التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لا تتأخر يا باسل..!

لا تتأخر يا باسل..!

06 آذار / مارس 2017
خالد جمعة - من (فيسبوك)
 نعرفُ ذلك يا أخي، فالخبر يتمدد على أرصفة الشوارع وفي قيعان أكواب الشاي، وحتى في نقيق الضفادع التي استيقظت هذا الصباح قلقةً وتعاني من غباش في الرؤيا، وهل هناك فرق بين الشهداء؟
 نعم، بعض الشهداء يقررون أن يكونوا أنداداً، لا يحتملون القفص، تماماً مثل عصفور الحكاية عند غسان كنفاني، فليست كل العصافير مصممة على أن تحتمل القضبان، وليست كل القضبان قابلة لأن تحرس كل العصافير.
لماذا إذن هو مختلف؟
 لأنه كثير على وقت مثل هذا، وقت مهزوز مثل بندول ساعة خرفة، هناك أشخاص يستكثر الوقت نفسه عليهم، وهناك من يستكثرهم على نفسه، وباسل لطم الوقت على عينه فاخضرت، ولم يعد يرى بها، باسل لم يكن مؤذياً، لكنه أراد للوقت أن يعدّل من قامته المحنية، ويبدأ في زراعة الصبّار من جديد، بعد أن خلعوه من كل مكان.
لم تقل لماذا هو مختلف؟
 ألأنه كان وحده؟ والبطولة أن تموت وحيداً؟ ألأنه ظل يعدّ الطلقات التي تنفذ من بين يديه واحدة واحدة؟ والبطولة أن تصمد إلى الطلقة ما بعد الأخيرة؟ ألأنه لم يلمس مقبض الباب ولم يقرر أن يعطي الأعداء لمعةً واحدة يرونها في عينيه؟ نعم لأجل كل هذا، قرر أن لا يروا عينه إلا منطفئة من الخارج ومضيئة من الداخل كشمس في قطبٍ ثلجي، بيضاء والثلج أبيض.
هل انتهيت؟... بل لم أبدأ بعد!!!
 كان قارئاً، وكاتباً، ليس مثلنا بالتأكيد، نحن الذين نحيا على بطولات الآخرين، كتب مقالاً ذات يوم رشق عنوانه في أعيننا: عش نيصاً وقاتل كالبرغوث... لم يكتب هذا فقط، بل عاش وقاتل.
 واحد وثلاثون عاماً لم تكن تكفي ليقرأ كل الكتب التي يريد، لكنها كانت كافية لقراءة تضاريس الأرض حتى بطريقة بريل، ليعيد رسمها وكتابتها كفلسطيني خارج من تعريفات البطولة في الكتب، لم تكن رصاصة واحدة كافية للموت، فتحولت الرصاصة إلى قذيفة، تفتتت ففتتت معها كل تنظيرات الفصائل والأحزاب وتجمعات الحواري، ليترك وراءه فردة حذاء واحدة تقول كل شيء للجميع الذين سيصعدون سلم دمه قريباً درجة درجة، نقطة نقطة، إنه أمر مخجل تماماً ما سيحدث غداً بعد جنازتك يا باسل.
 لم اؤمن يوماً بفكرة البطل النموذجية، لكن البطل كما كنت أرى، أنه الشخص الذي يقوم في لحظة تاريخية ما بعمل ما يتوجب على أمة كاملة أن تعمله، لكنها لا تفعل ذلك، ومن هنا ينبثق البطل الفردي، الذي يقول ما لا يقوله الآخرون، ربما يخرج حرفان من فمه فيملآن معجماً، وربما يصمت لعشر ثوانٍ فيخترع لغةً، هذا لم يكن حكاية في كتاب الحكايات، ولم يكن صيداً في غابة الكلام، كان لحماً ودماً وأغنيات وكتب وصلوات وغابات وأولاد مدارس وكحل عيون البنات المراهقات، يعرفُ تماماً أين يموت، وأين يخلع عباءة الليل عن جلده ليضيء الجلدُ كسراجٍ قديمٍ زيته فكرة، وفتيلته خيارٌ واضحٌ، واليد التي تمسكه خشنة ومتشققة وحنونة.
 تعال إلى موعدك، لا تتأخر وتتحجج بالموت، فهذا ليس عذراً كافياً، فقد اشتريت لك الاسطوانات التي كانت تنقص مجموعتك الموسيقية، وأهدتني إحدى البنات كتاباً لك، وأمي صنعت لك المفتول بيديها المتعبتين، وأختي التي لا تخدم أحداً في العادة، نسجت لك بلوفراً شتوياً، وندمت لأنك لن تلبسه هذا الشتاء، وستضطر أن تنتظر الشتاء القادم لترتديه، سيبدو الأزرق المطعم بالأحمر جميلاً على قامة مثل قامتك، لكن مهما يكن، إياك أن تتأخر عن موعدك، لأنك تعرف أن واحدة من الأشياء القليلة التي تجعل أمي تفقد أعصابها، أن يتأخر مدعو على العشاء عن موعده.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدول بأسماء الاستشهاديات الفلسطينيات في انتفاضة الأقصى ..11 استشهادية

وفاءا وفاءا أتيت إليك أشدّالرحال وأأوي لديك أجوب الفيافي وأبكي عليك أحنّ أحنّ وقلبي لديك وفاء الأماني وكل المعاني دموعي ستروي نهارا لديك فأنت رموز الحياة طهور كتبت الحياة بلحن لديك رحلت رحلت لباب السماء تريدين عمرا جديدا إليك سلامي إليك يابنت المراسي وعمري سيقضي زمانا لديك الأربعاء 21/2/2007 ...

الشهيد ناجي العلي-3- كاريكاتير

ناجي العلي حياته و رسومه : ناجي سليم حسين العلي (1937 إلى 29 اغسطس 1987)، رسام كاريكاتير فلسطيني مشهور ، تميز بالنقد اللاذع في رسومه، ويعتبر من اهم الفنانين الفلسطينيين. رسم ما يقدر بأكثر من 40 ألف رسم، إغتيل على يد مجهول عام 1987 في لندن. سيرته الذاتية  : لا يعرف تاريخ ميلاده ولكن يرجح انه ولد عام 1937، في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، وهاجر مع أهله عام 1948 إلى جنوب لبنان وعاش في مخيم عين الحلوة بعد الاجتياح الإسرائيلي ، ثم هجر من هناك وهو في العاشرة ، ومن ذلك الحين لم يعرف الاستقرار أبدا، فبعد أن مكث مع أسرته في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان . وفي الجنوب اعتقلته القوات الإسرائيلية وهو صبي لنشاطه ، فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها. تم إعتقاله أكثر من مرة في ثكنات الجيش اللبناني وكان هناك أيضاً يرسم على جدران السجن. سافر إلى طرابلس ونال منها على شهادة ميكانيكا السيارات. تزوج من وداد صالح نصر من بلدة صفورية في فلسطين وأنجب منها أربع أبناء هم خالد وأسامة وليال وجودي. المزيد عن حياته و أعماله رسومه كان الصحفي غسان كنفاني قد شاهد ثلاث اعمال م...

الشهيد احمد ياسين

أحمد ياسين أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاسم عند الولادة أحمد إسماعيل ياسين تاريخ الولادة 28 يونيو 1936 مكان الولادة عسقلان ،   فلسطين تاريخ الوفاة 22 مارس 2004 (67 سنة) مكان الوفاة غزة ،   فلسطين سبب الوفاة إغتاله جيش الاحتلال الإسرائيلي بطائرة أباتشي دفن في مقبرة الشيخ رضوان الإقامة قطاع غزة الجنسية فلسطيني أسماء أخرى أحمد سعدة تعليم ثانوية عامة العمل مدرس لغة عربية منظمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سبب الشهرة تأسيس حركة حماس اللقب شيخ فلسطين [1] ، شيخ المقاومة، شيخ الانتفاضة خلفه عبد العزيز الرنتيسي الحزب حركة حماس التيار الإخوان المسلمون الخصوم الإحتلال الإسرائيلي المذهب أهل السنة والجماعة أبناء (ثلاث صبية وثمانية بنات) تعديل   الشيخ أحمد إسماعيل ياسين ( 28 يونيو 1936 – 22 مارس 2004 ) داعية ، ومجاهد، وشهيد، من أعلام الدعوة الإسلامية بفلسطين والمؤسس ورئيس لأكبر جامعة إسلامية بها المجمع الإسلامي في غزة، ومؤسس حركة المقاومة الإسل...