم حين يكون لصاحبه كل النصيب منه "باسل"، وكأن البعض يُخلقون ومعهم أسماؤهم، منسجمة تماماً مع سيرتهم وأفعالهم التي ستكون.
باسل المثقف الثوري والذي يقول "بدك تصير مثقف، بدك تصير مثقف مشتبك، ما بدك مشتبك، لا منك ولا من ثقافتك ولا في فايدة منك".
هكذا بدأ ومنذ اللحظة الأولى في حالة اشتباك، يكتب مقالات عميقة عن المقاومة والانتفاضة ومقاطعة العدو، وتطوير أساليب المقاومة والاشتباك معه، هو الصيدلي الذي عرف الداء والدواء، وصفة بسيطة عالية الكُلفة، كي تُشفى من جرحك عليك أن تجود بدمك.
ومثلما شكّل غسان كنفاني وناجي العلي كتائبهم الخاصة بقلم وريشة، شكّل باسل كتيبته بالوعي الذي امتلكه وبدأ اشتباكه مبكّراً مع عدوّه ومع أذنابه ووكلاءه، وبثقافته ووعيه وشخصيته تلك تمكّن من مخاطبة جمهور كبير من الشباب حرص أن يكونوا جزءاً من كتيبته، كتيبة مثقفة واعية تعرف عدوّها وحقوقها جيّداً، واضحة بوصلتها دون حاجةٍ لدليل، كل هذا جعل منه باسل "المطارد".
خلال فترة اعتقاله ورفاقه لدى سلطة أوسلو لستة أشهر خاضوا إضراباً عن الطعام وكانت رسالته "هيهات منّا الذلّة" موقفاً وممارسة لمن لا يعرف الانحناء أو يرتضي الذل، ليُطلق سراحهم ولتعتقل أجهزة الاحتلال لاحقاً رفاقه الخمسة، أما هو فقد اختار طريقه كما كتب في وصيّته "وأنا الآن أسير إلى حتفي راضياً مقتنعاً وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد"، هكذا كان اختياره بقناعة وإيمان راسخيْن، اختار أن يذهب إلى مجده وهو الذي عرف جيّداً "اللي بدو يكتب لفلسطين واللي بدو يرسم لفلسطين بدو يعرف حالو ميّت"، اختار أن يكون "ندّاً" وكان النَد واستشهد "بين زخّات الرصاص".
في وصيته يقول بأنه وجد الأجوبة، وفي دمه علينا البحث عن الأجوبة.
...................
 

باسل الأعرج والدرس الأخير في وعي المحارب

06 آذار / مارس 2017
باسل الأعرح
باسل الأعرح
المقداد جميل
في آب 2014 كنت قد بدأت أفقد إيماني بمسمى "المقاومة" وما تعنيه من فعلٍ مستمرّ طوال استمرار الاحتلال، وجدوى هذه المقاومة ومقدرتها في "الحفاظ على كرامة الفلسطيني وانتشاله من حالة الذلّ"، كما كنّا نقول دائمًا، ونسمع. كان إيماني بالمقاومة وبالسلاح أكبر من أيّ إيمانٍ آخر، فأنا أؤمن بالمقاومة المسلحة بغضّ النظر عن عقيدتها أو خلفيتها، هذه المقاومة التي تعطي الوجود الفلسطيني على أرض مسلوبة معناه، والمقاومة الأشمل التي ترفض الظلم والطغيان أيًا كان.
انتهت الحرب التي استمرت أكثر من خمسين يومًا، وكانت المقاومة آنذاك قد تمسّكت بعدة مطالب، كان إيماننا بالمقاومة يقطع أيّ شكٍ بأنّها ستخرج من هذه المعركة سوى منتصرة، قادرة على هزيمة عدوها، واقتلاع مطالبها منه، لكن انتهت الحرب دون أن يحدث أيٍّ من ذلك. حطّ هذا من نظرتي إليها، ليس لأنّها باعت أو ساومت، بل لأنّها وقعت رهينةً لمجموعة من اللقاءات السياسيّة، في حين أنّها كانت قادرة على الاستمرار حتى الرمق الأخير -طالما أنّ المعركة كانت قد بدأت ولم يبقَ للواحد منا شيئًا يخسره-.
ما بعد آب، كانت الحياة مختلفة، في النظرة الشخصيّة لها، في الاهتمامات، بكلّ ما فيها. حياة غارقة ما بين الكتب والأفلام والاستماع للأغاني، كفعل وحيد لمحاولة الخروج من واقع متهالك أو الغياب عنه ولو لحظة مقابل خيالٍ تصنعه تلك الأشياء.
لحظة واحدة كانت قادرة على قتل شيء ما داخل الروح، ولحظة أخرى كانت قادرة على إعادة إحياءه. استشهد باسل الأعرج، وكان قد كتب عن "وعي المحارب"، هذا الوعي الذي لا يجوز حقيقةً أن ينفصل إلى كلمتين مفترقتين -كما علمنا الباسل-، فالمحارب وحده لن يفلح، ولن يقدر على أنّ يمرّ طريقه دون ما يُنيره إليه، ذاك الوعي الذي يساعده على إمساك السلاح داخل النفق وفي خطوط التماس، وهو الوعي ذاته الذي يدفع به أن يلقي حياته كاملةً رهن اللحظة ما بين إخراج السكّين وذبح الجندي الواقف على الحاجز المُغتصب لأرضه. والوعي وحده، لن يغدو سوى مجرّد كلام في الكتب، نقرأه كما نستمع للأغاني ونشاهد الأفلام، وننظّر على الناس، ونقول أنّنا مثقّفين ونتملك من الحكمة ما يجعلنا نتباهى أمام الآخرين ونتعالى، فلا يغدو لهذا الوعي أيّ فائدة، إلا إذا كان قادرًا على أن يقودها لطريقه الصحيح، نحو محاربة الظلم والعدوان المتواصل منذ عشرات السنين، وهذا التمثيل الحقيقي لكلمة الشهيد الباسل حين قال لنا بصوتٍ مُقبلٍ على القتال أنّ "المثقف يجب أن يكون مشتبكًا، ولا لزوم للمثقف الغير مشتبك".
الحقيقة أنّ "وعي المحارب" كان العلامات الصغيرة التي نثرها باسل الأعرج في طريقنا، كي لا نضلّه، وليعلّمنا في صباح السادس من آذار الدرس الأخير من هذا الوعي، أنّ الثقافة هي المعنى الآخر للرفض وللاشتباك، فلا معنى للمثقف الذي يُطلق الشعارات ويظل قاعدًا لا يتحرّك، وأنّ المسلّح الواعي هو الذي يعرف طريقه أكثر من أيّ مسلح آخر، وكان هذا الدرس، هو الدرس الوحيد القادر على إعادة الإيمان المنهار، ككتابٍ نزلَ في ليلةٍ خصّصها هذا النبي الأخير المُحارب، الرافض أن يكون كتابه مجرّدًا من معنى القتال والرفض.
 .............

سردية بطل اسمه: باسل

06 آذار / مارس 2017
الشهيد باسل الأعرج
الشهيد باسل الأعرج
أيها المثقف المليء بشهوة الحياة حتى الحلق.. أعدت لنا بلمحة عين الفدائي الجميل الذي غنيناه واستقبلناه وودعناه وبكيناه على أبواب مخيماتنا أيام "أنا يا أخي آمنت بالشعب المضيّع والمكبل وطل سلاحي من جراحي".
شكراً لأنك أيقظته ثانية من تحت سترة مخملية ممزقة بالعار، شكراً لكل الأشياء المتناثرة في المكان، قنديل دم وقلم وكتاب وطلقات منفردة وكوفية وبندقية، لعلها تنفع الذكرى لمن تناسى وتجاهل لأزمة الثورة "الفكر والبندقية".
يسرد بلا توقف حكايات مدوية كصوت الرصاص. كان يحشو أحرف الأبجدية الدافئة في البندقية الأنيقة ويرسم ويحكي ويكتب اسم فلسطين بالدم فوق زرقة السماء.
شكراً لأنك نبض حيّ من فقه الثورة الأصيل والنظيف والنقي واشراقة الشمس البلاد ومن سلالة أنبياء القضية ورجالها الأوائل. أنت سردية بطل اسمه: باسل الأعرج، سنحفظها عن ظهر قلب وبأعلى درجات العشق، الفتى الفلسطيني الذي حسم معركته الأولى التي هي بداخله فخرج منها مقاوماً لا يساوم وذهب إلى معركته الحقيقية وأصبح لنا معلماً لا يحيد عن فلسطين الحلم الذي لا يختزله احتلال  والحرية التي لا يلجمها سجن أو حاجز أو جدار أو جنرال والمعرفة التي لا يقتلها أبو جهل أو أبو عاقر.  باسل يقرأ علينا النبأ العظيم كيف نكتب ونفكر ونقاتل كي نحرر أنفسنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق