الاثنين، 13 مارس 2017

شمل أصدقاء حملوا البنادق في"الثورة الفلسطينية" يلتئم بطنجة


 

شمل أصدقاء حملوا البنادق في"الثورة الفلسطينية" يلتئم بطنجة

من صديق مشترك جاءت المكالمة المُفرحة غير المتوقعة لكل من لحسن وكمال، المقيميْن بسلا والدار البيضاء، تخبرهما بأنّ العُثور على محمّد، ابن طنجة، الصديق القديم لهما قد تمّ بنجاح، وبأنه مشتاق لرؤيتهما ولقائهما.
صديقهما المشترك انتبه إلى صورة لـمحمّد، ابن طنجة، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وكان على صلة بصديقيه، أيضا، فقام بربط الثلاثة ببعضهم هاتفيا، وجاءت فكرة اللقاء مباشرة.
ولم ينتظر لحسن أيوبي وكمال بلحسن، اللذان لم يكونا يلتقيان إلا لماما، كثيرا حتى كانا قد ولّيا وجهيهما نحو طنجة، نحو صديقهما محمّد بوبكر الذي كان قد أعد مائدةَ غذاءٍ حافلة، وأحضان مشتاقة لصديقيه أيضا، في لحظات إنسانية نادرة، وصداقةٍ لم يمحُها الغياب ولا السّنون الطويلة.

التقوا وهُم شبابٌ، أوّل مرة، في يوليوز 1982 دون أي تخطيط مسبق، جمعتهم قضية يؤمنون بها، وهي القضية الفلسطينية التي قطعوا من أجلها آلاف الكيلومترات في رحلة جوية من الرباط إلى أثينا، ثم إلى دمشق، ومنها إلى لبنان، حيث حملوا البندقية مع شباب متطوّعين عرب آخرين جاؤوا من كل حدبٍ وصوب لدعم "الثورة الفلسطينية" آنذاك.
يقول لحسن (61 سنة): "لم نكن نعرف بعضنا البعض من قبل، فكل منا سافر بشكل منفرد حاملا في قلبه قضيته ومؤمنا بها، وكان أول لقاء لنا في معسكر صلاح الدين الأيوبي للتدريب بالغوطة بضواحي دمشق، هناك تعارفنا وزُرعت أولى بذور المودة والاحترام الشديدين بيننا، لأننا جئنا جميعا من أجل هدف سام، وبروح تضحية عالية دون أن نريد من أحدٍ جزاء ولا شكورا".
عن طريق الاتحاد العام لطلبة فلسطين، نسّق، آنذاك، كل واحد من الثلاثة رحلته دون أن يخطر بباله أنه سيجد هناك من أهل وطنه من يشاركه الهمّ والقضية، قبل أن يكتشف أن هناك آخرين اتخذوا المسار نفسه.

يلتقط كمال (60 سنة) خيط المحادثة فيحكي: "كنا خمسة مغاربة التأمنا هناك وحملنا القضية معا (عبد العالي وخليل غائبان)، ومن معسكر صلاح الدين الأيوبي توجهنا نحو البقاع في لبنان حيث رابضنا مع رجال الثورة الفلسطينية هناك".
ثلاثة أشهر قضوها معا تحت القصف والخطر المُحدق، لم يكونوا ينوون خلالها التراجع، لولا الاجتياح الإسرائيلي للبنان وزيادة جرعة الخطر التي استدعت من الثورة الفلسطينية نفسها إصدار قرار للقيادات بإنهاء التواجد بلبنان.
عاد كمال ولحسن أولا، ثمّ لحق بهما محمّد متأخرا بعض الشيء، بعد أن خاض معارك مع العدوّ من أجل فتح ثغرات لمرور رجال الثورة.

محمّد (56 سنة) الذي استطاع أن يحافظ على صور تلك الذكريات في دفتر ألبومات يتعامل معه بحنين كبير، يقول: "من جبل صنين نحو طرابلس، كان علينا- نحن مجموعة صقور التّل- أن نفتح ثغرات للعبور. كنا نرى الموت أمامنا في كل دقيقة، ولم يكن ذلك ليفاجئنا لأننا وطنّا أنفسنا سابقا ضد ذلك، وما حملنا السلاح إلا ونحن نتوقع الموت في أية لحظة".
يسترجع الثلاثة بحنين كبير توجهاتهم الفكرية التي لم تتغير بعد كل تلك السنين، ويقولون إن حديثهم هذا ليس سوى تكملة لأحاديث أخرى وقضايا آمنوا بها، ولا زالوا، بحيث لم يتغير فيهم جميعا سوى الجسد بحكم عامل السن، أما عدا ذلك فالرّوح لازالت هي هي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق